أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 1














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 19:09
المحور: الادب والفن
    


تحولَ الطقسُ الجبليّ نوعاً إلى البرودة، لما عاد صالح بسيارته إلى الزبداني كي يجلب شقيقته وبقية الأقارب بعدما قضوا نحو أسبوعين في ضيافة السيدة أديبة. لكن داخله كان في خلال الطريق يرتعد لا من البرد، بل من فكرة ملحّة: " لو أن عصابة حمو جمّو أوقفتني مجدداً، كيفَ يُمكنني تبرير إعادة ما سلبوه من تلك العائلة النصرانية؟ ". لكن لم تتحقق مخاوفه، لحُسن حظه، لا في الذهاب ولا في الإياب. هيَ ذي السيارة، بركابها الأربعة فضلاً عن السائق، تخرج من عقدة طريق الربوة وكانت السماء مصبوغة بحمرة الغروب، لتنعطفَ من ثم إلى ناحية الصالحية. لَحَظ السائقُ أن شقيقته متبسطة في الحديث مع موسي، الجالس أمامه، ما دفعه إلى مخاطبة داخله متفكّهاً: " سلطانة، ولا شك، خيرٌ من امرأته نصف المجنونة! ". وما عتمت فكرة أخرى أن راودته، فجعلته يبتسمُ؛ فكرة عن سخرية القدر، المتجلية بأن كلتاهما تحملُ الاسمَ نفسه.
غيرَ أنّ صالح فتحَ فاه أخيراً، وكانت السيارة على طريق جادة الحي: " في وسعك البقاء معي قليلاً، ريثما أوصل عيشو إلى منزلنا "، قال لموسي بصوت مرتفع حتى تسمعه المعنية بالأمر. ثم أوضحَ، محدقاً في المرآة الصغيرة: " والدتي تريد التكلم معها في شأنٍ ما ". ثم استدرك بنبرة المعتذر: " لكنها أوصتني باصطحابكم جميعاً لمنزلنا، لو شئتم ". بددت سارة حَرَجَ الرجل، حينَ عقّبت بالقول ضاحكةً: " عمك الحاج يعلم بعودتنا هذا المساء، وأظنه واقفٌ الآنَ في مدخل الزقاق بانتظارنا "
" إذاً أمرُّ على السيدة شملكان، أماه، وأعود بعدئذٍ مع أخي "، غمغمت عيشو. أما موسي، فلم يفتح فمه بكلمة وإنما اكتفى بهز رأسه. ربما عاودته بدَوره فكرةٌ، ولو أنها أقل مرحاً: " النساء صرن يقررن كل شيء، وما على الرجال إلا الإذعان. فيما مضى كان أسهل القول باقتراب نهاية العالم، من مجرد تخيّل الحاج حسن وهوَ متسمّرٌ على الجادة في انتظار امرأته! ".

***
سلطانة، وكانت مصدر إزعاج الجميع في البيت، طلبت منها والدتها الذهاب إلى حجرتها فور استقبالها للضيفين. استُبقيت عيشو في حجرة الجلوس، فيما سار صالح مع شقيقها إلى غرفة الضيوف. سأله من ثم، ما لو أراد أن يتعشى معه لوحدهما أم مع البقية. تردد موسي في الجواب، ما جعل المضيف يتابع مبتسماً: " إذاً نتناول العشاء بمفردنا، وفي الأثناء نتبادل الحديث بعيداً عن ثرثرة النساء ". على حين غرة، خطر له أن يفتح قلبه لموسي وأن يقص عليه ما جرى من أمور على خلفية لقائه مع قاطع الطريق. وإنه في سبيل ذلك، كان قد اصطحبَ عيشو لرؤية والدته: كانت ستضعها في الصورة، للاستئناس برأيها عما فعله صالح بمنح المال والذهب للأسرة النصرانية عوضاً عن إيصالها لوالدة حمو جمّو.
" حمو جمّو..! أتعني، أنه هوَ حسّو نفسه؟ "، أوقفَ موسي حديثَ قريبه بهذا السؤال. أجابَ المتحدث بهزة من رأسه، وكانت الكآبة قد استولت على ملامحه. غبَّ استماعه لبقية التفاصيل، علّقَ الضيفُ محاولاً تهدئة هواجس قريبه: " أنصحك بعدم إعلام والده حسّو بالأمر، على الأقل في هذه الفترة. من يعلم، فلعل الجندرمة تقبض عليه طالما أنه عاد وأصبح المطلوب الأول من لدُنهم "
" في كل الأحوال، ألا يعتبر ما فعلته قلة أمانة؟ "
" أبداً، لأنك شهدت بعينك كيفَ سلبوا مال وذهب أولئك النصارى "
" ليت أنني أوصلتُ الأمانة ليد والدته، ثم شرحتُ لها مصدرها "
" لا تكن ساذجاً، يا ابن العم. والدة حسّو تقبل منه الإعانة منذ أعوام عديدة، مع أنها تعلم أنه مال حرام "
" هذا أسوأ، يا أخي، طالما هكذا عقليتها "
" أفهم عليك، والله. أنتَ تفترض بالطبع، أنها في حال علمت من ابنها، أو أحد رجاله، أنك لم توصل لها المال والذهب، ستعتبرك سارقاً. أليسَ صحيحاً؟ "، تساءل موسي ثم أضافَ: " عندئذٍ نشهد نحن معك، وكذلك نطلب منها الذهاب للزبداني كي تسأل الأسرة النصرانية. هذا، لو أن ابنها لحق رؤيتها ". بعد ذلك فرقع موسي رأسي أصبعيه، وكما لو تذكر أمراً آخر: " هناك حل أفضل، وهوَ وضع خلّو في الصورة مسبقاً. وفي حال علم الأم، يتدخل هوَ ويُفهمها جليّة الأمر "
" نعم، ولهذا السبب طلبت والدتي اليومَ الاجتماعَ مع عيشو "، رد صالح وقد تخفف قليلاً مما به من قلق وتوجس.

* مستهل الفصل العاشر/ الكتاب الرابع، من سيرة سلالية ـ روائية، بعنوان " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع/ 3
- صراع على العيش
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 1
- مزحة، جريمة مزدوجة ومتورطون ثلاثة
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن/ 2
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن
- عصير الحصرم 77
- المنزل المنحوس
- حديث عن عائشة: الفصل السابع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السادس
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل السادس
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الخامس
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 1
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 4


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 1