|
البحث عن الهوية ، شعاراً مازال قيد البحث لم يتحقق ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 12 - 14:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ كان واحد من أهم صناع الضجيج العربي ولمدة طويلة ، وبالتالي هذا الصراخ المتقطع وحسب توجيه المعلم ، كان يكفي بإبقائه على خشبة المسرح ، بل حقاً ، لا يوجد الكثير يمكن تناوله عن شيخ عين التينة كما كان أسد الأب يحلو منادة وزير خارجيته ونائبه لاحقاً عبد الحليم خدام 1932 - 2020 م ، ولأن حافظ الأسد الرئيس السابق للنظام الأقلوي وجد في الحريري الأب بديلاً نافذاً في تسويقه في الغرب ، ولولا حضور الرئيس الحريري الدبلوماسي والثقيل في الغرب ، ما كان ليتخلى الأسد عن خدمات خدام في وزارة الخارجية وبالتالي ، كانوا ومازالوا رجال السنة في سوريا ، بيادق لا يعرفون متى سيموتون أو ينتحرون ، والذين قدموا خدمات كبيرة للأسد على حساب الشعب ، واقتصر دورهم على خدمة النظام والمحافظة عليه مقابل حفنة من المال واخيراً مصيرهم واحد ، هو القتل وبطرق متعددة ، إذن خدام ، في الواقع ما بيستاهل مقال كامل بقدر ما سوريا التى تحولت إلى منفى المنافي ، تحتاج من جديد إلى عمليات تفكيكية لكي نعرف أين وصلت الأمة العربية بعد هذه الكارثة المفتوحة ، ولأن الأمة مازالت تخوض معارك منذ ولادتها من أجل نقل الهوية العميقة ، اللغوية ، ومرتبطة بالإنسان والأرض وبجملة من المشاعر والمبادئ والأحلام المشتركة ، إلى خندق التحرر الحقيقي من الاستعمار المزدوج ، الخارجي والداخلي ، وبالتالي في حقيقة الأمر ، العربي مازال لا يمتلك هوية محددة ، إذن ستبقى الهوية العربية مجرد هوية رمزية أو رغبة في تحقيقها ، طالما هناك حركة كفاحية أو ثورية كما هو في سوريا ، إلى أن يتحقق الأمر على صاعدين الفردي والجماعي ، وبالتالي أؤمن بأن الهوية ، هي كلمة ثورية ، أشبه بالشعار الذي يحتاج من يحققه ، وهذا لا يتحقق حتى العرب يفكوا عزلتنهم العلمية والإنتاجية عن العالم ، التى تجعلهم لقمة سائغة لأي طامع لديه مشروع في إنهاء وجودهم ، وكيف لا وهم المنقسمون على طريقة ، كل جهة تدمر الأخرى لصالح الخارج والنتيجة ، هي أن الهوية ما تزال مجرد تصور رمزي .
الثابت هنا ، كل ما جرى في الوطن العربي ، منذ حرق طارق بو عزيري الشاب التونسي نفسه ، وعلى مدار هذه السنوات ، ظهر بأن هناك عملية متكلمة لا تقبل العودة إلى الوراء ، لكن تقبل المهادنة وتتعايش مع الظروف ، لكنها ماضية نحو الوصول إلى الهوية ، وبالرغم من مشقة الطريق وبالتالي تحتاج إلى عقيدة وليست أي عقيدة ، بل عقيدة ثورية يقودها ثوار حقيقيون ، وثمن ذلك دماء كثيرة ، ومن جانب آخر ، لقد كلفت الثورة السورية ، خسائر متعددة الجوانب والأشكال ، لكن خسرت خصوبة من كانوا حقاً يمنحون البلد ديناميكيتها ، هؤلاء الذين كانوا يشكلون للنظام تهديد دائم ، قد اضطروا إلى الرحيل للمنفى ، وبالتالي خلت سوريا من المعارضة التى كانت تعارض تخلف النظام ، وهذه النخبة حملت معها منفى مزدوج ، جعلت سوريا تعيش حالياً أزمة ثقافية كبيرة ، لأن من خرج منها ، خرج بجسده وبثقافته ، بالرغم أن هناك العديد من الأشخاص لهم قيمة لكن هذه القيمة في ظل نظام لا يقبل مجرد النظر في المرأة ، إذن هؤلاء يعيشون في منفى ثقافي داخلي أقصى من النفي الخارجي ، بل كان في الماضي المنفيون في الخارج يتساون ثقافياً مع من بقوا في حدود بلادهم ، أي على سبيل المثال ، كاتب سوري في باريس ، كانت كتابته قبل الإنترنت محرمة قرائتها داخل سوريا بحكم الرقابة ، لكن السوري اليوم يقرأ للمنفي بجسده بالخارج والحاضر بأفكاره في الداخل بفضل التكنولوجيا الحرة ، بينما المنفي ثقافياً في الداخل ، محروم من الكتابة للداخل وللخارج .
بالتأكيد ، جميع العرب الذين نفتهم الأنظمة أو من رحلوا بحثاً عن الكتابة الحرة ، بشكل أو بآخر على إتصال مع بلدانهم عن طريق الإتصال اللغوي ، طالما ، مازالوا يكتبون بالعربية أو تترجم أعمالهم للعربية وبالتالي الإتصال الأعمق بينهم هو اللغة ، وهذا يخلق بصورة طبيعية نوعاً من الإتصال والتواصل ، إذن اللغة هي الجسر ، لكن بقائهم على ذلك ، يحددها قدرة الكاتب على بناء الثقة بينه وبين القراء ، وعلى الأخص الشباب الذين ملؤا الميادين في سوريا أثناء الثورة ، وبالتالي الكاتب الملتزم ، هو من يظهر اشكالية ما ، ومن ثم يتزوجها زواج دائم ، لأن هناك من يكتفي بالخطبة ، وهذا ليس بإلتزام يمنح الخاطب بالاستمرار ، فالفارق بين الطرفين ، الملتزم سيقوم بفعل كل ما في مقدرته لكي يعطي من أفكار جدية وهذا هو الأساس في الكتابة ، ومع الوقت ، ستتحول الأفكار لدى المتلقيين إلى طرح تساؤلات ، لهذا ، مسألة الالتزام ضرورة للكاتب ومهمة لمصديقته ، بل التزام الكاتب الحقيقي ، هو بمثابة أن يكون كاتباً دون أدنى تنازل ، وهذا يفسر لماذا هناك طوابير من الكتاب ، لكن يمكن اختزالهم في إطار الخُطاب ، وبالرغم من صغر حجم كلمة الالتزام ، إلا أن غير ذلك ، ستكون خيانة للوطن ولن يتغير شيء تماماً كما هو الحال مع الخطيبة التى خُطبتها لا تتحول إلى زواج وعائلة ، فتتلقى أكبر خيانة .
إذن ، تعامل المفكرين والكتاب مع القضايا الوطنية بطريقة اللعب مع الحاكم المستبد ، يخرج اللاعب من الالتزام ، لدرجة أن الحاكم لم يعد يصدقه وليس فقط الشعب ، وبالتالي ، الخاسر الأكبر من رحيل المفكرين والمبدعون ، هو الوطن ، بل أيضاً عندما يكتب على سبيل المثال ، ادوارد سعيد كتاباً ما ، يكون قد نفع البلد الذي هو مقيم فيه ونقل الأدب والفكر العربي إلى شعوب كانت تجهل شعباً كاملاً وثقافةً كاملةً ومعاناة ولت منذ زمن طويل ، التى جميعها تتيح لهم الدخول إلى عالم مجهول ، يتعرفون إلى هموم شعب آخر ورغباته ويصبحون شركاء في البحث عن هوية أمة ، متعثرة التحقيق وبالتالي ، سيصبحون أيضاً داعمين لمكافحة الاستبداد ، وهذا يعني أن وجود مفكرين في دول مؤثرة دولياً ، يمهد لتحالفات فكرية وتحالفات على صعد الحرية وتحالفات بحاجة لها الشعوب العربية في محاربة الفساد وبالتالي ، يصبح للدولة الواحدة أكثر من سفير ، سفير للنظام التقليدي ، وسفراء الأفكار .
ما هو أكثر أهمية ، هو التعرف على الحق والحق كفيل بتحرير الباحث ، إذن ، شخص مثل خدام ، قد مثل الثلاثية الشهيرة في شخصه ، وتعتبر الثلاثية انعكاس لوجه النظام الحقيقي ، الاستبداد والفساد والتبعية المتعددة ، وهنا المنفى بدوره قام بتجريده الثلاثية ، وأبقى صفة الغربة المميتة عليه ، بالطبع تماماً ، عكسّ المنفيون من المفكرين والعلماء العرب ، هؤلاء الذين مثلوا ويمثلون أفضل القيم العربية ، وجميعهم كانوا ولظروف مختلفة قد تركوا ورحلوا ، لأن في نهاية المطاف ، كانت حياتهم بخطر أو مشروعهم الإبداعي سيُولد ميتاً ، إذن العرب بشكل عام والسوري على وجه الخصوص أمام ظاهرة المنفى المزدوج ، مازالو يبحثون عن هويتهم التى مازالت حتى الساعة شعاراً . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة النظر بالبيداغوجيا التقليدية ..
-
الأفكار العلمية والفلسفية ممكنة في زمن معين ومستحيلة في زمن
...
-
الرأسمالية الليبرالية والرأسمالية بلا ليبرالية ...
-
مازالت أنماط التفكير لأجهزة الاستخبارات العالمية تتشابه بالأ
...
-
من على الرف إلى الحياة الكاملة ...
-
جندرة الحيوان كانت مقدمة لجندرة البشرية ...
-
وزير قلق ووزير مرتاح والفرف بين بكين وواشنطن
-
كورونا بين القرض الحسن والربوي ...
-
عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة ...
-
الغزالي بين من الإختزال والإسهاب ...
-
الغزالي بين الإختزال والإسهاب ...
-
الخطوات الاحترازية عامل أساسي في تقليل الإصابات ...
-
الذكرى التاسعة لانتفاضة الشعب السوري ..
-
لا خطر يعادل خطره ...
-
التعرف شيء والإدراك شيء آخر ...
-
الفيروس عموماً يعشق الجبلة الطينية ...
-
التجربة وحدها كفيلة بإنقاذ البشرية عندما تعجز من إيجاد الدوا
...
-
الحب الفاسد / هل هو مستجد في روسيا أم ناتج عن سلطات تعاقبت ع
...
-
الخضوع والخنوع يمهدان لحدوث الكوارث ...
-
دراسة المسبب طريق لكشف العلاج
المزيد.....
-
احتفالا بعيد النصر..السفارة الروسية تغرس أشجار الزيتون في ال
...
-
عون استقبل رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الذي قدم خل
...
-
مسؤول أميركي أمام -العدل الدولية-: حياد -أونروا- يثير مخاوف
...
-
الإمارات تعلن إحباط محاولة تمرير أسلحة للجيش السوداني والأخي
...
-
إيران تعدم جاسوسا يعمل لمصلحة -الموساد- الإسرائيلي
-
مقتل 14 خنقا في حريق فندق بمدينة كولكاتا الهندية
-
توقيف قاصر للاشتباه في قتله 3 أشخاص بالسويد
-
إجلاء سكان وإغلاق طرق إثر اندلاع حرائق قرب القدس
-
الكويت تلغي المادة 182…نحو تشريع لا يغسل الجريمة بالزواج
-
ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|