أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 2














المزيد.....

بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 19:24
المحور: الادب والفن
    


غبَّ قضاء ليلة في الخان، ودّع المسافران صديقهما، المستخدم الكرداغي، على وعدٍ هذه المرة باللقاء مستقبلاً في مكان آخر. بكلمات موجزة، متجنباً الحديث عن الخلاف العائليّ، كان عليكي قد كلم الرجل عن تركه الشام بغية الاستقرار في موطن الأسلاف بولاية ماردين. إذاك أبدى الرجل عجبه، بالقول: " كل من التقيت معهم من أبناء جلدتنا، كانوا في طريقهم إلى الشام الشريف من أجل الحصول على قطعة من الجنة في الدنيا والآخرة. في المقابل، لم أرَ أحداً يترك ذلك الفردوس للعودة إلى موطن الأسلاف! ".
أطفال الآغا، ومنهم ريما، ما كانوا معنيين بهموم الكبار وفذلكتها. لكنهم كانوا مبتهجين بمرأى مدينة حلب، بحيث ظنوا أنها هيَ المستقر الموعود. وإذاً، انتزعوا من وهمهم في صباح اليوم التالي، وكانت العربة قد حُمّلت مجدداً بالصناديق وتم تغيير خيلها. كان القفرُ في بادئ الأمر رفيق المسافرين، يمتد على جانبيّ الطريق وأبعد شمالاً إلى جهة الجبال، حيث يصطدم بأسنة صخورها. إلى أن وصلت العربة إلى جرف نهر عظيم، يغنّي فيه الماء القادم من أحشاء تلك الجبال البعيدة. الأب، الجالس بجانب صديقه المتقمّص صفة الحوذيّ، هتفَ بصوت عال كي يسمعه الآخرون: " إنه الفرات؛ ما يعني أننا بتنا قريبين من محطتنا الأخيرة "
" نهرا بردى ويزيد، لا يعدو كل منهما عن أن يكون ساقية قياساً بالفرات ودجلة.. أما القزم، قاسيون، فإنه مثير للسخرية لو وضعناه أمام آرارات، العملاق! "، قال حمّوكي قبل أن يعيد مبسم السيجارة إلى فمه. سعادته باللقاء المرتقب مع مسقط رأسه، جعلته يتحامل على الشام، التي منحته عملاً وبيتاً وأسرة. علّقَ عليكي على كلامه، متسائلاً: " وماذا لو قارنّا الشام بقريتك؟ "
" القرية قرية، والمدينة مدينة. لكن ديار بكر لا تقل عظمة عن الشام "
رد الآخرُ ضاحكاً، مستعملاً هذه المرة مثلاً معروفاً: " الصلعاء، تتباهى بشَعر ابنة خالتها! "

***
في بلدةٍ على طريق السفر، تُدعى عرب بينار، قضوا ليلتهم في بناء قديم يُستخدم كخان للمسافرين؛ لكنه كان يفتقد للفراش والطعام. ليلو، امرأة عليكي، كانت في المرة السابقة قد أخرجت من الصناديق ما يلزم المنامة، خشيَةً أن يكون فرش الخان مملوءة بالقمل والبق. هذا ما فعلته هنا أيضاً، علاوة على سلّها طعام العشاء من محفوظات الأغذية في الصناديق. صباحاً، استيقظت قبل الجميع كي تحضّر الفطور. في الليلة السابقة، لدى وصولهم، انتبهت لوجود دكان مفتوح من جانب البناء، المشرف على الطريق. دونَ أن ترى حاجة لاستئذان زوجها، اتجهت إلى الدكان، مؤملة أن تجد لديه بالقليل الشاي والسكر. ثمة، دهشت لمرأى امرأة أجنبية، ترتدي ملابس الرجال وعلى رأسها قبعة من القماش الكاكي، أشبه بالخوذة العسكرية. المرأة المتوسطة العُمر، المديرة الدكان، خاطبت ليلو بالكردية وهيَ تومئ برأسها إلى ناحية تلك الأجنبية: " إنها زوجةُ رجلٍ انكليزيّ، يقوم بحفر الأرض بحثاً عن كنوز الملك سليمان؛ ويقال أنها مدفونة في نواحي الموصل! ".
عقبَ يقظة رجلها وأولادها، وكانوا ينامون معاً في نفس الحجرة، دعتهم ليلو إلى مائدة الفطور. وما أبطأ حمّوكي في الانضمام إليهم، ليملأ المكان برائحة تبغه. ساعة أخرى، وكان الجميع أمام العربة المشدودة بالخيل والجاهزة للسير بهم. مركبة ذات أربع عجلات، يلوح أنها تخص المرأة الأجنبية وجماعتها، كانت تثير فضول كل من رآها. قال حمّوكي بنبرة العالم، فيما كان يمسك بأعنة الخيل: " سمعتُ أنهم في بلاد الكفار يستخدمون للسفر عربة أكبر من هذه بعشرات المرات، لكنها تسير على قضيبين حديديين. ويقال أن جلالة السلطان يفكر بشراء واحدة مثلها كي يسهل طريق الحج على المسلمين "
" يا صاحبي، لقد شغلونا في السخرة عدة أعوام من أجل التمهيد لسكة الحديد، التي ستمشي عليها القاطرة "
" معقول؟ "
" نعم، هذا أكّده لي أميرٌ كرديّ يقيم في سوق ساروجة بدمشق، ارتبطتُ بصداقة معه. لقد نقل لي أيضاً أقوال الصحف الانكليزية، بأن سكة الحديد ربما تتسبب في إشعال حرب عالمية "
" حرب عالمية! ما هذا الكلام الغريب؟ "
" لِمَ الاستغراب؟ لقد كادت حرب القرم أن تكون عالمية، لولا تراجع الروس أمام تهديدات الأوروبيين "، رد عليكي وكانت صورة صديقه الأمير مرتسمة في ذهنه.
ما لم يتوقعه قط، أن يعود ويلتقي بالأمير، صالح بك، ثمة في موطن الأسلاف: جرى ذلك في بلدة ديريك مازيداغ؛ وكان عليكي قد افتتح فيها محلاً لبيع القماش، وذلك بالمال الممنوح له من أخيه الأصغر لقاء بيعه حصته في تجارة الماشية، التي عملا فيها طوال ما يزيد عن العشرة أعوام.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقيةالفصل الأول
- بضعة أعوام ريما: الفصل الأول/ 2
- بضعةُ أعوام ريما: الفصل الأول/ 1
- حديث عن عائشة: الخاتمة
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ بقية
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن عشر
- إطعامُ الثعبان
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 3
- أنا الموتُ
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السابع عشر


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 2