|
ملامح وأقنعة عشوائيات في الحب العشوائية 28
سمير محمد ايوب
الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 00:27
المحور:
الادب والفن
كتب الدكتور سميرمحمد ايوب ملامح وأقنعة عشوائيات في الحب ـ العشوائية 28 مع تفشي أقنعة الوجوه والعقول ، ومكيَجةُ المشاعر والعواطف والسلوكيات ، والتوسع في النفخ والشد والتشذيب والتهذيب ، وانتشار الوشم والمضافات ، وسرقة الألقاب والمناصب ، والكثير من اللحى والأثواب والشوارب ، والسياحات في المناسك ، والسَّفَهِ في التقاط الصور مع صناديق المعونات ، مع كلِّ هذه الارتطامات البصرية والسمعية ، هلْ يا شيخنا ، ما زال ممكنا التعرف بثقة مُطمئنة ، على الملامح الداخلية والخارجية للناس ؟ سؤال ألقاه بالأمس عليَّ ، بعد عصف فكري في الحياة ، ثلة من الأحفاد في أوائل العشرينيات من أعمارهم ، لم يتخرجوا من جامعاتهم بعد . قلت موافقا قبل أن أجيب : صحيح يا شباب ، أنه عصر انتفاخ الأنا ، وزمنُ غياب الملامح الحقيقية ، وغيبوبة المشاعر الصادقة . إنه عصر القامات الرمادية ، والأنفس الباهتة .عصر العلاقات القصيرة المارقة ، والابتسامات الرقمية ، والقبلات المثلجة ، والعناق الافتراضي . صَمَتُّ قليلا قبل أن أتابع : أُدْرِكُ نضج تجربة جيلكم . وأعرف جيدا ضوابطكم التي تفاوضون بها الحياة ، ومع هذا أسألكم مُعجَبا ، من أين أتتكم فكرة هذا السؤال ، وانتم ما زلتم في مقتبل العمر ؟ قال اكبرهم سنا ، وأنا أظنه مستهجنا لسؤالي : حِرْصُ من ربونا ومن تأثرنا بهم ، على استلام شبابنا بإتقان من بداياته يا جدنا . وكانت شرارة البداية ، لحظةَ حاول أحدنا قراءةَ التضاريس الظاهرة والمخفية ، لمن أحبها . اقترب من بعضها ، وتلمس بعضها الآخرعن بعد . بعد ان عرفها قلبه ، حاول التعرف بعقله أكثر على ما ارتطم به بصره منها . فتعثر كثيرا . فهل من سبيل للابتعاد عن شراك البصرالواهم ، وخدع السمع الحالم ؟ قلت مبتسما وانا انقل بصري بينهم : تحرروا بداية من الظن ، بأنَّ بحورالاقنعة قد تهدأ يوما ما . ومن ثم إتقنوا الابحاروسط امواجها العاتية . واعلموا أنَّ الحياة تخلو من مكان آمن ، من تخبيص الأقنعة ، إلا الحبَّ الذي يعانق فيه قلب سليم عقلا ناضجا . فإن عناقهما إنْ صدَق ، كاشفٌ لسراب الاقنعة . مع العلم أنَّ الكثير من معتقدات الناس عن الحب ، ما هي إلا انطباعات مبنية على ما يجدونه جذابا في الشريك . قال الناطق باسم ثلة الأحفاد بصوت مثقل : كبرنا يا جدي ، ونحن نثق أنَّ طُرُقَ الحبِّ في سماوات الحياة أطول مما نشتهي . ولكن ماذا نفعل ، وقلوبُنا مُشرعةَ الأبواب كبيوتِنا ! تأتي عليها لحظاتٌ أثقل من الجبال ، تَحارُ بين الياسمين والاكتئاب ، فلا تَضُمُّ ولا تَشُمُّ، ولا تنطلق راحلة بهدوء . قلت وأنا أتناول فنجال قهوتي من اصغرهم سنا: إذا انتشرت احداهن بداخل أي منكم ، كقطرالندى وامتلأ بها ، ولم يفلح في إخفائها ، تبتسم له في كل معارجه ، وكل الطرق تحتضن خطاه ألى غيطانها ، ويأخذه الحنين مشاويرا إليها ، لا يمعن في الهرب ، ولا يقتفي أثر ماضيها كقصاص أثر عتيق . فليخرج عن السياق قليلا دون أن يعتزله . وليعانق مشاعره ويمتزج بواقعه ، ويشارك بشجاعة وحماس وصدق ، في صياغة تجربته المشتركة معها . قال بجدية وهم يتفرسون بوجوه بعض : صحيح يا جدنا ، أننا نتبدل تماما بحضور من نحب . نكون متجهمين فنصير أكثر ثرثرة وصخبا مفعما بالحياة حين يجئن . ولكن خبز بعضهن كاذب وفكر بعضهن اكذب ، ومؤذٍ بأكثر مما يحتمل الواحد منا .وبعضنا من الشباب مثلهن بل وأسوأ . قلت مقاطعا : لا ورب الكعبة ، لا يجتمع حب وأذيَّة في قلب واحد . وإن حصل ما يقتل اللحظة لا ما يقتل الحب ، مارسوا كلَّ فنونِ التجاهل باحتراف حسَنِ النيَّة . أو فليعد بعضكم النظر في رجولته . قال وأصابع يده اليمنى تتخلل شعره المنساب باناقة على جبهته : المقاربة البصرية بالتأكيد أسلس من التبصر بالقلب ، أو التأمُّل بالعقل . ولكل منها ، البصر والقلب والعقل ، قراءاته الخاصة للشخصية . ولكن نود منك أن تخبرنا عن الخيط الذي يجمع بين هذه العتبات والبوابات ؟ قلت مبتسما : المهارة ، الاخلاص والإتقان الموضوعي يا شباب . نعم لكل منها ملكاتها ومهاراتها ، وكلُّها حاضرة في مجالها . تستحيل الشخصية مع الحواس ألوانا وروائح وتضاريس ، ومع القلب تتحول الألوان والتضاريس إلى مشاعر وأحاسيس وكلمات ، ولكن من يُتقِن لغةَ العقل ، يعرف كيف يقرأ البشر بعيدا عن اوهام الوصف والرسم .غير أن الشراكة التي تزدري الوهم ، نبعٌ يُقاسُ كَمُّه وصفاء تدفقه ، بمدى إيمانكم بالشريك ، وبما رزقكم الله به من عقل وقلب ومهارات إتقان. تذكروا يا شباب ، أننا كلنا شيبا وشبانا ، ندعي المعرفة بالحب . ولكن ثقوا أنَّ جُلَّ المدعون ، لا يعرف كيف يعيشونه ، ولا كيف يدوم . واحفظوا عني : إذا ما أراد أحدكم اسعاد احداهن ، فليعطها أذنيه قبل قلبه ، فنصف السعادة اهتمام . الاردن – 20/4/2020
لمعرفة اخر تطورات فيروس كرونا في بلدك وفي
العالم كله انقر على هذا الرابط
https://ahewar.org/Corona.asp
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,166,705,285
|
-
جدلُ الركودِ والتحرك في الحب عشوائيات في الحب – العشوائية 27
-
جدل القلب والعقل عشوائيات في الحب - العشوائية 26 إ
-
يا أمة تضحك منْ جهلها الامم إنه الله ، يا عشاق الحياة
-
الحب الصاخب عشوائيات في الحب – العشوائية 25
-
البشرية بين مَوتٍ وبائيٍّ ، وأنانيةٍ أعقد يا أمة تضحك من ج
...
-
رب ضارة نافعة يا امة تضحك من جهلها الامم
-
تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون
-
بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22
-
سَلَفِيَّةٌ في الحب عشوائيات في الحب - العشوائية 21
-
وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
-
إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
-
حكاية بِرٍّ
-
وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
-
إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
-
نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
-
لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا
...
المزيد.....
-
شاعر غنائي يتحدث لأول مرة عن -الصحة العقلية والنفسية- للفنان
...
-
الباي أحمد باشا سبق الدول الغربية.. 175 عاما على إلغاء العبو
...
-
مصر... فرض رسوم إضافية على تذاكر السينما والملاهي وتذاكر الق
...
-
تداول تسجيل صوتي للمخرج السوري حاتم علي قيل إنه الأخير قبل و
...
-
شارع الثقافة في مدينة الخليل الفلسطينية
-
مصادر مطلعة: الوضع في الكركرات هادئ وطبيعي
-
-ربي يحرق قلبك-... سر تصدر الفنانة السعودية ريم عبد الله الت
...
-
طنجة .. وزارة التربية توقع اتفاقتي اطار للنهوض بالتربية الدا
...
-
نجم أفلام الحركة جيسون ستيثام يصور أحدث أفلامه في قطر... صور
...
-
حكومة نتنياهو.. كاريكاتير -القدس- لليوم الأحد
المزيد.....
-
سيرة الهائم
/ محمود محمد عبد السلام
-
حكايات قريتنا
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
دمي الذي برشو اليأس
/ محمد خير الدّين- ترجمة: مبارك وساط
-
كتاب الأعمال الشعرية الكاملة حتى عام 2018
/ علي طه النوباني
-
الأعمال القصصية الكاملة حتى عام 2020
/ علي طه النوباني
-
إشارة ضوئية
/ علي طه النوباني
-
دموع فينيس
/ علي طه النوباني
-
ميزوبوتاميا
/ ميديا شيخة
-
رواية ( حفيان الراس والفيلة)
/ الحسان عشاق
-
حكايات الماركيز دو ساد
/ رويدة سالم
المزيد.....
|