أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - شيْطان يثقب السّماء














المزيد.....

شيْطان يثقب السّماء


فتحي البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 21:34
المحور: الادب والفن
    


رجْع الصّدى من قبر أبيك..
يناديك..
رجع الصدى:
-"شيطان صغير يثقب السماء أنت يا ولدي"
-أنا
يا أبي أصدّق صوتك الأجشّ يشكّلني
طينا..
حجر صوّان..
رخاما..
وثنا على عرش قلبكَ.
أصدّق
أنّ ملحمة الإلياذة مازالت تنفخ الحياة في آلهة الإغريق,
أنّ بيجماليون نحت قلبه في صدر جالاتيا,
أنّ الآباء يقطعون لحمهم ليطعموا أبناءهم.
رجْع صداك
أقراط معلّقة في أذنيّ.
ألقي صدري مثل دلو في البئر العميقة ببيتنا العربي القديم,
أسحب ماء الطفولة من عيني أمّي بحبل الوريد,
ينبض الحنين لعظام الرّاحلين و هي رميم.
الاعتراف:
فاتحة الاعتذار من كلّ التجاعيد كتبتُتها بمحاريثَ شقّت حَجَر طاعتكَ.
في وداع الميّت
رأيتُ الجراح أغمضتْ عيونها
على جبينكَ.
القُبلة
تكفيني لأوقظ كلّ وصاياكَ
لم أعد الشّيطان الذي تعرف يا أبي
غير أنّي مازلت لا أريد أن أصير تمثالا يشبهك.
لست أريد أن أصير تمثالا,
لكن
ماذا لو صرتُ طينا يغطّي جثمانك؟
ماذا لو صرت أيضا
ترابا مغسولا بسمرة رفاقكَ المزارعين؟
أظنّ
أنّ هذا اللون يغري حفّارَ القبور
بغراسة شجرةِ إكليل على صدركَ.
كنتُ فعلا شيطانا صغيرا يثقب السّماء
ربّما!
شيطانا
يتسلّق الأشجار إلى عصافير الجنّة..
يحطّم الأعشاش,
يطارد الشمس.
كم أسأتُ التّقدير و الحلم!
أنا الّذي كنت أتقن سرقة أقراص العدّ من محافظ أصدقائي بعد حصّة الحساب,
لم أحسب قرص السّماء بهذا البعد عن متناول يديّ الصّغيرتين..
لم أحسب كذلك أنّه سيصهد جلدي لأصير بلون القمح.
أكره اتهام أحلامي بالّتفاهة,
أكره أن يتناثر بصاق سخريتك على وجه سرٍّ لم أستطع أن أبوح به.
الآن
و قد صارت السّماء بيني و بينك.
الآن
و قد رحلتَ وراء شمسٍ لم أستطع أن أعود بها,
أعترف
أني غضبت كثيرا,
حزنت أيضا
لأنّي لم أستطع أن أخبّئ تلك الشمس في جيوبي
مع البيض
مع الفراخ
مع كمشة قشّ قد يصلح بعضها لصنع نواح المزامير.
مسافةُ السّماء بيننا تسمح لي
بإخبار التّجاعيد المغمَضة على جبينك
أنّي لم أكن بسوء الشياطين الكبار.
و بما أنّني لا أقوى على النّظر طويلا في وجه قرص السّماء
سأسمح لنفسي بلوْمِكَ
دون خجل
دون خوف
من عينيك القاسيتين,
ألومك..
ألوم صمتكَ..
ألوم أسنانكَ رأيتها تعضّ على شفتيْكَ
كلّما هممتَ أن تخبرني عن مِثْقابٍ في يد ملك يقتلع الفكرة من رؤوس
القصائدِ
المقالاتِ
رسومِ الكاريكاتور...
لو لم تعضّ على شفتيْك لسألتكَ:
هل يسيل الدّم من رأس
حرف
أو خطّ
أو رقصة دَبْكَةٍ فلسطينيّة أصاب الرّصاص قدم صاحبها؟
مازلتُ لا أعرف إن كان مثقابُ الملك يستطيع قتل
الشعراء,
الرسّامين,
راقصي الدّبكة,
و كلّ الرّاقصين الذين أظنّ لسبب ما أنهم يشبهونهم!
هل من الغباء ألّا أميّز بين
الدّبكةِ
خطواتِ الفلامنكو الأندلسيّة
خطواتِ الحجّالي التّونسيّة؟
هل من الغباء إن سألتك
إن كان المبدعون يموتون
أم أنّهم ينبتون عشبا في كلّ ثقب؟
ألومك..
ألوم صمتكَ..
ألوم أسنانكَ رأيتها تعضّ على شفتيْكَ
إذا هممتَ أن تحدّثني عن شياطينَ كبارٍ
ثقبوا الأوزون بحثا عن مناجم
يُدفَن العبيد في أنفاقها كلّما سقطت السّماء على الأرض.
كنت تعلم إذن يا أبي أنّي مجرّدُ شيطان صغير لا يثقب
رأس حرف
أو خطّ
أو رقصةٍ
مجرّدُ شيطان صغير لا يثقب السّماء.
لذلك
كنتَ تعضّ على شفتيك كلّما هممت أن تخبرني بأسرار الشّياطين الكبار.



#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضغاثُ الحَجْر بين الزّعانف و الأجنحة
- يوميّات]] الصّباح الفيروسيّ العظيم
- جريمة قتل فراشة
- كأس البيرّة الأخيرة قبل أن أصير شجرة قابوق
- الشّاعر ليس نبيّا
- تفّاحة أكلت الجنّة
- قتلتُها على وجه هبّةِ ريحٍ
- حبّ غير صالح للمطر
- نعُوشة
- عن رسالة إرنستو و بسمته
- -كوكاكولا و لاكريموجان- (قصّة أخرى لعشقنا)
- القبلة –أيضا- لا ترمّم الرّماد
- قيامة الجبل
- الملائكة معَكَ تمدّ أياديها إلى كبد أمّكَ
- حياة إلّا ربع جسدي السّفليّ.
- أوصال الوطن في حقائب المهرّبين أو من سرّنا المشتهى إلى أسرار ...
- بحجم مزهريّة أو أصغر
- القياس الشعريّ بين القُبْلة و الاستعمار الاستيطانيّ
- السرّ في جِراب جامع القمامة
- تداعيات إصبع قدم صغير


المزيد.....




- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما
- نجم مسلسل -ذا واير- الممثل جيمس رانسون ينتحر عن عمر يناهز 46 ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - شيْطان يثقب السّماء