أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 18:05
المحور: الادب والفن
    


في نهاية شتاء العام 1934، عادت عبشو إلى الشام بشكل مؤقت، معوّلةً على البقاء لبداية الربيع؛ أي قبيل موسم الحرث والبذار. صارَ بالمقدور الاعتماد على خدمة الهاتف، بدلاً من تجشم شقيقها موسي عناء السفر إلى حوران. وإذاً، جاءت لأجل أن تكون قريبةً من شقيقتها رابعة، المبتلية بمصاب الابنة عقبَ الحادث المؤلم. في ذلك الشتاء، عبقَ هواءُ الحارة برائحة النميمة. ألسنة السوء، أخذت تلوك سيرةَ ابنة عيشو البكر، على خلفية ما علمناه عن ميلها للطرب والرقص والمرح. بمجرد أن أخذت الأمُ علماً ببعض تلك الأقاويل، شعرت برجفة في داخلها وأنّ الأرض تدور بها. لم تكن مستعدة لفقدان ابنة ثانية، وعليها أن تتحرك من فورها. فاتجهت أولاً إلى والدتها، تسألها عن حقيقة الأمر. أقل اضطراباً، خرجت من حجرة نوم السيدة سارة، وما عتمت أن واجهت كَولي في حجرةٍ أخرى.
" علينا أن نضع حداً لألسنة السوء، وإلا انتهى بك الحال إلى ما لا يُحمد عقباه "، خاطبت ابنتها بلهجة شديدة. ثم أضافت، تنقل لها ما سمعته من والدتها، مختتمة بالقول: " بعد اليوم، لن تعودي إلى قضاء الوقت أمام جهاز الأغاني. كذلك، لا أريدك أن تتصرفي في الأعراس على سجيتك. خروجك من المنزل يجب أن يكون فقط برفقة جدتك، أو عمتك، حتى لو تعلق الأمرُ بزيارة لأقاربنا. مفهومٌ كلامي؟ "
" أجل أماه، لكن اهدئي بالله عليكِ "، ردت كَولي وقد بدت كمن صُبّ على رأسه ماءٌ بارد وكان غارقاً في النوم. مع أنها أخذت عن والدتها الجسارة والثقة بالنفس، لكنها كانت هيابة تلقاء حضورها، فضلاً عن الخشية من أيّ تصرفٍ يُمكن الإيحاء بالتقليل من احترامها. غيرَ أن عيشو كانت تودُّ إفهامَ الابنة شيءٍ محدد، أبعَدَ من موضوع المحبة والاحترام: أن هذه فرصة أخيرة لها، وإلا الشروع في الانزلاق إلى هاوية الهلاك أو الضياع.

***
مع قدوم بشائر الربيع، المعطرة برائحة الأزهار، ودّعت كَولي والدتها. كررت التعهّد أمامها، بتنفيذ ما أوصتها به عن ضرورة الابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بشرفها وسمعتها. مع ذلك، لم يطمأن خاطرُ الأم إلا بأخذ وعدٍ من شخصٍ آخر، كانت تثقُ به أكثر من جميع ذكور المنزل. اتجهت هذه المرة إلى شقيقها، فَدو، لتأخذ منه عهداً بإسباغ حمايته على كَولي وعدم سماحه لكائن من كان بأذيتها إن كان قريباً أو غريباً. برغم أنها لمّحت سابقاً إلى ذكر ابن شقيقهما، باعتباره مجنون العائلة، فإنها عادت في نهاية حديثها لتسميته: " أريدك خصوصاً أن تقف بالمرصاد لديبو، كونه حاقداً على ابنتي لأنها رفضته زوجاً. لقد تكلمت أيضاً مع والده، وأعطاني وعداً بالتكلم معه في هذا الشأن ".
بعد نحو ثلاثة أشهر، سافرت السيدة سارة إلى الزبداني مع رابعة وطفليها. أُجبرت كَولي على عدم المغادرة مع العائلة، وكان ذلك بأمر من خالها سلو، المتحجج كالعادة بضرورة وجود مَن يساعد امرأته في شؤون المنزل. فما انقضى أسبوعان حتى حضر ديبو، وكان يحمل بيده سلّة ثقيلة معطاة بأوراق التوت: " هذه من خيرات سرغايا، أرسلتها امرأتي لكم "، خاطبَ كلاً من هَدي وكَولي بنبرة مرحة. ثم ما عتمَ أن جلسَ في الإيوان، وراحَ يسرد طرفاً مما وقع معه في خدمته بمخفر تلك البلدة الجبلية. فيما كان يشربُ الشاي، سأل ابنة عمته بإغراء: " ألا تودين السفرَ بدَورك إلى الزبداني، لأنني كنتُ هناك يومَ أمس وسألوني عنكِ؟ ". ثم أضافَ: " لو أردتِ، يُمكنك مرافقتي لأنني سأعود غداً بالقطار "
" ليتَ ذلك ممكناً "، ردت الفتاة وهيَ ترمق امرأةَ خالها. هذه الأخيرة، رفعت يديها بطريقة توحي ألا دخلَ لها في الأمر: " تكلم مع عمكَ فَدو، ولو وافقَ دَعْ أمرَ عمك سلو عليّ "، قالتها مبتسمةً. في نفس الليلة، خرجَ ديبو مع عمه فَدو للسهر بحانة في مركز المدينة. عقبَ شرب بضعة أقداح من العَرق، قال لعمه كما لو تذكّرَ شيئاً: " آه! نسيتُ شيئاً مهماً، وهوَ أنّ جدتي طلبت مني القدوم غداً إلى الزبداني برفقة كَولي "
" إذا طلبت ذلك، في وسعكما غداً السفر إليها "، رد الآخرُ بلسان ثقيل. كونه ثملاً، لم يلحظ العمُ أماراتِ سحنة ابن أخيه، المتهللة لنجاح خطته. هذا الأخير، أثبتَ بالمجمل حقيقةً تخصه وأمثاله ممن يعرفون بنقص العقل، وفي آنٍ معاً، بالخبث والمكر واللؤم.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن عشر
- إطعامُ الثعبان
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 3
- أنا الموتُ
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل السابع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السادس عشر
- حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل السادس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الرابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 3


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3