|
انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 6325 - 2019 / 8 / 19 - 09:59
المحور:
الادب والفن
خرج من بيته مهرولا دون أن ينتعل أي شيئ ، أو يلبس فوق الشورط سروالا يغطي ما تبقى من رجليه . صرخة لطيفة كانت كالصاعقة " ألعادوا عتقو الروح " ، طرق الباب بشدة ، قبل أن تفتح لطيفة الباب وهي منهارة عن آخرها ، اجتمع سكان الحي أمام الباب ومنهم من تجرأ ودخل . تصرخ بأعلى صوتها ، عبد العزيز انتحر ، عبد العزيز انتحر . تبعها نورد الدين نحو فناء البيت ، ووقف مشدوها وهو يرى جثة عبد العزيز مدلاة ، كشاة معلقة ، لسانه مدلى وقد صار أزرقا قانيا ، عيناه تكادان تنطان من محجرهما وقد غطاهما لون احمر فاقع. لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم . قالها ثم تقدم نحو الجثة بعد أن عدل الكرسي المقلوب ومد يديه نحو الحبل الذي يلف عنق عبد العزيز . اكتظ الفناء بالناس . كلهم مصدومون مما يرونه ، ربما لأنهم لم يشاهدوا قبل اليوم جثة رجل منتحر . أنزل نورد الدين الجثة وطلب منهم أن يوسعوا الفضاء ، بينما عويل لطيفة يملأ المكان ، وبكاء طفليه يقطع القلب . حمل الجثة وأخرجها باحثا عن غرفة النوم ، التي لم تكن بعيدة عن الفناء ، فالمنزل ضيق ولا تتعدى مساحته ثلاثين مترا مربعا . غطى الجثة بملاءة خفيفة ، رخرج ليطلب من الناس مغادرة البيت بهدوء ، وترك المرأة مع ابنيها الصغيرين . في هذه الأثناء تقدمت عائشة وهي جارتها الملاصقة لها ، تواسيها وهي تبكي بحرارة ، تربت على رأس الطفلين الصغيرين . سأل نورد الدين جاره مصطفى هل اتصل أحدهم بالشرطة ، لكن مصطفى بدا وكأنه لم يسمعه ، ربما لم يستفق بعد من هول الفاجعة . اقترب منه وكرر سؤاله ، فأجاب بالنفي . سأله ان كان يتوفر على هاتف نقال ، فمده اليه دون أن يلفظ بكلمة ، وعيناه مسمرتان في الحبل المربوط بشباك الفناء الصغير الذي لا يتجاوز مترا واحدا . ضغط على رقم 160 ، مدهم بالمعلومات اللازمة . ثم جلس واضعا يديه على رأسه . انتبه أنه لايزال بسترته الداخلية وبشورطه القصير وقدماه حافيتان . قصد منزله ، وجد الباب مفتوحا ، تذكر انه لم يغلقه أثناء خروجه المندفع . وعندما ولج غرفة نومه اكتشف ان التلفزة مفقودة وكذا هاتفه الجوال ، وسرواله مرمي في ركن قرب الفراش . لم يتفاجأ ولم يصدم ، وقف في مكانه يتأمل المكان وكأنه مصلوب . لم يفكر في شيئ آخر ، توجه نحو الدولاب اخرج جاكيته وارتدى سرواله ، وخرج نحو بيت لطيفة . في هذه الأثناء سمع صوت سيارة ينطفئ محركها ، خمن انه صوت سيارة الشرطة ، لكنه حين خرج كان صوت سيارة أحد الجيران الذي يركنها عادة أمام بيته . بعد ساعة تقريبا حضر رجال الشرطة بمعية وكيل الملك ، عاينوا الجثة وطرحوا بعض الأسئلة على لطيفة وعلى نورالدين ، وانتظروا قليلا قبل أن تصل سيارة الاسعاف ، فأمر وكيل الملك بنقل الجثة للمستشفى قصد تشريحها . نورد الدين نفسه كان يجهل أسباب الانتحار قبل أن تجيب لطيفة على وكيل الملك ان السبب هو الخروف. لم يكن قد بقي على مناسبة عيد الأضحى الا يومين ، وعبد العزيز لم يعثر على فرصة عمل منذ ستة أشهر ، كان بالكاد يوفر لقمة العيش لطفليه وزوجته . بعدما شاع خبر الوفاة بين الجيران ، وسرعة تداوله في الجرائد الالكترونية وعلم الناس بالخبر ، بدأت الأكباش تتقاطر على بيت لطيفة من كل حدب وصوب ، أكثر من عشرين كبشا تقدم به المحسنون للعائلة . الى درجة أن نورالدين تطوع لاستضافة ستة أكباش في سطح بيته ، اما سطح لطيفة فقد امتلأ بالأكباش .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حدود الملكية المطلقة بالمغرب
-
لن أيأس
-
أمينة بوعياش تخرج الفيل من خرم ابرة
-
عشرون سنة من الحكم ، عشرون سنة من اللاحكم
-
خطأ الملك ، كيف نتعامل معه ؟
-
هل تكمل الجزائر مسارها المتفرد ؟
-
أنوار الخائن -رواية 1-
-
القضاء أول درجات الارتقاء
-
اضحك ، انهم يكرهونك
-
البابا في وظيفته السياسية
-
الشمكار
-
نظرة في بطلان تعاقد الأساتذة
-
جاسيندا
-
طوبوغرافية الثورة الجزائرية
-
صفقة مع السراب
-
جراحة عن بعد ، هل تصدق ؟؟
-
ايران تربك حسابات الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة
-
هل تنجح الانتفاضة في الجزائر ؟
-
قضية الخاشقجي بين الاعلام والاستخبارات
-
روسيا تلوي عنق اسرائيل
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|