أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - من التراب وإليه نعود














المزيد.....

من التراب وإليه نعود


ابراهيم زهوري

الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 03:26
المحور: الادب والفن
    


أذكر أثناء طفولتنا بمخيم اللاجئين الفلسطينيين في حلب حيث يتموضع بالقرب من قرية النيرب حيث السهول والبساتين والمروج الخضراء والحيوانات الريفية الأليفة نقضي نهارنا بطولة بلا ضفاف حفاة ، هكذا مثل أول وصولنا إلى هذا العالم و كان ذلك ليس بدافع الفقر أغلب الأحيان بل كان نمط حياة الطفولة لأكثرنا نحن أبناء الجيل الذي ولد في منتصف الستينيات من القرن الماضي حيث بدأ الفلسطيني في المنفى بإشعال شعلة الكفاح المسلح وإيقاظ الحلم مرة أخرى حيث كنا ننطلق بعفوية المتلهف للهواء والشمس والصراخ والسرعة الجنونية كانت توقيتاً مناسباً لفخرنا المزهو في شموخ عنيد في حقول الآخرين ، تواجهنا الريح خصماً ودودا ً أثناء الركض والقفز ونسلم لها طواعية قمصاننا مثل رايات خفاقة ، كنا في قمة رشاقتنا و أفضل من المعتاد في صحتنا البدنية النشيطة دوما للحركة وإحتفال الإنفعال .. نتحاشى إنتعال البوط البلاستيكي الذي شاع صيته وأنتجته حينها المعامل الصغيرة على شكل بوط كرة القدم كملاذ معقول لتلاميذ مدارس الأونوروا ... وكانت أقدامنا مثل حوافر الحيوانات إن صح التشبيه هنا شديدة المرونة ووقعها على سطح الأرض يتمكن من إحتضان ما تحتها بثبات وإنسياب كبيرين وكأنهما في عناق أبدي حتى تبدو أن الجاذبية الأرضية كنسغ النباتات أو مسار دماء في شرايين أوردتنا الكونية .. تغذينا وتمتص منا ما تريد في خفاء وطيد ، وكأننا نردد دون معرفة علمية بالعبارة التالية نحن من التراب وإليه نعود ، يمكن لهذه العادة أن يكون لها جذور ممتدة أو دلالات إنثروبولجية مختلفة لكنها للأسف بدأت بالتلاشي كما لو أن الحياة خجلت منا ومن برائتنا المهزومة ، وبدأنا بإنتعال أحذيتنا إنصياعا ًوخضوعاً لتعنيف الكبار لنا لحرصهم الشديد على سلامة أقدامنا من كل أنواع الجروح ونتائجها الكارثية المؤذية و مكرهين أيضا بعدما غزت الأرض البكر ونظافتها كل أنواع مخلفات مهملات الحضارة المدينية التي بدأت تظهر رويداً رويداً مع الدخان الكثيف لجبل المزبلة على أطراف حارتنا من ناحية الشرق ... وبعد حين إختنق الهواء وبهتت الشمس و إختفت صورة البساتين وملحقاتها الفردوسية وحضرت حارات الإسمنت والجدران وضجر الغبار والزجاج المهشم والقيظ وأنا ودعت دونما رجعة ضفاف الساقية والحشرات الملونة والطُعم كلب الماء وقضبان المعدن اللين لآخر فخاخ الصيد ورميت كيس الورق الداكن دونما لهفة تذكر أو إكثراث لآخر فراشة حقل طاردتها أو جناح سنونوة مكسور يتناوله النمل نهما ً على حجر السلسلة.



#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهرة تقاوم الجن .
- إحتفال الأجراس في حصان هارب
- نشيد الفراغ جمر
- ليس في الأجراس معاول
- ظل الذهول الأخير
- وجهي على حجر الكلام
- حنيني في شوط الخيال
- يوميات التجوال الأخير
- هنا لا يحتفل القمر
- حيرة التأويل صنوبرة الكلمات
- هذيان رياح البحر و لون المنحدرات
- مجاز منفاي لحاء ذئب
- أرى ما يراه النائم
- غرب المنفى نهاية الأرض
- واجمة نواقيس القصيدة
- يكتمل ظلي مع هذا النشيد
- تتشابه أصابع العنبر .. رماد تعاويذ الجهات
- تلف الحناء تأوه العسل
- هناك حيث تكابد الأعراف
- ثياب العشب المبلل


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - من التراب وإليه نعود