أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -الأبواب الزرقاء- والحرية كميل أبو حنيش















المزيد.....

-الأبواب الزرقاء- والحرية كميل أبو حنيش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6419 - 2019 / 11 / 25 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


بداية أنوه إلى أننا امام شكل أدبي جديد، يجمع بين المقال والرسالة، ويحمل افكار جديدة، غير مطرحة "تصوف الأسير" والتي تحرر جسده من الجدران وغرف الزنازين، والانعتاق إلى الفضاء والحرية، والطريق التي يتبعها "كميل أبو حنيش" تمثل بالتوحد والحلول في التخيل، والتي ستمنح/تعطي الصوفي طاقة الكتابة، والتي تمثل المظهر (الخارجي) لتصوف الأسير، لكنها أيضا تحمل صورة وحقيقة هذا الحلول/التوحد وتوصله إلى حالة الكمال الكلي.
عندما يكون الإنسان محكوم بتسعة مؤبدات، فهذا يعني له انتهاء الحياة، لكن عندما يكون سبب هذا الحكم البحث عن الحرية، أو للحصول على الحرية، أو طريق الحرية، فسيكون هناك طريقة أخرى للتعامل مع هذه المؤيدات التسع.
الرسالة المنشورة من (داخل السجن) مفعمة بالحرية والانطلاق، فالكاتب يبدأ الحديث بصيغة أنا المتكلم، عن أنا: "أحتار في تفسير أسباب اختيار اللون الزرق لطلاء أبواب الغرف والزنازين في السجون الإسرائيلية، سأجازف وأقول بأن السبب يكمن في أهداف عدوانية لما ترسمه الألوان القاتمة في النفس البشرية"
أن ينطلق الإنسان من واقعه امر طبيعي، لكن أن يُبدأ الحديث عن مواجهة هذه "الغرف والزنازين" من خلال الحركة عكس الزمن/الوقت، فهذا يشير إلى الحركة والفاعلية والصدام/المواجهة "الكائنات البشرية التي تقبع خلف الأبواب الزرقاء الموصدة طيلة الوقت، عدا عن بعض الساعات القليلة التي نمضيها في الدوران في ساحات السجن الضيقة، ندور بعكس عقارب الساعة بصورة لاإرادية وكأننا لا شعورياً نتمرد على الزمن الذي يسلب منا حقنا في الحياة الطبيعية" الكتاب يطرح المواجه بشكل واضح (ومباشر)، لكن فكرة الحركة العكسية هي الملفة للنظر، وهي ما تأكد على أننا أمام كاتب محترف، يحسن التعبير ويتقن فن صياغة الكلمات، وهذا أول تمرد (غير مباشر) على السجن والزنازين، وأيضا أول مظهر من مظاهر الحرية التي (ينعم بها) كميل أبو حنيش.
إذن الكتابة الابداعية أحد أشكال الحرية التي يمارسها "كميل أبو حنيش"، وقد عبر عن هذا الأمر بصورة (مباشرة) عندما قال: "وحين أكتب أحاول استيلابها من خلال اللغة، فكما يقول فرناندو بيسوا " عندما أكتب أزور ذاتي بجلال"/ "عندما أكتب ما يمليه عليّ حدسي لأن الكلمة حرة ومن خلالها سأكون حراً" ابداع الكاتب يكمن في أنه عندما يتحدث بشكل (مباشر) يقدم افكار عميقة، أبعد مما تبدو على السطح، وهذا يستوجب من القارئ التوقف والتأمل فيما يقدم له من أفكار، فالحرية فيما سبق تمتزج بين الكتابة والذات الكاتبة، وكأن الكاتب يقول عن الكتابة ـ وهي أول مظهر لوجود الحضارة والثقافة الإنسانية ـ ها أنا أؤكد وجودي وحضوري الثقافي والإنساني من خلال ممارستي لها، فأنا بالكتابة أخلق/أوجد ثقافة إنسانية جديدة.
والمظهر الثاني للحرية نجده في العقل الباطن للكاتب، فهو يتحرر من (أنا) المتكلم، ويبدأ الحديث عن الآخر/الآخرين، فقد انعتق من الأسر وتحررت نفسه من الغرف والزنازين، وأخذ يتحدث (من خارجها): "ومع الوقت سيزودك الأسر بمفاتيح ستفتح بها أبوابك السرية، وهنالك خلف أبوابك ستكتشف هذا العالم اللامتناهي ليس للنفس البشرية بتكويناتها العجائبية فحسب وإنما قد تصل بك إلى المسارب الوجودية التي تفتح لك فضاءات الوجود بجلالها الشاهق وجمالها الساحر، وستجد الطريق والمسالك مفتوحة على مصراعيها أمامك، فهل تجرؤ على عبورها؟.
هنالك خلف أبوابك التي كانت موصودة والتي لتوك باشرت بفتحها والولوج من عتباتها، ستعثر على معالمك الأثرية وعلى خرائطك وكنوزك المدفونة في الأعماق وستتراءى أمامك مدن الأحلام بجماليتها الفاتنة، ستجد هناك ذاتك التائهة والحائرة، ومجاهيلك الشاسعة، وستجد أن قضية الزمن هنالك خالية من أي معنى" لهذا جاءت كلماته تغوص في الأعماق، وتحمل أفكار تتحدث عن إثبات الوجود وتحقيق الذات، فهو ـ بعد ان حرر ذاته ـ وهو الحكيم العالم بحقيقة الزنازين يقدم خلاصة أفكاره (للآخرين المعتقلين)، ويقدم لهم كل خبرته في الحصول على الحرية، فيتحدث عن الوقت وكيف ينتصر عليه، وعن التخيل ودوره في تحرير العقل، ولكن التخيل هنا يتجاوز المفهوم العادي/الذي نعرفه، فهو يقترب من شكل "اليوغا" و حالة التصوف، الذي تحل فيه النفس في الذات الله، فيكون المتصوف وفكرة التخيل شيئا واحدا، واعتقد ان فكرة (تصوف الأسير) فكرة جديدة لم تطرح بهذا العمق وبهذا الشكل، وهذا ما يجعلنا نؤكد على تحرر الكاتب وتحلقه بعيدا في آفاق الفكر والوجود.
وقبل أن تغادر هذا المقطع، نتوقف عند الألفاظ البياض التي يستخدمها الكاتب، والتي سنجدها تتغلب وتتجاوز السوداء، وهذا دلالة على أنه يعطي مثلا حيا على فكرة (تصوف الأسير)، فهو لا يكتفي بتقديم النظرية فحسب بل يطبقها: "بمفاتيح ستفتح بها أبوابك، ستكتشف هذا العالم اللامتناهي، المسارب الوجودية التي تفتح لك فضاءات الوجود بجلالها الشاهق وجمالها الساحر، وستجد الطريق والمسالك مفتوحة على مصراعيها أمامك، ... باشرت بفتحها والولوج من عتباتها، ستعثر على معالمك الأثرية وعلى خرائطك وكنوزك المدفونة في الأعماق وستتراءى أمامك مدن الأحلام بجماليتها الفاتنة" اجزم أن مثل هذا البياض لا يمكن أن يأتي إلا من نفس حرة وذات متحررة، وهنا نتقدم خطوة أخرى من فكر (تصوف الأسير) الذي يمحو ويزيل الجدران ويفتح الأبواب ويشرع النوافذ، ويقدم نظرية فلسفية: "أبحث عن العالم في ذاتك... ولا تبحث عن ذاتك في العالم... ابحث عن الوجود في ذاتك... ولا تبحث عن ذاتك في الوجود... إنها جدلية الإنسان في رحلة التيه الطويلة... هي مأساته الكبرى وهو يبحث عن المعنى في قلب عالم بلا معنى، "لكنها مقرونة بشواهد واقعية، ولا ادل من هذه الرسالة، التي تمنح الحرية لكل من يعمل بها، فالحرية عظيمة، وتحتاج إلى بذل جهد وطاقة، "وكميل أبو حنيش" يعطي مثلا حيا على هذا الأمر، ليس من خلال "المؤبدات التسع، فقد تجاوزها وتحرر منها، فمن يكتب مثل هذه الرسالة بالتأكيد هو حر، وإلا ما قدم هذه الفلسفة وكتب لنا هذه الافكار التي تسهم في تقدم الثقافة الإنسانية وترفع من مكانة الإنسان ودوره في تجاوز الواقع، حتى لو كان قاسيا ومؤلما.
"لا تحفل بالأبواب الزرقاء بعد أن سلمك الحلم مفاتيح الذات الموصدة فهنالك خلفها يتراءى عالم الحرية وهنالك حتماً ستكون حراً وبلا قيود تفتح أبوابك ونوافذك على الوجود لكي يدخلك الهواء النقي فتعبرك الشمس بدفئها، وتنبعث بك روائح الخزامى والياسمين، وهنالك سينمو في أحشائك عالم جديد"
خاتمة الرسالة جاءت لتؤكد فاعلية وواقعة "تصوف الأسير" فالبياض الكامن فيها، وغلبة الألفاظ الناعمة الحاملة للأمل، على تلك السواد تؤكد على نجاح فكرة "كميل أبو حنيش" (تصوف الأسير). .



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية اشطيو هاني أبو انعيم
- التوازن عند محمد العياف العموش
- ديوان سلامي لك مطرا آمال عواد رضوان
- سعادة أبو عراق قصيدة هو السيل
- قصيدة هو السيل سعادة أبو عراق
- ديوان أبجديات أولى خليل إبراهيم حسونة
- يسوع في التاريخ جبرائيل فرح
- مناقشة قصة (العبد سعيد) للروائي والقاص الفلسطيني (محمود شاهي ...
- البياض المطلق في قصيدة يوم المولد النبوي غازي المهر
- ديوان هو ما يمر بخاطري خليل إبراهيم حسونة
- الومضة عند اسماعيل حاج محمد
- أيوب التوراتي وفاوست جوته محمود شاهين
- الأنا في ديوان ذاك هو أنا سعادة أبو عراق
- ديوان اشتعال القرنفل في حضرة الياسمين سلطان قدورة
- اللقاء بين مفلح أسعد وكميل أبو حنيش
- الومضة عند عبود الجابري
- اربع مسرحيات
- مناقشة رواية تايه للروائي صافي صافي في دار الفاروق
- مسرحية جفرا
- فلسطين والمسرح


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -الأبواب الزرقاء- والحرية كميل أبو حنيش