|
رد هيئة العمل الليبرالي على مقال الدكتور حسام الدين درويش
كامل عباس
الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 23:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشر موقع بروكار برس دراسة، للدكتور حسام الدين درويش، بتاريخ 2020/5/3، تحت عنوان: هيئة العمل الليبرالي في اللاذقية: "الاستبداد هو الخطر الرئيس على مجتمعاتنا". يكاد يكون جهد الدكتور هو الأهم من نوعه، في هذه الدراسة، تجاه نشطاء سياسيين، في اللاذقية، عانوا، وما زالوا يعانون، من أجهزة ألامن المتعددة، في المحافظة.
بوصفي أحد أعضاء هيئة العمل الليبرالي، في اللاذقية، أعلن، من هذا المنبر، أن كل تلك الدراسات التي صدرت عن لجنة إعلان دمشق، وهيئة العمل الليبرالي، قد تم تسطيرها بقلمي، وكان دور الرفاق، في اللجنتين، هو النقد والتصويب؛ ولم تصدر أي دراسة موقعة، من الهيئتين، إلا بعد قراءتها، بشكل جماعي، ومن ثم أخذ ملاحظاتهم في الحسبان، قبل نشرها. وأدلل على صحة قولي بما جرى لي أثناء إصدار كتيب "كيف نفهم اللبرالية". فبعد أن قرئت الموضوعات جميعها، على مدى أشهر في الهيئة، كلفوني بمتابعة طبع الكتيِّب، بعد أن تم حذف الكثير من محتوياتها، مثل فصل قريب من قلبي لم يوافقوا على نشره، كان معنونا بـ "الخالدان في سوريا خالد بكداش وخالد العظم". وما جرى معي، بعد ذلك، مضحك ومبك، في آن معا. فعندما قدمته لصاحب المطبعة، رحب به، كونه عملاً ثقافيا بحتا، وهو كذلك فعلاً، في قسمه الأول. وقد اتفقنا على الأمور المادية، ودفعت له نصف المبلغ مباشرة . لكن لسوء الحظ، وقعت عيناه، بعد طباعة مائة نسخة، على القسم الثاني الذي يتضمن وثيقة عن العلويين، فطار صوابه، وأوقف الطباعة، ولم يعطني أي نسخة مطبوعة من الكتيب، إلا بعد أن كتبت التعهد التالي، ووقعت عليه: (أنا الموقِّع أدناه: كامل ابراهيم عباس والدتي عزيزة، تولد 1949، خ7219 شيخضاهر( اللاذقية)، هوية رقم .....، أتعهد، وأقر، وأنا بكامل الأهلية المعتبرة، شرعا وقانونا، بتحمل كافة المسؤوليات، الحقوقية والجزائية، وأي مسؤولية قانونية تنتج عن كتابي (كيف نفهم الليبرالية - هيئة العمل الليبرالي في اللاذقية)، والذي هو من تأليفي، ومن طباعتي وتصويري، وأن السيد بسام محمد ماضي قد قام فقط بتجليده، وليس له علاقة بالمحتوى، وبناء عليه، أعطي هذا التصريح(.وقد أرسل صاحب المطبعة، مباشرة، نسخة من هذا التعهد، إلى الأمن. هذا ما يخولني الرد على دراسة الدكتور درويش، من موقع النقد. فعلى الرغم من أنني شاكر له جهده، إلا أنني أرى أنه لم ينصفنا إلا في جانب واحد، وهو جانب إبراز معاناتنا وشجاعتنا، في مواجهة الاستبداد. وأكثر ما يؤلم، في هذه الدراسة، هو أنها تصف الهيئة بأنها "تقسِّم العالم تقسيما مانويا إلى أبيض وأسود وملائكة وشياطين". وهذا امر غير صحيح. وقد جاء في تلك الدراسة: "يبدو أن النفور من الاستبداد، ومن معادي الديمقراطية، قد بلغ لدى (بعض) أعضاء هذه الهيئة درجة حولت تصفية حسابهم مع ماركسيتهم، أو يساريتهم، السابقة، إلى محاولة لتصفية الماركسية ذاتها، وشيطنتها، شيطنة كاملة، مقابل مألكة الليبرالية، ليس السياسية فحسب، بل واالقتصادية أيضا."
إن فهم الهيئة للفرق او الاختلاف بين الفلسفتين الماركسية واللبرالية لا يعني، مطلقا، أنها مع شيطنة الماركسية، فهذا الفهم مجرد رأي يحتمل الخطأ والصواب. والفلسفة الماركسية، من منظور الهيئة، ذات نهايات مغلقة، مثل كل فكر شمولي، وبالتالي، من الصعب تطويرها، من داخلها؛ عكس الفلسفة اللبرالية ذات النهايات المفتوحة، وما يعنيه ذلك من إمكانية تطويرها من داخلها. ولهذا السبب، تحديدا، أجد نفسي، شخصيا، منحازا إلى الفلسفة اللبرالية. لكن ذلك الانحياز لا يعني أنني تخليت عن يساريتي، فأنا لم أفعل ذلك ولن أفعله؛ ومن هنا وصفي لنفسي بأنني "ليبرالي يساري"، وعلى هذا الأساس نسعى، في الهيئة، إلى أن يلتقي النشطاء السياسيون المعنيون بالتقدم االجتماعي، سواء كانوا ماركسيين أم لبراليين، على قاعدة الأخذ من الفلسفتين: من اللبرالية موضوع الحريات الفردية وأهمية الديمقراطية، بالمعنى السياسي للتقدم االجتماعي، ومن الماركسية موضوع الجانب الاقتصادي، جانب العدالة الاجتماعية ودور الدولة في تحقيقها، بناء على تدخلها في توجيه السوق، لخدمة تطوير المجتمع، وليس لخدمة الأغنياء فقط. فما يهمنا كهيئة، بالدرجة األولى، هو قيام تعاون بين الديمقراطيين والليبراليين والقوميين والشيوعيين، لخلق مجتمع مدني من أسفل إلى أعلى - ولذلك سمينا أنفسنا هيئة العمل الليبرالي في اللاذقية، وليس في سوريا - يعيد السياسة والثقافة إلى المجتمع، ليصبح قادرا على التأثير في البلاد، مستقبلاً، لتجاوز الأستبداد.
ويتضمن كتيِّب الهيئة نقدا، واضحا وصريحا، لليبرالية، حيث جاء في ص 110، منه: "فريق ثان من الليبراليين المحافظين أراد من الحرية ان تكون حرية السوق فقط – دعه يعمل دعه يمر – وأي تدخل للدولة في الاقتصاد سيضر به، لأنه سيحرم المجتمع من الصراع التنافسي الذي يراكم فيه الأذكياء الثروة بين يديهم، في حين سيعاني الفقراء الأغبياء من تبعات عجزهم. هذا الفريق رأى أن واجب الحكومة هو الحفاظ على الملكية الخاصة للأفراد، والسماح لهم بمراكمة ثرواتهم، دون التزام بالتعاون من أجل المصلحة العامة؛ هؤلاء لا يرون وجود ما يسمى مجتمع، بل مجموعة من الأفراد المتنافسين الذين تجمعهم الرغبة في العيش بأمان مع بعضهم كأفراد، فقط".
النغمة الثانية في الدراسة، والتي لم تنصف الهيئة، هي حول الإسلام، حيث جاء في الدراسة ما يلي: " يتضمن الكتاب دفاعا عن الإسلام، من خلال القول "إن الدين الإسلامي هو الأقرب إلى الفكر اللبرالي من البلشفية"، ثم يتم الاقتصار على بعض النصوص والتأويلات الإيجابية عن "الإسلام"، مقابل االاقتصار على ذكر بعض مساوئ البلشفية، النظرية والعملية".
في هذه الفقرة مغالطات بالجملة، مع الأسف، وتجن على الدين الإسلامي، وانحياز لا مبرر له الى الفلسفة الماركسية. تصر الهيئة على وجهة نظرها، في الموضوع، فهي ترى أن الإسلام أقرب الى الليبرالية بكثير من الماركسية؛ الإسلام صريح وواضح: "لا تزر وازرة وزر أخرى". أما البلشفية، من لينين إلى تروتسكي، إلى ستالين، إلى كل الأحزاب الماركسية، فتبيح، حتى الآن، استعمال قانون الرهائن من أجل حماية الثورة. كما أن شخصية محمد أكثر عبقرية بكثير من شخصية ماركس، كما أنه انحاز إلى الفقراء أكثر منه. وقد تجلت تلك العبقرية، في استعماله الوحي، لفرض أرائه على جهلاء الجزيرة وبدوها، عندما كان يعجز عن إقناعهم.
من جهة أخرى، الإسلام هو دين العقل بحق، ومحمد قال عن نفسه إنه آخر الأنبياء. وهو القائل: "اعقلها وتوكل"، "أنتم أولى بأمور دنياكم". كما سبق محمد فلاسفة الغرب، بقرون، حول العقد االجتماعي؛ ووثيقته في المدينة خير شاهد على ذلك، وقد هاله توريث السلالات في الامبراطوريتين المجاورتين، الروم والفرس، فأراد أن يقيم حكم الشورى محل ذلك الحكم. ويكاد الإسلام أن يكون، بحق، المحاولة الجادة الوحيدة، في تاريخنا الشرقي، للخروج من مستنقع الاستبداد؛ لكن الاستبداد هضمه، "في النهاية"، عندما حوله من دين العقل إلى دين الإيمان.
ختاما، أصر، في هذا السياق، على القول لمعد الدراسة الدكتور درويش، وللصديق ابراهيم زورو الذي سبق له أن كتب دراسة أخرى عن كتيب الهيئة، أن الدين ما زال يلعب دورا في كل المجتمعات، عموما، ويكبر هذا الدور، في البلدان المتخلفة، للأسف، مثل بلدنا، ولا أوافقهما على رفع شعار "الدين لله والوطن للجميع"، مع أنني علماني مثلهما، إلا أن علمانيتي لا تمنعني عن العمل في السياسة، بدلاً من الأيديولوجيا. ويحضرني هنا قول الكثير من ماركسيي مدينتي: "نحن لا نشارك في مظاهرات تخرج من الجوامع". وقد كان رد الهيئة عليهم: "هذا هو شعبنا، فهل نأتيكم بشعب من المريخ". إن كل األديان، قاطبة، مع نصرة المظلوم، وإغاثة الملهوف؛ والدين الإسلامي أوضحها جميعا، نظرية وممارسة، وعدل عمر بن الخطاب، ومن بعده عمر بن عبد العزيز، خير شاهد على ذلك. إن صيحة "الله أكبر"، لها تتمة في وجدان كل مسلم، وهي أن الله سيحاسب من طغى وتجبر في األرض. الإسلام يحض معتنقيه على العمل السياسي، ولصالح الفقراء؛ فلماذا لا نستفيد من ذلك، بدال من تركه للجهاديين "الحربجيين"، عبر حصره بالجانب الروحي؟ ولماذا لا نرفع شعار "الدين والوطن لإلنسان"، بدال من الشعار الفرنسي القديم "الدين لله والوطن للجميع؟!.
#كامل_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقرير سنوي صادر عن هيئة العمل اللبرالي في اللاذقية
-
فيروس كورونا
-
هل سيكون فيروس كورونا أرحم بالشعب السوري وثورته من المجتمع ا
...
-
عن الدور السلبي للحلم الاشتراكي من سوريا الى أمريكا
-
هل ستكون طبخة العرب بعد حرب غزة من حصى أم من عدس ؟
-
حماس ترشق إسرائيل بحذائها
-
القائد الضرورة باراك أوباما
-
إعلان دمشق وإشاعة الأمل
-
الدعوة إلى تجاوز الرأسمالية لمصلحة من ؟؟!!
-
قمة مراهقة النوع البشري
-
صناعة السيارات
-
من هم اللبراليون الجدد في سوريا ؟
-
صناعة العطور
-
من سيظفر بالإدارة الأمريكية القادمة : أهل القوة أم أهل العقل
...
-
إعلان دمشق وحرية التعبير
-
التعدد الثقافي اللبناني من منظور عباس بيضون
-
ثقافة البيئة في سوريا بين العلم والأيديولوجيا
-
القاعدة فكرا وتنظيما
-
من أين أتى كل هذا التطرف الى سوريا الحديثة ؟!
-
الحكومة السورية لبرالية في الاقتصاد دكتاتورية في السياسة !!
المزيد.....
-
تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه
...
-
ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي
...
-
تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
-
غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
-
يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة
...
-
-فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول
...
-
صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟
...
-
ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
-
فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
-
صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|