أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-














المزيد.....

انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 6366 - 2019 / 10 / 1 - 09:03
المحور: الادب والفن
    



متلازمة توريت حسب ما يثبته العلم ، هو مرض وراثي ، يرثه الانسان عن أبويه أو احد أجداده . لكن هنا في بني مكادة يكتسبونه مع توالد الأيام . ينمو يتطور ، ثم يصبح حالة ملازمة للشخص . الشخص نفسه لا ينتبه الى نفسه ، واذا ما حاول احد من أفراد عائلته أن يسعفه أو يساعده ، فانه يطوف به المشعوذين . اما الأطباء في مثل هذه الأمراض فهم مجرد بالوعة مالية مهمتها كتابة روشيتة بأدوية لا علاقة لها بالمرض .
حين كنا صغارا وتلاميذا ، وطلبة ، كنا ندرس التاريخ لنستفيد منه ، وندرس الأدب لنتعلم منه ، وندرس الدين ليزداد ايماننا ، وندرس العلوم الانسانية لتتفتح مداركنا . كل هذه الأشياء أصبحت مجرد هراء وزبد . لم نتعلم شيئا ، ولم نستفد شيئا ، لم نتطور الا نحو الانحدار ، تقهقرنا ، تراجعنا ، ازددنا تخلفا وجهلا .
نحن المتعلمون صرنا أكثر جهلا ممن لم يجلسوا يوما على كرسي الدراسة .
خرج بطلنا ليلا بعد ان أحس بضيق شديد وقلق كبير وهو يبحث عن فيلم يثير رغبته في تتبعه ، لكن القنوات العالمية جميعها تتفق فيما بينها أحيانا لبث افلام هزيلة وهشة وضعيفة . ربما لارغام المشاهد على التكيف مع التفاهة رغما عنه ، وهذا أمر طبيعي جدا . والا كيف نفسر تفاهة العالم كله اليوم ؟.
لتتحكم في الأشياء عليك ان تكتسب عقل شيطان . تزين للناس شخصك وعروضك وكلامك ، ثم تجتذبهم نحوك بحسن مظهرك وجمال سلوكك ، وبعد ذلك تأسرهم في شباكك ، ثم تصنع فيهم ما شئت .
واذا كنت ذكيا ، فانك تقودهم نحو جرف هار او حافة عميقة ، وتدفعهم بكل لطف نحو حتفهم الأكيد . يسقطون الواحد تلو الآخر دون أن يصدروا صرخة واحدة .
خرج بطلنا ليلا ، لينفس عن نفسه فالفضاءات المفتوحة تساعد خلايا الدماغ على الاستراحة قليلا ، وتنقل توتراته الداخلية الى الفضاء الخارجي ، ترميها كما يرمي احد منا نفاياته في صندوق القمامة .
لكنهم هنا تعلموا أن يرموا أزبالهم عند الباب ، ومنهم من يضعها أمام باب من أبواب الجيران ، ومنهم من ينثرها في الشارع كيفما اتفق .
جلس عند زاوية القيسارية التي برمجت في تصميم التهيئة قبل ثلاثين سنة لتكون مسجدا . لكن خدام الدولة احتالوا عليها وحولوها الى قيسارية واقتسموا عوائدها المالية بينهم . معظمهم رحل عن هذه الدنيا . ولم يأخذ معه غير الخزي والعار ، ولم يخلف غير ذرية شبيهة بالسرطان .
هو الآن ، بطلنا يجلس في الزاوية المقابلة لقيسارية الأزهر ، التي تم الاستيلاء عليها هي أيضا وتحويلها من منطقة خضراء الى دينصور اسمنتي ، بيع باكثر من ست مليارات لأحد المتاجرين في الحشيش . والفضيحة انه اشتراها وهو قابع بالسجن يقضي مدة سجنه .
الساعة الآن تشير الى الثانية صباحا. الشارع فارغ . على جدار قيسارية الأزهر ، يفترش مستعملو المخدرات الصلبة الأرض . الآن هم في حل من استعمال تلك الازارات والقماشات الطويلة حجبا لمنظرهم وهم يتناولون موادهم السامة جماعة ، وكأنهم في حفلة جماعية قذرة .
هم الآن يغلون مادتهم على رقعة صغيرة من الألمنيوم بكل حرية . شاب لا يتجاوز عمره العشرين قادم من الطريق المتفرعة عن شارع مولاي سليمان من الناحية الشمالية ، يحمل على كتفه قندورة متسخة ، ينتعل في رجله اليسرى بلغة ، والرجل اليمنى حافية ، يدندن لحنه المفضل ، أو نغمة استهوتها نفسه ،وهو يتقدم نحوهم ، أطل عليهم وضحك ، ثم انتقل الى صاحب الكشك المثبت عند ظهر قيسارية الأزهر ، يقتني رقعة ألمنيوم ، وسيجارتين رخيصتين . وينحسب نحو وجهته وهو يتابع دندنته .
في هذه اللحظات ظهر عبد العزيز . زفر بطلنا زفرة متحسرة . قال للبطريق ، شاب تم طرده قبل ثلاث سنوات من اسبانيا بعد تورطه في تجارة الممنوعات : " يبدو أن عبد العزيز قد عاودته النوبة . مسكين درس معي في السنة الرابعة ثانوي ".
عبد العزيز قادم وهو يلعن ويسب ويشتم ، يلوح بيديه يمينا ويسارا ، يتوعد اللاشيئ ، أو شيئا متوغلا في لاوعيه ، ثم يبصق بقوة في الهواء .
مر على مجموعة متعاطي المخدرات الصلبة الراقدون على حافة جدار قيسارية الأزهر ، وهتف فيهم :
" شموا ، شموا جيدا ، استنشقوا بكل قوتكم . يضحك ضحكته العالية ويواصل هتافه ، لا تتوقفوا ، الخير متوفر ، المال موجود ، وأرض الله واسعة ، شموا " .
يتوجه نحو بطلنا :
"أهلا ، أهلا ، ههههههههههههههههههه "ضحكة لا يفارقها عبد العزيز .
" هل تتذكر أيام الدراسة ، ههههههه . كان الأستاذ يطلب مني دجاجة دون مقابل ، كل يوم ، مثله مثل ذلك الضابط الذي جاء عندي ذات يوم وطلب مني عشرين دجاجة لمناسبة ستقيمها أخته " ، فلطمته في وجهه . ثم جاء بخمسة عشر رجل شرطة للقبض علي . لكن أبي منح رئيسهم ألف درهم وعادوا كالجرذان الى عملهم دون ان تمس مني شعرة .
ثم يضحك بصوت عال ، يعب في جوفه نصف سيجارة تقريبا بطريقة مشبعة بالعنف ، وكأنه يعب تلوث العالم الذي يحيط بنا .
حتى العقب المصنوع من الغاز ، يدخنه . شفتاه غصن متغضن يابس .
ينهض وهو يضحك ، الآن سأذهب الى " حي النصارى " . النصارى واليهود هم أصدقائي ، أما أنتم أيها المسلمون فلا رحمة ولا شفقة فيكم ، كلكم مشعوذون . ثم يسأل أين سيارتي ؟ أين أموالي ؟ أين دكاكين أبي ؟؟ .
يضحك ويتوجه نحو حي النصرى الذي لم يبق منه الا اسمه بعد أن هدمته السلطات سنة 1998 .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية
- انما الامم الاخلاق....قصة
- حوار مع زيغموند باومان حول دور وأهمية المواقع الاجتماعية
- يخت الملك الفاخر وفقر المغاربة المذقع
- الربيع الايراني
- انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة
- حدود الملكية المطلقة بالمغرب
- لن أيأس
- أمينة بوعياش تخرج الفيل من خرم ابرة
- عشرون سنة من الحكم ، عشرون سنة من اللاحكم
- خطأ الملك ، كيف نتعامل معه ؟
- هل تكمل الجزائر مسارها المتفرد ؟
- أنوار الخائن -رواية 1-
- القضاء أول درجات الارتقاء
- اضحك ، انهم يكرهونك
- البابا في وظيفته السياسية
- الشمكار
- نظرة في بطلان تعاقد الأساتذة
- جاسيندا
- طوبوغرافية الثورة الجزائرية


المزيد.....




- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-