|
- إسرائيل - والانتخابات التونسية.
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 6243 - 2019 / 5 / 28 - 22:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قالت شركة "فايسبوك" يوم 16 ماي الجارى، أنها حذفت 265 حسابا اسرائيليا تستهدف التأثير في سياسات بعض البلدان ، من بينها تونس ، ويتعلق الأمر بإستخدام حسابات مزيفة قدمت نفسها على أنها لمجموعات أو لأفراد تونسيين ، توجيها للناخبين ، وأن الأموال المرصودة لها تتجاوز 800 ألف دولار ، وتدفع تلك الحسابات أموالا لإشهار نفسها حتى تصل لأكبر عدد ممكن من التونسيين . وكان لافتا رواج أن المستهدف الأساسي هو رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد ، حتى أن بعض الصفحات تحمل عناوين مثل : الشاهد يكفي والشاهد إرحل الخ .. وقد تذمر الأمين العام لحزب تحيا تونس من تجاهل التونسيين لتلك الجريمة ، كما لو كانت قد وقعت في المريخ ، مبينا أنها لا تستهدف الشاهد فقط بل تونس بأكملها ، وأنها لو حصلت في بلد آخر لخرجت مظاهرات منددة. غير أن شكوكا تحوم حول ذلك ، فما مصلحة إسرائيل في وضع عراقيل أمام رئيس حكومة تونسي متهم بعدم تجريم التطبيع معها ، وكان حريصا على توزير تونسي ينتسب إلى الديانة اليهودية ، حتى أن وزارة الخارجية الإسرائلية إستقبلت تشكيل حكومته الأخيرة بالترحاب ، وتذهب بعض" الألسن الخبيثة " حد القول أن تلك التسريبات هدفها تقوية الشاهد لا إضعافه . ويحدث ذلك في ظل تفشي تأثير المال السياسي المحلي والخارجي ، للتحكم في العملية الانتخابية ، بما يشير الى أن أقصر طريق أضحى التضليل ، خدمة لمصالح سياسية ، لذلك يتم شراء وسائل إعلام وسياسيين ونقابيين وحقوقيين ومثقفين وغيرهم ، لبلوغ ذلك الهدف . وليست إسرائيل الوحيدة التي تقوم بذلك الصنيع ، فالتدخل في المشهد السياسي التونسي أوسع من ذلك بكثير ، فقد أصبحت الساحة السياسية موزعة بين مراكز نفوذ عربية ودولية وكل له مجالات سيطرة يسعى الى توسيع نطاقها ، على نحو أضحت فيه تونس مجال صراع محموم ، قبل إستقرار الوضع لصالح تقسيم نهائي يمتد لسنوات ، حيث حزبان كبيران يتبادلان المواقع على الطريقة الأمريكية ، مرة لحزب الفيل وأخرى لحزب الحمار ففي تونس اليوم الحمار والفيل متحدان في الحكم ، غير أنهما يتبادلان الرفس والعفس ، وهذا ما لن يستمر بعد الانتخابات القادمة ، وهو ما بدت نذره واضحة مع انتهاء التوافق بين حزبي النهضة والنداء ، وليس التوافق البديل بين الشاهد والنهضة إلا لحظة عابرة . وهناك مخاطر جدية تواجه تونس جراء ذلك ، فقد يترتب عن التدخل المشار إليه استعمال الرصاص ، بل ربما بدأ ذلك فعليا ، من خلال زرع الإرهاب التكفيري للضغط في هذا الإتجاه أو ذاك ، والمثالان الليبي واليمني أمامنا ، فالدعم هناك لم يعد مقتصرا على المال والإعلام وإنما أصبح بالسلاح . ولا تعاني البلدان الصغرى والضعيفة وحدها من ذلك " الداء " ، بل حتى البلدان الكبرى تقع تحت طائلته ، وقد اتهم ساركوزي مثلا بتمويل القذافي لحملته الانتخابية ، مما قاده إلى الفوز، كما إتهم أمريكيون روسيا بدعم حملة ترامب وقيل إن إمرأة روسية ضالعة في تنظيم حملة مدعومة من حكومة بلادها ، هدفها التأثير في مجرى الإنتخابات الأمريكية وزرع الانقسام والبلبلة والتضليل صلب النظام السياسي الأمريكي، عبر نشاط الكتروني باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي ورصد أموال طائلة لأجله ، بما يقترب مما قامت به إسرائيل في تونس . ووصل الأمر بمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون حد القول " إن أميركا لن تتسامح مع أي تدخل خارجي في الانتخابات" ، أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد وقع أمراً تنفيذياً لحماية أمريكا من التدخل الخارجي في انتخاباتها ، من خلال فرض عقوبات على الدول والأفراد المسؤولين عنه. يعلم السياسي التونسي اليوم أنه لن يصل الى الكرسي المنشود إلا بفضل الدعم الخارجي لذلك لا يهتم بالداخل بقدر ما يهتم بإرضاء الخارج ، ولهذا تتالى الزيارات الخارجية ، ويقدم كل حزب انتخابي آيات الولاء والطاعة للسادة في ما وراء البحار، وتنتشر الاتهامات المتبادلة بين تلك الأحزاب ، و يقول كل حزب أن على من يتهمه تقديم أدلة على الدعم الذي يتلقاه ، غير أنه يكفي النظر الى الأموال المرصودة في الحملات الانتخابية وميزانية تلك الأحزاب لنقف على حجم ذلك التدخل، حتى أن حزب حركة النهضة وضع في قائمة داعمية تفسيرا لبذخه الانتخابي موتى تبرعوا له . ويحدث أن يكون البلد الذي يتساهل مع ذلك ساحة لتصفية حسابات بين المتدخلين الخارجين ، فتخاض فيه الحروب الباردة والساخنة بالوكالة ، أي نيابة عن المتدخلين ولصالحهم ويقدم الشعب الثمن دما ودموعا . ويبدو أنه لا تجدي الآن دعوات الكف عن ذلك التدخل ، فهي لا تغني ولا تسمن من جوع فالأمر يتعلق بجوهر الديمقراطية الليبرالية ،حيث يتساوى الناس في الحقوق وينقسمون بحدة في إمتلاك الثروات ، وعندما تتحول تلك الى أخرى اجتماعية توفر للشعوب الحرية والثروة والعلم والفن والمعرفة فإنها لن تجد من تضلله ، ولن تكون في حاجة الى ذلك ، ووقتها تعود الديمقراطية الى أصلها ، من حيث هي حكم الشعب لنفسه بنفسه .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة .
-
الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .
-
حول السودان والجزائر .
-
تونس والكارثة المنتظرة.
-
نفاق الفلاسفة !! برنار هنري ليفي بين مظاهرات السترات الصفراء
...
-
الجبهة الشعبية التونسية في مواجهة مصيرها .
-
تونس التي تستيقظ .
-
تونس : حزب الرئيس القادم .
-
السياسة ... خساسة !
-
صراع على صالح بن يوسف في تونس
-
الاضراب والحرب الأهلية والانقلاب.
-
ماذا حدث يوم 14 جانفي2011 في تونس ؟
-
عرب عارية
-
الانقلاب التونسي
-
تونس المتسولة !
-
الاحتجاج بالموت حرقا.
-
خطاب منتحر .
-
تونس : رئيس تحت التهديد.
-
راعية المواشي ،المجازة في الانكليزية ،مفجرة جسدها !
-
خاشقجي وثروة السعودية.
المزيد.....
-
رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس
...
-
مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
-
الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا
...
-
إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
-
إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|