أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زينب محمد عبد الرحيم - كرامات آل البيت مدد بلا عدد















المزيد.....

كرامات آل البيت مدد بلا عدد


زينب محمد عبد الرحيم
كاتبة وباحثة

(Zeinab Mohamed Abdelreheem)


الحوار المتمدن-العدد: 6566 - 2020 / 5 / 17 - 16:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


’’ يا أهل بيت النبي دا انا خدام في واديكم
طمعان في نظرة رضى ليا العشم فيكم
إنتو رجال الحمي طالت أياديكم
تاخدُمْ بيد العيان اللي احتمى فيكم’’

بركات آل البيت وطلب المدد والاعتقاد في الأولياء وأيضًا القديسين يُعد معتقدًا راسخ في العقل الجمعي وربما يعتقد البعض إن التبارُك بالأولياء وآل البيت له بُعد طبقي إذ يقتصر على البنية التحتية من المجتمعات فقط لكن هذه نظرة ربما تتسم بالسطحية فالمعتقد الشعبي في واقع الأمر لاتقيده تلك الأبعاد الاجتاعية الطبقية أو مستوى التعليم على العكس هذه المعتقدات تعتمد في أساسها على أبعادٍ روحية وسيكولوجية حيث يلتمس الإنسان العون عن طريق هذا الوسيط الروحاني , وربما شيوع الكرامات جعل اللجوء للأولياء والقدسين دربًا من دروب البحث عن العلاج والحل .


فيعرف د. محمد الجوهري "الأولياء " بأنه مصطلح يُشير إلى تلك الفئة من الشخصيات الدينية التي تحظى بتكريم خاص من جانب الناس ,ولكنها لا تنتمي بطبيعة الحال إلى فئة الأنبياء أو غيرهم من الشخصيات المقدسة وقد ترسخ في الاعتقاد الشعبي فكرة أن الأولياء هم الواسطة بين الإنسان وخالقه, كما يعترف المعتقد الشعبي أن للأولياء سلطان لا حدود له ,ويضفي عليهم بعض الخوارق والمعجزات ,الاعتقاد في الأولياء يشغل مساحة كبيرة لدي الجماعات الشعبية فالأولياء يجسدون أحلام وآلام هذه الجماعات في مختلف العصور.

والمجتمعات الصوفية تمثل فصيل اجتماعي وثقافي وديني له شعبية كبيرة ويؤثر بشكل واضح على الفكر الديني الشعبي خاصةً في دعوتها إلى عالم أولياء الله الصالحين سواء كان هذا الولي مصريًا أو وافدًا ومات ودفن في أرض مصر ,وهذا التقديس يحمل في طياته عبق النبوة والحنين إلى المرشد والدليل صاحب الدعوة والكرامة العارف بالله وطرقه .


ومن هنا كان آل البيت في قمة هرم البركات وخاصةً إن التاريخ يؤكد وجود هذه الشخصيات المباركة في أرض مصر مثل السيدة نفيسة ,السيدة زينب , السيدة عائشة,وسيدنا الحُسين رضي الله عنهم وأرضاهم ويليهم مباشرة الأولياء مثل السيد البدوي و أبي الحجاج الأقصري وغيره من الأولياء وأصحاب الكرامات في كل المحافظات بل يصل الأمر في بعض القرى أن هناك عدة شخصيات لها مقامات يُقام من أجلها الموالد والاحتفالات وتمثل خصوصية لتلك المنطقة كما هو الحال في جنوب مصر (الصعيد) في قنا ودندرة حيث تكثر الاحتفالات والموالد بشخصيات لها بركات وأهمية روحية كبرى لدى هذا المجتمع والمُلاحظ أن للضريح(المقام) خاصةً في الأماكن الريفية التقليدية والجنوب تتسم بطابع خاص في البناء يغلب عليه البساطة وذلك على خلاف المساجد الكُبرى المخصصة لأهل البيت رضي الله عنهم.

مظاهر الفنون والإبداع داخل الاحتفالية الصوفية:
ولابد وأن نتأمل مظاهر الاحتفال بالموالد والعادات وأيضًا لا يمكننا أن نغفل عن النصوص الأدبية الروحية سواء كانت شعبية بلهجة دارجة أو بالفصحى كأغاني المديح والتصوف
فهذه الاحتفاليات يختللها الإيقاع باستخدام الدفوف والطار والطبل البلدي ونجد من هم محترفون في الرقص والعزف بالطورة وهي تشبهه الصاجات النحاسية ولكنها كبيرة الحجم ولها عدة مقاسات ولكل مقاس منها تون خاص وتستخدم دائمًا في الحضرة والجلسات الصوفية ويعزفها بشكل خاص وأساسي الرجال.
والأرغول آله موسيقية لها حضور أيضًا داخل الاحتفال , وحديثًا نرى الكمانجا وذلك كنوع من الحداثة داخل الاحتفال ولكن الآلة الشعبية الوترية الاساسية هي الربابة

ونجد أثناء الحضرة الصوفية راقص التنورة والمولوية وهنالك فرق بينهما حيث أن الأول راقص التنورة (المصري) يتميز بالزي الملون والمبهج ويعتمد على العديد من الحركات الاستعراضية ,فهو استعراض أكثر منه حاله دينية روحية كما في المولوية وهي رقصة تجلي موطنها الأصلى عثماني وهذه الرقصة لها حالة روحانية وقواعد وأشارات باليد والرأس ويقوم الدرويش بالتمركز في المنتصف ويدور حوله الراقصيين ويستمرون في الدوران إلى الوصول للنشوة الروحية فهي بمثابة صلاة , اما عن حلقات الذكر فهناك الأداء الحركي المتعارف عليه وهو أن يقف الرجال ويقومون بحركات هز الرأس يمين ويسار ببطئ ثم تزداد السرعة تتدريجيًا وهذا الأداء أيضًا يعبر عن تواصل روحي وأنفصال عن الوعي والوصول عبر اللاوعي إلى عوالم آخرى , والجدير بالذكر أن العديد من المستشرقين قاموا برصد كل ما يتعلق بالاحتفال وحلقات الحضرة والذكر مثل كتاب إدوارد وليم لين ,
وكتاب وصف مصر (الحملة الفرنسية) في المبحث الثامن تحت عنوان "حفلات زفة المولد" ولأهميته سأورد بإيجازًا شديد ما ذكره المؤرخين والمستشرقين الفرنسيين عن هذه الاحتفالية, يفتتح هذا الفصل بالحديث عن (مولد ستي زينب) هكذا ورد في الكتاب حرفيًا وهي من أكثر شيخات(أولياء) المسلمين قداسة .
زفة المولد وما يتبعها من تواشيح ويكون عبارة عن حشدًا هائلًا من الطرق الصوفية والفقراء , وذكر الكتاب العديد من الطرق مثل العلوانية , الرفاعية, الشناوية, القاسمية , البرهامية
وذكر المبحث الالات المستخدمة :طبول (نقرزان) طبول الباز – طبلة المسحراتي- , الدفوف ,دف البندير.
الرقص في حلقات الذكر : وصف لحركة الرأس كما ذكرنا سلفًا بطيئة ثم تتسارع
ويذكر في المبحث التاسع وصف لحلقة الذكر على الطريقة السمانية وهو ذكر يؤدى بالقرب من الإمام الشافعي يستمر لمدة أربعة أيام من 8 محرم إلى 12 ويستغرق ساعة إلا ربع .
هذا ما جاء في كتاب وصف مصر عن الاحتفالات قديمًا ونلاحظ أنها لازال تحتفظ بنفس الطقوس ولكن مايمكن أن نرصده من تغير هو فيما يخص العادات التي كانت تتم أثناء المولد
قديمًا كان هناك (المزين) وكان يتم ختان الذكور في المولد , وكان هناك رقص غوازي ربما موجود حتى الآن ولكن بصورة نادرة ,ويصاحب الغوازي البهلوانات والقرداتي وهي مهنة اندثرت أيضًا


ولكن من المظاهر التي لا تزال راسخة لا تتغير نذكر على سبيل المثال عادات الطعام في المولد وقبله بأيام يحضر المريدين من جميع المحافظات وربما من بلاد خارج الاطار الجغرافي لمصر لحضور المولد وأخذ البركة والنظرة ومن هنا نرى الطعام بكثرة وبكميات كبيرة جدًا لإطعام الغني والفقير ويحضرني في هذا السياق المثل الشعبي القائل
"خرجت من المولد بلا حُمص" فسياق هذا المثل الأصلي خاص بالمولد والحمص الذى يتواجد بكثرة أثناء هذا الاحتفال ولكن مع الاستخدام أصبح له مدلولات آخرى
الطب الشعبي عند أولياء الله الصالحين
هناك شواهد ميدانية تؤكد أن بعض خُدام أضرحة الأولياء ابتدعوا لأنفسهم أسلوبًا خاصًا في العلاج وهو أن ينصح المريض بأن يعطيه في ليلة الجعمة شيئًا من متعلقاته كقطعة ملابس مثلا والباقي على خدام الضريح حيث يتولي هو الأمر واضعًا تلك الملابس أعلى مقصورة الضريح حتى صلاة الجمعة وبعدها يسلم الشئ لصاحبه ويتلقى الأجر ويطلب من المريض أن يرتدي هذه الملابس "وببركة صاحب المقام يتحقق الشفاء"
هذا الدور العلاجي لبعض خدم الأضرحة لو تأملناه جيدًا سنجده عادة قديمة والكثير سمع عنها وربما لجأ إليها أيضًا وهذا الدور العلاجي ينطوي على دلالات عميقة فهو ليس مجرد وسيلة ينتفع بها هؤلاء وتكون باب رزق جديد لهم وإنما الأمر في حقيقته يتجاوز ذلك ويتعلق بأوضاع المعتقدات الشعبية بوجه عام ومظاهر الاعتقاد في كرامات ومدد الأولياء بوجه خاص .


المياه المباركة عند السلطان الحنفي
وهناك شاهد ميداني آخر قمت برصده يدخل في إطار العلاج وهو الاعتماد على المياه الموجودة في مسجد الجنفي بالسيدة زينب بنائه تاريخي ويأتي إليه الناس من كل حدبٍ وصوب طلبًا للماء وقصة هذا الماء يإجاز إنها بئر من زمزم حيث يروي شيخ الجامع شفاهيًا قصة متواترة عن هذا البئر فيذكر أن السلطان الحنفي ذهب ليحج وهو عند بئر زمزم أضاع إناء كان يشرب به وعندما عاد في ليلة ما بعد مرور فترة طويلة وجد هذا الإناء في البئر الموجود حاليًا داخل المسجد وهذه هي أقدم الروايات عن القصة و هذا المسجد والبئر عمرهم يتجاوز ال 700 عام أكثر من سبعة قرون من الزمن وهو مُدرج ضمن الأثار المصرية الأسلامية ,وهذا الاعتقاد فيما يخص مياه هذا البئر بغرض التماس البركة والشفاء
ولكن الوعي تغير خاصةً فيما يخص الأمراض المستعصية والعلاج فاللعلم والطب اليد الطولى في العلاج بإذن الله تعالى.

هنا نصلي معًا شعار الصوفية
السلام بين الأديان (اليهودية والمسيحية والإسلام) والتي نادى بها الحلاج وجلال الدين الرومي في أقوالهم ,فيقول جلال الدين الرومي "مسلم أنا ولكني نصراني برهمي وزرادشتي توكلت عليك أيها الحق الأعلى فلا تنأ عني ,لا تنأ عني" فوحدة الأديان أحد الأفكار الوافدة مع الأولياء إلى مجتمعنا المصري فامتزجت بالثقافة الصوفية التي اثرت حب آل البيت وجعلتهم فيى مقامٍ علين, فالحب هو الإيمان ولا داعي للفرقة فالله الواحد نجتمع جميعًا في محبته,ونجد أعلام للصوفية في عصرنا الحالي نذكر الإمام علي جمعة والحبيب الجعفري ونرى تسامحهم ومحبتهم في جميع المواقف والفتوى ولن أنسَ الاحتفاليات التي تقام في سيناء ومُجمع الأديان بالقاهرة على شرف السلام والمحبة وفرق الإنشاد الديني من كل العالم , وهذه الأوقات العصيبة التي يمُر بها العالم الأن تؤكد لنا قول الحبيب الرسول صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" جميعنا كيان واحد ونصلي معًا طلبًا للمحبة والرحمة والسلام.



#زينب_محمد_عبد_الرحيم (هاشتاغ)       Zeinab_Mohamed_Abdelreheem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السبوع وارتباطه بأسطورة إيزيس وأوزيريس
- الصبر من منظور شعبي
- شم النسيم وأسطورة الخلق المصرية
- الرحلة المقدسة إلى أبيدوس
- مظاهر الأمومة في الموروث الشعبي
- المرأة والإبداع
- 2020 سنة ساخنة جدًا
- الالعاب المتوارثة من المصري القديم
- إخناتون والأنثى
- النضال الاشتراكي من أجل حقوق المرأة العاملة
- حق الوعي والتمرد النسوي
- المرأة في الفن التشكيلي
- علم النفس والأدب
- حق الحياة
- النخبة الفاشية
- الرؤية الماركسية
- الفن الهابط
- فساد الذوق العام
- ايدلوجية الحمار
- الختان جريمة


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زينب محمد عبد الرحيم - كرامات آل البيت مدد بلا عدد