وزارة التربية..وحلم مدرسة في قضاء الجبايش

نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

جمعني قبل أسابيع لقاء مودة مع الباحث العراقي الدكتور رشيد الخيون في واحدة من ملتقيات ثقافة الوطن التي تحاول ترميم الحذر وارتباك المصطلحات بين وعي الداخل والخارج . كوننا نشترك في هاجس الولادة بمحافظة واحدة وكوننا أصدرنا كتابين عن موضوعة واحدة من نفس الدار والجهة الداعمة عن الديانة المندائية ورؤاها الكونية ، ولأنني أرى في أستذته في التحقيق التراثي مرجعا للكثير من رؤى الكتابة لدي .
والدكتور الخيون ولادة الجبايش ، وهي إحدى مدن الأهوار الشهيرة بطبيعة المكون الوجودي لهذه الطبيعة من خلال بيوت القصب واهواره التي تتطلع اليوم إلى عودة ماكان بعد أن عانت المنطقة من إهمال عبر عصور كثيرة بدأت منذ زمن الدولة العراقية الحديثة وحتى يومنا هذا ومما زاد الطين بله شمول هذا القضاء بخطة التجفيف ليضطر سكانه إلى النزوح إلى مدن التحضر البعيدة بعد أن حاصرهم الجوع والجفاف وموت الطبيعة بكل موجداتها ، الطيور ، الماء ، الأسماك ، الجاموس ، القصب .
وعلى هامش إهدائي الرقيق للدكتور الخيون وأنا أقدم إليه كتابي (( الأهوار طبيعة ساحرة بين الأزل والأمل )) ، ليستوقفه فصل عن ذكريات التعليم في الأهوار ليسألني عن مدينته التي تصله منها أخبار لاتسر في ديمومة معاناتها وحاجتها إلى الخدمات رغم فضاء الحرية والتغيير . وكان همه منصبا من اجل تطوير المدارس حيث قال: إن ذكرياته المدرسية يستعيدها الآن بتفاصيل شوقه الكبير لمدينته ورغبته أن يجدها جديدة في ظل عودة الماء والحياة إليها.
أستعيد كلام الدكتور رشيد الخيون وأنا أفكر في رغبة إشعار السيد وزير التربية بحال الجبايش وأجيالها التربوية .
إنها حال لاتسر . فهذه الحاضرة المائية كتب عليها أن تبقى تمسك حلم أن تكون وتلحق بركب التحضر عبر هواجس السبورات وإبداعها. ولكنها لازالت سبورات معلقة على شبة القصب أو حائط الطين. وحتى مدارس الطابوق تحتاج إلى من يرمم بها الاندثار . وقد تفعل مديرية تربية ذي قار ما في وسعها لكنها لن تصل أبدا إلى طموح تلك المدارس. فهي تريد برودة لصيفها القائظ جدا .ودفئا لبردها الذي لايرحم . تريد ماء صافيا لظمأ تلاميذها بعد مرح براءة كل فرصة درس . تريد تغذية مدرسية منتظمة تقتل فيهم شيئا من فقر ورثوه من حزن الحروب وحصاراتها .
تريد بدلات سنوية لأطفالها .حواسيب . مشاحيف جديدة للمدارس التي تنام في عمق الهور .تريد نورا كهربائيا في الصفوف .
تريد كل ما يجعلها مؤهلة لتخرج لنا أطفالا يذهبون إلى الكليات لااطفالا يهربون من المدرسة بعد الصف الثالث الابتدائي .
إنها أحلام مدارس الجبايش . أضعها أمام طاولة السيد وزير التربية الجديد ليس لأني صحفي وكاتب عليه أن يشعر بمعاناة مايراه وينقله للناس .بل لأنني تربوي أعيش في هواجس المكان وروحه في الوظيفة كل يوم واكتب عنه كلما سنحت لي فرصة كي أري العالم حجم مايحتاج هذا المكان بعد سني هائلة من العوز والنسيان والجفاف .
ربما هذه أول رسالة صحفية توضع عبر وسائل الإعلام على طاولة وزير التربية ليأخذ في حساباته حاجة قضاء الجبايش وكل مدن الأهوار إلى مدارس تشبه في حد أدنى المدارس التي توفر الراحة لتلاميذها .
وعليه أن يضع الأمر في أولويات رؤاه وهو يذهب بمملكة الدفتر والقلم إلى أربع سنوات قادمة وعساها أن تكون سنوات للتغير والعبور من محنة الموت والتفخيخ إلى سرمدية هدوء المواطن وراحته كما يعيش خلق الله في باقي أمم الأرض .
اعتقد إنني وأنا أعيش هذا الحلم المدرسي وألامس أجفان رغبته في كل يوم . صار بمقدوري أن أُوصل شيئا من رغبته إلى ولي الأمر.وان أحقق أمنية صديقي واساتذي الدكتور رشيد الخيون بان تكون مدارس الجبايش مدارس للحلم العراقي القادم .

#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات