أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 4














المزيد.....

بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 21:14
المحور: الادب والفن
    


الخريف، يتحول سريعاً للبرودة في هذه الأصقاع الجبلية، بالأخص بالنسبة للقادم حديثاً من مدينة ذات مناخ معتدل؛ مثل عليكي وأسرته. ملاحظة عابرة، طرحها أوسو على ابن عمه، كانت كافية ليقدح هذا ذهنه: " الأفضل نبش البطاطس من الأرض، قبل أن يتعذر ذلك حينَ تباغتها الأمطار أو الثلج المبكر ". إذاك، فكّر عليكي بعرض شراء قطيع الماشية، الذي طرحه عليه بالأمس صوفيّ سوق ديريك. فيما أخذت ليلو على عاتقها أمرَ البطاطس بمعونة من الأولاد، اتجه رجلها منذ الغد إلى مدينة ماردين في العربة المشدودة بالخيل وكان برفقة الوسيط في الصفقة. المدينة، تبعد نحو عشرة فراسخ إلى الجنوب الشرقيّ من منطقة مازيداغ، وأغلب الطريق إليها عبارة عن منحدرات وعرة تحفها الأدغال.
" هذا يُدعى بابَ الصَور، أحد أبواب سور ماردين العديدة "، قالها رفيقُ الرحلة حينَ وصلت العربة إلى مدخل المدينة. منذئذٍ وحتى وصوله إلى العنوان المطلوب، دأبَ عليكي على تأمل مناظر الحاضرة، المعدّة مركز سنجق يحمل اسمها. بحَسَب نصيحة الصوفيّ، تم إيداع العربة في خان على الطريق. ذلك أنّ منزل شيخ العشيرة، كان يقع في حيّ يقع في السفح تحت قلعة المدينة؛ وكان من الصعب على الخيل ارتقاء الدرب إليه. السوق، بدا من الكبر أنه يشكل مدينة داخل مدينة، وكان حافلاً بالمحلات والمتسوقين من مختلف الملل. عاد الصوفيّ يُشير إلى ساحة يتوسطها أعمدة أثرية: " من هناك الدرب الرئيس لحيّ القلعة، وفي وسعنا لو شئتَ استئجار بغلين كي نتنقل عليهما "
" أفضل الذهاب مشياً، فأنا غير معتاد على صحبة البغال! "، قالها عليكي مبتسماً. هكذا اجتازا الساحة، وكانت أشبه بسوقٍ موازٍ، ثم شرعا بصعود الدرب المفضي إلى حي القلعة. بعد عدة ساعات، لما خرجا من دار ذلك البدويّ، كان الليل مليئاً بالنجوم والقمر كامل الاستدارة. تمت الصفقة على الوجه المطلوب، لكن الصوفيّ لم يكن راضٍ تماماً. أعرب عن ذلك، حالما انحدرا في نفس الدرب المفضي لسوق المدينة: " فدتك نفسي، يا آغا! كان عليك أن تدفع عربوناً حَسْب، لحين تسلمك القطيع بكامله "
" شخصية شيخ العشيرة، توحي بالصدق والأمانة "
" نعم، لكن مرعاه يقع خارج المدينة والدرب إليه مليء بقطاع الطرق "، قالها الصوفيُّ مقاطعاً. هز الآخرُ رأسه، كأنما يُسلّم أمره لله.

***
تسيير القطيع إلى سوق ديريك، كان من المؤمل أن يتم قبل أن يذرفَ الشتاء ثلوجه. في الأثناء، سارت أمور عليكي كالمعتاد بين ذلك السوق ومنزله في القرية. لكن حدثاً، عده سعيداً، بشّرت به ملامح امرأته. كانت في الأشهر الأولى من حبلها، لما غادروا دمشقَ. علامات الوضع، كان خبيراً بها مثل القابلة؛ هوَ مَن رزقَ حتى الآن بخمسة أولاد. ولو أنه علم بالخبر الفاجع، عن موت ابنته البكر قبيل ولادتها، لاعتبر حملَ أمها تعويضاً من الرب وسلوى.
لم يشأ ذكر شيء أمام ليلو، منتظراً أن تشعر به بنفسها ثم يسمع ذلك على لسانها. هذا ما جرى مع هبوب أولى العواصف الثلجية، لما استقبلته امرأة ذات يوم وكان عائداً للتو من سوق ديريك: " أظن حان موعد الطلق، الليلة أو غداً صباحاً ". وقد صدق حَدَسُ امرأته، لأنها أنجبت صبياً في صباح اليوم التالي. سبقَ ومَنَحَ آخر مولود، وكانت طفلة، اسماً كردياً جديراً بملامحها؛ " كَوْري ": أي الشقراء. مع أن المولود الجديد شبيه لشقيقته من ناحية لون البشرة والملامح، شاء الأب أن يسميه " آزاد ": الحُر!
فيما بعد، عمد إلى تسليم أحد الأقارب رسالةً كي يوصلها لأخيه؛ عليكي آغا الكبير. كان ذلك بمناسبة سفر القريب إلى الحج، وكمألوف العادة، لا بد أن يمر بدمشق في طريق الذهاب والإياب. لقد أخبر أخاه بحدث الولادة، وكان ينتظر بشرى ولادة الابنة نازو. الحاج، عاد أخيراً وكان يحمل رد الرسالة؛ الزاعم أن نازو بخير، لكنها لم توفق في حملها الأول. في المقابل، لم يستطع الحاج رؤية الابنة بسبب ما قيل عن سفرها إلى بلدة الاصطياف؛ الزبداني: من غرائب المقدور، أنّ تجدَّ ملابسات عائلية على خلفية الصفقة التجارية، المتعلقة بالقطيع، لتمنع عليكي من الاهتمام مجدداً بتوجيه أحد الحجاج مع رسالة لأخيه في الشام. بعدئذٍ حدثت ثورة الدستور، فانقلاب القصر الفاشل، ومن ثم الفوضى العارمة قبيل الحرب العظمى.
لكن قبل هذه الأحداث الأخيرة، التي سيعيشُها عليكي، عليه كان أن يُمتحن شخصياً بخطبٍ لم يكن على البال. ما كان قد حذّر منه الصوفيّ، جرى فعلاً. فإن قطّاع الطرق استولوا على شحنة الماشية الضخمة، وكانت في طريقها من مراعي ماردين إلى سوق ديريك. عبثاً كان الاعتماد على الجندرمة في هذا الموضوع، لأن اللصوص يعمدون إلى رشوتهم وربما إلى تقاسم الغنيمة معهم. عند ذلك، قرر أن يراجع البائع؛ وهوَ كما علمنا شيخ العشيرة العربية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 3
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل الثاني
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقيةالفصل الأول
- بضعة أعوام ريما: الفصل الأول/ 2
- بضعةُ أعوام ريما: الفصل الأول/ 1
- حديث عن عائشة: الخاتمة
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ بقية
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن عشر
- إطعامُ الثعبان


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 4