|
المحكمة الإيطالية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6474 - 2020 / 1 / 27 - 18:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد رفض محكمة باريس الإذعان لطلب البوليس المغربي ، بتسليمه المعارض المغربي السابق مومن الدويري ، الذي رحلته فرنسا الى الغابون محاباة للنظام المغربي ، ولتتراجع سريعا عن قرار الترحيل ، بدعوى ان الترحيل مخالف لحقوق الانسان ، ومخالف للحق في المعارضة ، وفي الاختيار السياسي للإنسان ، القضاء الإيطالي يصفع مرة أخرى القضاء المغربي ( محكمة الدار البيضاء ) ، برفض الدعوة التي وجهها له عن طريق البوليس الدولي ، لتسليم مغاربة ( يناضلون ) تحت راية ( الجمهورية ) ، وسبب الرفض هذا ، هو سخافة طلب النظام ، بتركيز دعوة التسليم بتهمة إحراق العلم الوطني الغير مقبولة في الدول الاوربية . ان من سخافة العقلية المتحجرة لفلاسفة النظام ، انهم يجهلون بالمرة كون القضاء بأوربة ، هو سلطة مستقلة قائمة الذات ، ومن ثم لا يمكن لأي سلطة ان تحشر انفها في اختصاصات القضاء ، لان الدول الاوربية تأخذ بمبدأ الفصل الحقيقي بين السلط ، معتقدين ببلاهة تجسد حقيقة الاستثناء المغربي ، ان الأمور في الغرب تمشي كما تمشي في المغرب ، حيث طبخ المحاضر البوليسية المزورة ، وإصدار الاحكام بالهاتف من قبل اشخاص لا علاقة لهم بالقضاء ، وقد كنت ضحية من ضحايا هذه المحاضر البوليسية المزورة ، وكان التوجيه في تدبير الملف يصدره الوزير المنتدب في الداخلية الخسيس المدعو الشرقي ضريس ، وبالتنسيق مع المدير العام للبوليس المدعو عبد اللطيف الحموشي ، وبإشراف صديق ، ومستشار الملك فؤاد الهمة ، ولو رجعنا الى ضبط المكالمات الهاتفية بين الشرقي ضريس ، وعبداللطيف الحموشي بالبوليس الذي انجز المحضر المزور ، والمكالمات التي جرت مع عامل مدينة الخميسات ، ووكيل الملك بها ، لكانت فضيحة مجلجلة بإثبات تزوير الملف من اوله الى اخره ، واثبات جريمة اصدار الاحكام بالهاتف . ان الجهة التي تقف وراء تحريك البوليس الدولي ، لاستلام مغاربة ( معارضين ) ، و ( جمهوريين ) بإيطاليا ، التي يتصف قضاءها بالاستقلالية التامة ، وبحساسيته المفرطة إزاء القضايا السياسية ، خاصة تركيز دعوة الاستلام ، على تهمة حرق العلم الوطني ، لهي دعوة سخيفة ، لان في إيطاليا يمكن لأي كان أي يحرق علم الدولة الإيطالية ، دون ان تطاله المتابعة القضائية ، فالعلم بالنسبة لهم مجرد خرقة ثوب ليس الاّ ، فاليمين المتطرف يقوم مرارا برفع اعلامه في المسيرات ، وفي نفس الوقت يحرق العلم الوطني ، لان مثل هذه الأفعال غير مجرمة بمقتضى القانون الإيطالي ، وتبقى تجسد نوعا من التعبير السياسي ، او الطائش ، او الخياني كما هو الحال عندنا . الكل يتذكر منذ شهور خلت ، تم تسريب خبر سفر كل من السيد ياسين المنصوري المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات ، رفقة المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، والمديرية العامة للأمن الوطني المدعو عبد اللطيف الحموشي الى إيطاليا ، وطبعا الزيارة كانت سرية ، ولم يتم الإعلان عنها عبر وسائل الاعلام ، لان سببها دائما يكون الملفات الخاصة التي تعالج بين الأجهزة البوليسية ، وليس بين الأجهزة البوليسية ، وبين القضاء الأوربي . الكل سيتابع انه بعد تلك الزيارة ، سيتعرض ( الجمهوري ) ( رئيس حركة الجمهوريين المغاربة ) لمحن متنوعة ، مصدرها البوليس الإيطالي ، وليس القضاء الإيطالي ، وبالفعل ستبدأ تلك المحنة مع زوجته ، وستنتقل الى مصادرة أدوات اشتغاله ، وتهديده بالطرد ، والتسليم الى البوليس المغربي . والسؤال هنا . هل يستطيع البوليس الإيطالي تسليم ( تاشفين بلقزيز ) دون قرار ، وحكم صريح للقضاء الإيطالي ، وهو ما يعني ان إجراءات البوليس تكون قد أعطت اكلها من حيث العلاقة مع زوجته ، ومن حيث مصادرة أدوات اشتغاله ، لكن اذا كان من الصعوبة اثبات تورط البوليس الإيطالي في الإيقاع بزوجته ، فان مصادرة أدوات الاشتغال ، وبدون حكم قضاءي في المصادرة ، يبقى اجراءً تعسفيا ، يضرب في الصميم الفلسفة الديمقراطية للنظام السياسي الإيطالي ، وبالفعل فقد استرجع ( تاشفين ) أدوات الاشتغال بأمر القضاء الذي سفه اجراء البوليس . وإذا كان فلاسفة النظام المغربي يعتقدون انه من السهولة بمكان التصرف في اوربة مثل المغرب ، فهم بذلك يكونون خارج الزمن الذي يعيشونه ، لان تفكيرهم لا ينصب الاّ على ما تنتجه مخيلتهم العاقرة ، والمتكلسة من أفكار مقبولة في المغرب ، وليست مقبولة خارجه ، خاصة في دول اوربة التي تنتصر الى المبادئ ، والى القانون ، ولا تنتصر الى التفسيرات البوليسية اذا كانت ستسيئ لصورة الديمقراطية الغربية . القضاء الإيطالي رفض الاستجابة للدعوة التي وجهها له القضاء المغربي ( محكمة الدارالبيضاء ) ، عن طريق البوليس الدولي ، لتسليم مغاربة ( معارضين ) للدولة ، وللنظام باسم ( الجمهورية ) ، خاصة وان سبب التهمة هي حرق العلم الوطني ، وسب ، وقدف الملك ، والدولة . فإذا كان البوليس الفرنسي بدعوة من البوليس المغربي ، هو من طرد المعارض مومن الديوري الى الغابون ، بسبب كتابه " من يملك المغرب ؟ " ، فان القضاء الفرنسي هو من اصدر قرار عودته الفورية الى باريس . واذا كان البوليس الإيطالي هو من تصرف عند حجز أدوات اشتغال ( تاشفين بلقزيز ) ، فان القضاء الإيطالي هو من اعادها اليه . والسؤال : هل يصلح أمثال ( تاشفين بلقزيز ) ، و( رضوان الصلحي ) ، و( مراد الشواي ) جمهوريو الطّانگا ، ان تتحرك دولة بواسطة الانتربول ، لتطالب من البوليس الإيطالي تسليمهم لها ، في حين يقوم القضاء الإيطالي بإلغاء الدعوة ، لأنها تتنافى مع حقوق الانسان ، ولكون المعنيين ( جمهوريي الطّنگا ) معارضين للنظام الملكي ، وللدولة العلوية ، ولان سبب الدعوة هي احراق العلم المغربي ، وهي دعوة غير مقبول اطلاقا في الأنظمة الديمقراطية الغربية . ان جميع الدول الاوربية لن تسلم مطلوبا الى عدالة دولة اجنبية ، خاصة اذا كان المغرب ، من جهة لأنها لا تعتبر المغرب دولة ديمقراطيا ، وانه دولة تمارس التعذيب الذي فضحه انفصاليو الريف الذين تعرضوا لهتك العرض ، وللإهانات المختلف ، ومن جهة ان سبب الدعوة مرفوض ، لأنه سياسي ( حرق العلم الوطني ) ، واوربة لها حساسيات مفرطة إزاء اللاجئين السياسيين ، وإزاء المشتغلين بالسياسة التي تخص بلدهم . ان الحالة الوحيدة التي تشرْعِن التسليم بالنسبة لبعض الدول الاوربية ، وليس كل الدول الاوربية ، لأنها تعتبر النظام المغرب نظام بوليسي دكتاتوري ، هي تهم الاتجار في المخدرات ، وتهم الإرهاب ، وسرقة الأموال ، والجريمة الخطيرة المنظمة العابرة للحدود . اما غير هذه الجرائم ، فان اوربة ترفض تسليم اشخاص لدواعي سياسية ، او عرقية ، او دينية . ومن ثم يكون رفض تسليم القضاء الإيطالي لمغاربة ( جمهوريو الطانگا ) صفعة مدوية في خذ القضاء المغربي .. فمن يقف وراء هذه الزلة ، والخطأ الغير مسموح به ، والذي خدم جمهوريو الطّانگا من حيث لا يحتسبون . فهل إيطاليا كدولة ديمقراطية ، بإجرائها الرافض لتسليم المغاربة المطلوبين ، تعترف لغير الايطاليين ، بالحق في ممارسة الشأن العام لبلدهم فوق التراب الإيطالي ، ومن ثم تكون قد اعترفت ب ( حركة الجمهوريين المغاربة ) بإيطاليا ؟ ان هذا التساؤل يحيلنا الى تساؤل آخر . هل تقبل الديمقراطية الإيطالية أسلوب السب ، والشتم ، والتهجم على الاعراض ، وهي الدولة المفروض فيها حماية الحقوق الخاصة للناس ، حتى ولو كانوا خارج التراب الإيطالي ؟ ان اللسان السليط لهؤلاء لم يوقر أحدا ، من محمد السادس وعائلته ، الى هشام بن عبدالله العلوي ، الى الضابط مصطفى اديب ، الى اللاجئ عبدالرحيم المرنيسي ، الى ( جمهوريين ) آخرين ، ككمال الفحصي ، أمينة الرايسي ، مونية فهيم ... والقائدة طويلة وتطول كثيرا . ومرة أخرى من هي الخلية البوليسية التي تحرك النيابة العامة بمحكمة الدارالبيضاء ، وهي نفس المحكمة وظفوها ضدي بمجرد خروجي من السجن ، لترتكب هذا الخطأ الغير مقبول ابدا ؟ ومرة أخرى فتوظيف القضاء باستعمال البوليس الدولي ، لاستلام مغاربة بدعوى حرق العلم الوطني ، وسب وشتم المؤسسات المغربية ، وعلى راسها الملك ، هو خطأ ، لأنه من جهة خدم المطلوبين من حيث لم يحتسبوا ، وخدم ( جمهوريتهم ) ، ومن جهة فان رفض القضاء الإيطالي للدعوة المغربية ، هي إهانة للدولة المغربية ، وصفعة تم توجيهها للقضاء المغربي . الدولة البوليسية تدمر وتخرب ، ولا تبني وتعمر .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
-
قطر / اسرائيل ضالعتان في اغتيال الجنرال قاسم سليمان
-
كلمة أمازيغ
-
نفس المسرح // Le même théâtre
-
المغرب -- اسبانيا // Maroc -- Espagne
-
الحكومة الاسبانية
-
ايران - امريكا // Iran - SA
-
تعطيل تنفيذ احكام ( القضاء ) في حق الاملاك العامة للدولة
-
قصيدة شعرية / المغرب المنسي .
-
الرئيس دونالد ترامب
-
فخ المشكل الليبي : هل ستسقط فيه تركيا ، ام هو فخ منصوب لمصر
...
-
هل ستندلع حرب نظامية بين امريكا وايران ؟
-
كيف استطاعت الولايات المتحدة الامريكية من الوصول الى قاسم سل
...
-
الجنرال قاسم سليمان
المزيد.....
-
نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة
...
-
وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض
...
-
بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا
...
-
روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
-
للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف
...
-
قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
-
مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
-
مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد
...
-
دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران
...
-
صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|