أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون














المزيد.....

تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 6506 - 2020 / 3 / 5 - 23:11
المحور: الادب والفن
    


تورُّمُ الشَّراكات
عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون
كانت ضيفتي ظهر الأمس ، اخصائية اجتماعية مُتمَيزة . بحكم نظام الخدمة المدنية ، تقاعدَت الشهر الماضي من عملها مستشارة لشؤون الأسرة ، في المحاكم الشرعية في الأردن .
ما أنْ ناوَلَتْها مديرةُ مكتبي فنجالَ قهوتِها ، حتى سارعت تقولُ بقلقٍ : جئتُك يا شيخي كعادتي مستعينة بعلمِك وخبرتِك وأنتَ المُتَخصِّص بشؤون الأسرة في هذا العالم المُتَغيِّر .
قلتُ مُرحبا بابتسامة عريضة مُعتادَةٍ عليها مِني : كلَّ الهَلا تفضلي ، فعلى الرحب والسعة .
فقالت : جئت أسأل عن تجربة الشراكة بين امراة ورجل . أولَيسَت مشروعَ متعةٍ خاصة بينهما ، أو لِنقُل الجانب الرئيسَ مِنها ؟
سارَعتُ بالقولِ دون أنْ تُفارقَني ابتسامتي : مع التسليم بالعلاقة الحميمة بينهما ، إلا أنَّ الارتباط يغيَّرُ ترتيبَها وتراكيبَها . ويجيءُ بأحوالٍ غيرَ مسبوقةٍ في نشأتِها . وهنا يكونُ منَ المناسبِ يا دكتوره ، التذكيرُ بمجموعةٍ من البدهيات المُستبِدَّة ، قبل الاستطراد بالموضوع .
قالتْ مُتلهفة : هاتِ منْ فضلك .
قلتُ وأنا أدقُّ بقلمي أمامي : هي كثيرة ولكن لعل أبرزها :
أن الشراكة على اتساعها ، أحلامٌ واعيةٌ فاعلةٌ ، تقوم على ضروراتٍ واحتياجاتٍ ، ووسائل ومهارات . ولا تقومُ على المزاج الشخصي لهذه أو لذاك ، ممن يستهويهمُ الحب . فتلك وغيرها نزوات وأوهام .
ومنها أنَّ الشراكة كالمطر الطيب ، جالبةٌ للفرحِ وتكديسِ مُتعٍ ، تفوقُ التوقُّعَ في بعض الأحيان . تُبقيها حقائقُ الحياةِ مشروعاً جاذباً لطرفيها ، ولكنْ بحظوظٍ مُتفاوتةٍ . يؤدِّي الحبُّ فيها دورَ القيادة .
ومِنها ، أنَّ الشراكة بين طرفيها ، لا تَظهَرُ بعفويةٍ ولا تكبرُ بِتلقائيةٍ . وإنَّما بدرجةٍ مِنَ القَصْدِيَّةِ ، تتولى تصميمَها وهندسَتَها ، وتوجيهَ حركتِها خطوةً تلوَ خُطوة ، نحو حُلمٍ مُقتدرٍ خلافا لِسفاهاتِ الوَهم .
قالت مُقاطعة : أفهمُ مِما تتفضل به ، أن الشراكة مشروعٌ يستلزمُ مِنْ أطرافه ركوبَ الصِّعابِ واجتيازَها . وأنَّ الحبَّ في ظِلالها ، يحملُ أكثر مِنْ رايةٍ . ويُمثِّلُ أكثرَ مِنْ مَصْلَحة ، تُعادُ صِياغَتَها يوميا .
وأكملَتْ ضيفتي بلهفةٍ : كلُّ محاضرِ المُصلحين في المحاكم الشرعية ووسطاءِ الخير، تؤكد على عدم وجودِ عُلاقةٍ بين أنثى وذَكرٍ ، مُستقرةٌ أو عابرةٌ ، تنامُ في المساء عامرةً ، وتستيقظُ في الصباحِ ، فإذا هي ركاماً وعصفاً مأكولاً ، قادرا على الاطاحة بأطرافه . لقد اكتشفتُ بحكم عمليَ السابق ، أنَّ النقاشَ كلَّما احتدمَ بين طرفي الشراكة ، كان يكشفُ عدداً منَ الاعتراضاتِ التي كانت صامتةً مُتَخفيةً ، وبالارتطام المُستدامِ ، يكتسب المسكوت عنه ، مقدرةَ النُّطقِ وحقَّ الصُّراخ .
قلتُ مُكمِلا وتنهيدةٌ تنجو منْ صدري : للشراكة يا سيدتي قضايا أساسية ، تستدعي التبصُّرَ بشكلٍ مُستدام . ما يجري في ظلالِها منْ مُمارساتٍ ومِنْ ارتداداتٍ ، يُثيرُ التَّوجُّعَ . وسوف تظل كذلك ، حتى يتمالك أطرافُها أعصابَهم وإراداتَهم . دونَ ذلك من وصفات ، ما هي إلا مهدئات سطحية يداري عللها ولا يداويها .
للكشف عما يجري في أي شراكة ، لا بد من الوقوف أمام أطرافها المحتلين لمساحات في بؤرِها المُتَورِّمة ِ، فهُم وحدَهُم الممسكون بمفاتيحِها ، وهُم وحدَهم منْ يديرون تلك المفاتيح ، ويفتحون مُغلقَ الابواب على إتساعها .
قاطعتني وهي مقطبةُ الجبين : وليس أشدُّ إثارةً للمَلَلِ والضباب ، مِنْ هؤلاء الذين ينسبون كلَّ المشاكلِ ، لِلآخر أو للسِّحرِ أو التدخُّلِ أوِ الأخلاقِ أوالتَّربِية ، غيرَ أؤلئك الذين يتوهمون أنهم معصومون ، أو حالمون بأن الشراكةَ مَبَرَّةٌ خيْريَّةٌ عذراء ، تشعُّ فقط حناناً ومُتَعاً .
تابَعتُ لأكملَ ما بدأتَه : والشراكة قِوى لها أفهامٌ وقيَمٌ وتوقعاتٌ ، تختلط من اليوم الأول بالمصالح الشخصية المباشرة والمسكوت عنها. تمارس فعلَها بالارتطام الهيِّنِ في سباقات الحياة ، المندفعةِ بسرعاتٍ تضبِطُها توقُّعاتُ العقل والقلب والوهم . وتجرِّبُ فرضَ أجندتَها بكلِّ الوسائل ، علَنا وسِرَّا ، إقناعا وقَسرا ، وكأنَّها حرْبا مكشوفة أو تربُّصا في الظلام . وهنا يصعب تبرئةَ الآخر ، ويصعب اعتبار الذات بريئة بلا مؤثرات . فلا هو ظالم فيما يجري ، ولا هي ضحية لِما جرى .
الواقعُ أنَّ كل شراكةٍ مُتورِّمَةٍ تكشفُ أشياء ، تضيف إلى أشياء كشفتها تجارب الآخرين . فكلُّ شراكة ظاهرة مستقلة ، أطرافُها مختلفون عمن سبقوهم على نفس الطريق . فمنَ النادر أن لا تختلطَ التجاربُ بالسمات الشخصية المباشرة لأصحابها .
سألَتْ وهي تُشعلُ ليَ لُفافَتي : أصحيحٌ يا شيخنا ، أنَّك ترى في الحبِّ ما لا يراهُ الجَسد ؟
قلتُ بعدَ أنْ نَفثتُ الكثيرَ من دخانِ لُفافتي عالِيا في الهواء : جدلُ الشهوةِ والحبِّ حِكايةٌ أخرى ، مطَرٌ جميلٌ آخر ، نترُكُ الحديثَ عنه لمرة قادمة ، إن شاء الله .
الاردن – 5/3/2020



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22
- سَلَفِيَّةٌ في الحب عشوائيات في الحب - العشوائية 21
- وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
- إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
- حكاية بِرٍّ
- وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
- إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
- نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
- لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا ...


المزيد.....




- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون