|
البشرية بين مَوتٍ وبائيٍّ ، وأنانيةٍ أعقد يا أمة تضحك من جهلها الامم
سمير محمد ايوب
الحوار المتمدن-العدد: 6520 - 2020 / 3 / 22 - 22:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب الدكتور سمير محمد ايوب البشرية بين مَوتٍ وبائيٍّ ، وأنانيةٍ أعقد يا أمة تضحك من جهلها الامم لا يُجادلنَّ أحد اليوم ، بأن فيروسة مِجهرية مُميتة ، في غضون أسابيع قليلة ، قد هزت العالم وأربكت حياته . أرعبته وأحدثت الكثير من التغييرات في ملامحه الطافية ، وإلى مدى زمني ومكاني ، لا يعلم سرَّه إلا ربُّ كلِّ الناس ، سبحانه . في ظلال صراع أناني مُتوحش ، على المصالح الجيوسياسية الضيِّقة في العالم برمته ، فإنَّ التداعيات الوبائية لهذه الفيروسة ، قد فرضت على مليارات الناس ، العزلَ والإقامة الجبرية . واستنفرت كل القوى ، لتغييرٍ قسري في أنماط حياتهم . وأجبرت فيما أجبرت ، دولاً من كل المقاسات ، على الانطواء والانكفاء الأناني على ذواتها . في ظل تراجيديا هذا الطيِّ الجبري ، وتفاقم رياح خطر حقيقي ، تغيَّرت أولوياتُ المُمْسِكين بدفات القيادة ، انتظارا لعلاجٍ ولقاحٍ ، قد يأتي من هنا أو من هناك ، لوقف انتشار الموت الوبائي وعلاج المصابين به . وفي ظل ما بات يُقال بالتقسيط المُملِّ ، ويُؤكدُ همسا وبالإيحاء ، عن مصدر هذا النمط من الإرهاب الوبائي ، والغرض من نشره وطرق مجابهته ، فإنَّ ما يَهمُّ الناس الخائفين من ذئاب هذا الوباء ، وهو يدق أبوابَ خُصوصياتهم ، هو كيفية التعامل اليومي فرديا وجمعيا ، صحيا واجتماعيا ، مع مضاعفاته والانتصار عليه ، بأقل حد من الهلع والفزع والجزع ، وبعيدا عما يقال عن تبعاته الاقتصادية والسياسية ، التي ستعصف فيما بعد ، في أماكن كثيره من هذا العالم الهش . لقد ضرب الوباء كل الارض . لم تسلم منه بيئة مجتمعية حتى الان ، إلا غزة العزة. فسارع المتضررون المقفلون على أنفسهم ، تحت مظلة نوع من " العولمة الصحية " ، للتكافل اضطرارا مع بعضهم البعض ، لمقاومة هذا البلاء المشترك ، محاولين معا ، وبتفاوت الامكانات والجهود والصرامة ، لمحاصرته والقضاء عليه . في ظل تكاثر الجدل المُماحِك عن زمن ما بعد الكرونا ، يصح السؤال حول أثر الكوارث الشمولية ، على التوجهات المتوحشة لقوى المصالح الجيوسياسية في العالم . إن كانت ستبقى على حالها ، أم أنّ الوباء سيُحدث فيها تحوّلاتٍ كبرى مغايرة ؟! يتوقع بعض المتفائلين ان مفاعيل كارثة الكرونا ، ستفرض كي لا يتهاوى العالم ، اجراء مراجعات حقيقية على اصحاب النمط الشرير من العولمة المتوحشة ، التي استوقَدَت حرائقَ وحروبا ، أودت بحياة الالاف من الأبرياء ، لمصلحة نوع جديد من العولمة الراشدة . كفيلة بإحداث تحولات كبرى داخلية وبينية في رزم المصالح والتوجهات الجيوسياسية على صعيد العالم اجمع . ولكني ، في ظل الجرائم الانسانية العنصرية المستكبرة ببشاعة ، التي ما تزال ترتكب بعنجهية ، رغم مخاطر الوباء ، في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني المحتل ، المكتظة بالاف الاسرى والمعتقلين ، وفي غزة المحاصرة منذ سنين ، وهي تعاني من نقص بَيِّنٍ في الغذاء والدواء ، وكذلك عشرات الملايين من الابرياء المحاصرين بصلف بشع في اليمن وفي ايران ، وفي ظل بشرية في العمق عمياء ، يهيمن على بعضها صمت قبيح ، وعلى بعضها شماتات فجة كريهة ، لا تحرك كلها ساكنا تجاه تلك الحصارات المجرمة ، أشك أن ينجح هذا الوباء الحاصد لارواح الناس بلا تمييز ، في تلقين أصحاب الجبروت والاستكبار ، في صراع المصالح بالغة الانانية وثقافة الموت العنصري ، وتابعيهم من الأدوات والكلاب المحلية الضالة ، والقطرية الأشد ضلالة ، درسا لا يعرفونه أو أن يستفيدوا منه ، لخدمة الناس بدلا التنافس على قتلهم . كُلُّهم يعلمون علم اليقين ، مخاطر سياساتهم وتوجهاتهم . ليسوا بحاجة لمن ينبِّهُم أو يهديهم لمخاطر استمرارها . نعم ، الكوارث ستجعلهم ينكفئون مؤقتا ،على ذواتهم للملمة الجراح ، ومن ثم في قلب صراع المصالح المُتغولة ، سيعاودون استكمال ما عجز الموت الوبائي عن تحقيقه لوحده . ولكن النقطة الاهم فيما يجري ، تلك التي تثير الاهتمام بالروابط المقدسة التي تجمع الناس مع بعضهم البعض في ثناياها ، ومع دولهم وضمائر حكامهم . فلقد كشفت الفيروسة المجهرية اللعينة ، هشاشة تلك الروابط في بعض المجتمعات وفي بعض الدول ، وفضحت الكثير من عورات وعي الناس واستهتارهم على امتداد الارض . وغدا ، عندما يزول خطر الموت الوبائي عن كاهل الناس ، ستكون هناك مكاشفات واستحقاقات داخلية ومحاسبة ، لكل من استخف وتهاون واستهتر ، ولكل شُطَّارِ السوق ، لصوص الأزمات والكوارث ، الذين تاجروا بأنانية فظة ، بضعف الناس ومخاوفهم . تشي الواقعية ، بأن أيام الأفق حبلى بالأعقد . الاردن – 21/3/2020
لمعرفة اخر تطورات فيروس كرونا في بلدك وفي
العالم كله انقر على هذا الرابط
https://ahewar.org/Corona.asp
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,166,637,745
|
-
رب ضارة نافعة يا امة تضحك من جهلها الامم
-
تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون
-
بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22
-
سَلَفِيَّةٌ في الحب عشوائيات في الحب - العشوائية 21
-
وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
-
إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
-
حكاية بِرٍّ
-
وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
-
إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
-
نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
-
لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا
...
المزيد.....
-
القضاء يدعو لكشف مرتكبي جريمة ساحة الطيران
-
التخطيط : ارتفاع معدل التضخم للشهر الماضي بنسبة 3.3% بعد رفع
...
-
وثائق .. -حيتان فساد- في صلاح الدين.. وثائق واتهامات تكشف حج
...
-
إشكالية المفاهيم ـ مواطنون ألمان أم أشخاص من -خلفيات مهاجرة-
...
-
رسالة -استغاثة-... إسرائيل تطلب من بايدن الحماية من محكمة ال
...
-
طائرة صغيرة تتمكن من الهبوط بعد توقف محركها... فيديو
-
-نتفليكس- تحتل المركز الثاني في أوروبا من حيث الإيرادات
-
صحفي فرنسي يصف استعمار بلاده للجزائر بـ-العمل السياسي الطائش
...
-
لليوم الثاني على التوالي... 15 طائرة حربية صينية تخترق أجواء
...
-
إشادة إسرائيلية بخطوة سعودية
المزيد.....
-
العلاقات العربية الأفريقية
/ ابراهيم محمد
-
تاريخ الشرق الأوسط-تأليف بيتر مانسفيلد-ترجمة عبدالجواد سيد
/ عبدالجواد سيد
-
كتاب أساطير الدين والسياسة
/ عبدالجواد سيد
-
الكتاب الثاني- الهجرة المغاربية والعنصرية في بلدان الاتحاد ا
...
/ كاظم حبيب
-
قصة حياتي
/ مهدي مكية
-
إدمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
مبادئ فلسفة القانون
/ زهير الخويلدي
-
إنجلز، مؤلف مشارك للمفهوم المادي للتاريخ
/ خوسيه ويلموويكي
-
جريدة طريق الثّورة - العدد 14
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة - العدد 19
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|