|
جدار أثيوبيا المائي ، تبادل لعبة السدود
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 17:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ ليس لشيء آخر ، بل من باب أحقية تسبيق الفجيعة إلى أذهان الأثيوبيون ومن يقف خلفهم ، لا بد أن يعوا جيداً جميعاً ، بأن جدار عزل مياه النيل عن السودان ومصر سيؤدي إلى حشر القاهرة في الزاوية ، فالجيش المصري لا يمكن أن يمرر مشروع تعطيش جغرافية بلاده وبالتالي ، الجدار هو مقدمة لتصحير الأرض وإعطاب نبض الشعب الحقيقي ، بل من يظن بأن الجيش سيقف متفرج أو مكتوف الأيدي حتى تصبح مصر كعراق آخر ، فإن ظنه ليس بمحله أبداً ، وبالرغم أن قانون الدولي يعتبر نهر النيل مياه دولية كنهري دجلة والفرات والدانوب ، إلا أن الوقائع على الأرض تشير بأن قانون الدولي بات بالأدراج والغبرة تغطيه ، بل ايضاً وللتذكير المفيد ، لم تكن على الإطلاق دول التى ينبع من الأنهار ، يوماً ما تُسلم للقانون الدولي بقدر أن القوة كانت فقط كفيلة بردع مشاريعهم ، وهذا حصل بين العراق وتركيا تاريخياً ، فمنذ العشرينيات القرن السابق ، أقدما الطرفين على توقيع أكثر من إتفاق ، تفيد الاتفاقات جميعها بعدم إقامة دولة المنبع أي سد أو خزان أو تحويلة إلا بموافقة دول المتناهرة ، لكن في كل مرة كانت تركيا تقيم سدود وتحويلات بحجة أن النهرين ليسا بنهرين دوليين ، بل اعتبرتهما فقط عابرين للحدود ، أي يعني باختصار ، بأنه عبور يمكن تسجيله ضمن الأخطاء التاريخية وليست التدبير الإلهي .
مع كل أزمة تواجهها الأنظمة العربية سوريا العراق ومصر ، يخّطون دول منبع الأنهر خطوات تكشف عن المغزى الحقيقي لمشاريعهم التعطيشية ، فقد اخفقت بغداد في الماضي من إلزام الجانبين ، التركي والإيراني في توقيع إتفاق واضح المعالم والذي يراعي حصة العراق المائية وبالتالي المتوقع حسب تقديرات علماء الجغرامائين ، سيضرب الجفاف عام 2040م العراق وذلك بسبب شح تدفق مياه الأنهر ، بالطبع ، جميع المؤشرات على ذلك باتت واضحة في المناطق الشرقية ، لقد جفت المياه بسبب قطع نهر الكاورن الذي يغذي البصرة وشط العرب ، فالحكومات الإيرانية التى تعاقبت ، سعوا منذ زمن بعيد في إنشاء سدود وتحويلات وحولوا مياهه إلى مدينة اصفهان وبالتالي ، ايران اقدمت في المقام الأول على تعطيش أرض الأهواز العربية قبل مناطق الشرقية في العراق ، وبعد إحتلال العراق ، بنت ايران جملة سدود بهدف ضرب التنمية العراقية وعلى رأسها الكهرباء ، فهل يعقل دولة مثل العراق ، تتمتع بموارد طبيعية كبيرة ومكانتها التاريخية تصبح تتسول الكهرباء من طهران وفي شرق البلاد يشرب أهله مياه ملوثة .
وثمة تحرك آخر ، هو أشبه بتبادل لعبة السدود ، في المقابل قامت تركيا في إنشاء سلسلة سدود التى خلفت أزمة حقيقة للعراق ، بالفعل يعتبر مشروع إليسو من أكبر المشاريع الذي سيغير بعد مدة زمنية قصيرة ، حياة أبناء نهر دجلة في العراق ، المشروع يتضمن 19 محطة كهرومائية وهذا يتطلب وضع تحويلات تحد من تدفق مياه النهرين نحو مسلكه الطبيعي ، صحيح أن الأتراك سيستفيدون من الكهرباء وسيتم إصلاح مليونين هكتار لكن ذلك سيكون على حساب العراقيين وسينعكس ذلك على المنطقة العربية برمتها ، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً .
إذن التدخل الخارجي كفيل إلى دفع الأطراف الإقليمية بالغرسطة والتعنت والتفرد في إملاء المشاريع ، تماماً ، كما هو الحال بين العراق وتركيا بالأمس ، وحال مصر وإثيوبيا اليوم ، وبالتالي لا بد لمصر والسودان اعتماد طرق جديدة في مسألة الري وتفويت الفرصة على مِّن يستهدفهما بالتعطيش ، إلى أن يتغير الحال ، بالطبع من خلال توفير تقنيات حديثة ، بل بالمختصر المفيد ، جدار اثيوبيا المائي ببساطة يهدف إلى تصحير الجغرافيا وتغير المناخ ، وبالتالي هو مشروع سينهي الوجود الريفي وسيدمر الحركة الصناعية الناهضة في المحافظات ، اللذان سينهيان مشروع جغرافية الدولة المتحدة .والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدار أثيوبيا المائي ...
-
علاقة الحريات بالحداثة ومعادلة المراحل في تاريخ البشري ...
-
العدالة لا يمكن أن تصنع من الظلم ...
-
من علامات الخالق أن يمرر للمخلوق بصائر إدراكية ...
-
لبنان بين حكومات الطبقة الفاسدة وحكومة التجويع ...
-
كيم يونغ فتى الظل الجديد في لعبة التراشق ...
-
عظمة الخيال جاء بكل هذه التكنولوجيا الافتراضية ...
-
محمد عمارة من صفوف البناء التحتي للمادة إلى صفوف المدافعين ع
...
-
كانط المتخبط والعرب المتخبطون بكانط ...
-
ابو محمود الصباح من غرفة عملية صيدا يرد على تصريح مردخاي غور
...
-
خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...
-
فقط أبن الحرة من يُدير الأزمات بنجاح ...
-
محاولة ركيكة مثل صاحبها ...
-
البحث عن الهوية ، شعاراً مازال قيد البحث لم يتحقق ...
-
إعادة النظر بالبيداغوجيا التقليدية ..
-
الأفكار العلمية والفلسفية ممكنة في زمن معين ومستحيلة في زمن
...
-
الرأسمالية الليبرالية والرأسمالية بلا ليبرالية ...
-
مازالت أنماط التفكير لأجهزة الاستخبارات العالمية تتشابه بالأ
...
-
من على الرف إلى الحياة الكاملة ...
-
جندرة الحيوان كانت مقدمة لجندرة البشرية ...
المزيد.....
-
خلال اتصال مع بلينكن.. أول تعليق من عبدالله بن زايد على مقتر
...
-
الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب
...
-
بيان قطري مصري أمريكي مشترك: اقتراح بايدن يجمع مطالب جميع ا
...
-
وفاة جنرال إيراني عمل سابقا مستشارا لقاسم سليماني
-
-هآرتس-: مخاوف أمريكية من رضوخ نتنياهو لبن غفير وسموتريتش وع
...
-
غانتس يدعو إلى انعقاد مجلس الحرب لبحث صفقة التبادل مع حماس
-
أمير الكويت يعين صباح الخالد الصباح وليا للعهد
-
كيف أصبح رامافوزا -مضطرا- إلى تقاسم السلطة في جنوب أفريقيا؟
...
-
جوزيب بوريل: التوازن بين خطر التصعيد وحاجة اوكرانيا للدفاع ع
...
-
ألمانيا- هجوم سيبراني واسع النطاق على حزب المعارضة الرئيسي
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|