أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...















المزيد.....

خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 21:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


/ هذا الطرح يزيح اللثام عن واحد من الفخاخ الكبيرة الذي أوقع بشكل خاطئ في فهم فسلفة التحوّل ، وفي تطبيق هذه المطارحة التمهيدية ، نقول مبدئياً ، بأن هناك إلى حد ما تشابه بين فكرة أسطورة الطائر الفينيقي الذي يجدد نفسه بعد كل موت والرسالة العميقة لِكتاب كليلة ودمنة والذي يعتمد بشكل صريح وواضح على ثقافات الدينات الهندية وبالتالي ، ترفض مفهوم الموت الأول وتؤمن بفلسفة التحوّل ، والتى تنفي ضمنياً مسألة يوم الحساب وتعتمد بأن الحق مهما تعرض لمصائب من الباطل ، سوف يعود من رماد جحيم الباطل إلى الحياة مرة أخرى ، وقد أستخدم محمود درويش الطائر الفينيقي في شعره وكتاباته كدلالة على انبعاث الفلسطيني في كل مرة يُخذل فيها ، وأيضاً ، ادونيس في قصيدة تيمور ومهيار ، كان قد قدم مفهوم التحوّل عند مهيار الذي يعود كل مرة ليجدد الأمل بعد تنكيل وبطش تيمور ، وبالتالي ، عند درويش أو ادونيس الحكاية تقتصر في إعادة إنتاج الفكرة في سياقات وطنية أو العدالة بصفة عامة ، رغم أن الاستعارة عند محمود درويش ، قد تشير ايضاً عن ارتباط يابوسي ، لأن في النهاية اليباسيون هم الكنعانيين ، وبالتالي الكنعانية هي التسمية الأخرى للفينيقي ، من عرب العماليق ، أما في كليلة ودمنة بالطبع ، يحمل الكتاب تبشير خارجي يحاول أن يمرر ثقافة التحوّل بطرق شتى ولأسباب تعود إلى نظرية الهيمنة الفكرية كما هو حاصل في الأقتصاد أو السياسة وايضاً مؤخراً بالتكنولوجيا ، لكن الواقع يشير ايضاً ، لقد مرّ 1250 عام على ترجمة كتاب كليلة ودمنة ولم يتغير الجوهر الإيماني عند العرب والمسلمون ، فالثابت ، مازال على حاله ، بل كانت تأثيرات التكنولوجيا على المجتمعات أكثر بكثير من الأفكار المكتوبة ، لأنها مرتبطة بالعين وليست بالتفكير ، فكلما تطورت التكنولوجيا تقلص الإنسان أمامها إلى أن يتعود عليها وهكذا ، تبقى العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا في إطار الرسم البياني ، قابلة للصعود والهبوط والتضخم والتقلص .

وبالطبع ، مسألة التحوّل تنقسم إلى مذاهب فلسفية متعددة ، كمذهب الانتحار ، وهذه الظاهرة كانت مرتفعة في القرون الوسطى وبالرغم من الحداثة التى طرأت بفضل التكنولوجيا ، لم يتوقف الانتحار بل إنتشر في العالم بشكل واسع ، الإحصائيات الدولية كمنظمة الصحة الدولية ، تشير عن انتحار شخص كل 40 ثانية في العالم ، وفي مقدمة هذه الدول هولندا واليابان ، ودول أخرى أكثر ثراءً كالاسكندنافية ، كأن مفهوم التحول لدى هذه الشعوب ، يندرج ضمن مفهوم إعادة تدوير الحظ من خلال المراهنة على الموت ، فإذا كان حظ الفرد في العمل أو الحياة الاجتماعية أو غيرهما سيء أو إذا تعرض لأي أزمة كما جرى في الآونة الأخيرة مع أزمة فيروس كوفيد 19 ، من ضغوط نفسية وما شابه من ضغوط متعددة ، فإن الطريق الأسهل للتخلص منها هو الانتحار ، فقد سجلوا فرق الأروبة البيض بعض الوقائع الانتحارية لمجرد معرفتهم بأنهم مصابون بالفيروس أو عدم قدرتهم على مواجهة الأحداث التى تدار داخل مربعاتهم ، إذن ، يمكن لفلسفة التحول كما تزعم ، أن تتيح له العودة مرة أخرى للحياة بحظ أفضل وهكذا تمضي عملية التدوير ، بالخروج مع عدم تسجيل عودة صريحة ، بل هناك مجموعات عريضة في المجتمع الغربي ، تحيا وسر استمرارها في الحياة ، مرتبط بفكرة الانتحار ، وبالتالي ، رغم ما تحمله الحياة من قساوة ، فإن مجرد معرفتهم بإمكانيتهم بالانتحار متى شاؤوا ، تعُطيهم القوة في البقاء ، بل هناك من هو مدين لفكرة الانتحار ، ولولاها كان أصيب بالجنون ، وبالتالي الإيمان بفلسفة التحوّل وانكار الموت بمفهومه القيامي ، تخرج المؤمن أولاً من الإحساس بأنه عالق في العالم ، ومن ثم ينفض عن كاهله فكرة الخوف و ما يترتب من مساءلات بعد حياة الدنيا ، إذن ، هذه الفلسفة حولت الانتحار إلى ما يشبه بالحرية المطلقة ، فهنا الحرية والانتحار هما وجهان لعملة واحدة .

وبصرف النظر حول مفهوم الفلسفة بشكل عام ، هناك رواية حافلة فعلاً بكثير من العجائب ، لكاتب صُنف بالفعل بقامة عالية في الوسط الأدبي المعاصر ، ففي رواية الكوليرا ، نجد ماركيز الروائي الكولومبي ، بدأ روايته بانتحار المصور خوفاً من الشيخوخة ، كأن الأمر طبيعي وله فلسفته ، وبالتالي هناك فاصل ضائع بين الفلسفة والعلم وهذا يجعل الكثير عندما يعجز العلم عن الإجابة عن أسئلتهم ، لا يجدوا أمامهم سوى الانتحار من أجل أن يفهموا الفلسفات المخفية ، إذن ، هنا نؤكد بأن لا يوجد تعريف موحد للفلسفة ، فالباحث لن يجد فيلسوفان سيجيبان نفس الإجابة على تعريف واحد للفلسفة ، إذن ، الفلسفة تبقى فرضيات حول أمور لم تحسم بعد من الجانب المعرفي ، أي بمعنى آخر ، الفارق بين الفلسفة والعلم ، باختصار وبتعريف بسيط ، الفلسفة تنتهي دورها عندما العلم يصل إلى ما كانت الفلسفة تبحث عنه ، وما لا يعلمه المرء ، يبقى في إطار فلسفي بحثي ، وهذه الأسئلة يخوضها الإنسان باستمرار من الفلسفة إلى العلم مع تطور العلم ، وتحمل الكثير من التجديد والصدمة ، لأن الذي انتحر في السابق على سبيل المثال ، لعجز العلم في إختراع مصل مخدر ، اليوم لو عاد إلى الحياة سيتفاجأ بأن مسألة التخدير تحولت إلى شيء ثانوي ، بالكاد البشرية تأتي على ذكره ، إذن ، عندما الإنسان يحقق مسألة علمية يجردها من الفلسفة وتتحول إلى شيء مادي ، وهذا ينطبق على جميع الأسئلة التى كانت تعتبر أسئلة فلّسفية ، وأصبحت مواد علمية ، إذن العلم أزاح عنها الغموض ، وهذا يعود إلى العلم الذي بات يمضى بقطع المسافات كالسيف ، فما كان يقطع بقرن أصبح يقطع بعقد ، مما أصاب الإنسان بتضخم الذات ، ومن جانب أخر ، عجزه في الوصول إلى مابعد الحياة ، أفقده الجواب عن أهم سؤال ، لكن الذين ذهبوا منتحرين لأي سبب ما ، لم يعود كما ظنوا ، أنها عملية تدويرية ، وبالتالي بعودتهم سيجيبوا عن أسئلتهم العالقة ، كأن الانتحار هنا يؤكد للعلم ، بأن المابعديات أكبر من العلم .

طبيعة الإنسان ، مناوراً لا يهدأ أبداً ، وبالتالي ، ما هو في الخيال يظل شيء آخر ، هناك جميع الأطر تتحطم ، لكن الانتقال من التفكير إلى الواقع ، يفرض على المنتقل سؤال قبئذ ، ما هي الأدلة ( الحقائق ) ، ما هي الحقيقة التى تكشفها الأدلة ، لأن الفاصل بين التمني والإيمان ، يشتت الانتباه ، وهذا ينطبق دائماً على المسائل الاجتماعية ، فهناك من يعتقد ، مجرد علاج مسألة عالقة في المخيلة ، يمكن ايضاً أن تكون بهذه السهولة في الواقع وبطريقة فعالة ، وإن آمن الناس بهذا ، يكونوا قد ارتكبوا خطأً فادحاً الذي يمهد لهم طريق للانتحار .

إذن ، إذا كانت الفلسفة هي حب الحكمة ، فأين الحكمة من فلسفة التحوّل ، فالتحوّل هنا وظيفته حرق جنة الإنسان . في حين ، مهمة الإنسان بالأصل أن يطفئ نار جهنم .. والسلام



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقط أبن الحرة من يُدير الأزمات بنجاح ...
- محاولة ركيكة مثل صاحبها ...
- البحث عن الهوية ، شعاراً مازال قيد البحث لم يتحقق ...
- إعادة النظر بالبيداغوجيا التقليدية ..
- الأفكار العلمية والفلسفية ممكنة في زمن معين ومستحيلة في زمن ...
- الرأسمالية الليبرالية والرأسمالية بلا ليبرالية ...
- مازالت أنماط التفكير لأجهزة الاستخبارات العالمية تتشابه بالأ ...
- من على الرف إلى الحياة الكاملة ...
- جندرة الحيوان كانت مقدمة لجندرة البشرية ...
- وزير قلق ووزير مرتاح والفرف بين بكين وواشنطن
- كورونا بين القرض الحسن والربوي ...
- عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة ...
- الغزالي بين من الإختزال والإسهاب ...
- الغزالي بين الإختزال والإسهاب ...
- الخطوات الاحترازية عامل أساسي في تقليل الإصابات ...
- الذكرى التاسعة لانتفاضة الشعب السوري ..
- لا خطر يعادل خطره ...
- التعرف شيء والإدراك شيء آخر ...
- الفيروس عموماً يعشق الجبلة الطينية ...
- التجربة وحدها كفيلة بإنقاذ البشرية عندما تعجز من إيجاد الدوا ...


المزيد.....




- إسبانيا: رئيس الوزراء بيدرو سانشيز يفكر في الاستقالة بعد تحق ...
- السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟
- كأس الاتحاد الأفريقي: كاف يقرر هزم اتحاد الجزائر 3-صفر بعد - ...
- كتائب القسام تعلن إيقاع قوتين إسرائيليتين في كمينيْن بالمغرا ...
- خبير عسكري: عودة العمليات في النصيرات تهدف لتأمين ممر نتساري ...
- شاهد.. قناص قسامي يصيب ضابطا إسرائيليا ويفر رفاقه هاربين
- أبرز تطورات اليوم الـ201 من الحرب الإسرائيلية على غزة
- أساتذة قانون تونسيون يطالبون بإطلاق سراح موقوفين
- الإفراج عن 18 موقوفا إثر وقفة تضامنية بالقاهرة مع غزة والسود ...
- الى الأمام العدد 206


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...