أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 1














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 00:54
المحور: الادب والفن
    


صباحاً، أفاقت عيشو متأخرة كونها لم تنم جيداً في الليلة السابقة. كَولي كانت ما تنفك غافية، فيما شقيقتها الصغيرة اختارت البقاء في حجرة جدتها وكانت لم ترها منذ أعوام أربعة. خرجت إلى أرض الديار، المتلألئة بأشعة شمس الخريف، التي ملأت الحديقة بظلال الأشجار. الحديقة بدَورها، امتلأ عبيرُ أزهارها في الدار. لوهلةٍ، توهمت عيشو أن الظل الطويل، الخارج من نور الإيوان إنما هوَ لأبيها. لكنها سرعان ما أفاقت من الوهم، بسماعها صوتَ الوالدة وكانت على ما يبدو ميّزت صوت قبقابها على الأرضية الصلبة.
" صباح الخير، يا ابنتي "، جاءها الصوتُ عن قرب. عبق القهوة، تصاعد قوياً عندئذٍ ولم يستطع عبيرُ الأزهار أن يمتصه. هفّ فؤادها من ثم لمرأى ابنتها الصغيرة، الجالسة على الأريكة بجانب جدتها وقد وضعت رأسها على كتفها: خالدو، بلغت ذلك العام الثالثة عشرة. إنها فتاة خجولة، حتى لقد فاجأها حد الإزعاج النظر إليها من قبل الأقارب كصبية ناضجة عقبَ وصولها من حوران مع والدتها. تناهى إليها، ولا شك، الهمسُ بأنها زوجة المستقبل لابن عمها الوحيد. ما جعلها تتجنب النظر إليه حينَ زارت مرةً المنزلَ المقيم فيه مع أمه، والذي قضت فيه جانباً من طفولتها في ظل الأب الحنون.
" متى رجعت أمس، فإنني بقيتُ مسهدة حتى الفجر تقريباً؟ "، سألت والدتها. وكانت هذه تستعد لقلب فنجان قهوة على وجهه، كي تقرأ ما تنبأ حثالته من أحداثٍ محتملة. أجابت ونظرها ما يفتأ متعلقاً بالفنجان: " وصلت المنزل في أول الليل، لكنني كنتُ متعبة فاستلقيت فوراً في سريري ". ثم أضافت مبتسمة: " لقد أنجبت سلطانة الصبيّ الموعود، وآمل أن يكون كذلك نصيبُ رابعة "
" ألهذا تودين قراءة فنجانك بنفسك؟ "
" نعم، فمن سيفتح لي فنجاني إذاً؟ "
" عمتي زَري، رحمها الله، كانت تصيبُ في قراءة الفنجان. أليسَ صحيحاً؟ "، ردت عيشو بسؤالها. هزت الأم رأسها، وقد انشرحت ملامحها، المحتفظة بعدُ بالملاحة رغم تجاعيد الزمن. قالت بنبرة أمل: " هَدي أيضاً رزقت بصبيّ، ما يعني أنها سنة مواليد ذكور! ". قرقرت ضحكة الابنة، وما لبثت أن تساءلت: " بالحق، ما هيَ أخبار نظيرة؟ "
" نظيرة..! "، هتفت سارة بشيء من الذعر. ثم ما عتمت أن استدركت، مفرخة الروع: " آه، تقصدين امرأة علي عَرَبي؟ إنها على ما يظهر تعيش في وفاق مع زوجها، وابنهما صار عمره أربعة أعوام "
" ما شاء الله "، تمتمت عيشو. كانت تفكّر في حزن بأثر ذلك الاسم على الوالدة، وأنه من تضاعيف ذكرى رجلها الراحل: لقد بقيَ الحاج حسن إلى آخر أيامه يحمّلُ نفسه وزرَ موت عليكي آغا الصغير مع معظم أفراد أسرته بما في ذلك ابنته البكر، نظيرة.

***
في ذلك المنزل، الذي أقام فيه عليكي آغا الصغير قبل تركه الشامَ نهائياً ورحيله إلى الوطن، كانت ابنته ريما قد استقرت فيه بصفتها الزوجة الثالثة لصالح. هذا الأخير، كان قد ازداد ثروة بفضل استثماره المال في مشاريع تجارية ناجحة، فلم يعُد يستعمل سيارته سوى في مشاوير السوق أو المصايف. من بين مشاريعه، إدخال خدمة الحافلة الكبيرة للحي بعدما انتشرت في الأحياء الدمشقية الأخرى. لكن حياته العائلية لم تكن بذلك النجاح، وما لبثَ أن طلّقَ إحدى امرأتيه؛ وهيَ حواء. بينما علاقته مع الثانية، الشركسية الأصل، كانت متوترة للغاية. مغامراته النسائية، كانت سبباً رئيساً في تلك المشاكل. الغريب، أن كلا المرأتين كانت آنذاك تحمل في بطنها جنيناً.
سارة، استدعيت أولاً إلى منزل السيدة شملكان عقبَ شعور كنّتها الشركسية بآلام المخاض. كان الوقتُ عند غروب الشمس، لما استقبلتها سيّدة المنزل. وجدت هذه الأخيرة مريضةً، لا تكاد تستطيع الوقوف على قدميها، وجسمها قد ذابَ فغدت أشبه بالشبح. بقيت القابلة جزءاً كبيراً من الليل بجانب الكنّة إلى أن وضعت الوليد، وكانت بنتاً. جاز لسارة عندئذٍ أن تتشاءم، وذلك على خلفية تفكيرها بابنتها رابعة. عادت إلى بيتها منهكة من الجهد والوسن، وكان الفجر قد اقتربَ. في ساعة مبكرة من الصباح، أيقظتها عيشو بالقول: " جاء أحدهم من منزل آدم، ليطلب حضورك من أجل ولادة شقيقته ". بقيت برهة بين النوم واليقظة، قبل أن تنهض من فراشها. ألقت نظرةً على حفيدتها الصغيرة النائمة بقربها، وقالت تخاطب نفسها: " الأنثى أيضاً مخلوقٌ جميل، ونعمة من الله ". ظهراً، عادت إلى دارها لتجد الأسرة مجتمعة حول سفرة الغداء. قالت لعيشو بوجه يتهلل فرحاً واستبشاراً: " حواء أنجبت صبياً، والعقبى لأختك رابعة! ".

* مستهل الفصل السادس عشر/ الكتاب الرابع، من سيرة سلالية ـ روائية، بعنوان " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الرابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثالث عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الثالث عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثالث عشر/ 1
- مدام بوفاري، في فيلم لكمال الشيخ
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثاني عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الثاني عشر/ 2
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر
- جريمة كاملة
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الحادي عشر
- فردوس الفقراء
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الحادي عشر


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 1