كيف يفكر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6504 - 2020 / 3 / 2 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تناقل الموقع الإلكتروني الموريتاني " أنوف " خبرا عن لقاء جمع الرئيس الموريتاني ، بالأمين العام لاتحاد المغربي العربي السيد الطيب بكوش ، وأجمع الطرفان على ضرورة التعجيل بعقد لقاء مغاربي لاتحاد ( المغرب العربي ) ، مع التأكيد على إيجاد آلية مرنة لجعل اجتماعات اتحاد ( المغرب العربي ) بشكل منتظم ، كما شددا على أهمية ان تمر رئاسة الاتحاد بين الدول الأعضاء ، بسهولة حتى لا تتعطل اجتماعاته ، او يسود انطباع بان القمة شبه مجمدة .
واضح إذن من هذه المقدمة ، ان الطرفين ، السيد رئيس الجمهورية الموريتانية ، والسيد الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب بكوش ، يغردان خارج السرب ، بمحاولتهما بث الروح من جديد في جسم ميت ، وإعادة بناء عظام وهي رميم .
هناك عدة ملاحظات يجب اثارتها في هذا الصدد ، ومن خلال التعمق شيئا ما في مناقشتها ، سيتضح وبالملموس ، استحالة إعادة بناء شيء يفتقد الى أعمدة يرتكز عليها البناء ، أي إعادة بناء شيء بني منذ اليوم الأول من دون أعمدة اسمنتية صلبة .
أولا ) يلاحظ ان الدافع الذي حفز القادة الاولين لدول المغرب العربي / البربري ، لم يكن خالصا ، ولم يكن الهدف من البناء استراتيجية معلنة ، تهدف حقيقية الى وحدة الأرض ، ووحدة الشعوب ، لكن إنّ الدافع كان بسبب حسابات سياسية ضيقة للأنظمة ، حيث كل نظام كان يهدف من وراء اللاّبناء ( البناء ) الى تحقيق مكاسب تحافظ على وجوده ، وتعطيه فرصة لاستعراض العضلات الدبلوماسية ، خلال لقاءات القمة التي لم تكن تنعقد بصفة دورية .
فحسابات النظام المغربي تختلف جذريا عن حسابات النظام الجزائري ، وحسابات الجزائر تختلف عن حسابات الرباط ، وحسابات هاذين البلدين تختلف عن حسابات ليبيا ، كما ان لموريتانية حساباتها التي هي الحفاظ على الدولة وعلى الاستقلال ، واقبار كل طموح او دعوات المعارضة الاستقلالية في استرداد موريتانية الى المغرب .
لذا فمنذ اليوم الأول ، كان الاتحاد يحمل في جسمه بذور فشله ، وبذور حتمية نهايته .
ثانيا ) كيف للرئيس الموريتاني ان يجتمع مع امين عام اتحاد ( اتحاد المغرب العربي ) ، وهذا الاتحاد مات منذ اليوم الأول الذي اعلن عن تأسيسه ، والسؤال هنا . كيف لاتحاد ميت ان يحافظ على امين عام اكثر من ميت ، أي انه كان امينا عاما فاشلا فمنذ بداية تأسيس الاتحاد الفاشل ، فما ادراك ان الاتحاد اليوم اضحى في خبر كان منذ اكثر من خمسة وثلاثين سنة مضت .
ان هذه الحالة الاستثنائية ، لا توجد الا عند العرب ، وهي لا تختلف عن الجامعة العربية التي تؤول رئاستها دائما الى مصر ، وكأنّ الجامعة ، هي جامعة مصرية ، وليست جامعة للحكام العرب . فهل العرب قاصرون او فاقدي الاهلية حتى لا يكون عربي غير مصري يرأس امانتها بصفة دورية ؟
ثالثا ) لقد مات اتحاد المغرب العربي في سنة 1994 ، منذ واقعة فندق اسني الذي تورطت فيه المخابرات الجزائرية ، ومنذ ذاك الحين ستقوم الجزائر بإغلاق الحدود في وجه المغرب الذي فرض فقط نظام التأشيرة على الجزائريين المجنسين بالجنسية الفرنسية ، وعلى الجزائريين الراغبين في زيارة المغرب عبر البر .
وهنا كيف التفكير في إعادة احياء اتحاد مات منذ اليوم الأول لتأسيسه لغايات سياسية ، وأسباب التفرقة والصراعات بالمنطقة ، لا تزال تطل برأسها ، بل انها أضحت اكثر خطورة مما كانت قبل تأسيس الاتحاد المقبور ؟
رابعا ) جميل ان يتحدث الرئيس الموريتاني عن إعادة احياء اتحاد المغرب العربي الميت ، لكن ما يجهله الرئيس الموريتاني ، او يتجاهله ويتفاداه ، ان الجمهورية الموريتانية ، هي جزء منحاز في نزاع لا يزال بيد الأمم المتحدة . انّ الجمهورية الموريتانية اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، عندما خرجت من وادي الذهب في سنة 1979 ، وأصبحت عندها علاقات منسوجة بإتقان مع الجمهورية الصحراوية بالاتحاد الافريقي ، ومع جبهة البوليساريو التي تملك بموريتانية قاعدة خلفية من الموريتانيين المساندين للجبهة .
فهل يستطيع الرئيس الموريتاني سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، مادام ان القضية بيد الأمم المتحدة ، وما دامت هذه لم تقرر في الحل الذي سينهي الصراع ، وما دام انشاء الجمهورية لم يكن بقرار لمجلس الامن ولا للجمعية العامة ، كما ان الصحراويين لم يستفتوا في استفتاء ، ولا قرروا مصيرهم الذي لن يكون الاّ ضمن وحدة المغرب .
ان اعتراف موريتانية بالجمهورية لم يكن بسبب قناعة سياسية ، او تاريخية راسخة ، لكنه كان بهدف خلق عراقيل ، ومشاكل للمغرب ، حتى ينسى بالكامل استقلال موريتانية عنه .
خامسا ) كيف يمكن التفكير في إعادة احياء اتحاد المغربي العربي الميت ، ومواقف الجزائر أصبحت اكثر من أي وقت مضى ، مصابة بالسعار لفصل الصحراء عن المغرب ، وضمها اليها عندما تعترف بها الأمم المتحدة ، أي تقزيم وتطويق المغرب ، عندما تصبح حدود الجزائر بمياه المحيط الأطلسي ؟
سادسا ) هل يجهل الرئيس الموريتاني انّ دول المنطقة ، لم تعد تستعمل عنوان اتحاد المغرب العربي ، واستغنت عنه بعنوان دول شمال افريقيا ؟
سابعا ) الا يعتبر استعمال عنوان اتحاد المغرب العربي ، إجحافا ولصوصية ، للأكثرية البربرية التي تسكن المنطقة منذ آلاف السنين ؟
ثامنا ) هل الاتحاد الذي يفكر في إعادة احياءه الرئيس الموريتاني ، ( اتحاد المغربي العربي ) سيشمل عضوية الجمهورية الصحراوية التي تعترف بها الجمهورية الموريتانية ، وتعترف بها الجزائر التي تقف وراء انشاءها ؟
تاسعا ) ما الفرق بين اتحاد المغربي العربي / الافريقي ، لأن كل الدول التي انشات الاتحاد ، تقع بالقارة الافريقية ، وبين الاتحاد الافريقي الذي يضم عضوية الجمهورية الموريتانية ، والجزائر ، والمغرب ، والجمهورية الصحراوية ، وتونس التي تتعاطف مع جبهة البوليساريو .
عاشرا ) بما ان الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ ولد الغزواني دعا الى إعادة احياء اتحاد ولد ميتا منذ يومه الأول ، فهل القول بالاتحاد ( المغرب العربي ) الذي يقع في افريقيا ، قد يكون بديلا عن الجامعة العربية بسبب المشاكل التي تتخبط فيها ، وبسبب عجزها في حل كل القضايا التي طرحت عليها ، بدءا بالقضية الفلسطينية ، وتهربا من مباشرة نزاع الصحراء الغربية بما يؤكد وحدة أراضي المغرب ، ومنه وحدة القضايا القومية المهددة بالأطماع الصهيو/ امبريالية .
حادي عشر ) من سيمثل ليبيا في الاتحاد ؟ هل حكومة طرابلس / الاخوان اللاّمسلمون / اردوغان ؟ ام الجنرال المتقاعد حفتر / السيسي / الامارات / السعودية ؟
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم /

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل