أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 18:30
المحور: الادب والفن
    


في مقابل بيت الحاج حسن، كان ثمة مشغلُ خياطة، اقترنَ باسم بنت الجيران من آل " حج عبده ". هذه السيدة، كانت قد تدربت في صباها على يديّ ليلو، قريبة كَولي، ثم صارت بدَورها خياطةً حاذقةَ للصنعة. حينَ تزوجت من " شريف بك وانلي "، أحد وجهاء حارة جسر النحّاس، آل المشغلُ لامرأة أخيها. على أثر ترك كَولي للدراسة، بأمر من جدها، تعلمت شيئاً من الخياطة الحديثة في ذلك المشغل. لكنها بدلاً عن الاهتمام بالمجلات الخاصة بالصنعة، كانت تقضي وقتها بتصفح المجلات الفنية، خصوصاً المصرية. أخيراً، انسحبت من الصنعة برمتها بعدما ضجرت من سيرة القص والتطريز والأزياء والموديلات. لم يعُد أمامها سوى انتظار أحد طالبي القرب، شأن الفتيان اللواتي من عُمرها؛ وكانت آنذاك لا تزال في السادسة عشرة.
" في مثل هذه الحارة، من الصعب أن تأمل الفتاة بعريس من الأثرياء إلا لو كان جمالها نادراً أو هيَ بنفسها من عائلة وجهاء "، قالت لها جدتها سارة ذات مرة عقبَ تركها مهنة الخياطة. الغريب، أن كَولي سئمت أيضاً من فكرة العودة للدراسة، المتاحة لها غبَّ وفاة الحاج حسن. هكذا انهمكت في أعمال البيت بجانب عمتها رابعة، فيما هذه تولت تعليمها الطبخ. في أثناء فراغها مما بيدها من شغل المطبخ أو التنظيف، كانت كَولي تذهب بفكرها إلى ما يجري خارجاً: " حقاً إنها حارةٌ بائسة، ميئوسٌ منها لفتاة مثلي، رَسَمَتْ في مخيلتها فارسَ الأحلام! "، ثم تنفخ بقنوط. عندئذٍ تلتفت إلى جهاز الفونغراف كي تشغّل إحدى الاسطوانات، ليطغى صوتُ المغنّي على صوت داخلها.

***
على هذا المنوال، قضت ابنةُ عيشو البكرُ الأعوامَ الثلاثة التالية. وقد عاينت بنفسها صدقَ كلام السيدة سارة، لما تقدم لخطبتها في كل مرةٍ شابٌ ليست له أي ميزة تجعله مقبولاً من لدُنها. أحدهم، كان ديبو، ابن خالها الكبير. الخال، مثلما علمنا، هوَ مَن أخذ على عاتقه إبلاغ ابنة شقيقته برغبة ابنه الاقتران بها. على أثر رفضها لديبو، قالت للجدة بنبرة ساخرة: " حلمتُ بفارس الأحلام، وإذا بفارس الدرك مَن تقدَّمَ لخطبتي! "
" حاذري منذ اليوم جانبَ ديبو، لأن في عروقه تجري دماء أبيه وجده. أظنكِ فهمتِ ما أقصده، أليسَ كذلك؟ "
" أنتِ تقصدين قصة نظيرة، التي تسببت برحيل أسرتها عن الشام كونها رفضت خالي موسي لما تقدم لخطبتها؟ "
" نعم، برغم أن خالك شخصٌ عاقل؛ بله في حالتك الآنَ مع ابنه الشرس، شبه المجنون "
" لقد نقلَ خدمته إلى سرغايا، ما يجعله بعيداً عنا "
" بكل الأحوال، عليكِ ألا تعطي انطباعاً بأنك فتاة طائشة "
" أأنا طائشة، حقاً "، قاطعت كَولي جدتها وقد بانَ التأثر على ملامحها. ردت السيدة سارة بضحكة مقتضبة، قبل أن تقول بلهجة جدية: " أبداً أنتِ لست كذلك، لكن الآخرين يحكمون غالباً على الفتاة من خلال المظهر لا الجوهر. ومنهم امرأة خالك سلو، التي تعيش معنا في نفس البيت؛ وهيَ تكرهنا وتكيدُ لنا، كما تعلمين "
" لقد غيّرت امرأةُ الخال من طريقة تعاملها معنا، منذ حادثة المسكينة حياة قبل عام، فأضحت أكثر وداً "
" لا يغرنك الكلام الجميل، يا ابنتي "، أوقفت الجدةُ كلامَ حفيدتها بينما نظرها سرَحَ إلى جهة حجرة هَدي.

***
بيد أنَ كَولي، في قادم الأيام، لم تخفف من غلوائها إن كان داخل المنزل أو خارجه، بالأخص في حفلات الزفاف. كان صوتها يصدحُ في الدار، مرافقاً أغاني الفونغراف. وفي الأعراس، كانت تندفع للرقص، مقهقهةً رداً على تعليقات النسوة الحاضرات. حقاً إنها كانت في الحالة الأخيرة تود إظهار نفسها كفتاة ناضجة، لكن لم يكن من شيمتها عرضُ نفسها من أجل الزواج. من ناحية أخرى، كانت تكرهُ عادةَ التظاهر بحياء العذارى، المهيمنة على مسلك الكثير من فتيات جيلها، وكانت تعتبر ذلك مجرد نفاق وسخف. لم يكن غريباً، إذاً، أن تعمدَ بعضُ النسوة ( عن سوء نيّة أو خلافها ) إلى تشبيهها بنظيرة الأخرى، ابنة برو طنبورفان، قائلات بشيء من الخبث: " مع أن كَولي ليست بجمالها ولا بخفة ظلها! ".
أقاويلٌ كثيرة من ذلك القبيل، كانت تصل إلى سمع ديبو، الخطيب المرفوض والمجروح الكرامة. في تلك الآونة، كان قد عقدَ قرانه على بيروزا، ابنة السيدة ريما، التي انتقلت للعيش معه في برّ الشام. دأبَ على القول لامرأته، تعليقاً عما يسمعه من دفاعها عن مسلك كَولي: " هنالك حدّ لا يجوز للبنت أن تتجاوزه، وإلا لوثت شرفَ العائلة بالأقاويل سواءً أكانت صحيحة أم ملفقة ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن عشر
- إطعامُ الثعبان
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 3
- أنا الموتُ
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل السابع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السادس عشر
- حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الرابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 2


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2