أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة . ‏














المزيد.....

استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة . ‏


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 6226 - 2019 / 5 / 11 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



استطلاعات قيس الرأي العام أو عمليات سبر الآراء حديثة نسبيا في عالمنا ، وتعود ‏في أمريكا الى القرن الثامن عشر، بينما لم تعرفها فرنسا مثلا إلا في النصف الأول من ‏القرن العشرين ، وتتمثل في طرح أسئلة علي مجموعة من الناس ، ثم ‏قراءة الأجوبة ‏وتصنيفها واستنتاج ما يلزم عنها ، وهى تقوم على اختيار عينات ممثلة لمجموعة سكانية ‏ما ، معتمدة حساب الاحتمالات في نشر نتائجها ، ويتم توجيه تلك الأسئلة مباشرة الى ‏الناس في الشارع أو باستعمال الأرقام الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال ، وهي ‏تستند الى خلفية معرفية قوامها خضوع البشر في أفعالهم وردود أفعالهم واختياراتهم الخ ‏‏.. الى قوانين موضوعية ، يمكن على أساسها التنبؤ بما سيقومون به في المستقبل ، ‏فرغم أن الانسان كائن الارادة والحرية إلا أن هناك عوامل موضوعية تتحكم به ، بل إن ‏الحرية نفسها ليست إلا إدراكا للضرورة التي يعيش الانسان في كنفها . وتستفيد من تلك ‏الاستطلاعات حكومات ومؤسسات بل إنها أعتمدت حتى من طرف البوليس السياسي ‏في عدد من البلدان لمقاومة الحركات الثورية الصاعدة .‏
‏ ‏‎ ‎‏ وفي مجال السياسة يستند إليها في تحديد نتائج الانتخابات قبل حصولها ، وقد ثبت ‏صدقها حينا وخطؤها أحيانا أخرى ، ويطرح المشككون في نزاهتها أسئلة حول من كان ‏وراء طلب إجرائها ، ومن مولها ، لافتين النظر الى أنها عادة ما لا تذكر العينة ‏المعتمدة ومدى تمثيليتها ، ولا تشير إلى هامش خطإ استنتاجاتها ، وأن أسئلتها تفترض ‏أجوبة بعينها ، مما يعنى أنها توحي بها . ومن ثمة التأثير على المستجوبين والتلاعب ‏بالنتائج المصرح بها ، وأنها تعمل لصالح قوى سياسية محددة ، بينما تعادي غيرها ، ‏وهى لا تعدو أن تكون حملات إشهارية في الاقتصاد لصالح شركات تجارية ، أما في ‏السياسة فإنها حملات انتخابية مخفية تسبق الحملات الحقيقية ، وأحيانا تترافق معها ، ‏فهي لا تكشف عن الرأي العام بقدر ما تعمل على تكوينه ، وهناك من شكك أصلا في ‏موضوعها مثل عالم الاجتماع بيار بورديو، الذى يرى أن الرأى العام لا وجود أصلا ‏له فما بالك بقيسه. ولكنها حافظت رغم ذلك على قيمتها باعتبارها آلية قادرة نسبيا على ‏تحديد اتجاهات الرأي العام ، ومن هنا أهميتها في فهم الواقع الاجتماعي السياسي من ‏جهة مساعدتها على تغيير استراتيجيات وتكتيكات قوى مالية وسياسية وعسكرية وثقافية ‏وغيرها ، بما يضفي النجاعة على نشاطها.‏
وقد حطت استطلاعات الرأي رحالها في تونس بشكل خاص بعد ‏رحيل بن على ‏‏، ‏عندما ظهرت مجموعة من المؤسسات المعنية بتلك المهمة ، وسرعان ما أصبح لها ‏‏حضورها في المشهدين السياسي والإعلامي ، غير أنها لم تبلغ بعد مرحلة النضج ‏والحرفية والتخصص بما يمكنها من أن ‏تكون ذات مصداقية ، حيث يتسم عملها حتى ‏الآن بالعشوائية وبما يسميه بعضهم " ‏الانتصاب الفوضوي " ، فهى لا تخضع الى ‏معايير ومناهج مضبوطة من الناحيتين ‏القانونية والعلمية ، وبالمقارنة بينها يلاحظ أن ‏نتائجها متناقضة ، وهناك أدلة كثيرة على ‏خطئها في تقدير نتائج الانتخابية السابقة ، ‏ولكنها اقتربت أحيانا أخرى من الحقيقة ، والرائج ‏تونسيا هو اتهامها بالتحيل والغش ،‏‎ ‎‎ومن ثمة ضعف الثقة فيها و النظر اليها باعتبارها ‏وسيلة انتخابيه . ويفسر ذلك بأنها ‏حديثة العهد وافتقار أصحابها الى الخبرة اللازمة ، هذا من ‏جهة ، ومن جهة ثانية ‏تحيط بها جملة من العوائق لعل أهمها محاولات استثمارها ‏من قبل قوي سياسية ومالية ‏مؤثرة ، داخلية وخارجية وصعوبة التعامل مع " رأي ‏عام " لا يزال يخفي آراءه ‏السياسية في أحيان كثيرة ،ومن هنا الحذر من ‏اعتمادها لفهم تطور المشهد السياسي ‏التونسي .‏
‏ وقد ثارت زوبعة مؤخرا حول بعضها ، عندما نشرت نتائجها في علاقة بالانتخابات ‏‏القادمة ، التي تضمنت انحدار نوايا التصويت لصالح بعض الأحزاب التي سرعان ما ‏‏عبرت عن سخطها ، متهمة إياها بالتوظيف السياسي ، ومنها حركة النهضة الاسلامية ‏التي ‏سكتت عندما كانت استطلاعات الرأي تفيد صعودها ، ولما أشارت الى انحدارها ‏‏تكلمت .‏‏ ‏وليست هي الوحيدة في ذلك ، فقد عبر رئيس الدولة أيضا عن امتعاضه منها ‏وشاركه ‏ذلك الشعور حزب تحيا تونس ،والسبب هو ذاته ، ونعنى انحدارا في نوايا ‏التصويت ‏.‏
‏ والملاحظ أن المعركة حول تلك الاستطلاعات لا تتجه ناحية طرح المعضلة الحقيقية ‏‏ونعني القانونية والعلمية ، بقدر دورانها حول السياسة ، فالقوى المتصارعة انتخابيا ‏تريد ‏مؤسسات سبر آراء على مقاسها ، تكون خادمة لأغراضها ، ولا يهمها العلم ولا ‏القانون ‏بما يمكن أن يؤدي الى انشاء هذا الحزب أو ذاك مؤسسة استطلاعية ملحقة ‏به ، هذا إن ‏لم يكن ذلك قد أصبح واقعا في تونس اليوم ، والحل هو ترك الأمر لذوى ‏الاختصاص ‏والكفاءة والاحتراف والنزاهة والموضوعية والحياد في مجال العلم ، فضلا ‏عن ضبط ‏المبادئ الناظمة لعملها ومراقبة تمويلها في مجال القانون.

‏ ‏



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .‏
- حول السودان والجزائر .
- تونس والكارثة المنتظرة.‏
- نفاق الفلاسفة !! برنار هنري ليفي بين مظاهرات السترات الصفراء ...
- الجبهة الشعبية التونسية في مواجهة مصيرها .‏ ‏ ‏
- تونس التي تستيقظ .‏
- تونس : حزب الرئيس القادم .‏
- السياسة ... خساسة ! ‏
- صراع على صالح بن يوسف في تونس
- الاضراب والحرب الأهلية والانقلاب.‏
- ماذا حدث يوم 14 جانفي2011 في تونس ؟
- عرب عارية
- الانقلاب التونسي
- تونس المتسولة ! ‏
- الاحتجاج بالموت حرقا.
- خطاب منتحر .
- تونس : رئيس تحت التهديد.
- راعية المواشي ،المجازة في الانكليزية ،مفجرة جسدها ‎!
- خاشقجي وثروة السعودية.
- ‏‎ ‎أسئلة خاشقجي وأجوبة أمريكا المعلقة .‏


المزيد.....




- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...
- ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو ...
- مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي ...
- ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال ...
- من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
- كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
- حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة . ‏