أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - مناقشة كتاب اقتفاء اثر الفرشة















المزيد.....


مناقشة كتاب اقتفاء اثر الفرشة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6458 - 2020 / 1 / 7 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


مناقشة كتاب اقتفاء أثر الفراشة
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها دار الفاروق تم مناقشة كتاب «اقتفاء أثر الفراشة، دراسات في شعر محمود درويش» للكاتب الفلسطيني الدكتور «نبيل طنوس»، وقد افتتح الجلسة الروائي محمد عبد الله البيتاوي مرحباً بالدكتور نبيل وبالضيوف الكرام في نابلس وفي دار الفاروق، ثم بدأ حديثه بالقول: إن الآراء في الجلسات النقاشية الثقافية تتنوع وقد تبدو في أحيان كثيرة متعارضة، وهذا يعود إلى طبيعة النص المطروح للمناقشة وإلى طبيعة وجهات نظر المناقشين وطبيعة استيعاب كل منهم للنص المطروح للنقاش، وكتاب «اقتفاء أثر الفراشة» الذي يتناول جزءاً من أعمال محمود درويش، قد يكون التضاد فيه عميقاً، وهذا ما قد يُصعِّب على القُرّاء الحديث عنه، فالكتاب يفتح أبواباً عديدة على كثير من المدارس النقدية، وهو يتناول ثمان قصائد مختارة من شعر محمود درويش، إلا أن الأسلوب الذي استخدمه الناقد وهو أسلوب السهل الممتنع، بعيداً عن التلاعب بالألفاظ وباللغة الغليظة التي اعتدناها عند كثير من النقاد، التي تجعل القارئ ينفر من النقد، إلا أن هذا الكتاب يفتح المجال كثيراً أمام القُرّاء كي يتناولو ما فيه وإبداء الرأي في بعض الأحيان، وهنا سوف نحاول استعراض ما جاء فيه.
وبداية دعونا نستمع إلى رأي الشاعر عمار خليل الذي قال: كيف يُمكن للقارئ أن يقدِّم قراءته عن كتاب نقديٍ أو عن دراسة أدبية، إذ على القارئ حينها أن يقف بذات المسافة بين الكاتب صاحب الدراسة وبين النص الأصلي في الدراسة، فما بالك حين تكون بين يدي كاتب متمرِّس وبين نص شعريٍ صاحبه محمود درويش، هنا تكمن المزاوجة والاكتشافات الجميلة، والمتعة ذات اللذة النصية الدائمة. في الفصول الثمانية من هذا الكتاب «اقتفاء أثر الفراشة، دراسات في شعر محمود درويش» للكاتب «نبيل طنوس» قد اقتربنا أكثر فأكثر من شاعرية درويش، ومن لذة النقد والقراءات، لقد أمسك الكاتب بيدنا لنقتفي معه أثر تلك الفراشة، فهل رأينا ذلك الأثر؟ في رأيي لقد رأينا الفراشة ولم نرَ أثرها بالمعنى الحقيقي في النصوص، فكما أشار الكاتب نفسه إلى أهمية العنوان لأي نص، لأنه النواة التي يُبنى النص عليه، في رأيي لم يوفّق الكاتب في عنوانه للكتاب، ولكنه كان موفقاً جداً في عرض كثير من الأغراض الشعرية والفنيات الرائعة في نصوص درويش، واستطاع أيضاً رسم صورةً سيميائيةً في كثير من الدلالات العميقة في القصائدَ عرضها، ما مررت عليها ولم أذق حلاوتها كما قدّمها الكاتب على مائدة اللذة الكامنة في النصفنبيل طنوس كان صاحب سلطةٍ مُطلقة في نصه، بحيث يُشعرك –كقارئ- أنه ما عليك سوى الاستقبال والترحيب برأيه في نصوص درويش، بل كان مُقنعاً في رأيه، يشارك القارئ في تقديم الرؤية والرؤيا للنصوص، وكثيراً ما منحنا الكاتب تلك المعلومة بين ثنايا النصوص، المعلومة التي ترتبط عضوياً بنص درويش، مما أعطى النصوص حيوية فوق حيويتها، وهذا يُحسب للكاتب. لعل الكاتب هنا وخاصة في موضوع "تطور مفهوم الهوية في شعر محمود درويش في الهوية الإنسانية/العالمية وتحديداً في قصيدة «سيناريو جاهز» لم يرد الدخول في عمق الدلالة النصية التي تؤدي بالضرورة إلى فكر درويش المناقض لقصيدة «عابرون في كلام عابر« إذ ينتقل درويش من: «خُذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا» إلى: «أنا وهو.. شريكان في شَرَكٍ واحد، وشريكان في لعبة الاحتمالات، ننتظر الحبل.. حبل النجاة»، إذن هو شكل آخر من الرأي والفكر، فهل الكاتب من المؤيدين للفكرة الجديدة أم أنه تعمّد عدم الغوص في لجج هذا التحول الدرويشي؟ من الجميل بل من الرائع ما قدمه الكاتب عن قصيدة «يأس الليلك» هذه القصيدة التي وضعتنا أمام كثير من الأسئلة المتوالدة والتي طغت على القصيدة ذاتها. هذا الكتاب لم يظهر لنا درويش الشاعر المثقف فحسب، بل أظهر لنا أيضاً هذا الكاتب المثقف، وهذا ما نحتاجه كقارئين ومتلقين، حيث تصبح اللذة لدينا مضاعفة وأكثر ديمومة.
أما الكاتب همام الطوباسي فقال باختصار: لقد كانت لغة الكتاب سهلة وبسيطة، وتوصل فكرة النقد وعمق شعر درويش بطريقة سلسة، وتفتح باب المعرفة أمام القارئ ليتعرف على كيفية التحيل والغوص في الشعر.
أما الروائية فاطمة عبد الله سلامة فقالت:
هيمن شعر محمود درويش على كثير من الكتاب والدارسين والنّقاد، ومما لا شك فيه أن شعر درويش يثير قريحة وشهية أي قارئ، لكن ليس كل قارئ أو دارس يصل حد اللياقة اللازمة للقيام بدراسة نقدية وتكنيكية، سابراً عمق دلالات النصوص وكاشفاً هوية الإبداع، مبتعداً عن نمطية القراءات. في هذا الكتاب «اقتفاء أثر الفراشة» مجموعة من الدراسات ملك الباحث الدكتور «نبيل طنوس» وعياً ويقظة فكرية وتدريب فني إبداعي تجشم من خلاله عناء البحث والتدقيق والتوثيق. يملك الكاتب تاريخ طويل في مقارعة اللغة وتطويعها لتخدم ذات محملة بتجارب كثيرة ومعاناة مكتملة الأركان وهموم إنسانية وذاتية شتى، تجعل من الصعب على الدارس الذي تصيبه الدهشة والإعجاب الإمساك بهذا الكائن اللغوي المسمى «قصيدة» وجعله في بيئة مناسبة وأرض رحبة، ممكناً إياه من أن يسطو سطوته ويفرض هيمنته عليه، ليبدأ بتوسيع فضاءاته وإطلاق قوة الاحتمالات في تفسيره. على عتبة العنوان كما درج الكاتب فعله في كافة القصائد التي قام بدراستها نقف لنقتفي أثر الفراشة وبأبسط ما يعرف عن الفراش توجهه نحو الضوء والنور فنرى بكل تجلي ما كان مبهماً وغامضاَ، نتوسم ملامح القصيدة، وندخل لاحقاً في أثره في كل دراسة حقلاً بحثياً معيناً مستخدماً أدواته باجتهاد لفك أسرار هذا الخطاب الشعري وشيفراته. الدراسة الأولى: «معمودية الحجر في شعر محمود درويش «يفسر في هذه الدراسة ظاهرة تحول الحجر في شعر محمود درويش من مفهوم يدل على القسوة وحقلها الدلالي إلى مفهوم يدل على الحنية والرقة وحقلها الدلالي، ص15، يتحدث عن الماء عنصر الحياة الأساسي، والمعمودية كطقس مسيحي للتطهر من الخطيئة، يشرح مراسم المعمودية، ثم أمثلة من قصائد محمود درويش يكون الحجر فيها موتيفاً. بالرغم من أن هذه الدراسة هي من اجتهاد الباحث إلاّ أنه في نهاية هذه الدراسة يؤكد على أن الحجر يعبر عملية «معمودية بالماء» كي يتحول إلى الأحسن. يقرر إنهاء المسألة ولم يجعلها قيد حوار أو نقاش من وجهة نظره! ص28. الدراسة الثانية: «الصورة الشعرية عند درويش، على هذه الأرض ما يستحق الحياة — نموذجا« يُعرّف في البداية الصورة الشعرية لغتاً واصطلاحاً، ثم يتناول العنوان وعدد تكراره وفائدة هذا التكرار، وينتقي بعض الصور الشعرية من القصيدة شارحاً ومفسراً عمقها وجمالها، ثم في آخر الدراسة ملحق القصيدة موثقاً المصادر التي استعان بها. الدراسة الثالثة: «حجر كنعاني في البحر الميت بين الواقع والرؤيا» الرؤيا وماهيتها، مكانة الشاعر واعتباره المعبر عن هوية شعبه، يعتمد على التحليل السيميائي في دراسة القصيدة ليثبت في تحليلاته أن الشاعر يملك وعياً واقعياً لما هو قائم، حساسية الشاعر وطاقته اللغوية، مع ما يملكه من مخزون معرفي وإدراك يتمثل بحقيقة كينونته، شكلت قصيدة ذات رؤيا مستقبلية تؤكد على أن الشعب الفلسطيني سيبعث من جديد. وفي نهاية الدراسة يشير إلى أن التحليل السيميائي يتأثر بدرجة كبيرة بشخصية من يقوم بالتحليل وبالظروف المحيطة به ولذلك يختلف التحليل من شخص لآخر، ومن منطقة لأخرى ومن فترة زمنية لأخرى، وهو بذلك مجال خصب للإبداع ص57. في المبنى الفني للقصيدة يتناول التفعيلة والاستدارة وأسلوب النفي والاستفهام الإنكاري والتصالب والتناص، يُعرف ويشرح كل أسلوب بطريقة مختصرة شيقة، في التناص يدرج الكاتب أمثلة دلت على سعة اطلاعه وثقافته من حيث الإلمام بالنصوص التوراتية والإنجيل والقرآن والحديث الشريف بالإضافة إلى الشعر وأقوال الحكماء، في نهاية الدراسة يذكر المصادر التي استعان وملحقة بالقصيدة. الدراسة الرابعة: «توظيف الأسطورة والنص التراثي عند درويش في قصيدة أيام الحب السبعة» بعد الوقوف على العنوان ثم كيف وظف الشاعر الأسطورة والرمز بمقال شيق تحضر فيه المعلومة والفائدة تمكن من خلاله بث روح القصيدة في المتلقي وخلق جو من تصورات مسبقة قبل الدخول إلى ساحة التأويل. الدراسة الخامسة: «قراءة في قصيدة لو ولدت «قراءة في إطار علم النفس الاجتماعي في الأدب ترتبط بموضوع الهوية وأرى أنها والدراسة السادسة يشتركان في ذات الموضوع وهو الهوية حيث شغل موضوع الهوية محمود درويش وأشعل كل من اشتغل بشعره. الدراسة السادسة: «تطور مفهوم الهوية في شعر محمود درويش« يقدم الكاتب مدخلاً حول الهوية أنواع الهويات، كيفية الحفاظ على التوازن بين شتى الهوايات، ستة أنواع من الهويات يوردها الكاتب مع قصيدة لكل هوية يتناولها شرحاً وتفصيلاً. الدراسة السابعة: «قراءة لقصيدة "يأس الليلك" الضائعة من دواوين درويش حين تجد لبيتك باباً، يكون مفتاحه في القصيدة الضائعة» «يأس الليلك» قصيدة لم يتضمنها أي من دواوين محمود درويش ونجت من الضياع بنشرها في جريدة كل العرب بتاريخ 26/11/1989 كما أورد الكاتب ص132. يدخل الكاتب في نص القصيدة تحليلاً وتفصيلاً في جملة من التساؤلات المفتوحة، آمال، احتياطات، تفكير، يوصلنا الباحث إلى يأس الليلك، يقين يمسك به قراءة ومعاينة مرتكزاً على بؤر القلق والتوتر في القصيدة لضياع حتمي وغربة حقيقية. الدراسة الثامنة: «إضاءات عامة حول قصيدة رباعيات في أرى ما أريد« تعريف لقصيدة «رباعيات»، موتيفات القصيدة، تعريف الموتيف. يدرج الكاتب إثني عشر موتيفاً تكرر في القصيدة. ثم إضاءات المقاطع، والتي توضح ما جاء في القصيدة وقائمة بين الرؤية والرؤيا وهي قراءة رائعة كشفت جمال القصيدة وأسررها.
وقالت الروائية خلود نزال: كتاب «اقتفاء أثر الفراشة» في شعر درويش للدكتور نبيل طنوس والمقصود بأثر الفراشة الذي استخدمه درويش هو الشيء الصغير الذي قد يحدث عنه أمراً عظيماً وهو ما يعرف بأثر الفراشة ونظرية الفوضى وكيف أنه لو رفرفت فراشة بجناحها يحدث عن ذلك خلخلة بسيطة في الهواء قد ينتج عنها رياحاً وأعاصير في أقاصي الأرض. أثر الفراشة لا يرى، أثر الفراشة لا يزول. ولا شك أن الكاتب قد قدم بذلك دليلاً للدارسين عن كيفية التحليل والغوص في العمق للبحث عن تفاسير جديدة للعبارة. وبعد القراءة والاستمتاع بالأسلوب الميسر في العرض والتحليل للكتاب كانت لي الملاحظات التالية: أولاً: تمنيت لو أن الكاتب أورد النصوص قبل الدخول إلى التحليل مباشرة على افتراض أن القارئ قد لا يعرف جميع شعر درويش وهذا هو الأرجح، وبالتالي وكأنه يجبرنا أن نبحث عن القصيدة ونقرأها أولاً قبل التصديق أو التسليم بما جاء في التحليل. غالباً النصوص وخاصة الشعرية والشعر الحديث على وجه الخصوص تحتمل أكثر من تأويل وتحليل وهذا ما يضيف ثراء للنص وديمومة إن جاز التعبير، وهو ما أقرّه الكاتب في حديثه عن السيميائية ومدى عمق النظرة واختلافها لدى القارئ. ورد في ص(10) من التقديم للكتاب ذكر المقدم عن ثقافة الباحث الكبيرة التي استدل عليها من معرفته بالأساطير والحكايات، أنا لا أتفق مع هذا الرأي مع عدم النفي للفكرة إنما أقول بأن أي باحث بكبسة زر يمكن أن يخرج بكم من المعلومات عن أية أسطورة في دقائق معدودة. استخدم الكاتب ص(13) كلمة سيرورة (بالسين) بدلاً من صيرورة ورغم أن كثيرين أجازوها فكلمة سيرورة مشتقة من الفعل سار وتعني التقدم والتتالي وتفيد المشي أي التراكم الكمي، أما الصيرورة فمشتقة من الفعل صار بمعنى التقدم والتحول معاً وهو تحول نوعي. وأعتقد أن هذا هو ما أراده الكاتب وليس الأول. تساءل الكاتب ص(33) هل يمكن أن ينبت العشب على الحجر؟ في مقدمة للقول أن درويش ابتدع صورة جديدة لم نسمع بها من قبل، لكنني أقول أن هذا المشهد رأيناه مراراً وتكراراً في حياتنا منذ الصغر وكم تعجبنا من قدرة الخالق، هذا بالإضافة إلى ما ذكره القرآن صراحة حول الحجارة وكيف يمكن أن تبلغ بها الرقة لدرجة الخشية منه جل وعلا قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)﴾ صدق الله العظيم. في عبارة على هذه الأرض ما يستحق الحياة أنا أرى أن الشاعر قصد الأرض بما عليها وليس فلسطين تحديداً فهناك أشياء معنوية تستحق الحياة ترتحل معنا أينما كنا على هذه الأرض وليس في فلسطين وحدها وإنما قد يكون الحب والحنين للوطن أحدها، وقد كتبها الشاعر في العام 1986 عندما كان في لندن، وأنا أرى أن كلمة الأرض شاملة بكل ما تعنيه من وطن وطبيعة وفعل وحياة، وإلا فما دخل كتابات اسخيليوس الكاتب اليوناني بفلسطين؟. في ص(36) تحدث الكاتب عن السيدة التي تترك الأربعين بكامل مشمشها محللاً أن درويش يقصد فلسطين وراح يحسب تاريخ كتابتها في عام 1986 ويقارنه بمرور 38 عاماً على النكبة وهكذا، لكن أنا أختلف معه في أن درويش إنما قصد المرأة التي من لحم ودم، فدرويش كان إنساناً من لحم ودم يرى النساء ويُعجب بهن ويُحب ويتزوج وهكذا بالفطرة ولا عيب في ذلك فهو كغيره آدمي، فليس كل ذكر لسيدة يعني فلسطين، كما أن سيدة تترك الأربعين قد تعني نهايات الأربعين فنحن نقول رجل أربعيني أو خمسيني ما يعني أنه بين الأربعين والخمسين وبما أنها تغادر الأربعين تكون بذلك أقرب إلى الخمسين وهذا لا يتفق مع ما رمى إليه الكاتب من تأويل. في نهاية حديثي يحضرني سؤالان: الأول: هل علينا حين نريد أن نقرأ قصيدة أن ننهمك في فك الرموز والشيفرة الخاصة بمزاجية الشاعر وجنوحه للغموض المسرف كي نفهم نصاً ما؟ أم أن الشعر بهذه الطريقة صار حكراً على فئة قليلة من الناس وأدعياء الثقافة إن جاز التعبير؟ ثانياً: أيهما أجمل؟ شعر يخاطب الإنسان عامة ببساطته وعلمه المتواضع؟ أم شعر مكتوب بالألغاز والرموز؟. وأختم بقول لجلال الدين الرومي «لعل الأشياء البسيطة هي أكثر الأشياء تميزاً ولكن ليست كل عين ترى».
ثم تحدث الشاعر فراس الحاج محمد قائلاً: مناقشة كاتب النقد يعد من الأمور الصعبة، لأنه يدخل في باب نقد النقد، وهذا يأخذنا إلى المناهج النقدية وما فيها من مداخل نستطيع من خلالها أن نحكم على الكتاب النقدي من خلال المدرسة التي انتهجها الكاتب، الكتاب مجموعة من المقالات تم تجميعها في كتاب، لكن يجمعها الحديث عن شعر درويش، فوحدة الموضوع موجودة، شعر درويش، ولكن نجد اختلافاً في النهج الذي يعالج القصائد، فرغم كثرة المؤلفات عن درويش إلا أن هذا الكاتب فيه ما هو جديد، وما يميز كتاب «اقتفاء أثر الفراشة» تثبيت الكاتب للمراجع الجمة التي استند إليها في كتابه، وهذا التوثيق مهم ويعد أمانة أدبية، يحفظ حق الآخرين فيما تناولوه من أفكار وتحليل لشعر درويش. فالفترة الزمنية التي كتبت فيها القصائد المتناولة تشير إلى أن نبيل طنوس ملتزم ومتابع عن كثب ما كتبه الشاعر وما كتب عنه، ولكن نجد هناك تكرار في الكاتب وهذا يحسب عليه وليس له.
وقال الشاعر مفلح الأسعد: أن إرث درويش الشعري ما زال بحاجة إلى من يمخر فيه، فهو بحر واسع ومهما كُتب عنه يبقى هناك أشياء لم يُكتب عنها، من هنا نجد كثرة الدراسات التي تتناول شعر درويش وهذا الكتاب أحد تلك المحاولات التي تقدم شعر درويش بطريقة وفهم جديدين.
أما الأستاذ حسن عبادي فقد قال: نبيل طنوس مترجم وله العديد من الكتب التي ترجمها من العربية إلى العبرية، فقد قام بترجمة العديد من أشعار محمود درويش إلى العبرية، عنوان الكتاب والاهداء لجميع محبي الكاتب(زوجته وأولاده)، وهذا له علاقة بالعنوان «اقتفاء أثر الفراشة». وعندما تحدث عن الأساطير والأديان كان الكاتب يقدم ما هو مترابط وموجود في القصائد، وليس من باب المثاقفة، وحديثه عن المرأة الأربعينية جاء رداً على من يتهم محمود درويش بأنه يمجد اليهود ودولة إسرائيل، في هذا النص بالعكس كان المقصود فلسطين وشعبها، الكتاب لم يقدم نظرية نمطية في النقد، بل اعتمد على الانسيابية والبساطة في تقدم وجهة نظر المؤلف، فهو كتاب خارج من الذات وفيه تعبير عن مشاعر الكاتب تجاه القصائد وتجاه محمود درويش.
وفي حوار مع المؤلف نجده يقول: «عرفوني كما أريد وسأختار ما أريد وأترجمه بنفسي»، هذا ما قاله نبيل طنوس في حواريه حول الترجمة وأصولها، الترجمة عبارة عن فن وضرورة كونية من أجل التعرف على الآخر وتفهمه عبر ثقافته، والحديث هنا عن الترجمة الأمينة، بعكس الترجمة الحرفية و/أو الحرة، التي أسعى للحفاظ على روح المترجم ورونقه، وليس الترجمة الجوجلية الحرفية الخشبية أو المعدنية التي تفقد النص جماليته وتشوهه.
اختيار عنوان لكتاب مهمة صعبة، ذلك لأن «الكتاب» كما قيل يعرف من عنوانه، فكان يختار عنواناً يلخص مضمون الكتاب، يشير إلى محتواه ليحفز القارئ على تناوله، ولكن مع الزمن أصبح العنون عتبة نصية وعملاً موازياً لمتن الكتاب وأصبحت له وظائف ودلالات منها: اسم يميزه عن باقي الكتب، وظيفة وصفية تتعلق بموضوع الكتاب أو نوعه أو كلاهما معاً، أو وظيفة إعرابية تسعى لإغراء القارئ.
وبعد ذلك تحدث الأستاذ سامي مروح فقال: لا شك أن درويش شاعر يستحق الكتابة عن شعره، فجمالية اللغة تفتح الأبواب أمام العديد من النقاد ليكتبوا عن شعره، فالعمق الفلسفي والفكري وتعدد الصورة واللغة كلها تجعل الخوض في بحر درويش شيء ممتع، فالناقد نبيل طنوس استطاع أن يقتفي أثر إبداعي، وسر الناقد يكمن في كشف جمالية الشعر وإبداعه، وهذا الأمر نجده في كتاب «اقتفاء أثر الفراشة»، الذي كشف العمق الثقافي عند درويش وأثر الثقافة الدينية والأسطورية عليه من خلال تناصه مع الكتب المقدسة والمراحم القديمة، كما أن أسلوب الناقد كان سهل وقادر على إيصال الفكرة بليونة، وقد عرفنا من خلال الكتاب على مدارس نقدية بطريقة سلسة.
وتحدثت الدكتورة لينا الشخشير قائلة: سأطرح بعض الأسئلة، هل يعني موت المؤلف محاسبة الناقد على اختيار منهج معين؟ وهل يجوز أن نحاكم/نحكم على الناقد من خلال منهجه، أم من خلال ما يقدمه في الدراسة؟ أعتقد أن الكتاب الذي بين أيدينا كتاب يقدم مادة جميلة بأسلوب سلس، بعيد عن التعقيدات النقدية.
أما رائد الحواري فقال: كتاب سهل وممتع ويمكن أن يُقرأ على مرة واحدة، وهذا الأمر نادراً ما نجده في كتب النقد، التي يحتاج الباب الواحد فيها إلى أكثر من جلسة، فالأسلوب وطريقة التقديم والأفكار التي استخدمها الناقد كلها تعد اختراق وتجاوز لفكرة النقد التي يستخدمها بعض النقاد، مما جعل مادة الكتاب نمتعة تماماً كما هي ممتعة قراءة أي كتاب أدبي.
وتحدث الشاعر مبين كيوان عن أهمية الجلسات الثقافية ودورها في فتح المجال أمام التعرف على الكتب والكتاب، مبدياً سعادته بهذا اللقاء النقدي والتعرف على ناقد جديد.
أما الشاعر خليل قطاني فقال: يتناول الناقد مجموعة من قصائد درويش يفصل بينها زمن بعيد نسبياً، وهذا استدعى وجود تعدد المناهج التي اعتمدها في دراسته، الكتاب سهل، ويدخلنا إلى أفكار جيدة، خاصة عندما تحدث عن رمزية الحجر، وأعتقد أن هذه الدراسة موجهه للقارئ العربي وللقارئ الآخر.
وفي نهاية اللقاء تحدث الكاتب الدكتور «نبيل طنوس» قائلاً: سعيد بوجودي في نابلس وفي دار الفاروق، أما بخصوص المنهج الذي أستخدمه فأهتم بالبساطة والسهولة، مبتعداً عن التعقيد والمصطلحات التي تزعج القارئ، فالمهم عندي هو إيصال الفكرة بطريقة سهلة وممتعة، تعلمت اللغة العبرية من خلال أستاذ حثّني على أن أكتب عن الشعر العبري الذي كتب على نمط البحور العربية، فاستخدم 12 بحر من أصل 16 بحر، ثم طلب مني أن أُعلّم هذا الأمر للطلاب، من هنا بدأت أترجم الشعر العربي إلى العبري، وتعمقت أكثر في البحور والوقوف على القصائد، فما ترجمته إلى العبرية من قصائد لدرويش هو رد على المتطرفين الذين دائماً يصورون الفلسطيني على أنه قاتل، فاخترت ترجمة القصائد التي تتحدث عن إنسانية الفلسطيني، كما أن طريقتي في الترجمة أحاول فيها أن أستخدم عين الحروف العربية في الترجمة العبرية، لأن لفظ الحرف له أثره على المتلقي والقارئ، من هنا كانت تُنشر القصائد التي أُترجمها في الصحف والمجلات العبرية، حتى أن بعض القصائد رُفعت كشعارات في المظاهرات اليهودية، فالترجمة عالم مستقل بذاته، وله شروط تخضع للغة الأم والمترجم إليها كما تخضع لمعرفة وثقافة المترجم.
عنوان الكتاب «اقتفاء أثر الفراشة» ليس له علاقة بمضمون، وإنما اخترته كوفاء لزوجتي التي أهديتها الكتاب، محاولاً تأكيد وفائي لها بعد أن رحلت.
هذا وقد حضر اللقاء الأستاذ يوسف إلياس، والشاعر فرحان السعدي والروائي أسامة المغربي.
وفي نهاية الجلسة تم تحديد الجلسة القادمة يوم السبت الموافق 18/1/2020 لمناقشة راوية «أوراق خريفية» للروائي «محمد عبد الله البيتاوي».



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة إلى جوهانسبرغ بيفيرلي نايدو
- حازم يعود هذا المساء نبيل عودة
- حنان طه -لعلك تدري-
- اقتفاء أثر الفراشة نبيل طنوس
- الواقعية الفلسطينية في رواية -العناب المر- أسامة المغربي
- قراءة في ديوان -على ضفاف الأيام -لنائلة أبو طاحون
- العشق المتقد في قصيدة فتاة البرتقال كميل أبو حنيش
- مظفر النواب -كهرمان، وثلاث امنيات-
- رواية الرحيل إلى كوكب إسجارديا شيراز عناب
- -منثور فلفل على توج وردة- (هايكو عربي) للشاعر محمد حلمي الري ...
- حكايات مقهى المغتربين سعادة أبو عراق
- مناقشة رواية خريف يطاول الشمس
- عبود الجابري والومضة
- جهاد عواملة -هي أنت-
- قصيدة -سِرُ الشِفاءِ من الحنين-- كميل أبو حنيش
- رواية -زمن الخراب- لمحمود شاهين 3
- محمد علوش ديوان هتافات حنجرة حالمة
- رواية زمن الخراب 2 لمحمود شاهين الملف الثاني
- رواية زمن الخراب لمحمود شاهين الملف الأول
- إبراهيم نوفل قصيدة مطر


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - مناقشة كتاب اقتفاء اثر الفرشة