|
هل يخضع نزاع الصحراء الغربية لصفقة قرن فرنسية .
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6481 - 2020 / 2 / 3 - 09:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان كل البرامج والمخططات التدميرية التي اصابت القضية الفلسطينية في القلب ، خرجت من البيت الأبيض . لقد خرج من البيت الأبيض مؤتمر مدريد في سنة 1982 ، الذي نجح في احداث اختراق للحاجز النفسي لدا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، وهي كانت تستعد لذلك ، وهذا الاختراق هو الايمان والاعتراف الواضح بدولة إسرائيل ، كدولة تفاوض لا دولة اعتداء ، كما نجح المؤتمر في افراغ قيادة منظمة التحرير من كل الشعارات التثويرية ( الثورية ) التي استغرقت تجادل العقل الفلسطيني منذ سنة 1965 ، وبفضل قبول قيادة منظمة التحرير للمؤتمر تكون قد تخلت عن النضال المسلح ، وعن فكر المقاومة الذي عوضته بالمفاوضات العاقرة ، والعقيمة ، التي شجعتها عليها القيادات العربية ، التي كانت القضية الفلسطينية تشكل بالنسبة لها ، أرقا يخيف عروشها ، وكراسي حكمها من قبل شعوبها ، فكانت بذلك تشجع اية مبادرة تخلصها من همّ ، ومخاطر القضية الفلسطينية . لكن عندما فشل مؤتمر مدريد ، وهو صناعة أمريكية ، وحتى تستمر أمريكا في القبض بيد من حديد بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، أخرجت من البيت الأبيض مؤتمر أسلو في نسخة جديدة ، وهو المؤتمر الدي كان ذبحة الموس / الخنجر الحافي للقضية الفلسطينية . لقد مر على مؤتمر مدريد ثمانية وثلاثين سنة ( 1982 ) ، ومر على مؤتمر اسلو اكثر من ربع قرن ( 1993 ) ، وعندما استنفد مخطط اسلو زخمه ، ونجحت أمريكا ومعها إسرائيل في تذويب مطالب منظمة التحرير ، التي أضحت تائهة فاقدة للبوصلة الحكيمة ، التي افقدتها منذ اليوم الأول من تنصيب الفخ ، أخرجت أمريكا ما اسمته بصفقة القرن ، التي سماها عذري مازيغ بصفقة وحيد القرن . انه نفس الفخ تم نصبه بإتقان للجزائر ، ولجبهة البوليساريو ، عندما وافقا على اتفاق وقف اطلاق النار ، تحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 . ومثل تاريخ مؤتمر مدريد الذي سيدُقُّ باب أربعين سنة ، ومؤتمر اسلو الذي جاوز خمسة وعشرين سنة ، تكون قد مرت على اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، تسعة وعشرين سنة بالتمام والكمال ، وستدق بعد اقل من سنة على ثلاثين سنة . المخطط الفرنسي يشبه نظيره الامريكي من حيث الإخراج ، والاتقان ، والتنفيذ ، والتدبير ..فاذا كان مخطط البيت الأبيض الذي افرغ الشعارات الفلسطينية من زخمها التثويري ( الثوري ) لتُطلّق الكفاح المسلح ، وتعوضه بالمفاوضات التي انتهت بالاستسلام التام ، خاصة وان القيادة الفلسطينية اضحت منذ تورطها في مقلب المفاوضات العقيم ، والعاقر ، عارية الظهر ، لان الأنظمة السياسية العربية تخلت عنها ، بل وانها ساندت الصفقة ، واثنت المديح على شخص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، باستثناء سورية ، وتونس ، والجزائر ، والعراق، ولبنان ، فان المخطط الفرنسي ( فرانسوا ميتران ) الذي كان وراء دفع النظام المغربي للدعوة الى وقف الحرب التي كانت تهدد وجوده ، والشروع في لعبة المفاوضات كرهان على الوقت ، وعامل الزمن الذي يذيب الحديد والحجر ، فأحرى الشجر والبشر ، افرغ جبهة البوليساريو من الكفاح المسلح الذي خاضته منذ سنة 1975 ، وافرغ شعاراتها الثورية التي واكبت شعارات السبعينات الأيديولوجية ، والسياسية من مضمونها (الثوري ) التثويري ، ومثل منظمة ( التحرير الفلسطينية ) التي طلقت السلاح وانخرطت في المفاوضات ، كذلك بتوقيع الجبهة على وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، تكون قد طلقت الكفاح المسلح ، ورمت بكل بيضها في سلة المفاوضات المبرمجة فرنسيا . هكذا ورغم تعطيل ما يسمى بالشرعية الدولية ، قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتقاعس الأمم المتحدة في الدفاع عن قراراتها ، واصلت منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ، كجبهة البوليساريو التعلق بالأمم المتحدة المجزرة الكبرى لقضايا الشعوب العادلة ، كآخر ورقة لتأكيد الحقوق المقبورة ، وخاصة وان منظمة التحرير الفلسطينية ، وجبهة البوليساريو ، وبعد كل سنوات الانتظار التي مرت ، قد فقدتا القدرة على العودة الى الكفاح المسلح ، كما كان عليه الحال قبل 1982 بالنسبة للفلسطينيين ، وقبل 1991 بالنسبة للصحراويين . والسؤال هنا بالنسبة لجبهة البوليساريو ، لقد مرت على اتفاق وقف اطلاق النار تسعة وعشرين سنة ، وقريبا ستطل على الثلاثين سنة ، والجبهة لا تزال تنتظر تنظيم الاستفتاء الذي لن ينظم ابدا ، ورغم احباطات الأمم المتحدة للجبهة ، فهي لا تزال تتمسك بها تمسك الاعمى بالعصا ... فالى متى ستستمر الجبهة في المراهنة والتشبث بكائن لا يعيرها ادنى اهتمام ، ويعتبر قضيتها اقل من ثانوية ،حيث تخصص لها دورة مرة واحدة في السنة للمناقشة من اجل المناقشة . ان نوع معاملة الأمم المتحدة للجبهة ، والارتسامات التي تشير الى حتمية حصول تحول نوعي في النظرة الاوربية لطبيعة النزاع ، خاصة اسبانيا التي تدعو الى حل التعقل ، وبريطانيا التي اجازت ابرام اتفاقيات تجارية مع المغرب تشمل خيرات الصحراء ، وخروج الاتحاد الأوربي على قرارات محكمة العدل الاوربية ، لأنها ليست ملزمة بسبب ان احد أطرافها ليس اوربيا ، وتنظيم دورة رياضية افريقية بمدينة العيون المتنازع عليها ، وقدوم دول افريقية بحل قنصليات لها بالمدن الصحراوية المتنازع عليها ... كل هذا قد يعجل بإخراج باريس لصفقة قرن مشابهة لصفقة القرن الامريكية ، يحتفظ فيها المغرب بالأراضي التي يسيطر عليها ، ويترك للبوليساريو الأراضي التي تعتبرها محررة ، لتقيم عليها دولتها التي سيفتح الاتحاد بها سفارات ، وكل دول العالم ، وعاصمتها طبعا ستكون تفاريتي ، وليس العيون ، والنظام المغربي سيقبل بهذا الحل ، طالما سبق وان قسم الصحراء مع موريتانيا في سنة 1975 ، وهو الآن لم يحرك ساكنا لاسترجاع الگويرة الخاضعة لسيطرة الجيش الموريتاني . ومثل اعتبار مستشار الرئيس الأمريكي خريطة صفقة القرن تنازلا من الإسرائيليين للفلسطينيين، ستعتبر اوربة برئاسة فرنسا واسبانيا ، خارطة الصفقة المقبلة ، بمثابة تنازل النظام المغربي لجبهة البوليساريو . واذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد أضحت عاجزة عن الرجوع الى حمل السلاح ، وهي لن تستطيعه سبيلا ، فان جبهة البوليساريو كذلك ، لن تستطيع الرجوع الى الكفاح المسلح الذي تهدد به في كل مرة تحس فيها انها تعرضت الى الغدر ، وتعرضت الى اللاّمبالات . لقد انتهى شيء كان يسمى بالقضية الفلسطينية ، وانتهى شيء كان يسمى بنزاع الصحراء الغربية . وطبعا المسؤول هو قيادة منظمة التحرير التي مارست الجاسوسية للمقاومين والمجاهدين الفلسطينيين مع الموساد ومع الشاباك ، والمسؤول هو قيادة جبهة البوليساريو التي تحولت الى قيادة سياسية على رأس منظمة سياسية ، تحسن الثرثرة وفن البكاء ، الذي يحيلنا على قصة القبرة والصياد .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظواهر
-
الدكتور هشام بن عبدالله العلوي
-
صفقة القرن
-
المحكمة الإيطالية
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
-
قطر / اسرائيل ضالعتان في اغتيال الجنرال قاسم سليمان
-
كلمة أمازيغ
-
نفس المسرح // Le même théâtre
-
المغرب -- اسبانيا // Maroc -- Espagne
-
الحكومة الاسبانية
-
ايران - امريكا // Iran - SA
-
تعطيل تنفيذ احكام ( القضاء ) في حق الاملاك العامة للدولة
-
قصيدة شعرية / المغرب المنسي .
-
الرئيس دونالد ترامب
المزيد.....
-
أطول وأصغر كلب في العالم يجتمعان معًا.. شاهد الفارق بينهما
-
-وحوش لطيفة-..صور درامية لأشبال فهود بوجوه ملطّخة بالدماء
-
إدارة -تسلا- تبحث عن بديل لإيلون ماسك بالشركة.. مستثمر بارز
...
-
أوكرانيا والولايات المتحدة تبرمان صفقة المعادن النادرة
-
فرنسا تتهم الاستخبارات الروسية بشن هجمات سيبرانية متكررة منذ
...
-
غالبية الألمان قلقون خائفون من اندلاع حرب عالمية ثالثة
-
مقتل شخصين وإصابة 5 آخرين في حريق بمنشأة صناعية بطشقند (فيدي
...
-
إيطاليا وقبرص وفرنسا وكرواتيا ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل
...
-
في بيان مشترك.. هذا ما تم الاتفاق عليه بين لبنان والإمارات
-
بوليانسكي: مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا قد تعقد قريبا جدا إذا
...
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|