أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عبود الجابري والومضة














المزيد.....

عبود الجابري والومضة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 25 - 13:32
المحور: الادب والفن
    


"أشفقُ عليهم
أولئك الذين يتراكضون
ليشمّوا
رائحة قمصانهم
كلّما بدا لهم هذا العالم
واضحاً
من خلال زجاجة عطر فارغة"
الظرف يفرض علينا أن نقدم ما يناسبه، ففي وقت المواجهة والاشتباك لا مجال للشرح والتطويل، فالمشاهد/المتابع للمشتبك الذي يخوض مواجهة، يسعى نحو الفكرة السريعة المختصرة، كما أن عصر النت فتح المجال أكثر أمام كتابة الومضة، فبرز مجموعة من كتاب الومضة منهم الشاعر "مازن دويكات، والشاعرة ريتا عودة، والقاص هاني أبو انعيم، والقاص سمير الشريف" وغيرهم، الشاعر عبود الجابري" من كتاب الومضة، فهو متخصص بها، لكنه يتميز باستخدام اللغة العادية، بعيدا عن الألفاظ المعجمية، وهذا يقربه من المتلقي أكثر، كما أنه يقدم صورة متداخلة، مما يستدعي التوقف عندها وتأملها، وهذه ميزة أخرى تحسب للشاعر، ونحن نعلم أن كتابة الومضة ليس بالأمر السهل، ولا يستطيع أيا كان أن يقدم على كتابتها، فهي بحاجة إلى قدرات استثنائية، منها القدرة على التكثيف وانتقاء الكلمات/ألفاظ ونسجمها مع الفكرة المراد طرحها.
الشاعر يبدو وكأنه يتحدث من خارج الأحداث "أشفق عليهم أولئك" وهذه (الحيادة) تعطي/تشير إلى أن الشاعر موضوعي/حيادي غير منحاز لأي طرف، فيُظهر (تعاطفه الإنساني) وليس الوطني/القومي، والشاعر يبرر هذا التعاطف الإنساني من خلال فعل المضارع "يتراكضون"، وهنا يأخذنا الشاعر إلى الأحداث في العراق، مما يجعلنا نأخذ ركضهم هربا من القناصين والقتلة، لكنه يفاجئانا بالفعل الثاني "ليشموا" وهل هناك ركض خلف رائحة؟ وأي رائحة؟ "قمصانهم" فمثل هذه الصورة بالتأكيد غير عادية، صورة مركبه ومتشابكة ومتداخلة، فالراكضون يتراكضون متتابعين ومتواصلين ومتلاحقين، وكأنهم سرب طيور، بمعنى أنهم يشكلون جسم/كتلة واحدة، وهنا يجعلهم الشاعر يرون/يعرفون الواقع عل حقيقته، كما هو دون رتوش، والدهشة جاءت في نهاية الومضة: "زجاجة عطر فارغة" فالراكضون وجودوا الواقع زجاجة فارغة، وقد يقول قائل: لكن هذا الأمر (عادي) في واقعنا العربي، ولا يثير أي دهشة!، فغالبية الأنظمة والتنظيمات والحركات والاحزاب انكشف عوراتها.
ونرد الدهشة تكمن في ربط بداية فعل "يتراكضون ليشموا " مع خاتمة الومضة "زجاجة عطر فارغة"، فالصورة جاءت متداخلة، فإذا (حذفنا) هذه الكلمات:
"رائحة قمصانهم
كلّما بدا لهم هذا العالم
واضحاً
من خلال"
نكون أمام ومضة كاملة:
""أشفقُ عليهم
أولئك الذين يتراكضون
ليشمّوا
زجاجة عطر فارغة"
فهي تُوصل فكرة (زيف) الواقع، ويمكن أن نتحدث عن جمالية الرمز "زجاجة عطر"، التي تشير إلى البياض ولا يستفز/يزعج القارئ، هذا صحيح، لكن دور الشاعر لا يكمن في تقديم الفكرة فحسب، بل في حث القارئ/المتلقي على التفكير والتوقف أمام الصورة الأدبية/الشعرية، فالشاعر عندما تحدث عن رائحة قمصانهم، جمعهم معا، وجعل منهم كتلة/جسم واحد، فأعطانا صورة أعمق عن أولئك الذين يتراكضون، وحددهم، ورغم هذا التحديد إلا أنه يمكن اساقط الومضة على أي جماعة أخرى في الوطن العربي وحتى في العالم، ومن ناحية جمالية نجد الومضة متراصة من خلال "ليشتموا/ رائحة/ زجاجة عطر" وهذا جعل الومضة متكاملة ومتواصلة.
ويستوقفنا إهمال الشاعر لدوافع الركض، فمثلا لماذا لم يجعلهم يتراكضون لمشاهدة شيئا ما أو لسماع صوت أو نداء؟ وجعل هدفهم الشم، وهذه الحاسة قليلة الاستعمال للتعبير عن فكرة ما، فلا نجد في القرآن الكريم أي قصة تتحدث عن حاسة الشم، فهناك التركيز على السمع والبصر والتفكير، اعتقد أن اشمئزاز/قرف الشاعر والمتراكضون من المتنفذين ومن أعمالهم القذرة، انعكس/أثر عليهم، بحديث لم يعدوا يستطيعون مشاهدتهم أو سماع صوتهم، فجاء هذا الاهمال من خلال (إزاحة) حاسة السمع والبصر، وإيجاد/استخدام حاسة جديدة الشم.
الومضة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهاد عواملة -هي أنت-
- قصيدة -سِرُ الشِفاءِ من الحنين-- كميل أبو حنيش
- رواية -زمن الخراب- لمحمود شاهين 3
- محمد علوش ديوان هتافات حنجرة حالمة
- رواية زمن الخراب 2 لمحمود شاهين الملف الثاني
- رواية زمن الخراب لمحمود شاهين الملف الأول
- إبراهيم نوفل قصيدة مطر
- الأحواز أرض عربية سليبة إبراهيم خلف العبيدي
- مناقشة كتاب امرأتان في دار الفاروق
- قراءة في قصيدة مازن دويكات -سلام عليك.. على أرضنا-
- الومضة السوداء عند سمير التميمي
- رضوان قاسم -نأي على وجع الفراق-
- التجميل في مجموعة -حارة الياسمينة- طلعت شناعة
- أدب الحرب في -ذاكرة الغد- شهادات ورؤى وتجارب
- الشاعر والمكان سامح أبو هنود
- علاقة الكاتب ببطله جربت أن أموت جمعة الفاخري
- مناقشة ديوان على بعد عمرين للشاعر عمار دويكات في دار الفاروق
- مجموعة فتيان الحجارة سعادة أبو عراق
- حسين جبارة -موج أنا- وعالم البحر
- -الأبواب الزرقاء- والحرية كميل أبو حنيش


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عبود الجابري والومضة