ماذا يجري ؟ الجزائر / المغرب / موريتانية / السعودية / قطر / الامارات .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6500 - 2020 / 2 / 27 - 23:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هل بدأت الجزائر في استعادت دورها العربي ، بعد انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا للجزائر ؟
وهل الدور العربي الموريتاني اخذ بدوره في التبلور ، و يحتل مكانة متقدمة في المنطقة العربية ؟
وهل النظام المغربي اضحى معزولا ، ولا أحد من الدول العربية ، ولا الاوربية ، ولا الدول الديمقراطية ، يعطيه مكانة كما اصبح يظهر في نوع العلاقات المنسوجة ، بين النظام المغربي ، وبين العديد من الدول العربية ، وبين النظام المغربي ، والعالم الديمقراطي الحر ؟
ان مناسبة طرح هذا التساؤل ، هو الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الجزائري اليوم الى السعودية ، والزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الى السعودية كذلك .
كما ان التساؤل مُنصب على الزيارة الخاطفة التي قام بها صديق الملك ، ومستشاره فؤاد الهمة ، بمعية ناصر بوريطة الى السعودية بدعوى ترتيب زيارة ، سيقوم بها الملك الى السعودية ، للتباحث حول القضايا الثنائية ، وبالضبط التباحث حول ملف الصحراء الذي استشعر النظام بدخوله الى نفق مسدود .
لقد زار كلاً من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اليوم ، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني السعودية ، بناء على دعوة رسيمة موجهة من العاهل السعودي ، هكذا ستستغرق زيارة تبون يومين ، للتباحث حول القضايا العربية ، والقضايا الاستراتيجية ، في حين تم تتويج زيارة الرئيس الموريتاني بتوقيع العديد من المعاهدات ، بإشراف الرئيسين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، والرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني .
وقبل هذا التحول المفاجئ ، زار امير قطر تميم دولة الجزائر رغبة منه ، وليس بدعوة رسمية موجهة ، وتم التوقيع على عدة قضايا استثمارية مشتركة ، وبتمويل قطري بكم ملياردولار ، ووجه القائد القطري دعوة رسمية للرئيس الجزائري بزيارة قطر زيارة رجل دولة .
ما يهمنا نحن من هذه المقدمة تحديد وبعجالة ، الوضع الذي يشغله النظام المغربي في الساحة العربية قبل الدولية . ان الزيارة التي قام بها عبدالمجيد تبون اليوم ، ومحمد الشيخ ولد الغزواني ، كانت بناء على دعوة رسمية من العاهل السعودي شخصيا ، أي زيارة رجل دولة ، في حين ان هرولة فؤاد الهمة صديق الملك المفضل على صداقة عزيز اخنوش ، وعلى صداقة كل ( أصدقاء الملك ) ، وبمعية ناصر بوريطة ، لترتيب زيارة لمحمد السادس للسعودية ، لم تكن بناء على دعوة سعودية ، بل هي دعوة لزيارة بطلب من الملك محمد السادس ، وليس بدعوة من الملك سلمان بن عبدالعزيز .
والسؤال : لماذا زار امير قطر الجزائر ، ولم يزر المغرب ؟
كذلك لماذا زار أردوغان الجزائر ، ولم يزر المغرب ؟
ثم لماذا لم يوجه عاهل السعودية دعوة رسمية للملك محمد السادس ، على غرار الدعوة الرسمية التي وجهها الى عبدالمجيد تبون ، والى محمد ولد الشيخ الغزواني ؟
ان الزيارة الخاطفة لصديق الملك فؤاد الهمة ، وناصر بوريطة لترتيب زيارة للملك بدون توجيه دعوة رسمية من السعودية ، هو محاولة لملء الفراغ ، والعزلة التي يعاني منهما النظام المغربي في الساحة الدولية ، ومحاولة للحصول على نفس المكانة التي تعاملت بها السعودية مع عبدالمجيد تبون ، ومحمد ولد الشيخ الغزواني ، وهذا لن يكون لأسباب عديدة .
وهنا فعن اية شراكة يفكر النظام المغربي تطويرها مع السعودية ، في حين ان العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز لم يستقبل فؤاد الهمة ومعه ناصر بوريطة ، واكتفى باستقبالهم فقط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ؟ والحدث هذا له دلالة خاصة ، كما انه رسالة واضحة عن نوع العلاقات المتشنجة ، التي أضحت منسوجة بين النظام المغربي وبين السعودية ، وكأنه فيتو سعودي وموقف خاص من محمد السادس بسبب تراكمات أخطاء لن يغفرها السعوديون بسهولة .
فهل ستنسى السعودية انسحاب النظام المغربي بدون مقدمات ، ولا مشورة من حرب اليمن الظالمة ؟
وهل سينسى السعوديون حين رفع محمد السادس لافتة مكتوب عليها " لكم العالم ولنا تميم " ، وكان هذا في أوج الصراع بين السعودية والامارات ، وبين قطر ، الامر الذي يعني تخندق النظام المغربي الى جانب قطر ، ضد السعودية ، والامارات العربية المتحدة ؟
فهل سينجح الملك محمد السادس بهذه الزيارة إنْ تمت ، والتي لم تكن بدعوة رجل دولة ، من اذابة الجليد ، خاصة عودة العلاقات بين النظامين السعودي والنظام المغربي ، وعودة ضخ ملايين الدولارات السعودية في جيوب النظام المغربي .
ان زيارة الملك للسعودية ، وبدون توجيه دعوة رسمية ، لمحاولة ملء الفراغ ، والتنفيس عن العزلة الدولية ، وفي الوقت الذي فشلت فيه كل محاولات رأب الصدع بين السعودية والامارات ، وبين قطر ، سيعطي القيادة القطرية قناعة ، بان النظام المغربي بسبب شح الدولار القطري ، قد غير تحالفاته ليصبح مع السعودية ضد قطر ، والقيادة القطرية المدركة بتلاعب النظام المغربي ، الذي لا ينظر في دول الخليج ، الاّ دولارها ، اتخذت الاحتياطات اللازمة من تقلبات الزمن ، ودورانه المفاجئة ، حين صدرت الأوامر من الدوحة لقناة الجزيرة برسم خريطة المغرب مفصولة عنه الصحراء .
اكيد ان السعودية تكون قد ادركت الهدف من زيارة محمد السادس بدون توجيه دعوة من العاهل السعودي ، وهو الحصول على الدولار ، والحصول على دعم السعودية في ملف الصحراء الذي انقلبت عليه قطر ، واكيد ان السعودية على علم بفشل شعار اللافتة التي رفعها محمد السادس " لكم العالم ولنا تميم " ، حين سدت قطر عنابرها ، ولم تمكن النظام المغربي الملهوف على الدولار من دولارها .
الآن النظام المغربي فقد صداقة السعودية ، وفقد دولارها ، عندما انسحب بغتة من حرب اليمن الظالمة ، وعندما رفع لا فتة " لكم العالم ولنا تميم " ، ويكون قد فقد صداقة قطر التي تعرف من اين تأكل الكتف ، عندما بدأ يطلب ود السعودية وأعينه على الدولار الذي لم تمده به قطر ، وبما ان الامارات العربية والسعودية يمثلان نفس التصور من قطر ، ومن حرب اليمن ، فان العلاقات بين شيوخ الامارات ، وبين النظام المغربي ليست احسن حالا من العلاقات مع السعودية .
إذن من هنا نفهم لماذا وجه العاهل السعودي شخصيا ، دعوة رسمية لزيارة السعودية ، الى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، والى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ ولد الغزاوني ، أي القيام بزيارة رجل دولة ، ونفهم لماذا لم توجه نفس الدعوة الى الملك محمد السادس الذي حين شعر بالعزلة والتهميش ، حتى سارع صديقه المفضل ، ومستشاره الى زيارة السعودية بدعوى تطوير شراكة مع السعودية ، ولترتيب زيارة ملكية بدون دعوته رسميا من العاهل سلمان بن عبدالعزيز ، كما نفهم لماذا زار امير قطر الجزائر زيارة دولة ، ووجه اميرها دعوة رسمية لعبدالمجيد تبون للقيام بزيارة رجل دولة الى قطر ، ولماذا لم يزر الأمير المغرب ، ولماذا لم يوجه اية دعوة لمحمد السادس لزيارة قطر ، ونفهم لماذا أغلقت الامارات كل المنافد مع النظام المغربي الذي كان يزور أبوظبي ، وذبي شخصيا كل ما راق له ، وبدون دعوة من قادتها .
النظام السعودي سيقبل بزيارة ممد السادس بدون دعوة رسمية ، التي هي في الأصل طلب الغفران مما حصل ، وطمعا في الدولار التي أقفلت السعودية عنابره .
لكن وفي قضية الصحراء ، فان السعودية سوف لن تخرج عن قرار الاتحاد الافريقي الذي ينص على ان تكون اللقاءات بين الاتحاد ، وبين الاتحادات الدولية والدول ، لقاءات هيئة ، وليس لقاءات دول ، كما ان الزيارة التي سيقوم بها اليوم عبدالمجيد تبون الى السعودية ، ستجعلها لا تزيغ في تعاملها مع ما ينص عليه القرار الافريقي ، وبما لا يغضب الجزائر التي لم يسبق ان عرفت علاقاتها مع السعودية ، ولا مع الامارات ، ولا قطر تشنجات او سوء فهم ، بخلاف علاقات هذه الدول مع النظام المغربي التي لا يرى منها غير الدولار . .
وقد بلغت الدونية قمتها ، حين توجه فؤاد الهمة ، وناصر بوريطة مباشرة من السعودية ، وبدون مقدمات الى قطر ، بدعوى استعراض العلاقات الثنائية بين النظام المغربي وقطر ، إضافة الى ابرز المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية .
وهنا هل القيادة القطرية بليدة حتى لا تدرك طبيعة الزيارة التي هدفها الامتعاض ، والحسرة من زيارة تميم الى الجزائر ، وعدم زيارته للمغرب ، وتوجيه دعوة رسمية لعبدالمجيد تبون لزيارة قطر ، وعدم توجيهها الى محمد السادس ؟
وهل حكام السعودية بليدين حتى تنطلي عليهم زيارة فؤاد الهمة ، وناصر بوريطة ، بدعوى تطوير الشراكة بين النظام المغربي وبين السعودية ، وترتيب زيارة محمد السادس للسعودية بدون توجيه دعوة رسمية له ؟
كل المؤشرات تبين ان اللقاء بين الاتحاد الافريقي ، وبين البرلمان العربي ، ستجري بالرياض ، والسعودية هنا لا يمكن ان تزعج النظام الجزائري الذي احتفظ دائما بعلاقات طبيعية مع جميع الدول العربية ، برفض اللقاء الافريقي / العربي بسبب حضور الجمهورية الصحراوية في حين انها ترى فيه سوقا ممتازا لسلعتها .
كما ان قطر التي أضحت قناة الجزيرة ، حين تعرض خريطة المغرب ، دائما ترسم خيط افقي يفصل عنه الصحراء ، سوف لن تعطي بالاً ، ولا أهمية للزيارة العشوائية لكل من فؤاد الهمة صديق الملك ، وناصر بوريطة المتصهْينْ اكثر لا اقل ، والفلسطيني لا اقل ولا اكثر .
النظام المغربي معزول دوليا .

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل