|
تهنئة من القلب...شِدة وزالت
محمود سعيد كعوش
الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 21 - 17:45
المحور:
الادب والفن
ضاقت وانفرجت فعادت البسمة بعد أن تكلل علاجها بالنجاح، تهنئة من القلب لزوجتي الفاضلة "أم أحمد" وبعد شكر الله تعالى، بالغ الشكر والامتنان لكل من أظهر اهتماماً صادقا
بسم الله الرحمن الرحيم إن من فوائد المرض لدى الإنسان طهارة القلب من الأمراض، لأن الصحة تدعو في أحيان كثيرة إلى البطر والغلو في الإعجاب بالنفس إلذي قد يصل عند البعض حد الغرور، لما يتمتع به المرء من نشاط وقوة وراحة وهدوء بال. فإذا قيده المرض وتجاذبته الآلام انكسرت نفسه ورق قلبه وتطهر من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء. وقال الشاعر: (قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت...ويبتلي الله بعض القوم بالنعم) واهتماماً من الإسلام بهذا الخلق الطيب الجميل الذي هو من قبيل التواصل ونشر الألفة والمحبة بين الناس، جعل للاهتمام بالمريض وزيارته والسؤال عنه فضلاً وثواباً كبيراً، كما جعل لكل ذلك آداباً ألزم بها كل من يهتم بمريض أو يعوده أو يسأل عنه للاطمئنان .فالاهتمام بالمريض وعيادته وزيارته والسؤال عنه وعن صحته من الآداب الرفيعة التي حث الإسلام المسلمين عليها وجعلها من أولى حقوق المسلم على أخيه المسلم، بل ومن سبل التأليف بين القلوب الذي امتن الله تعالى علينا به في كتابه الكريم. وعيادة المريض والسؤال عليه يشعره عند مرضه بروح الأخوة الإسلامية، فيكون ذلك سبباً في تخفيف آلامه وأحزانه، وتعوضه بعض ما حرمه من القوة والصحة. وكم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تطرقت لهذا الموضوع مباشرة أو مواربة: جاء في قول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿-------- وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾--------. آل عمران 103 . وجاء في الحديث النبوي الشريف: عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. أخرجه البخاري قال النووي: " قَالَ الْعُلَمَاء: إِنَّمَا أَضَافَ الْمَرَض إِلَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى، وَالْمُرَاد الْعَبْد تَشْرِيفًا لِلْعَبْدِ وَتَقْرِيبًا لَهُ. قَالُوا: وَمَعْنَى ( وَجَدْتنِي عِنْده ) أَيْ وَجَدْت ثَوَابِي وَكَرَامَتِي". شرح صحيح مسلم. واهتماماً من الإسلام بدوام النعم على البشر أوصى بضرورة شكر من يهتم بالمريض ويعوده ويسأل عنه. وكم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تطرقت لهذا الموضوع مباشرة أو مواربة: جاء في قوله تعالى في كتابه العزيز: ﴿-------- ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُون ﴾-------- السجدة: 6 – 9. ويقول: ﴿-------- قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾--------. النمل 40. اللهم إن شكرك نعمة، تستحق كل الشكر، علمتني كيف أشكرك فأعني على دوام شكرك. الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك. أللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وعلا مكانك. اللهم لك الحمد والشكر ملء السموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من بعد، اللهم لك الحمد والشكر عدد ذرات الكون في السموات والأرض وما بينهما وما وراء ذلك، بعدد ما سبحه الملائكة الحافين حول عرشك الكريم وبعدد ما سبح من شيء يسبح بحمدك ولا نفقه تسبيحهم. أللهمّ اغفر لنا وارحمنا وارض عنا، وتقبّل منا وأدخلنا الجنة ونجنا من النّار، وأصلح لنا شأننا كله، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلّها، وأجرنا من خزي الدّنيا وعذاب الأخرة. ولَمّا قدر الله ولطف وصبرني وأعانني أنا وعائلتي، من بنات وبنين وأحفاد، على الاهتمام التام بزوجتي الحبيبة وابنة خالتي وأم فلذات كبدينا رجاء سعيد كعوش "أم أحمد" وخدمتها في مرضها، ولَمّا أعانها هي على الانتهاء من آخر "جرعة كيماوي" بخير هذا اليوم، لا يسعني إلا أن أتقدم ببالغ الشكر لمن كان له الفضل في ذلك، بعد الله تعالى، من أطباء وممرضات وممرضين ومستشفيات خضعت فيها للعلاج. كما أتقدم بالشكر من كل من أظهر اهتماماً صادقاً من الأهل والأقارب والأصدقاء، عن طريق الزيارة أو الاتصال أو السؤال. وبالاتكاء إلى الحديث النبوي الشريف "من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى عليكم معروفًا فكافئوه؛ فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه"، أتوجه باللوم والعتب، الممزوجين بالغضب الشديد، إلى من كنت أعول عليهم من "عظام الرقبة" و"صلة الرحم والدم" أن يكونوا سنداً لي ولعائلتي وقت شدتنا، ولن أتسامح في ذلك أبداً.
محمد جبر يوسف الدوحة في 21 نيسان/أبريل 2020
#محمود_سعيد_كعوش (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم الأسير الفلسطيني
-
الكوفية الفلسطينية أيقونة الشعب الفلسطيني
-
الذكرى الرابعة والأربعون ليوم الأرض المباركة
-
اشتدي أزمة تنفرجي!!
-
من هو العميل أنطوان الحايك؟
-
سمير جعجع...سجل حافل بالإجرام!!
-
القضاء العسكري اللبناني موضع لغط وتساؤل!!
-
ما هكذا تورد الإبل يا جعجعاني معراب!!
-
السلطة الفلسطينية تُفرج عن المناضل الفتحاوي حسام خضر
-
مواصلة اعتقال القيادي الفتحاوى حسام خضر على خلفية إبداء الرأ
...
-
المثقفون وعوام الناس!!
-
شعر: خانت هيفاء
-
خانت هيفاء
-
مُدامُ النَوّى
-
37 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا
-
القرار اتُخِذْ واللجنة باشرت أعمالها ونحن بالانتظار!!
-
رجل وطني وموقف مُشرف
-
ثلاث مقالات في ذكرى ثورة 23 تموز/يوليو 1952
-
السياسة الصهيو - أمريكية...نهج إرهاب وشريعة غاب!!
-
صفقة العصر الخيانية
المزيد.....
-
اللحظة التي تغير كل شيء
-
أبرزها قانون النفط والغاز ومراعاة التمثيل: ماذا يريد الكورد
...
-
-أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق
...
-
إلغاء مهرجان الأفلام اليهودية في السويد بعد رفض دور العرض اس
...
-
بعد فوزه بجائزتين مرموقتين.. فيلم -صوت هند رجب- مرشح للفوز ب
...
-
حكمة الصين في وجه الصلف الأميركي.. ما الذي ينتظر آرثر سي شاع
...
-
الأنثى البريئة
-
هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخاً بديلاً عن الإنسان؟
-
حلم مؤجل
-
المثقف بين الصراع والعزلة.. قراءة نفسية اجتماعية في -متنزه ا
...
المزيد.....
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
پیپی أم الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
-
الذين لا يحتفلون كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
فرس تتعثر بظلال الغيوم
/ د. خالد زغريت
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
المزيد.....
|