أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال الربيعي - العودة الى لينين 3















المزيد.....

العودة الى لينين 3


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 6462 - 2020 / 1 / 11 - 02:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يعرَّف المحلل النفسي اللاكاني والفيلسوف الماركسي سلافوي شيشيك, Slavoj Ž--------iž--------ek , اللينينية بما يمكن أن نسميه سياسة المسؤولية. يميز هذا اللينينية عن "اليسارية الليبرالية", وهو تعبير يستخدمه شيشيك للإشارة ليس إلى المدافعين عن طريق بلير-كلينتون الثالث وشركائهم في مرحلة ما بعد الحداثة, بل إلى أولئك الذين يعارضون حقًا الرأسمالية العالمية ولكنهم يتجنبون العواقب الوخيمة لتطبيقهم مبادئهم. على الأقل, ضمنيا, يتضمن مفهوم "اليساري الليبرالي" التروتسكيين التقليديين: اليس من واجبنا التعرف على اتباع تروتسكي الذين يدخلون, بسبب "الحماس الثوري الهستيري", في حلقة مفرغة, وحماسة أولئك الذين يفضلون البقاء في معارضة ويفضلون (علنًا أو سرا) تجنب عبء الاستيلاء على مقاليد الأمور. اللينيني الحقيقي لا يخشى أن ينتقل إلى حيز الفعل ويتحمل المسؤولية عن كل العواقب, غير السارة, المترتبة على تحقيق مشروعه السياسي. إن هذه المعارضة بين "اليساري الليبرالي" المتلهف لإنقاذ "روحه الجميلة" و "اللينيني الحقيقي" الذي يتقبل بصرامة المسؤولية عن عواقب أفعاله تذكرنا بالصفحات الختامية الشهيرة لمحاضرة ماكس ويبر "السياسة كرسالة"
(ماكس ويبر عالم اجتماع واقتصاد سياسي الماني شهير 1920-1864 ويشتهر بافتراضه أن "الأخلاق البروتستانتية" (القيم البروتستانتية المفترضة للعمل الشاق والتوفير والكفاءة والانتظام) ساهمت في النجاح الاقتصادي للمجموعات البروتستانتية في المراحل الأولى من الرأسمالية الأوربية).
يميز ويبر هنا بين طريقتين أساسيتين يمكن أن ترتبط بهما الأخلاق والسياسة:
"يمكن أن يتبع النشاط ذي الوجهة الأخلاقية حالتين أساسيتين متعارضتين وغير قابلة للتصالح. يمكن أن يتبع "أخلاقيات الإيمان المبدئي" (Gesinnung) أو "أخلاقيات المسؤولية". ليس الأمر أن سياسة الإيمان المبدئي مطابقة لعدم المسؤولية, ولا أن أخلاقيات المسؤولية تعني عدم وجود قناعة مبدئية. بالطبع, هذا غير صحيح. ولكن هناك تعارضًا عميقًا بين التصرف بموجب مبدأ أخلاقيات العقيدة (بعبارة دينية: " المتدين يفعل ما هو برأيه صواب و يترك النتيجة لحكم الله: "ان شاء الله!"). اما التصرف بموجب أخلاقيات المسؤولية فيعني أنه يجب على المرء نفسه أن يكون مسؤولا عن النتائج (المتوقعة) لأفعاله."
Max Weber
Political Writings
359–P
يمكن تنزيل الكتاب بالكامل في
https://www.sss.ias.edu/files
/Weber%20-%20Political%20Writings.pdf#page=12&zoom=auto,-99,242

القى ويبر في يناير 1919, اي في أعقاب الثورة الألمانية في نوفمبر 1918 والنهوض اليساري غير الناجح في برلين والذي شهد اغتيال روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنخت, محاضرة "السياسية كرسالة " التي هي بعيدة كل البعد عن اللامبالاة الاكاديمية كما يزعم البعض. كما لاحظ بيري أندرسون, إن النص يمتلئ بالكلام المناهض للثورة وبالوطنية- الشوفينية.
P. Anderson, “Max Weber and Ernest Gellner,” 189
A Zone of Engagement
https://www.amazon.com/Zone-Engagement-Perry-Anderson/dp/0860915956
( قراءة ممتازة و دقيقة ل"السياسة كرسالة" ورفيقها "العلم كرسالة")

إنه اليسار الثوري الذي يتعامل معه ويبر باعتباره المثال الرئيسي لأخلاقيات المعتقد: انها سياسة صالحة عندما تمارس بصدق واصالة - وهو ليس الحال في "تسع حالات" من أصل عشرة "، حيث "أني أتعامل مع أناس ثرثارين وكلامهم اكثر بكثير من فعلهم. انهم الأشخاص الذين يسكرون انفسهم بأحاسيس رومانسية ولكنهم لا يؤدون حقًا ما يأخذونه على عاتقهم". وهذا يعني ضمناً التخلي عن هذا العالم والنجاح العملي. أية محاولة عملياً لتحقق المبادئ المطلقة يجب ان تخفق لأنها تتطلب اللجوء إلى العنف الموروث في جميع السياسات, ومن ثم الصراع مع "القوى الشيطانية التي تكمن في كل أعمال العنف". ليس سيقتصر الأمر على كبح اخلاقية الأعمال السياسية التي تمارسها فحسب, ولكن أيضًا تصبح الحركة الثورية نفسها أداة للمصالح المادية التي ستستخدم حتماً وعودها لإضفاء الشرعية على نفسها.

يتضح العداء السياسي وراء تمييز ويبر بين أخلاق المعتقد واخلاق المسؤولية في هذه الرسالة إلى روبرت ميشيلز، الذي كان (لا يزال) سينديكاليا: السينديكالية او مجالس العمال, بكثير من التبسيط هنا, هي حركة عمالية في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الاولى حيث كانت تعتبر الماركسية نظرية اصلاحية. في الاتحاد السوفيتي عارض السينديكات بعيد الثورة اشراف الدولة العمالية على المصانع كبديل لمجالس العمال المحلية واعتبروه بمثابة رأسمالية الدولة state capitalism وهنالك شيوعيون عراقيون يؤمنون بالسنديكالية بدون ذكرها صرحة. وهم ليسوا بلشفيين اوانهم اعدائها! واني اعتقد شخصيا ان المجالسية مرهقة جدا وتستنزف كل الوقت, فاني عليّ ان احضر اجتماعات متكررة يومية او شبه يومية من اجل المناقشة والتصويت على كل شئ, مثل كيفية دفع قائمة الكهرباء او توفير اضاءة افضل لمحلتي او اشياء مماثلة على الصعيد الوظيفي.
اما روبرت ميشيلز, 1963-1876، فهو عالم الاجتماع والاقتصادي الإيطالي المولد في ألمانيا, والمعروف بصياغته "القانون الحديدي للأوليغارشية"، الذي ينص على أن الأحزاب السياسية و منظمات العضوية الأخرى تميل حتما نحو الأوليغارشية والسلطوية والبيروقراطية ( ميشيلز محق على الاقل هنا عندما ننظر الى احزاب العملية السياسية في العراق وكونها احزاب سلطوية استبدادية- ويمكن مراجعة المزيد في
Robert Michels and the Iron Law of Oligarchy
https://digitalcommons.ilr.cornell.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1404&context=articles
في كتاباته اللاحقة, اعتبر ميشيلز الحكم النخبوي او السلطوي ليس أمرًا لا مفر منه فحسب, بل كان أيضًا مرغوبًا فيه, ولم يعارض ظهور الفاشية في إيطاليا. ويبدو ان العملية السياسية في العراق تجسد مقولة ميشيلز في تبنيها للفاشية كفكر عابر للآيديولوجية او كونه meta-ideology لاسباب تتعلق بالتبعية للرأسمالية العالمية وتنامي فاشيتها, او كطريقة حكم, كما شرحت في مكان آخر.

يقول ويبر في رسالته الى ميشيلز "هناك احتمالان. إما: (1) "مملكتي ليست من هذا العالم" (تولستوي, أو سنديكالية مدروسة بعناية ...). . . أو: (2) الثقافة - (أي الهدف, ثقافة معبر عنها في التقنية, وما إلى ذلك، "تحقيق الإنجازات"), وهي بمثابة تكيف مع الحالة الاجتماعية لمجمل "التكنولوجيا", سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أيا كان . . . في حالة (2) ، كل حديث عن "ثورة" هو مهزلة, كل فكر بإلغاء "هيمنة الانسان على الانسان" من قبل أي نوع من النظام الاجتماعي "الاشتراكي" أو تحقيق اكثر أشكال الديمقراطية تطورا" هو يوتوبيا. . . من يرغب في العيش ك "انسان عصري" يتخلى عن كل هذه المُثُل التي تروق لك بشكل غامض بنفس الوقت الذي تغادر فيه (الكلام عن) مبررات الثورة, دون أي "هدف", دون "هدف" يمكن التفكير فيه".

وهكذا فإن أخلاقيات المسؤولية تعني قبول الحقائق الموضوعية للعالم الحديث - وهي حقائق تجعل الديمقراطية وكذلك الاشتراكية مجرد طوباوية. وبالتالي فإن ممارس هذه الأخلاق يتخلى عن الثورة ويقبل بشكل صارم بالطابع التنازلي بالضرورة لكل العمل السياسي الذي ينشأ عن تشابكه في رابطة السبب والنتيجة التي لا يمكن التنبؤ بها واعتماده اهداف مشبوهة بها أخلاقياً او انها خطرة اخلاقيا.
Weber
Political Writings
360

يوضح التصميم والخطاب الكاملين لـ "السياسة باعتبارها رسالة" تفضيل ويبر لهذا الموقف الأخلاقي, ضد ما يصوره على انه سلوك الهواة لخصومه البلاشفة والسبارتاكيين. لذلك, من المفارقة للغاية أن يستخدم شيشيك عبارات مشابهة إلى حد كبير لما يستخدمه ويبر: "اللينيني الحقيقي" هو بعرف شيشيك, "لا يخشى... تحمل المسؤولية عن كل العواقب, حتى غير السارة, في تحقيق مشروعه السياسي"، في حين أن أخلاقيات المسؤولية تتطلب" على المرء أن يتحمل مسؤولية العواقب (المتوقعة) لأفعاله. "الموقف الأخلاقي للثوري الأصيل, بدلاً من "الروح الجميلة" اليسارية الليبرالية ، التي في سعيها لتحقيق اخلاقية العقيدة, تتجنب العالم لتفادي العواقب العملية الفوضوية وتترك العالم كما هو. يؤكد كالينيكوس إن المفارقات لا تُخشى بالضرورة. في الواقع, من خلال ضم ويبر ولينين معا إلى نفس المجال الفكري, قد نلقي الضوء على ما هو مميز وقيم في سياسة لينينية حقيقية. هذا ما سيحاول كالينيكوس القيام به في بقية هذا الفصل الذي سيتناول موضوعة:
مركزية النظرية

يتبع



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العودة الى لينين 2
- العودة الى لينين 1
- الرأسمالية الآن: حية ام ميتة!
- تصاعد الشعبوية-الشعوبية في عصرنا
- انتفاضة العراق انتفاضة ضد الفاشية! (3/3)
- سلمية التظاهرات, العنف, وفرانتز فانون
- -لماذا أنا شيوعية!-
- انتفاضة العراق انتفاضة ضد الفاشية! (2)
- انتفاضة العراق انتفاضة ضد الفاشية! (1)
- يطالب الأطباء بالتدخل الطبي -العاجل- لإنقاذ حياة جوليان أسان ...
- ديموقراطية بريمر-الرأسمالية هي حمامات دم!
- الوثائق الإيرانية المسربة بخصوص نفوذ ايران الهائل في العراق
- عائلة برزاني في كردستان تنفق 47 مليون دولار على منزلين في بي ...
- بيان شيوعي عالمي بالضد من الانقلاب الامبريالي في بوليفيا
- الاشتراكية-الشيوعية هي مستقبل البشرية
- تعرية خمسة اساطير حول ثورة اكتوبر
- ميلاد عراق جديد!
- الرياضيات وشيوعية تحقق نبؤة نيتشه في الانسان التافه!
- -الإمبريالية- بمفهوم لينين في القرن الحادي والعشرين
- -إنهم أسوأ من صدام-


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال الربيعي - العودة الى لينين 3