أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - ظاهرة قيس سعيد .














المزيد.....

ظاهرة قيس سعيد .


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 6357 - 2019 / 9 / 21 - 03:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أخيرا حطت حملة الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولي أوزارها ، و من صناديق الاقتراع خرج قيس سعيد مُتوجا ، كان حجم المقاطعة كبيرا هذه المرة مثلما كان متوقعا ، حتى أن من صوتوا له لا تزيد نسبتهم عن عُشر المسجلين ، ولم تخف بعثة الاتحاد الأوربي قلقها من معاقبة الأحزاب التقليدية ، ووجدت الديمقراطية التونسية نفسها أمام مأزقها فالذي صعد بموجبها هو أصلا ضد الدستور الذي يُعد أساسها .
وسرعان ما انطلق السباق ، حتى قبل انتظار نتائج الدورة الثانية للتموقع السياسي بإظهار الولاء للفائز المحتمل ، وتذكر بعضهم علاقتهم به ، وتقاطعهم مع أفكاره وبرنامجه وشعار حملته : الشعب يريد وسوف يحقق ما يريد ، في محاولة لاختراق صفوفه ، بما في ذلك الإسلام السياسي الذي ذبحت عصفوره النادر نتائج الانتخابات وأشعلت في بيته الحرائق، بل إن من قال خلال المناظرتين أنه سيوظف الدستور لتعزيز صلاحيات الرئيس واستغلال البند المتعلق بالأمن القومي تراجع ليقول إن تلك الصلاحيات محدودة لتقييد حركته .
وعاد النقاش مجددا حول أصدقاء الثورة وأعدائها وتأكيد أن مرحلة ثانية من الانتفاضة التونسية قد انطلقت من صندوق الاقتراع على غير العادة ، وارتسمت الأسئلة بغتة على شفاه المنظومة السياسية السائدة من أين جاء هذا الرجل ؟ وهل إن الثورة ستسكن قصر قرطاج ؟ وما إن كانت هناك انتفاضة ستنطلق هذه المرة من ذلك القصر نفسه ؟
و بدأت عملية شحذ السكاكين مبكرا ، بالتشكيك فيه ، بالقول إنه يميني محافظ ، خادم للإسلام السياسي في شكله الأكثر تطرفا ، وأنه فاشل علميا وحالم ، سيجد نفسه في الأخير هائما على وجهه في الصحراء و أنه سيهزم لا محالة، اذا لم يستثمر ذلك النقاش وتلك الحالة بسرعة في اتجاه خلق قطب شعبي حقيقي حوله ، ويخرج من عزلته ، خاصة والبلاد على أبواب انتخابات تشريعية ، قد تأتي بما لا يتمناه فمأساته اعتقاده أن تغيير الدستور كفيل بحل المشكلة السياسية وأن بالإمكان إصلاح الدولة بالدولة نفسها.
وأعجب البعض بما حصل ، فالشعب التونسي يختصر المسافات ، و ما أدركته فرنسا مثلا بعد قرنين من ثورتها ، عبر ستراتها الصفراء وقبلها انتفاضة ماي 68 ،أدركته تونس في
أقل من عشر سنوات ، فالديمقراطية التمثيلية جوفاء ، وقد حان وقت تعويضها بالديمقراطية المباشرة وذلك لا يعود الى عبقرية يتفرد بها التونسيون وإنما استخلاصهم الدروس الأوربية ، دون نسيان تأثير الحالتين السودانية والجزائرية ، من جهة التخلص من سلطة النظام ،بينما سلطة بن على بوزرائها وبارونات مالها واعلامها لا تزال هي الحاكمة .
يقول سعيد إن عصر الأحزاب قد انتهى ، وإن عصر الجمهور قد بدأ ، وأن الدولة لا دين لها ، وأن الوحى لم ينزل في مون بليزير وانما في غار حراء ، و أن من أضاف الى الدولة صفة الإسلام كان قصده مقاومة الشيوعية ، وبريطانيا كانت وراء ذلك ، وهو ما حصل لأول مرة في مصر ومن يريد أن يفطر أو يصوم بينه وبين الله ، وأن بإمكان التونسية الزواج بمن تريد ،بما فهم منه علمانيته ولكن مناهضته للمساواة بين النساء والرجال في الميراث تتناقض مع ذلك ، كما قال أنه مع السيادة الوطنية ورفض تدخل أحد في شؤون تونس والتعويل على الذات أو الموت مرفوعي الرؤوس بما فُهم منه وطنيته ، وأنه ضد المؤسسات جميعها ، حتى أنه لن يسكن قصر قرطاج وسيكتفي بأداء وظيفته ويعود في كل يوم الى بيته بما فهم منه زهده ، أما ديمقراطيته الجديدة فتكمن في عدم قبوله تمويل حملته الانتخابية واعراضه عن التحالف مع أي حزب ، بل إنه لن يصوت حتى لنفسه ، وإذا ما ذهب الى الصندوق فإنه سيضع بطاقة بيضاء ، وأنه لا يطلب التصويت له فهو مع تأسيس فكر سياسي جديد رافض لكل المعايير السائدة وأنه سيقلب الدستور رأسا على عقب لكي تكون فيه المؤسسات مبنية على المحلي لا على المركزي ، وأنه سيُلغي حتى الانتخابات التشريعية لتعويضها بانتخابات محلية ،حتى تكون الديمقراطية مباشرة وتعود السلطة الى الشعب نفسه ، فالديمقراطية النيابية كما الأحزاب أفل نجمها وأنه لم يعد بعد الآن مجال لبيع الأوهام فالشعب هو صاحب السيادة وهو من يناقش ويقرر وينفذ ويحاسب ، ومن لا يعجبه من المُنتخبين له الحق في عزله بسرعة فائقة ، وأن العالم كله سيدخل هذه المرحلة الجديدة من التاريخ ، بما يذكر بكلمات العقيد الليبي الذي كان يقول مثله أنه ليس رئيسا وأنه يمارس السياسة والقيادة اضطرارا لا اختيارا فقيس سعيد مترشح غصبا عنه ، موظفا الآية القرآنية : كتب عليكم القتال وهو كره لكم ، وأن طموحه الأصلي علمي بحت كما العقيد أيضا الذي كان يتلهى بكتابة القصص وتدوين أفكاره في كتابه الأخضر ، وهو فضلا عن ذلك مثله في معاناته وآلامه فإذا كان العقيد راعي غنم فإن سعيد لم يمتلك سيارة وكان يستقل الحافلة وأوراق امتحانات الطلبة بين يديه وبدا في صورة وهو قابع أمام خيمة .
تعبر ظاهرة قيس سعيد عن لحظة من لحظات سيرورة الانتفاضة التونسية فمهامها التي لم تنجز واقعيا تُنجز الآن خياليا في ذهن شعب لم يجد بعد طريق خلاصه.



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُؤامرات تونسية .
- السياسة والعدل.
- تونس : فضيحة التزكيات .
- فوضى انتخابية .
- صديقي الفلسطيني وطريق جهنم .
- تونس والرئيس القادم .
- تونس : في عيدها الجمهورية تفقد رئيسها.
- تونس : تصدعات حركة النهضة .
- الديمقراطية التونسية.
- عرس نقابي .
- خميس أسود في تونس .
- الاستقطاب والانتخاب.
- وفاة مرسي في تونس .
- مذبحة الديمقراطية .
- الدين والمال .
- مأزق الجبهة الشعبية وآفاق اليسار .
- ‏- إسرائيل - والانتخابات التونسية.‏
- استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة . ‏
- الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .‏
- حول السودان والجزائر .


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - ظاهرة قيس سعيد .