أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبوالفضل - الندم حياة يا أولى الألباب














المزيد.....

الندم حياة يا أولى الألباب


محمد أبوالفضل

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 15 - 23:53
المحور: الادب والفن
    


منذ وطئ آدم عليه السلام بقدميه على الأرض لا يوجد أنسان لم يمر أو لم يعرف حالة ندم.
قد يندم على سفاسف الأمور التافه منها ، أو ما يراه هو كذلك.
قد يندم على أمر فظيع لم يرتكبه وفاته
فقد يندم على آمال وأحلام وأماني تركها تذوي وتتلاشى.
على طمع الدنيا وجشع لم ينل منه حصة كافية، أو على جشع أرتكبه ووزع آلامه ومآسيه على أناس كثيرين.

من الشائع بين البشر أن الندم الأكثر حضورا كلما تقدم بالإنسان السن.
كلما شابت عوارضه وأتضح الشيب فيه. كأن على الأنسان أن يراجع نفسه ويدخل في حالة إفاقه وصحوة قبل زمن من الموت الذى يراه قريبا بتقدم السن فهو أمر حتمى فالموت كأس وكل الناس شاربه
في الصبى والعافيه وريعان الشباب عليك ألا تشغل نفسك بمسألة الندم على ما فاتك. هكذا يقتنع الكثيرون، طلبا وسعيا حثيثا للكثير مما يرونه مباهج ومسرات وحقا في أستخلاص عسل الحياة وزبدتها وزخرفها. العسل الذي قد يكون في واقعه مرارة وحنظلا والزبدة التي قد تكون زبدا والزخرف قد يكون زائف مضلل

كتب تشارلز ديكنز: «الندم هو الإرث الطبيعي للتقدم في السن»، كيف للإنسان أن يعيش ويتعايش مع إرث في هيئة وواقع ندم؟
ألا يكشف الندم في جوانب منه عن عدة حماقات أرتكبت، وعدة فظاعات مورست، وعدة حقوق أنتهكت؟
ثم ألا يكشف أيضا عن عدة فرص أُهدرت وعدة مواقف أورجئت وعدة خيارات تم التفريط فيها، ومجد رفع الستار عن ملامحه فرآه صاحبه وهما ،فمثل ذلك الإرث الطبيعي، كما أطلق عليه ديكنز، هو عبارة عن محصلة طبيعية لندم بتلك المواصفات. وما مر وفات من نبيل الأهداف والمواقف في ظل ظروف قاهرة عصيه يظل الندم عليه نبيلا توخى صاحبه خيرا يمتد إلى بعض الناس فلم يبلغه.

الكاتب الساخر والصحافي والقاص الأمريكي، أنبروز بيرس عاش ما بين عامى ( 1842- 1914)، يضعنا أمام مقولة فريدة فيها الندم الذي يكاد يكون متشابها بين الناس: ندم سببه بعض الكلمات تترك فعلها وأثرها على الناس. كلمات تخرج من دون تأن أو روية فتصيب الآخرين في مقتل، أو تترك أذاها على البعض
إنه الكلام في لحظة الغضب الذي لا يحتاج إلا إلى لحظة بسيطة ، ولكنه قد يكلف صاحبها فيما بعد ندما طيلة حياته، يختزلها بيرس هنا بقوله: تكلم وأنت غاضب وسيكون أفضل كلام تندم عليه طوال حياتك
ومن بين الذين لا يندمون على ما فات ، فاقدو الأمل.
فالأنسان منا يحتاج إلى أمل كي يندم ويتجاوز ندمه .
أما اليائس لا وقت لديه للأمل، ولا وقت لديه للندم على شئ فاته كي يفتح صفحة جديدة. كي يتجاوز أخطاءه السابقه وما فات منه.
وهنا شكسبير يختصر المسألة مقولته : من فقد الأمل فقد الندم

أما الراحل البارع أنيس منصور، فيضعنا أمام حقيقة بعض الأفراد، من خلال من يسوفون التصريح بالعيوب لمن يحبون، لمن هم على صداقة وود معهم. يؤجلون ذلك إلى أن تحين لحظة الفراق التى لا رجعة بعدها، في إشارة لكاتبنا الراحل إلى أن (الشخص الوحيد الذي لا يستحق الندم على رحيله ذاك الذي لا يخبرك بعيوبك إلا بعد فراقك).

والذين لم يندموا بعد على ما فاتهم ، لن يتمتعوا بحياتهم كما يجب، وستكون بمثابة الموت اليومي البطيء بالنسبة لهم ، على أن الأسوأ بين كل أولئك البشر من لا يجد الندم مكانا في قلبه وقناعاته ندما على ما فرط وندما على ما أسرف.
فلا يوجد ما نكتبه عن الذين لا يندمون سوى أنهم لا علاقة لهم بالحياة الدنيا وبالجنس البشري من الأساس.
فالأموات وحدهم الذين لا يندمون.

 



#محمد_أبوالفضل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملان الهموم جنون
- وهم العصمة الحزبية
- جوهر الأشياء أدق وصفا
- الذكريات منح ربانية
- التعليم يا عرب
- مع أيقاف التنفيذ
- للمحبين عالمهم
- حضرة النائب نائم
- النائب نائم
- النبيل محمد جمال الدين الأيوبى
- بين المكسب والخسارة
- مرتزقة السياسة
- كل يوم هو فى شأن
- الموت كأس
- الأشاعات وعصر الرقمنه
- عراقنا يا عرب
- بيع روحك مين الجانى مين
- قوة القلم
- عملية أستشهاد وطن
- مرايا الحب عمياء


المزيد.....




- -كأنه فيلم خيال علمي-: ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
- قمر عبد الرحمن لـ -منتدى البيادر للشعر والأدب-: حرب الوجود ا ...
- -الشاطر- فيلم أكشن مصري بهوية أميركية
- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبوالفضل - الندم حياة يا أولى الألباب