أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 3














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6547 - 2020 / 4 / 26 - 19:56
المحور: الادب والفن
    


عيشو، كونها بالأساس امرأة العم الوحيد لعليكي، عاشت معه تحت سقف واحد لبضعة أعوام في دار جدته. عطفها عليه، نظراً لتيتمه مبكراً، كاد أن يسلوه مع مرور الأعوام بسبب طبعه، المعلوم. في المقابل، عليه كان أن يهابها ويحذر جانبها لما أضحت حماته، وفوق ذلك يقيم في مسكنها. بيد أنها أظهرت تسامحاً حيال طبعه، طالما أنه يحترمها ويعامل ابنتها بشكلٍ حسن. إلى هذه الأخيرة، اتجهت الأم حينَ شكّت بدافع الصهر للخروج كل ليلة تقريباً مع بندقية الخدمة. بعدما ألمّت بحقيقة الأمر، قررت مواجهة الشاب وكان آنذاك لما يبلغ بعد سنّ العشرين. كانت تُدرك، ولا شك، أن دماً فاسداً صُبّ في عروق السليل الوحيد لقاطع الطريق المعروف؛ حمو جمّو.
" يجب عليك أن تقلع عن طريق الشر، خصوصاً وأنك دركيّ عليه الحفاظ على أرواح وممتلكات الناس "، قالت لصهرها وهيَ تزفرُ ما في صدرها من حنق.
" عن أي طريق تتحدثين، يا امرأة عمي؟ "، رد عليكي بنبرة بريئة.
" طريقٌ تسلكه كل ليلة، ثم تعود منه محملاً بأرزاق القرويين "
" هذا مكافأة، مقابل جهودنا في حمايتهم من اللصوص! "
" منذ نحو عشر سنين أعيش هنا، ولم أسمع عن حادثة سرقة "
" اعذريني لو تساءلتُ، عن طريقة عيش عمي الراحل؟ "
" عمك لم يكن يسرق قوتَ الناس، بل ضحى بروحه في سبيلهم "، هتفت عيشو بحدة. لما سكتَ عن الجواب، زهدت هيَ الأخرى بمتابعة الجدال.

***
في ذلك المساء، تنكّب عليكي بندقيته وخرجَ من المسكن بخطى سريعة. على هدى السماء المضيئة، اتجه إلى ناحية الدرب، المفترض أن تسلكه قافلة محملة بالمؤن، وكان من المؤمل أن تصرّف حمولتها من الخضار والحبوب في سوق البلدة. أخذ علماً منذ الصباح بأمر القافلة، كون آمر فصيلة الدرك عيّن لحراستها عدداً من العناصر. لكن الحراس تم توزيعهم بالقرب من الطريق العام، لحين وصول سيارة كبيرة ستتولى شحن الحمولة إلى السوق. انتهى سيرُ عليكي إلى بقعة مرتفعة، تشرف على الدرب وتكشف ما حوله. بعد انتظارٍ دام ساعة تقريباً، ظهرت طليعة القافلة مع دوابها المتعبة، وظلت بقيتها تتقدم باضطراد وكأنما لا نهاية لها. كان من المفترض أن يرتقوا باتجاه ذروة الرابية، الكامن قاطع الطريق وراء أحد صخورها. وإذا بهم يتوقفون فجأة، لتظهر عن بعد وجوه بعضهم لعينيّ عليكي. فهمَ أنهم يودون الاستراحة قبل ارتقاء الدرب الوعر، الذي يصعب صعوده لولا استخدامهم البغال.
" قفوا وارفعوا أيدكم للأعلى، أيها اللصوص الملاعين! "، صرخَ قاطعُ الطريق برجال القافلة. ثم طار من صخرة لصخرة، يقلّد أصواتٍ مختلفة، ليوهمهم أن ثمة كميناً محكماً من عناصر الدرك. في الأثناء، كان يلقهم بندقيته في كل مرة، لنفس الهدف. لما صحا رجال القافلة من الصدمة، هتفوا بصوت واحد: " نحن لسنا لصوصاً، يا سيادة الآمر. وبالعلامة، أننا طلبنا منكم اليوم تأمينَ حماية قافلتنا "
" إذاً دعوا الدواب مع أحمالها وعودوا من حيث أتيتم، ريثما نتحقق من أنها القافلة المعنية. وبعد ساعة، ترجعون لتكملوا طريقكم! "، رد عليهم عليكي متقمصاً نبرة الآمر.

***
في صباح اليوم التالي، تجمّعَ عناصرُ الدرك في باحة المعسكر ضمن حلقة منتظمة. داخل الحلقة، كان يقفُ أحد الرجال القرويين مع الآمر. هذا الأخير، خاطب عناصره بالقول: " ليلة أمس، تقمّصَ أحدكم شخصي كي يستولي على حمولة القافلة، وكنا نحن تكفلنا بحمايتها ". بعد ذلك التفتَ إلى الرجل القرويّ، طالباً منه محاولة التعرّف على العنصر الجاني. مر الرجلُ بخطوات مضطربة من أمام الجمع، وكان كل من أفراده يحدجه بنظرة متوعّدة. أحد العناصر، وكان من كرد دمشق، قال لعليكي بصوت منخفض: " أقطعُ يدي، لو لم تكن أنتَ الشخص المطلوب! ". لم يعلّق الآخرُ بشيء لحين انتهاء الاجتماع، ثم ما لبثَ أن قال لزميله: " هلم بنا كي نلقن ذلك القرويّ درساً لا ينساه! ".
هرول كلاهما باتجاه بوابة المعسكر، ثم لحقوا بالرجل قبل وصوله لخيله، المربوط إلى فرع شجرة تين بالقرب من الطريق. سرعان ما أمسكه عليكي من تلابيبه، قائلاً: " أيها القذر، تتجرأ على اتهامنا؛ نحنُ مَن نقوم بحمايتكم من اللصوص؟ ". الدركي الآخرُ شاركَ في ضرب الرجل، وهو يقول له: " حتى لو رأيتنا بعينيك نسرقكم، عليك أن تنكر ما رأيته!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن عشر
- إطعامُ الثعبان
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 3
- أنا الموتُ
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل السابع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السادس عشر
- حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 3


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 3