أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - «جبال الأغاني والأنين»














المزيد.....

«جبال الأغاني والأنين»


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6564 - 2020 / 5 / 15 - 17:49
المحور: الادب والفن
    


بينما كنت أنقّبُ في اللابتوب عن كتابٍ لأبدأ في قراءته، وأنا في حيرة من أمري أي كتابٍ سيقع عليه اختياري، وإذ بالصديق الدكتور منير شحود يتّصل بي ويبشّرني بإهدائي كتابه «جبال الأغاني والأنين – الجزء الأول» نسخة pdf. وحيث أن لي تجربة هامة في قراءتي لهذا الكاتب الواعد من خلال كتابه «الانفجار السوري الكبير» فقد وجدتُ ضالّتي، وأهملت كافة عناوين الكتب التي كانت قبل لحظات على مقربة من اختياري واحداً منها. وانكببتُ على قراءته بشغف العاشق الذي يقرأ الرسائل الغرامية من حبيب.
أزعم أنني قارئٌ نَهِمٌ، وأدّعي بأنه لم يسبق لي أن قرأتُ كتاباً يتناول الريف بهذه الحميمية كما هو حال كتاب (شحود)، الذي يعجُّ بالذكريات من صفحات عوالمه الثرية الأخّاذة. لقد بهرني هذا الرجل بتلك التفاصيل المذهلة عن الحياة في قريته الوادعة وبلغة شاعرية فاتنة.

هناك من يثمل لسماع أغنية أو لقراءته مقطعٍ شعريٍّ أو لشربه كأسٍ برفقة أعزّ الناس.. لقد أسكرني هذا الكتاب وخاصةً في النصف الأول منه.
أن يصل بك الكتاب إلى التمنّي بأن تعيش سنة واحدة فقط في تلك القرية، وبعدها لا غضاضة من الموت، لأنك ارتويت من فراديس الدنيا كلها، فهذا لعمري نادراً ما يوصلك كتاب إلى هذه النشوة الساحرة.

إذا كان ثمّة حساب يوم القيامة وقُيِّضَ لي التوجّه إلى إحدى ترّاسات الجنة، سأعتذر بلباقة من الله، وأقترح راجياً متوسّلاً أن يُسكنَني في قرية منير شحود ولو لسنة واحدة. تلك القرية الجبلية المدهشة، آكل مما تجود به الطبيعة من حشائش. وأسبح في غدرانها. وأسهر على أعذب الحكايا. وأغفو على المصطبة وأنا أستمع إلى أغاني الميجانا من بعض الفلاحين:
"أوووف.. تلات غزلان ع النبعة شفتهن .. يریقن عسل نقّط من شفتهن.. تلج ونار بخدودن شفتهن.. لا النار انطفت ولا التلج داب.".. ضحكت حجار الدار لفيو حبابنا.. يا ميجانا..

رحلة كفاح اختلطت فيها عذوبة الريف مع قسوة الفقر ومرارة الاشتغال بمهنٍ شتى، لمقاومة الجوع ومهانة انتظار مدّ يد المساعدة إلى الغير.. مقابل حفنة من الليرات المغمّسة بالشقاء.
بالله عليكم تابعوا معي هذا المقطع المؤثر من الكتاب:
«في يومٍ غزيرٍ مطرُه، غاصت قدمي في وحل الطريق اللزج. انتزعتها بصعوبة، لكن من دون الحذاء المطاطي الذي استقرّ عميقاً في الوحل. لم أفكّر طويلاً، رميتُ فردة الحذاء الأخرى، وأكملتُ طريقي إلى المدرسة حافياً. صار لكل خطوة معنى وإحساس مختلف، بين الخوض في وحول البرك الصغيرة أو الهرب من برودة حجر إلى آخر. كل خطوة تجعلني أصرخ بصوتٍ ما غير إنساني، أقرب إلى صوت حيوانٍ يلفظ أنفاسه الأخيرة. امتزج صراخي بصوت انهمار زخّات المطر، وانساب في الأنحاء تضرّعاً صادقاً، كفراً صرفاً، ضحكاً هستيرياً، بكاءً وسخطاً كالأنين. تحدّيتُ الألم، خضتُ في برك الماء بلا هوادة، لم أميّز بين لسعات قطرات المطر وتلك الأوحال المتناثرة حولي. التصق قميص الفانيلا المبلل بجسدي، خلعتُ سترتي ورميتُ القميص، ثم تابعتُ مجوني عبر الوحل، مطلقاً صرخاتي الوحشية التي لم يسمعها أحد، وردّدتها الجبال قهراً ووحشة.»
هذا غيضٌ من فيض معاناة هذا الرجل العصامي الذي كتب له القدر أن يشقَّ درب آلامه بعنادٍ وصبر ليصلَ إلى مبتغاه.
ولم ينسَ الكاتب التطرّق إلى بعض الأحداث السياسية التي كان لها شأناً في وصول البلاد إلى ما نحن فيه، بفعل التراكم التدريجي لنتائج الاستبداد المدمّرة. والتي ناله منها النصيب القاهر، كغيره من الذين لم تستطع السلطة ترويضهم وإخضاعهم لمنظومة فسادها واستبدادها.
منير شحود: ننتظر منك المزيد من إبداعاتك، فلا تبخل علينا، أرجوك!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «البلد»
- ألو بابا، أنا ابنك!
- «النباتية»
- «أعدائي»
- التحقيق رقم (1)
- «الإسلاموفوبيا»، ثُمَّ الكورونا، ثُمَّ..؟
- اللِّصُّ الغبيّ
- «المترجم الخائن»
- صاحب الأنف الضخم!
- «وردَّدتِ الجبالُ الصدى»
- ما بعد كورونا..
- حظر التجوّل
- بيروتُ الحُلُم، والحقيقة..
- لكِ، «ألف شمس مشرقة»
- أيُّ نظامٍ نريد؟
- الغِرُّ
- «عدّاء الطائرة الورقية» ولأجلكِ، ألف مرّة أخرى..
- «الكندرجي»
- «سجينة طهران»
- الوكْفُ والمِزْراب


المزيد.....




- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - «جبال الأغاني والأنين»