|
فوضى انتخابية .
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 6327 - 2019 / 8 / 21 - 13:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع افتتاح موسم الانتخابات الرئاسية برز الى السطح مهرجون وطامعون من كل لون ، وهم في مكاتب الهيئة العليا للانتخابات لتقديم ملفاتهم ، ومن بينهم العصفور النادر ، والفنان الباكي ، والبرجوازي الخيري ، وابن الشعب الدائم والمكشط بكوفيته الفلسطينية ، وحارس البلاد المتلعثم ، وكاشف تبانه ، والمثلي بعلمه الملون ، وصاحب القفة ، وصانع الرؤساء في أوربا وأمريكا . مما جعل صحفا تتحدث عن الترشحات الفولكلورية وهيستريا السلطة ، أما المواطنون فانخرطوا في حملة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من هؤلاء الذين أتاحت لهم " الأقدار " الفرصة لكي يلوثوا سمعة تونس على نحو لا سابق له . و سار في جوقة هؤلاء المترشحين مثقفون وحقوقيون ، ومعارضون سابقون ، طلبا للمنافع ، مما يدعو الى التساؤل من أين خرج كل هؤلاء وأولئك ؟ وهل أن غايتهم هي فعلا التباري انتخابيا لحسن تدبير الشأن السياسي أم إن غرضهم تلويث السياسية وتنفير الناس منها ودفعهم الى هجرانها ؟ ويبدو أنه اذا كان للديمقراطية الناشئة من مأثرة فهي أنها أخرجت بعض الثعابين من أوكارها . ومن المـــــــرجح أن ترشح أغلب هؤلاء لم يكن بريئا ، وأن قوى سياسية ومالية وإعلامية متنفذة تقف وراءه لبعثرة الأوراق ، ضمن استراتيجيات مرسومة للسيطرة ليس فقط على مؤسسة الرئاسة وانما سائر مؤسسات الدولة بعد تتفيهها وتحويلها الى مسخرة ، بما يمــــــكن بعدها من التخلص منها وتأسيس دولة أخرى تحل محلها ومنها تلك التي بشر الإسلام السياسي بها قبل سنوات تحت مسمى الخلافة السادسة . و اللافت أن من بين المترشحين رئيس الحكومة ، الذي قالت حركة النهضة داعمته الرئيسية مرارا أنها ستسحب تأييدها له في حال أقدم على تلك الخطوة ، غير أنها تناست وعدها الآن وبلعت لسانها ، بل إنها نسجت على منواله فقد قدم وزراؤها في تلك الحكومة بدورهم ترشحهم للانتخابات التشريعية . وينظر الى ذلك باعتباره تواطؤا بين الطرفين ، كان الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي من المكتوين بناره في آخر أيامه ، كما أنه يمثل خرقا مبكرا لشفافية العملية الانتخابية مما يقوى الشكوك في نزاهتها . وبدا المشهد أقرب الى فوضى انتخابية عارمة ، مندرجة ضمن فوضى الربيع العربي المعممة ، حيث المطروح خلخلة كل شيء وبعثرة كل الأوراق وتشتيت السلطات ، باستعمال الديمقراطية من قبل الامبراطوريات المعاصرة كسلاح ناعم لإعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية في المنطقة وفي العالم بأسره ، وفي خضم ذلك تقويض دول وتهشيم أوطان وتشريد شعوب وأمم . واذا كانت صورة هؤلاء المترشحين وهم يقدمون ملفاتهم قد أثارت سخرية الشعب فإنها أبكته أيضا ، فمصيره وغده ومستقبله في مهب الرياح ، رغم تأكيد البعض أنه أفضل ألف مرة أن يترشح مائة من هؤلاء في انتخابات ديمقراطية من أن يكون في الحلبة مرشح واحد في نظام استبدادي يسابق نفسه ، غير أن الديمقراطية وقد غدت مهزلة ، لا تقل شرورها عن الاستبداد بل ربما فاقته . ويسود بين التونسيين شعور أن تونس تضيع في تلك الحمى الانتخابية ويتساءل الناس من سوف ننتخب ؟ ولم يجد وزير الشؤون الدينية من سبيل غير دعوة الحجيج التونسيين وهم على جبل عرفة الى الدعاء لتونس لإنجاح مسارها ، في نفس الوقت الذي كانت تعم فيه ظاهرة انقطاع الماء والكهرباء أرجاء البلاد ، ومنها العاصمة التي لم يجد سكان حي من أحيائها غير قوارير مياه معدنية لتغسيل ميتة ، وفي الأثناء أكد البنك المركزي عبر تقريره السنوي أن تونس تغرق ولا حل في الأفق . غير أن تلك الفوضى الانتخابية ليست جديدة ، فقد عرف التونسيون خلال السنوات القليلة الماضية ما يشبهها ، وكان البرلمان والحكومات المتعاقبة ساحات فوضى ، فسخروا من وزراء ونواب كانوا تعبيرا صادما عنها ، ونجحوا في هضم كل ذلك الخراب ، متعايشين معه والأمل يحدوهم في التحرر منها ، بتنظيم الحياة السياسية وتأسيسها على قاعدة التدبير العقلي ، حيث يعانق الحكم الحكمة .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صديقي الفلسطيني وطريق جهنم .
-
تونس والرئيس القادم .
-
تونس : في عيدها الجمهورية تفقد رئيسها.
-
تونس : تصدعات حركة النهضة .
-
الديمقراطية التونسية.
-
عرس نقابي .
-
خميس أسود في تونس .
-
الاستقطاب والانتخاب.
-
وفاة مرسي في تونس .
-
مذبحة الديمقراطية .
-
الدين والمال .
-
مأزق الجبهة الشعبية وآفاق اليسار .
-
- إسرائيل - والانتخابات التونسية.
-
استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة .
-
الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .
-
حول السودان والجزائر .
-
تونس والكارثة المنتظرة.
-
نفاق الفلاسفة !! برنار هنري ليفي بين مظاهرات السترات الصفراء
...
-
الجبهة الشعبية التونسية في مواجهة مصيرها .
-
تونس التي تستيقظ .
المزيد.....
-
مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق
...
-
فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم
...
-
مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره
...
-
السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية
...
-
جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
-
الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين
...
-
الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر
...
-
كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
-
الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
-
الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|