الباجي القائد السبسي : زعيم سياسي بامتياز

محمد الاغظف بوية

الحوار المتمدن-العدد: 6314 - 2019 / 8 / 8 - 03:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

على الرغم من مرضه، تمكن الرئيس التونسي الراحل، الباجي قايد السبسي، من إبعاد تونس عن صراع الاستقطاب ومحاولات دول خليجية توريط بلده في حماقات زعماء صغار، صغار في التفكير وصغار في الدبلوماسية، صغر قد يؤدي إلى جعل هذه البلدان ساحة لعدم الاستقرار ومحطة لاستفزاز الشعوب المقاومة.
في أثناء مرضه، أعلن عن وفاته، وبعد تكذيب الخبر، يخرج السبسي ليستمر في الحكم من موقع الفاعل والنشط الماسك بزمام الأمور في الدولة التونسية، فلم يغير تاريخ الانتخابات، لم يقم بأي انتهاك للدستور، بل عمل على إرساء دولة القانون. كان رجل دولة بامتياز.
وفاة السبسي انتهاء شخص، ولكنه استمرار لمؤسسة الدولة، فهي لا تتوقف عند موت قائد أو زعيم، بل تستمر المؤسسات في عملها، لأن الديمقراطية التونسية تبنى على وجود مؤسسات حقيقية، فالبرلمان يتكون من كتل تختلف وتتفق.
قد نختلف على مسألة التعاطي السياسي، وعلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية، كل من منظوره الخاص، لكن يجب ألا نختلف على نوعية الحكم والأصل الديمقراطي لنظام الجمهورية، وأن نتفق على مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، وعلى عدم السماح بالتدخل الخارجي في الشأن الداخلي التونسي.
منذ الثورة، ومنذ انطلاقتها الأولى مع شجاعة الشهيد محمد بوعزيزي وحماسته، ظلت تونس قرطاج، تونس ابن خلدون منارة الديمقراطيين والعاشقين لحلم التغيير، فلو أجرينا مثلا مقارنة بسيطة بين النظام الديمقراطي بنظيره في غير بلد عربي، لوجدنا الاختلاف الكبير، بين نظام ديمقراطي يعطي الأولوية للشعب والمؤسسات المنتخبة، بل يجعل الشعب شريكا فعليا في العطاء الديمقراطي، وبين أنظمة ديمقراطية شمولية أفقدت الشمولية فيها طعم الديمقراطية.
قدم الشعب التونسي، من خلال ثورته، دروسا في التوعية السياسية، وأبرز أهمية الفعل الديمقراطي الذي يحترم قرار الشعب، وخوفا من اتحاد ضده كل أشكال الخبث الإقليمي، سعى الشعب وبقياداته المدنية، حكومة وأحزابا ونقابات، إلى جعل البلد مستقلا عن كل صراع.
انتهى عهد الباجي السبسي، لكن تونس ستظل كما كانت دولة المؤسسات المستمرة.

#محمد_الاغظف_بوية (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل