أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - هل هي لعنة الأندلس؟















المزيد.....

هل هي لعنة الأندلس؟


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6251 - 2019 / 6 / 5 - 13:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"السلام لروح ناصر، نبي العروبة الأخير"

هل هي لعنة الأندلس؟
د.خالد سالم
رغم أن تجربة الأندلس كانت فريدة ومثالاً لم يحتذَ به في تاريخ البشرية، على مستوى الرقي الحضاري والتعايش بين الثقافتين الجارتين في حوض المتوسط والمتنافرتين منذ فجر التاريخ، إلا أنها بممالكها الاثنتين والعشرين والصراعات والحروب بين الأشقاء، عربًا وبربرًا، تجعلنا نرى فيها حاضرنا العربي. كانت الأندلس مثار شقاق وصراعات وحروب بقدر ما كانت زمردة تاج الحضارة البشرية نتيجة التلاقح والتوالد بين الحضارات. لكن المراقب يرى في مرآتها الوضع العربي المتردي منذ نكسة يونيو/حزيران 1967 إلى اليوم، وزاد الطين بلة أن الأشقاء الأمازيغ دون أن يدروا يسيرون وراء فكرة خبيثة للشقاق تؤججها دوائر غربية وهي أن حضارة الأندلس كانت من صنعهم وأن العنصر العربي كان أقل منهم في غزو الأندلس. هل يمكن لأحد أن يغير التاريخ ووثائقه الشاهدة على ما كان؟
وهنا يختمر سؤال وجب طرحه: هل يفيد أحد الطرفين أن تُنسب إليه حضارة الأندلس أكثر من الآخر؟ هذه الروح تزيد الوهن الذي نعيشه، ما حمل بعض الأقلام الإسبانية المسمومة أن تدّعي أن الأندلس صنعها السكان الأصليون -الإسبان لاحقًا- وليس العرب ولا المسلمون. وقبل كل هذا رتب اليهود أوراقهم ومنابرهم ليقنعوا العامة أن الأندلس صنعوها جنبًا إلى جنب مع العرب والمسيحيين! وكانت هذه اللعبة قد بدأت على استحياء في منتصف القرن العشرين لكنها نُظمت وأُديرت بذكاء، كعادتهم، على ضوء اعتراف إسبانيا بإسرائيل سنة 1986.
لهذا عفى الزمان على فكرة الفردوس المفقود التي يتشبث بها جزء غير ضئيل من العرب والمسلمين، وكأن الأندلس، إسبانيا، كانت بلا سكان عندما غزاها العرب والمسلمون في مطلع القرن الثامن الميلادي. علينا ألا نثير حساسية الإسبان ومخاوفهم منا بسبب أوهام الدعوة إلى استراد الفردوس المفقود. كانت الأندلس لنا ثم أضعناها بصراعتنا، لكن قبلنا كان لها أهلها.
مسرح الأحداث منذ النكسة وما تلاها من عثرات عربية تجتاح الوطن كله مع اختلاف في الدرجات يجعل الروح تصطلي بنار الفشل والشقاق والحروب البينية، ما يذكرنا بالقرنين الأخيرين من عمر الأندلس إذ تناثرت بين 22 طائفة، أو إمارة صغيرة، وكان خنجرالشقيق يطعن ظهر الشقيق قبل العدو. دب الوهن في الأندلس إثر الصراعات الداخلية بينما كانت الممالك المسيحية تتوحد وتستقوي بالممالك الأوروبية الأخرى.
وأمام التمسك بسُدد السلطة بأي ثمن اضطر أمراء الأندلس إلى سداد الجزية للممالك المسيحية، ووقف بعضهم مع الملوك المسيحيين ضد الأشقاء طمعًا في إبقائهم في كراسي السلطة المنسوجة من خيط العنكبوت، ووصل ببعضهم أن "زوّج" ابنته إلى ملك مسيحي، وتقول بعض المصادر إنها كانت محظية تحت ستار الزواج. ومن تهون عليه نفسه، عرضه، فهو على غيره أهون.
كان الشقاق والاقتتال على الملك بين العرب في المشرق والمغرب، الأندلس، سمة العصر منذ سقوط بغداد عام 1258م على يد المغول، لكنه برز واشتد في الأندلس بشكل لم يتكرر إلى أن أدى إلى سقوط غرناطة عام 1492م، آخر إمارة عربية في الأندلس ومعها يندثر الحضور الرسمي للعرب والمسلمين في شبه جزيرة أيبيريا لتُستأصل شأفتهم تمامًا في حرب جبال البشرات ضد أحفادهم الموريسكيين بالتقتيل والتنصير والطرد إلى بلدان المغرب العربي. هذا رغم أن أهل العقل والمنطق الأندلسيين كان قد بُح صوتهم في التنبيه إلى خطورة ما كان يحدث وما سيؤدي إليه، لكن السلطة أصابتهم بالعشى الليلي فلم يبصروا أكثر من تحت أقدامهم.
اليوم تحل الذكرى الثانية والخمسين لكابوس نكسة يونيو/حزيران التي كانت بداية مسلسل تردي المنطقة كلها وزيادة الشقاق والتمزق، الشَرَك الذي نصبوه لمصر بغية سحب البساط من تحت قدميها وإذلال عبد الناصر، راعي القومية العربية والتحرر في الوطن العربي وإفريقيا. لقد قزّموا مصر، ففقدت دورها الريادي في المنطقة، وأصبح الحديث عن العروبة كمن يتكلم عن إحياء حكم الفراعنة في مصر. والمدهش أن الدائرة الأقوى في دوائر النزعة العربية هي الأقل اهتمامًا بالعروبة، وكأنها تهديد لأنظمة بعينها.
تآلبت أطراف كثيرة على اسقاط مصر في حرب الأيام الستة، كان بينها أطراف عربية، وكأن قوة مصر كانت تعني ضعفًا لهم. حدثت النكسة ومات آخر نبي العروبة الأخير، حسرةً أو مسمومًا، في سن مبكرة، ثم أُجهزعلى العراق وصدام حسين، آخر من انبرى دفاعًا عن المنطقة والعروبة. وكان قد غُرر به عربيًا لحماية "بوابة العرب الشرقية" ليدخل العراق حربًا ضروسًا ثم كالوا إليه الضربة قبل الأخيرة في أزمة الكويت ليجهزوا عليه ويمزقوا أوصاله في الغزو الأميريكي.
لسنا معنيين في هذه اللحظة في مواصلة اهالة التراب على عبد الناصر ولا إسقاط جام الغضب على صدام حسين والقذافي، وكأنهم الخطائون والآخرون ملائكة. لقد انتهت مرحلة وكل هذا صار تاريخًا. وكل واحد له ما له وما عليه، والمنطق يحملنا على الاسراع في البحث عن مخرج لأزماتنا المزمنة. اتركوا عبد الناصر في قبره، فالحرب الدائرة ضده منذ ثورة يوليو 1952 حتى اليوم أصبحت بلا معنى، فمؤيدوه لهم وجهة نظر مختلفة من منطلق مشاريعه العملاقة والعدالة الاجتماعية التي حقق منها جزءًا كبيرًا، وهو ما يفتقر إليه من جاءوا بعده في سدة الحكم في قاهرة المعز. النكسة كانت أكبر منه ومن مصر، فقد أعدوا لها جيدًا ليقصموا ظهر مصر، ولم يفتقر المسرح إلى خيانات أقرها الفريق سعد الدين الشاذلي.
علينا أن ندرك أن الأندلس من خلفنا والمتلمظون من أمامنا. أليس ما يحدث في العالم العربي اليوم نذير شؤم يحملنا على التفكير من أن مصير الأندلس ينتظر العرب في بلادنهم؟ لست متفائلاً ولا أستبعد تكرار تجربة الأندلس، ومن يرى في كلامي مغالاة فليقرأ تاريخ من يُطلق عليهم خطأً الهنود الحمر، إذ كانوا أصحاب القارتين الأميركيتين قبل وصول الأوروبيين مسلحين بالبارود في يدٍ، بيما السكان الأصليون كانوا يحاربون بالسهام والرماح، وفي اليد الأخرى الإنجيل، النصير، وطمس الهوية. إذا لم نعِ ما نحن بصدده، الانقراض وتحقيق الحلم الصهيوني من النيل إلى الفرات، سيكون الوقت متأخرًا عندما نستفيق أو نسقط في غيبوبة نهائية قبل الموت. كنت أحلم بأن أرى المنطقة كلها، وعلى رأسها مصر، منخرطة في سياق الحداثة والحرية والديمقراطية، فهي لغز انقاذنا، لكن العمر يجري ولا نرى سوى التراجع يوميُا والسير صوب حتفنا المحتوم، السقوط في الهاوية.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلراسترو معلم سياحي وتجاري فى مدريد يعود إلى الحقبة الأندلسي ...
- شباب إسبانيا قلدوا شباب مصر ليصحوا قوة سياسية فاعلة في البرل ...
- في ذكرى سقوط غرناطة
- ربط ضفتي بحر الروم بين الواقع والخيال
- امتهان اللغة العربية على أيدي أبنائها في يوم الاحتفال بها عا ...
- هل الأندلس كانت عربية أم بربرية؟
- الأندلس التي أضعناها والتي يضيعونها منا
- الإرث العربي في حضارة زمن العولمة
- على المنوفي: وداعًا أيها الفارس النبيل
- خذلان وتأملات أمام المشهد البشري في أرض الكنانة
- يوميات صعلوك، قصة من الأدب الإسباني
- رسالة حول مسرح خوسيه مورينو أيناس
- مسرح الهجرة في إسبانيا نموذجًا للمثاقفة ومخاطر ترجمة التابوه ...
- صورتنا لدى الآخر وطابورنا الخامس المفقود
- المنطقة العربية والطغاة والشعبوية في أميركا اللاتينية
- المجد لكرة القدم وفلسطين
- البيت العربي في إسبانيا وجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم
- ثمانون عامًا تمر دون حل لغز مقتل الشاعر الأسطورة غارثيا لورك ...
- مهرجان طنطا الدولي للشعر دعوة للتنوع والمثاقفة
- محاولة للاقتراب من أدب الطفل الإسباني


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - هل هي لعنة الأندلس؟