أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خليل قانصوه - عودة سعدى














المزيد.....

عودة سعدى


خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)


الحوار المتمدن-العدد: 6489 - 2020 / 2 / 11 - 15:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


خليل قانصوه ـفرنسا في 11.02.20020
عودة سعدى

سعدى شخصية حقيقية ، التقيتها مصادفة في منتصف ستينيات القرن الماضي . اقترن اسمها وطيفها اللذان رافقاني منذ ذلك التاريخ وكنا مراهقين ، باسم فلسطين . وصرتُ اناجيها وأودِعها ما يخطر بالبال من أفكار وملاحظات من وحي ما يتناهى إلى علمي وسمعي وما يقع عليه بصري من أحداث لم يتوقف جريانها بعدُ وقد بلغتُ خريف العمر !

لم تمكث سعدى معنا في المنزل سوى أشهر قليلة عادت بعدها إلى المخيم الذي وُلدت فيه غداة النكبة ، تحت سقف من الصفيح . رأيت بأم العين الطائرات الحربية الإسرائيلية تقصف المخيم ، شاهدت في ذلك اليوم سعدى لآخر مرة ، الذي استشهد فيه " الفدائي " الفلسطيني "عماد ". كانت تسير خلف والدها نحو منفى جديد . تناوبت الطائرات على المخيم فصار أثراً بعد عين !

لقد اكتشفت بعد سنوات طويلة ، أثناء رحلة إلى إفريقيا ، أن ظهور سعدى في وقت من الأوقات لم يكن حدثاً عابراً في حياتي . كنت أجلس في مقهى في باماكو عاصمة مالي ودون أن أدري وجدتني أعود بالذاكرة إلى الماضي ، أبحث في مكنوناتها عن حب مكبوت ، كان خفياً ولكن مؤثراً ومحفزاً . استفاقت في داخلي ، في مدينة باماكو في مالي ، حيث يخفتُ الصوت والضوء والحركة ، مشاعر إنسانية معقدة من المرجح أنها كانت في غيبوبة!

أعتقد الآن و بعد مرور السنوات ، أن القضية الفلسطينية بما تمثله عقائديا و انسانيا هي البيئة التي احتضنت ذكرى سعدى في وجداني . لا شك في أن المرأة هي التي تضفي على المكان هويته وحقيقته ومعناه ، خصوصاً في المهجر ، ونحن في حالة اغتراب عن فلسطين . إن قضية فلسطين هي قضية استعمار استيطاني ، وبالتالي من الطبيعي أن يكون المرء العاقل متأذٍ إنسانيا من الاستعمار ، ومن الاستعمار الاستيطاني على وجه الخصوص .

ولكن إذا كان المكان المغتصب هو حيث تحيا الأم أو الحبيبة ، فإن هذا المكان يصير أكبر من قضية استعمار استيطاني . فالذي يطرد الأم أو الحبيبة إنما يأخذ أيضا مكان الولد و الذات . لا أعرف الآن شيئاً عن سعدى . لا تزال صورتها خلف والدها محفورة في الذاكرة كمثل مفتاح تركه لاجئ فلسطيني لولده رغم أن هذا الأخير يجهل مصير الباب !

مجمل القول أنني أستطيع أو بالأحرى اعتدت أن أتخيل صورة المخيم الذي كانت تعيش فيه سعدى الشابة الفلسطينية الرشيقة الجميلة ، فيما كان يتعرض لقصف الطائرات الإسرائيلية بالإضافة إلى صورة أخرى لهذه الشابة في ساحة المدينة هاربة ، مرعوبة من الجحيم .

أعترف أن سعدى تتراءى لي كأنها قبس أو شُعلة ، كلما استوقفني خبر أو حدث عن فلسطين أو كلما هممت بالكتابة عن قضيتها . لم أستغرب أن تعاودني في بلاد مالي ، مشاعري نحوى سعدى ، كما كانت في البدء . لقد رأيت مالي عندما زرتها مخيما واسعا .

أنا في الواقع بصدد ارتجاع بعض من حكاية سعدى أو توخياً للدقة ، أقدم ما تجمّع لدي حتى الآن من خيوطها ومادتها الفكرية والتاريخية . من المحتمل أن تكون سعدى في مخيم من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المتبقية ، التي لم تـُفرغ بعدُ ، ولم تـُدمر و تـُحرق . ينبني عليه أنها محاصرة ، لأن مخيم اللاجئين الفلسطينيين محاصر أو من المفترض أن يكون محاصرا ريثما تتم تعبئته سلاحاً و بارودا و"جهاديين ".

(من كتابي : رسائل إلى سعدى)



#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضايا المقهورين في إعلام المتسلطين !
- ملحوظات على الإنتفاضة القسم الثاني
- ملحوظات على الانتفاضة
- عن الوطن و الدولة الوطنية بعد فوات الآوان
- إنهيار الدولة من مساوئ حكامها !
- شبه الدولة التي لا يمكن إصلاحها ، لا لزوم لها
- اشتموا كوشنير!
- صفقة القرن و دولة الأباتهايد
- صفقة القرن و دول العصي
- دولة العصا و أحزاب العصا
- الهوية الوطنية و الهوية الفئوية
- إن الصراع هو على لبنان و ليس في لبنان
- الذين يادروا إلى شن الحروب لم ينتصروا
- معادلات السنين العجاف
- الامبريالية الأميركية الإسرائيلية (4)
- عبثية معاونة الأكراد للولايات المتحدة الأميركية في سورية
- الإخوان بين الأمس و اليوم
- هل انتقمت الصواريخ في سورية للطائرة التي اسقطها الإيرانيون ؟
- غارات إسرائيل و نهاية الإمارة
- الأملريالية الجهادية و التوراتية


المزيد.....




- ترامب وماسك وفانس كعمّال.. صينيون يسخرون من الحرب التجارية ب ...
- -زفيزدا-: مسؤول أمريكي كبير يشارك باحتفالات -عيد النصر- في م ...
- غزة: 52.418 قتيلا حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع
- غزة: إسرائيل تفرج عن مسعف فلسطيني بعد نحو شهرين من مقتل 15 م ...
- وسائل إعلام سورية: مقتل رئيس بلدية صحنايا وابنه
- -المسيرة-: غارات أمريكية تستهدف مديرية خب الشعف بمحافظة الجو ...
- رد مصري على محاولة التلفزيون الإسرائيلي تشويه أهرامات الجيزة ...
- بريماكوف: سلطات ألمانيا تحاول بوقاحة منع ممثلي روسيا من المش ...
- مستشار بالكونغرس الأمريكي للمخادعين فوفان ولكزس: نسعى جاهدين ...
- ترامب يهنئ إسرائيل بعيد -الاستقلال- ويؤكد عمق الشراكة بين ال ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خليل قانصوه - عودة سعدى