أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الثاني عشر/ 2














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل الثاني عشر/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6509 - 2020 / 3 / 9 - 20:54
المحور: الادب والفن
    


بعد العرس بأيام، غادر موسي الدار في مهمة عمل جديدة. لما أوصى سلطانة بأولاده، عقفت فمها ولم تجب سوى بهز الرأس. أصغر الأولاد، " فيّو "، كان بحاجة لعناية خاصة كونه لم يكمل بعدُ العام من عمره. اليتيم المسكين، لم يكن قد تعرّفَ على والدته، وذلك بسبب سنّه الغضة علاوة على ما كان من نوبات مرضها العقليّ. لم يكن غريباً، إذاً، توهمه أن سلطانة هيَ أمه. لكن بمجرد أن غابَ زوجها عن ناظرها، سددت ركلة للطفل كيلا يحاول مجدداً الاقترابَ منها. هُرع ديبو على صوت بكاء الغلام، وكان هذا ما زال مطروحاً على وجهه بينما شقيقتاه ترتجفان خوفاً. فهمَ جليّة الأمر، وكان منذ البداية يُدرك أن امرأة أبيه تستثقل وجودهم في الدار. على الأثر، جدّت أول مشادة بينهما. برغم صغره، تمتع ديبو ببنية قوية. غير أن الخالة تمكنت من تأديبه بالعصا، وكانت ترتجف غضباً لأنه وصفها بلقب يُثير جنونها؛ " هارون "!
على تلك الحالة من التوتر، وجدت سارة دارَ ابنها البكر حينَ قدمت كي تطمئن على الأسرة بغيابه. كانت قد قضت مؤخراً عشرة أيام في الزبداني، بصُحبة ابنتيها. ألقت نظرة جزعة على أحفادها الصغار، وكانوا في حالة يُرثى لها من الإهمال وربما الجوع أيضاً. لاقتها سلطانة بسحنة صفيقة ومصطنعة، مصبوغة بالطلاء والبودرة. بينما الجدة تهدهد الغلام الباكي، راحت تستمع لسيل من شكاوى الكنّة عن ترك الزوج لها وحيدة بلا موارد. علّقت سارة بنبرة اتهام: " قبل العرس تفقدتُ مؤنَ الدار، وكانت تكفي لعشيرة، وها أنتِ الآنَ تشكين من القلة؟ ". بقيت سلطانة دونَ جواب، مكتفيةً بهز أطراف ردائها بحركة عصبية. استمر الغلام بالبكاء، وهذه المرة كان يحك أذنه بشدة. أمالت الجدة رأسه إلى ناحية الضوء، وراحت تتفحصه. فما لبثت أن أطلقت صرخة رعب: " رباه، أذن الطفل يغلي فيها الدود ". بغير حاجة لسماع جواب، هُرعت مع الحفيد لتغادر الدارَ. في ذات اليوم، عقبَ فحصه الغلام، قال الطبيب " الكحّال " لسارة أن الأذن معطوبة ولا رجاء من علاجها سوى بعملية جراحية معقدة. ثم أضافَ: " لكن هذا النوع من العمليات متعذرٌ في بلادنا، بسبب نقص الأجهزة اللازمة وأيضاً الخبرة الطبية ".

***
لم يكن الحال أفضل كثيراً في منزل سارة، وتحديداً منذ قدوم عروس ابنها الآخر، سلو، وكانت أيضاً تحظى بلقب لا يقل تشنيعاً؛ " شارب الشيطان ". من مكانها في الإيوان، كانت الأم تستمع مع رجلها للأصوات والضحكات، الصادرة من حجرة الابن والتي لم تكن سوى المضافة. لقد تصرف سلو على سجيته بغياب والده في الحج، قائلاً أن هذا لم يعد بحاجة لمضافة بعدما تقاعد من وظيفته كزعيم الحي. وقتما كان الغداء يجمع الأسرة، كان الابنُ يتلو آيات الإعجاب بجمال امرأته ورقتها غيرَ مبالٍ بوجود والده. أكثر من مرة، عبّر الأبُ عن مدى ضيقه، بترك السفرة وهوَ يدمدم بذكر الله والاستعاذة من الشيطان الرجيم. فما أن يخلو الجو، إلا وتطلب هَدي من زوجها سيجارة. فيقدمها لها مشتعلة، مغروزة في رأس مبسمٍ، مظهَّر بالفضة. تتناول المرأة المحظوظة المبسمَ، وعلى سحنتها تنوسُ بسمةٌ صفراء.
" رابعة أضحت عروساً ذات جمال رائع، وفي نيتي تزويجها لابن عمي نورو "، كذلك فاهت هَدي ذات يوم بحضور حماتها. وكان هذا فوق احتمال سارة على ضبط نفسها، فما كان منها إلا صفع المتحدثة بالقول: " باكراً بعدُ على ابن عمك، وقد تجاوز عمره الثلاثين! ". قبل أن تنطق الأخرى حماقة ثانية، نهضت الحماة وغادرت الإيوان دافعة أمامها ابنتها المعنية. عصراً، زارت ابنتها الكبيرة ولم تكن قد هضمت جملة الكنّة الكريهة. جلستا في الإيوان، بينما الأطفال يلهون بأرض الديار. لما سمعت الابنة من أمها باعث الكدر، لم يكن في وسعها ألا أن تطلق قهقهة طويلة. قالت بنبرة ساخرة: " بنات سنجو يعتقدن أن ابن عمهن الأبله يحكم القشلة العسكرية، وتحيرنَ في أمر العروس المناسبة لمقامه. الحقيقة، أن خاني برغم وضعها المزري كانت كثيرة على رأسه "
" نعم، ثقتهن بأنفسهن هيَ أكثر ما يُثير الحنق. ولم يكن ذلك منهن إلا بسبب رجل أحمق، كأخيك سلو. إنه ما يفتأ غير مصدق أنه حظيَ بالمسترجلة ذات شارب الشيطان، بعدما جعلها بلاءً فوق رؤوسنا "، قالتها الأم وهيَ تنفخ بقنوط. ثم أضافت: " لا، وهيَ تتمادى وتريد أن تحمله على الموافقة على رمي وردة مثل رابعة إلى مزبلة عائلتها "
" الشكر لله أن أبي في صحته، وأنه لا يطيق مجرد سماع اسم تلك العائلة "
" الحاج لن يبقى لنا طويلاً، أطال الله بعمره. يا ويلنا مما تخبئه الأيام "، ردت سارة بنفس النبرة. عشرة أعوام ستمضي على هذه المحاورة، وستتذكرها المرأتان عندئذٍ: ذلك كان عندما وافق موسي على إعطاء ابنته أمّو لنورو، وكان الرجل قد تجاوز الأربعين فيما هيَ كانت في الخامسة عشرة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر
- جريمة كاملة
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الحادي عشر
- فردوس الفقراء
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الحادي عشر
- جريمة مجانية
- حديث عن عائشة: بقية الفصل العاشر
- حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع/ 3
- صراع على العيش
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 1
- مزحة، جريمة مزدوجة ومتورطون ثلاثة
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن/ 2
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن
- عصير الحصرم 77


المزيد.....




- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الثاني عشر/ 2