أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نصيف الناصري - الجثث مجهولة الهوية ببغداد والإرث العراقي في القتل















المزيد.....


الجثث مجهولة الهوية ببغداد والإرث العراقي في القتل


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1545 - 2006 / 5 / 9 - 10:18
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


{ في سادس عشر من محرمها قلد الشريف الرضي أبو الحسن الموسوي نقابة الطالبيين في سائر الممالك وقرئ تقليده في دار الوزير فخر الملك بمحضر من الأعيان وخلع عليه السواد وهو أول طالبي يخلع عليه السواد . وفيها جيء بأمير بني خفاجة أبو قلنبة – قبحه الله – وجماعة من رؤوس قومه أسارى وكانوا قد اعترضوا للحجّاج في السنة التي قبلها وهم راجعون ، وغوروا المناهل التي يردها الحجّاج ووضعوا فيها الحنظل بحيث انه مات من الحجّاج من العطش نحو من خمسة عشر ألفاً وأخذوا بقيتهم فجعلوهم رعاة لدوابهم في أسوأ حال وأخذوا جميع ماكان معهم . وفي شوال توفيت زوجة بعض رؤساء النصارى فخرجت النوائح والصلبان معها جهاراً فأنكر ذلك بعض الهاشميين فضربه بعض غلمان ذلك الرئيس النصراني بدبوس في رأسه فشجه فثار المسلمون بهم فانهزموا حتى لجأوا الى كنيسة لهم هناك فدخلت العامة اليها فنهبوا ما فيها وما قرب من دور النصارى وتتبعوا النصارى في البلد وقصدوا الناصح وابن أبي اسرائيل فقاتلهم غلمانهم وانتشرت الفتنة ببغداد ورفع المسلمون المصاحف في الأسواق وعطلت الجمع في بعض الأيام واستعانوا بالخليفة فأمر باحضار ابن أبي اسرائيل فامتنع فعزم الخليفة على الخروج من بغداد وقويت الفتنة جداً ونهبت دور كثيرة من النصارى ثم احضر ابن أبي اسرائيل فبذل أموالاً جزيلة فعفا عنه وسكنت الفتنة } .

ابن كثير { البداية والنهاية } حوادث سنة 403 هجرية


{ وفيها وقعت فتنة عظيمة بين السنة والروافض ، فقويت عليهم السنة وقتلوا خلقاً منهم ونهبوا الكرخ ودار الشريف المرتضى ، ونهبت العامة دور اليهود لأنهم نسبوا الى معاونة الروافض ، وتعدى النهب الى دور كثيرة وانتشرت الفتنة جداً ، ثم سكنت بعد ذلك ، وانتشرت المحنة بأمر العياريين في أرجاء البلد وتجاسروا على أمور كثيرة ، ونهبوا دوراً وأماكن سراً وجهراً ، ليلاً ونهاراً } .

نفس المصدر . حوادث سنة 422 هجرية

يذكر وول ديورانت في المجلد الأول من كتابه الضخم { قصة الحضارة } انه في بعض الأزمان والممالك . كان اذا مات بعض الملوك الطغاة . يقوم أفراد الشعب كل بتسليح نفسه خشية القتل في الفوضى وعمليات الثأر التي تعقب وفاة الملك . والآن – بعد زوال نظام الطاغية صدام حسين صنيعة النظام العربي والامبريالية العالمية . مالذي يحدث في الشارع العراقي الآن بعد أكثر من 30 عاماً من القهر والظلم والاعدامات والمقابر الجماعية وحملات الانفالات وعمليات التهجير القسري ؟ يطلق ساسة العراق الجدد الآن شعار { اخوان سنة شيعة . هذا الوطن ما نبيعه } نعم . هذا صحيح . لا يبيع الشعب العراقي المتعدد الأطياف والقوميات والأديان والمذاهب الوطن . وهنا يجب أن نعرف أن هذا الشعار رفعه أيضاً صدام حسين في أعقاب هزيمته في حرب تحرير الكويت بصيغة أخرى وذلك حين كشفت له انتفاضة الشيعة في الجنوب والكورد في الشمال في العام 1991 حجم الغضب الشعبي وقوة الثورة ضد مؤسساته وحزبه من جراء ظلمه وقسوته وتهميشه وتشكيكه في وطنية الشعب الذي ثار عليه . كان اعلام صدام قد أطلق هذا الشعار هكذا : { العراق وطن الجميع والحفاظ عليه مسؤولية الجميع } . لا تحدث الحرب الأهلية في العراق أبداً ، وما يدور الآن من قتل على الهوية وعمليات تهجير متبادل بين السنة والشيعة . ليس جديداً في تاريخنا العراقي المليء بالدم والرماد ، بداية من العصر الأموي فالعباسي فالمملوكي فالعثماني فالملكي الهاشمي الى عبد السلام عارف وأخيه عبد الرحمن والبكر وصدام . في كل دورة من دورات تاريخنا تنهض شهوة القتل دائماً في مناسباتنا الدينية الاسلامية على وجه الخصوص ، لتحرق أصحاب الأديان السماوية الأخرى التي تعيش على أرض العراق منذ ما قبل الاسلام . هذا القتل الذي يتم الآن على الهوية وعمليات تفخيخ السيارات في المدارس والمساجد والمقاهي والمطاعم وأمكنة العمال . ليست له علاقة بالاسلام ولا الجهاد ولا تحرير الوطن من قوات التحالف التي حررت الشيعة والأكراد والتركمان والكثير من أهل السنة من أعتى نظام ديكتاتوري في تاريخ العراق . انه قتل طائفي تمتد جذوره الى تاريخ بعيد . ولكي تقترب الصورة أكثر فيتوجب علينا هنا أن نتذكر ما أعقب انقلاب 8 شباط عام 1963 ومادار في الشوارع العراقية من عمليات الذبح والسحل التي قامت بها عصابات حزب الذين قاموا بالانقلاب من البعثيين والقوميين الشوفينيين . ما أن بدا الانقلاب في اليوم الأول حتى انقسم الشارع البغدادي حسب المناطق الى بعثي – شيوعي . وتكشفت لنا { الأعظمية } التي تحتضن ضريح زبدة الفقهاء الإمام أبي حنيفة النعمان منطقة بعثية بامتياز تقف بالضد من { الكاظمية } الشيوعية حاضنة ضريح الإمامين الجوادين . الآن بدلت دورة القتل الطائفي صورتها وتحولت {الأعظمية } الى سنية و{ الكاظمية } الى شيعية . كان العراق الوطن الاكذوبة الذي يتشدق به العرب العنصريين والذي أنشأته الادارة الاستعمارية البريطانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى . عبارة عن 3 إيالات عثمانية يحيطها الخراب من كل الجهات ، وكانت محافظة { الديوانية } الآن تابعة الى محافظة { الحسكة } السورية آنذاك وكانت محافظة { الموصل } مهددة بالاقتطاع من قبل تركيا . استدعت بريطانيا أحد أنجال الشريف الحسين الهاشمي من الحجاز وتوجته ملكاً على العراق ، وكلفت الشخصية السنية ورجل الدين السيد عبد الرحمن النقيب ليترأس الوزارة العراقية الأولى . بعدها أصبح العراق يتكون من بضع محافظات ووزارات يشرف عليها رجال الادارة البريطانية ، وغرفة تجارة يرأسها ويقود وزارة الاقتصاد أيضاً السيد ساسون حسقيل الشخصية اليهودية المتنورة والمنفتحة على التطورات العالمية التي أعقبت الحرب ، وفوج عسكري { فوج موسى الكاظم } نواة الجيش العراقي وجندرمة ومحطة قطار توصل الجنوب بالشمال . يذكر السيد أمين المميز وهو أحد الشخصيات التي ترأست أمانة العاصمة العراقية في كتابه { بغداد كما عرفتها } أن الحكومة العراقية في فترة ما ، ويبدو أنه يتحدث عنها أثناء سنوات التكوين . كانت تمتلك 7 سيارات فقط وكانت جورجينا باشا { أخت المطربة سليمة مراد وزوجة المطرب ناظم الغزالي } العاهرة والقوادة الارستقراطية بعد ذلك . تمتلك سيارة ماركة بونتياك سوداء اللون تتسع ل 7 أشخاص وكان سائقها صاحب أطول عفطة ببغداد . ما أود قوله هنا هو أن العراق الوطن الوهمي { تأسس في العام 1921 } قد تم تكوينه على أسس خاطئة ومفبركة جداً من قبل وزارة المستعمرات البريطانية . ما الذي يجمعني أنا المولود في { الناصرية } الجنوبية العربية بعروبتي وإرثي ولغتي العربية بالكوردي المختلف واقليمه المختلف وثقافته المختلفة ولغته المختلفة سوى التاريخ المشترك والجوار والحب والاحترام ؟ أود من الأعماق وبسرور بالغ أن تكون للكوردي دولته مثلما أنا لي دولتي . ويجب على أولئك الذين يخافون من تقسيم العراق أن يذهبوا ويصنعوا وحدتهم العربية المنشودة مع سوريا أو الكويت أو الأردن أو السعودية طالما أن كل هذه الدول هي دول عربية ووهمية صنعها الاستعمار البريطاني والفرنسي . نعم . يجب أن نعلن الحقيقة بضمير حيّ ونقول : مرحى لدولة الكورد وإرادة الكورد ومستقبل ونضال الكورد . يجب أن يكف العرب عن المناداة في النضال من أجل تحرير فلسطين . طالما أنهم يستعمرون كوردستان ويقتلون الكورد ويستعمرون أرض البوليساريو الامازيغ في المغرب وجنوب السودان ويقتلون شعب دارفور من خلال ميليشيات الجنجويد التي تشرف عليها وتسلحها الحكومة السودانية . ولكي لا أشط في الاسترسال الأليم حول الظلم الذي نلحقه وألحقناه في الشعب الكوردي . أعود الى الحالة الراهنة وتداعياتها السياسية والطائفية . من المعلوم أن نظام الحزب الواحد والشخص الواحد حين سقط بعد دخول القوات الأمريكية بغداد . قد ترك فراغاً في شتى نواحي الحياة العراقية ، وحين حاولت القوى والأحزاب والحركات المعارضة القادمة من الخارج بسبب طبيعة النهج الدموي في الاغتيالات والاعدامات وتكميم الأفواه والسجون ومحكمة الثورة سيئة الصيت التي كان يقوم بها نظام الطغيان . ملئ هذا الفراغ وبداية عهد جديد في نظام الحكم والدستور وترسيخ الديمقراطية ومبادئ العدالة الانسانية . كانت قد واجهت صعوبات كبيرة مع الإرث الديكتاتوري الذي خلفه ذلك النظام . ماالذي حدث بالضبط في عمليات الثأر والقتل والقتل المضاد ؟ تنفس الكورد والشيعة الصعداء بعد تاريخ من الظلم والقهر الاجتماعي والسياسي والثقافي والمذهبي ، مثلما تنفس أخوتهم السنة الصعداء أيضاً ، لكن التاريخ الطويل من الخدمة في مؤسسات النظام الحزبية والأمنية والوشاية وكتابة التقارير الحزبية والعمالة لدوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات عند بعض فئات الشعب . جعلت عمليات الثأر وذكرى السنوات السود وفقدان الأهل والأحبة الذين غيبوا في المقابر الجماعية من الصعب السيطرة ، عليها على الرغم من فتاوى المرجعيات الدينية ونداءات رجال السياسة حول ضرورة العفو والتسامح . من جانب آخر كان لحل الجيش والشرطة العراقية من قبل الحاكم المدني الأمريكي السابق بريمر وقانون { اجتثاث البعث } الشبيه بقوانين نظام صدام في الاقصاء والتهميش والشبهات الذي تبنته قوى سياسية معينة من منطلقات ثأرية ، الدور الكبير في شعور الكثير من الناس بالظلم والقسوة والنبذ في عهد جديد أريد له أن يكون ديمقراطياً وعادلاً لكل الشعب العراقي بعيداً عن ظلام الماضي ومآسيه السود . لماذا لا يتم انشاء قانون قضائي تتم فيه محاسبة من تثبت تهمته في الاجرام من البعثيين والحاق الأذى بالناس واصدار الحكم المناسب ضده ؟ ألم يتصالح الكورد مع أولئك الذين كانوا { جحوشاً } ومخبرين للنظام السابق ؟ تحيرني دائماً القناة الفضائية العراقية التابعة الى شبكة الاعلام العراقي التي أنشأها بريمر وأرادها أن تكون على غرار قناة ال ب ب سي ، ومن المفروض أن تكون قناة لكل الشعب العراقي وتمول من قبل مؤسسات الشعب ، لكنها أصبحت طائفية مقيتة بامتياز عبر ادارتها من قبل الضابط السابق حبيب الصدر وهو رجل لا شكوك في وطنيته العراقية لكنه لا علاقة ولا خبرة له في مجال الاعلام ولا في التلفزيون . لقد حول الصدر هذه القناة الى بوق للحكومة المشكوك في نزاهتها ووطنيتها . لم أسمع ولم أشاهد حتى الآن من العوائل التي هجّرها الارهاب سوى العوائل الشيعية ، وكأن العوائل السنية لم تطالها عمليات القتل والتهجير الطائفي ، علاوة على انها تحولت الى { حسينية } دائمة للطم والنواح بمناسبة ومن دون مناسبة ، ولا أستطيع نسيان إجابة السيد مسعود البرزاني عن سؤال له في أحد برامجها حول رأيه فيها فقال : { انها قناة طائفية } وشبيه في هذا تعيين الشيعي محمد عبد الجبار رئيساً لتحرير صحيفة { الصباح } التابعة لنفس الشبكة والتي أصبحت صحيفة ناطقة باسم حكومة الجعفري الذي طرده من منصبه وأعاده اليه ثانية حسب مزاجه ومن دون ضوابط مهنية . تلعب الآن المساجد والحسينيات السنية والشيعية دوراً بارزاً في تأجيج الاحتقان الطائفي ، وتغذي القوى السياسية المتصارعة هذا الاحتقان وتستغله في فرض شروطها وطموحاتها الطائفية بقوة . ضاربة المصالح الوطنية للشعب العراقي في الحضيض . يصرح السيد مقتدى الصدر علانية حول ضرورة القضاء على الوهابيين والبعثيين وتخليص العراق منهم ، ومن جهة أخرى تصرح القوى السياسية السنية وتتهم الشيعة بالتبعية والعمالة لايران ، وغير خاف علينا اتهامات عضو البرلمان العراقي السيد مشعان ركاض ضامن الجبوري للشيعة وتسميته لهم ب { الصفويين } وهو يدري أن شيعة العراق أقدم من الصفويين بمئات السنين . يجب الآن بناء عراق ديمقراطي فدرالي متحرر ومستقل بعيداً عن المصالح الفردية والطائفية والأنانية ، كما يجب إعادة كل رجال الدين سنة وشيعة الى المساجد ليرضوا الله ويرضوا رسوله بعيداً عن التدخل في مراحيض السياسة واذكاء نار الحقد والطائفية بين أبناء الشعب العراقي عبر طروحاتهم التي تجاوزها الدهر منذ أمد بعيد . في الانتخابات الأخيرة ألح عليّ الكثير من العراقين في ضرورة الذهاب الى صناديق الاقتراع بعد أن امتنعت عن الذهاب الى الانتخابات في المرة الأولى . كان كل واحد من هؤلاء العراقيين يطلب مني أن أصوّت للقائمة التي يريدها هو . ذهبنا الى العاصمة الدنماركية وكنا خليط من الاسلاميين والديمقراطيين والشيوعيين نساء ورجالاً ، وحين ترجلنا من السيارات وجدنا أحد العراقيين كان { قصخون } في ايران يرتدي الصاية والعباءة واليشماغ والعقال وهو يصرخ : { ها ها دير بالك تصير علماني . دير بالك تصير علماني } فرثيت له ووضعت بطاقة الانتخاب في الصندوق فارغة وقرأت السلام على السنوات القريبة القادمة في العراق . في نشرات الأخبار اليوم . عثرت الشرطة العراقية هذا الصباح على 50 جثة مجهولة الهوية في مناطق متفرقة من بغداد ، وكتب المحرر السياسي لصحيفة { الصباح }هذا المقال الذي أضعه هنا لنعرف حجم الحيرة حول الاعداد المتزايدة للجثث مجهولة الهوية ببغداد في كل يوم :

{ الى الحكومة : متى يتوقف هذا المظهر المخيف ؟
بغداد ـ القسم السياسي
جثث في المزابل والطرقات.. ومتهم مجهول

تزايدت في الفترة الاخيرة عمليات القتل الجماعي من خلال انتشار الجثث المجهولة الهوية في أماكن متفرقة من البلاد دون الاشارة بالاتهام لجهة معينة يرافقها في نفس الوقت انتشار لقوات مسلحة حكومية مرتدية أقنعة سوداء فأصبح من العسير على المواطن تمييزها عن الجماعات المسلحة فتباينت آراء الساسة والاعلاميين والمواطنين بشأن هذا الموضوع ففي الوقت الذي اتهم فيه السياسيون الأجهزة الأمنية بالضعف وعدم الارتكاز على بناء سليم في تكوينها يرى الاعلامي أن السبب الرئيسي في ما يحدث هو قرار الحاكم المدني في حل الجيش العراقي السابق فيما أكدت آراء المواطنين بأن وراء ما يحدث هو آياد خارجية ومنظمات ارهابية غايتها جعل المواطن يلتجئ الى القوات الاجنبية وصنع شعور داخله بان خروج تلك القوات بمثابة الكارثة..

{ الخطأ في بناء الاجهزة الأمنية }

السيد مفيد الجزائري عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية أوضح أن ما يحدث في العراق من انفلات أمني سواء في ظاهرة الجثث المجهولة الهوية أو في ظاهرة الملثمين الذين يملأون الشوارع سببها الرئيسي بناء الأجهزة الأمنية على طرق غير سليمة أدت في النهاية الى تفاقم هذه الظاهرة التي أصبح فيها المواطن لا يميز بين الملثم المكلف بحمايته والملثم الارهابي.. ويتساءل الجزائري هل هناك قرار يبيح للقوات الحكومية ارتداء هذه الأقنعة أم انه تصرف شخصي يخفي من ورائه أعمالا كتلك التي نشاهدها ونسمع عنها بين الحين والآخر من ظاهرة الجثث المجهولة الهوية وعمليات التهجير القسري والخطف وغيرها.. وهذا ما يدعونا الى التصديق بتصريحات بعض المسؤولين عن الأجهزة الأمنية بأن اجهزتهم مخترقة.. لذلك نعود ونكرر القول كما يقول الجزائري بأن بناء المؤسسات الأمنية في مرحلة ما بعد التغيير كان بناء ليس بمستوى المسؤولية الملقاة عليه ويتحمل الجزء الأكبر مما يحدث ، وقال : ولا يمكن أن نغادر هذه الظاهرة إلاّ في ظل سلطة أمنية وطنية بناؤها مشروط بقراءة ملف كل منتسبي هذه الأجهزة الأمنية بعين الدقة والفحص المركز..

{ القضاء عليها مسؤولية الحكومة ومجلس النواب }

من جهته أكد الدكتور عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق انه لا يستطيع أي طرف تشخيص أو تحديد الجهة المسؤولة التي تقف وراء عمليات الاغتيالات ورمي الجثث المجهولة الهوية بعد تعذيبها في الطرق والمناطق الآمنة بسبب عدم وجود دلائل دامغة ضد هذه الجهات. وقال الدليمي أن أغلب الاشارات التي تصل الى الجبهة تثبت ضلوع عصابات اجرامية ارهابية ترتدي زي الداخلية والحرس الوطني وتجوب الأحياء السكنية بسيارات تحمل أرقاماً حكومية أو بدون أرقام في هذه العمليات فضلاً عن ضلوع ميلشيات مسلحة في عمليات قتل المواطنين الأبرياء . وأضاف الدليمي أن على الحكومة ومجلس النواب وقوات الاحتلال وضع حد لهذه العمليات التي استشرت بعد 22 / 2/ 2006.
وبين أن هنالك وللأسف عدداً كبيراً من قوات الحرس والشرطة ترتدي اللثام وهذا الأمر خطير اذ يدلل على احتمالية ضلوع هذه القوات بعمليات اغتيالات مدبرة وهذا الأمر ( اللثام ) بعيد كل البعد عن القيم والأعراف ونظام الدولة الذي يجب اتباعه في هذه المؤسسات الأمنية الواجب أن تعمل على كسب ثقة المواطن لا أن ترتدي ما يخيف المواطن حالها حال العصابات الاجرامية التي تقوم بمثل هكذا أمور .
وأكد الدليمي أن الحكومة الجديدة يجب أن تقوم بحل جميع الميلشيات وأن يكون السلاح حكراً للحكومة ، فضلاً عن تنظيف هذه الوزارات من الدخلاء والعصابات والشخصيات المشبوهة وتصبح وزارات وطنية لا طائفية ، مضيفاً بانه في حال تثبت ضلوع أو تورط أي حزب أو تنظيم في هذه العمليات عند ذلك يجب أن تصنف هذه الأحزاب من الأحزاب الارهابية بغض النظر عن انتمائه .

{ غياب الانسجام بين المواطن والسلطة }

وأكد د. صلاح عبدالرزاق المسؤول في الوقف الشيعي أن هذه الظاهرة متزامنة مع حمى التنافس على تشكيل الحكومة الحالية.. وهناك جماعات قسم منها مرتبط بفلول بقايا النظام والقسم الآخر مرتبط بآياد اجنبية.. وعملها اشاعة الفوضى والنزاع لدى المواطن ومن ثم جعل المواطن وحتى الأحزاب التي تعارض الوجود الاجنبي تشعر بالخطر لكي يلجأ للقوات الاجنبية ، لذلك نجد الكثير من التصريحات السياسية لشخوص وطنية مفادها أن خروج القوات الاجنبية يعد كارثة ، وقال عبدالرزاق أن عمليات القتل المجهول تجربة مأساوية ليست بالحديثة بل عاشتها بعض دول اميركا اللاتينية.. وأضاف المسؤول في الوقف الشيعي أن عملية اللثام التي شاعت في الاوساط الأمنية هي ما تسمى بالاختفاء العسكري والسبب في حصول هذا الأمر عدم وجود انسجام بين الوضع الاجتماعي والوضع الأمني أي السلطة.. لذلك نجد غياب هذه الحالة في اقليم كردستان وذلك لوجود انسجام وثقة متبادلة بين المواطن والدولة..

{ نحن في حالة طوارئ قصوى }

وأشار الدكتور بدرخان السندي رئيس تحرير جريدة التآخي الى أن موضوع انتشار الجثث المجهولة الهوية مسؤولية تقع برمتها على عاتق غياب المسؤولية الأمنية الجادة في البلد هذا جانب ومن جان آخر وجود الميليشيات المسلحة كان عاملاً مساعداً باختلاط الأوراق في الساحة الأمنية ولا ينكر أحد أن هناك تقصيراً مركزياً في وزارتي الدفاع والداخلية وهذا ما جعل الوضع الأمني في العراق يشير الى أن الأمور في البلد غير اعتيادية وهي شبيهة بحالة الطوارئ القصوى التي تفرضها حالات الفيضانات والهزات الأرضية وغيرها من الظواهر الطبيعية الكارثية.. أما عن موضوع اللثام فقال السندي هو نتيجة فرضتها الحالة الأمنية فالشرطي أو الجندي لا يخشى من المواطن الذي يمتلك مفهوم المواطنة بل خشيته تأتي من بعض ضعاف النفوس الذين جندتهم وللأسف بعض الاطراف العربية ، وقال السندي أن الخطأ الاول فيما يحصل سببه حل الجيش العراقي فعلى جميع الأطراف السياسية أو الدينية الاستجابة لدعوات المطالبة باعلان الجميع براءته من العمليات الارهابية التي تحدث.. وما مفاوضات السيد رئيس الجمهورية مع الجماعات السبع ألاّ جزء من حل سيكشف لنا الكثير من الخفايا وهذه المفاوضات ستعطي دلالاتها الايجابية قريباً جداً..

{ منظمات أرهابية وراء ما يحدث }

فيما بين المواطن حسن فالح من أهالي مدينة الشعلة أن الأمور التي تحدث الآن قد خطط لها مسبقاً وليست وليدة اللحظة ، وعملية حل الجيش العراقي من قبل الحاكم المدني برايمر دليل ملموس ونتيجة حتمية لما يحدث الآن ، وقال المواطن أن الاتهام المتبادل بين العراقيين من ورائه منظمات ارهابية مدربة بتقنية عالية لاختيار أهدافها ، والجثث المجهولة الهوية لم تميز بين طائفة او قومية معينة بل كانت عشوائية لاثارة الفتنة والحرب الاهلية.. وأضاف المواطن أن هناك خروقات أمنية وقد اعترف بها المسؤولون انفسهم وهذا ما أوجد حالة اللثام التي أصبحت حالة شبه رسمية لرجال الأجهزة الأمنية ومن خلالها مارس بعض ضعاف النفوس الكثير من التجاوزات التي جعلت من حرية المواطن شبه معدومة.. وأشار المواطن الى أن الحل يكمن في بناء أجهزة أمنية وطنية قادرة وفعالة وليست لها علاقة بجهات حزبية أو طائفية ويكون ولاؤها للعراق قبل كل شيء وذلك من خلال دراسة ملفاتهم بصورة دقيقة ..

{ ما بني على خطأ سيقع بسهولة وبسرعة }

أما المواطن على ابراهيم المشهداني من أهالي الطارمية فقال : أن ما يحدث ويزداد بشكل يثير الفزع يدل على أن هناك أيادي خفية غايتها اثارة الفتنة بين أبناء الشعب واعطاء تصور لدى المواطن بأن الحكومة غير قادرة على حمايته ، وأضاف المشهداني أن رجال أمن الدولة سواء من منتسبي وزارتي الدفاع أو الداخلية وبالذات الذين يرتدون الأقنعة أصبحوا في نظر المواطن لا يختلفون عن الميليشيات وهذا ما يدفع المواطن للشعور بأن خروج القوات الاجنبية سيعرض البلاد الى حرب اهلية.. فمسألة ازدياد حالات القتل الجماعي وانتشار الجثث المجهولة الهوية دليل ملموس على أن الأجهزة الأمنية بنيت على خطأ وما يبنى على خطأ سيقع بسهولة وبسرعة وهذا ما حدث ويحدث الآن.. }

يشخص السيد مفيد الجزائري الحالة المرعبة هنا بصورة صحيحة وهي أن الأجهزة الأمنية التي وجدت لها الحكومة مصطلح يخفف صدمة المسؤولية { مخترقة }. حسناً . من هي الجهات التي اخترقت أجهزة الحكومة الأمنية وراحت تمارس القتل والتعذيب اليومي ملثمة وترمي جثث العراقيين في الشوارع ؟ هل جاءت من الخارج وانخرطت في الشرطة والحرس الوطني ومغاوير الداخلية وقوات الجيش ؟ الدكتور عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق يبدو في حيرة من الأمر هنا ، فهو لا يدري من هي تلك الجهات التي تقف خلف هذه الاغتيالات ورمي الجثث مجهولة الهوية في الشوارع ، ويطالب الحكومة ومجلس النواب وقوات الاحتلال بوضع حدّ لهذه العمليات التي استشرت بعد تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء يوم 22 / 2 / 2006 . وسيظل الشعب العراقي بانتظار معجزة تكشف له عن حقيقة الجهات التي تقتل الناس وترمي جثثهم في المزابل والشوارع طالما أن حكومتنا تعجز حتى الآن عن معالجة هذه الظاهرة ووضع الحلول الجذرية لها والتي يقول عنها الدكتور الدليمي أنها ظاهرة غريبة على مجتمعنا وهو يعلم علم اليقين أنها راسخة الجذور في المجتمع العراقي ولها إرث من القتل والقتل المضاد . تشترك فيه النزعة المذهبية والعشائرية في كل دهور التاريخ العراقي .

* شاعر من العراق يقيم في السويد



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرفة أساسية :الحرب . الشعر . الحب . الموت . الفصل 12 الأخير
- نجوم اسمكِ وهندباء مؤامرات شفته المكشوفة للعقيق
- الأرض الغنائية الشقراء لشفتكِ وقناديلها التراتبية
- صمتكِ الذي يتصدر الشجرة الكبيرة المحتاطة على هاويتها
- سهر الانسان المنبطح على ليل الغابة الفانية
- صقركِ المنقلب باتجاه اللحظة الأخيرة للرغبة
- الشاعر . الصعلوك . الشحاذ . الكحولي
- مجموعة جديدة للشاعر العُماني زاهر الغافري
- الحجارة الكريمة لانتظارك بين شواطئ الزمان المتهدمة
- سور المدينة خصرها ووجهها الباب
- 3 نجوم الصيف التي لأثدائها مذاق الشفاعات -قصائد
- تمهيدات عظيمة للصعود الى ضوء القرابين
- معرفة أساسية .الحرب . الشعر . الحب الموت . 11 فصل من سيرة قي ...
- أرض خضراء مثل أبواب السنة
- 22 قصيدة
- نشيدُ محنتِنا الشَّبيهُ بالصَّلواتِ المزدوجةِ لنساءِ الإغريق
- أحلامٌ تذبلُ من شدّةِ الدّوي
- في ضوء السنبلة المعدة للقربان
- ولاء إلى جان دمو
- قصيدة عن عبقرية وحياة حسن النواب المقدسة والشجية


المزيد.....




- رسالة لإسرائيل بأن الرد يمكن ألا يكون عسكريا.. عقوبات أمريكي ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: أمريكا وبريطانيا ...
- لبنان: جريمة قتل الصراف محمد سرور.. وزير الداخلية يشير إلى و ...
- صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام ...
- - استهدفنا 98 سفينة منذ نوفمبر-.. الحوثيون يدعون أوروبا لسحب ...
- نيبينزيا: روسيا ستعود لطرح فرض عقوبات ضد إسرائيل لعدم التزام ...
- انهيارات وأضرار بالمنازل.. زلزال بقوة 5.6 يضرب شمالي تركيا ( ...
- الجزائر تتصدى.. فيتو واشنطن ضد فلسطين وتحدي إسرائيل لإيران
- وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل أبناء وأحفاد إسماعيل هنية أثر عل ...
- الرئيس الكيني يعقد اجتماعا طارئا إثر تحطم مروحية على متنها و ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نصيف الناصري - الجثث مجهولة الهوية ببغداد والإرث العراقي في القتل