أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - رسالة إلى إيمان.














المزيد.....

رسالة إلى إيمان.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 6336 - 2019 / 8 / 30 - 19:42
المحور: الادب والفن
    


يا إيمان، الحب في الزمن الرديء مغامرة، أو جنون، بعضه يدوم وبعضه يهون، ونادر منه ما يبقى رغم الظنون... ربما حين يلقى شبح إنسان تخطى الأربعين فرصة ليعود إلى الحياة، فوتها، وربما تمسك بها إلى أبعد الحدود مما تظنين، فالناس المصابون بمرض الانهزام أمام الشرور، كعصفور الحقل الذي يظل خائفًا من خيال المآتة، وأنا واحد من هؤلا، جربت ربط رقبتي في يد طفلين يلهوان، وزاد خناقي، وعرفت أن الروح التي حطت في حقل القمح الواسع، لم تؤسر بعد.
صدقيني يا حبيبتي، ربما في لحظات اليأس قلت لجسدي مهلا، حاول أن تستمتع، فرحتُ أمنح جسدي لكل من مر عليه، مرة بالوصاية ومرة بالشرع والقانون العرفي، ومرات ومرات بالجناية. نعم، جناية أن تمنح جسدك للآخرين، وترك روحك على بعد ذراع واحد من خيال المآتة.
الجسد يا إيمان لم يكن إلا دراكولا الكلام، يأتي في الليل وحيدا، يغرس نابه في ذراعه، يمتص قدر ما يشاء من قبلاتهم وكلماتكم وجنسهم الحميمي، وبعض أحلامه للخلاص، ثم يقيء كل شيء دفعة واحدة، فيصير لثوان حرا للأبد، وفي الصباح، يضع المساحيق الواقية من الشمس، يقوم إلى حقل القمح، يستجدي تلك الروح أن تعود إلى الجسد، لكنها كانت في واحد من صباحاته الغريبة طارت، صارت أبعد مما تتخيله الناس، أعطت سرها إلى سنبلة قمح لم تزل خضراء، ثم طارت.
يا إيمان، جسد العصفور المحبوس مجرد جسد، مرت عليه أرواح كثيرة، منها الشقي ومنها البغي ومنها العفيف، لكن أبدا لم يقبلها الجسد، ومرة حاولوا إجراء عملية لنقل الروح ليغني، انتفض، ظنوا أن الروح مناسبة، لكنه انتفض انتفاضة سمكة وضعت على صاج الشواء حية، قبل أن تموت. لم تفلح روح أن تبقى في هذا الجسد، فباعوه، باعوا الجسد ألف مرة وكنت شاهدا على عرضه في سوق النخاسة السري والهواتف والمقابلات العصبية والغرف البعيدة عن أعين الناظرين... اكتمل دراكولا تماما، ثم جئتي، طفلة بريئة تلعب في حقل والدها، رأيت الجسد، دراكولا، خيال المآته، وجربتي دون تعمد وبعفوية بالغة أن تقبلي خيال المآته، أن تمنحي بعض الدم لهذا المسخ الليلي البغيض المكروه، ومسحتي على جسد العصفور، ثم غبتي، في الغياب انتقض، صرخ من جديد حين رأي بشاعته في المرآه، مرعب جدا حين يكتشف دراكولا حقيقته، مزيف هذا الجسد كان، وغبتي، ثم رجعتي، بنفس البراءة، كنت تبكين فعال المزيفين، والمبتسرين، والمدعين، وبلا مقدمات سخيفة، رميت بجسدك الصغير في جسد الوحش،تحرر خيال المآته، وعادت الروح للجسد، وانفك خيط من هنا وخيط من هناك، فعاد يغني كأن شيئا لم يكن،كأنه اختبر الطيران لأول مرة، كأن خيال المآتة صار حيا لمرة أخيرة، ولم يعد من حاجة لاستخدام مساحيق الوقاية، زالت لعنة دراكولا للأبد، إذ منحت له شريان حياة موصول بقلبك للأبد.
إيمان،لا أؤمن بالمعجزات، أميل إلى الانجازات أكثر، لكنك، ويا لعجب ما فعلتي، أنجزت معجزة، فعاد يحيا من جديد، يحب جسده، راضيا بندوبه، متصالحا مع كل الشطط، وراضيا بأن يصير للأبد سنبلة القمح في حقلك الأخضر.
كيف يمكن أن نكتشف ذواتنا من جديد، وأن نفتح وجهنا للنور، وقلوبنا للحب، وأن نسامح كل رداءاتنا حين غاب الجميع، فتركوا عودنا ييبس، ووحدك من فتحت له قناة ماء، وقلت تعال، لا بأس، اشرب، ارتو، عد إلى الحياة من جديد رغم كل شيء.
دعيني أسامح نفسي وأعتذر لكل العالم عن ذلك الطائش المجنون، الذي عاد بعد موت إلى الحياة.
إيمان، أنا الآن حي باليقين لا الظن والأمنيات.
إيمان، أحبك وحدها لا تكفي، ولم تعد تكفيني حياة واحدة، أحبك ألف ألف حياة،أحبك وأمنح نفسي فرصة بهذا الحب أن أعتذر لكل النساء.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جارة الولي
- أحبك... أنت طالق (لماذا يا لمياء وياسر؟! لكني أتفهم جيدًا)
- أنت نائمة؟
- الرجل المحظوظ الملعون
- من يحملُ الآن عني؟
- عضو ذكري جديد
- رسائل المشترى
- رسائل المشترى: الرسالة الثانية
- رسائل المشترى: الرسالة الأولى
- حبيبتي ذات التجارب
- كيف خلق الله الملائكة؟
- ست ساعات في الجنة
- هات قلبك
- أنتِ
- فاطمة
- عصفورة سابايا
- موجة
- الحمار المحظوظ
- لو كنتِ هنا
- أريد امرأة


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - رسالة إلى إيمان.