أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد عبد اللطيف سالم - الامبريالية التجارية الصينية ، والامبريالية الأمريكية -الماركنتيلية - الجديدة















المزيد.....

الامبريالية التجارية الصينية ، والامبريالية الأمريكية -الماركنتيلية - الجديدة


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6238 - 2019 / 5 / 23 - 17:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الامبريالية التجارية الصينية ، والامبريالية الأمريكية -الماركنتيلية - الجديدة



ماهو الفرق بين الامبريالية التجارية الصينية ، بنسختها "الشيوعية" المُعَوْلَمة ، وبين الامبريالية الأمريكية "الماركنتيلية" الجديدة ، بنسختها "الترامبيّة" ؟
يبدو أنّ لا فرق بين "النموذجين" .. بقدر تعلق الأمر بالدفاع الشرس عن المصالح الاقتصادية العُليا للصين والولايات المتحدة على مستوى العالم.
في الصين نظام "أيديولوجي" استبدادي ، ينزع فائض القيمة من العامل الصيني"داخليّا" ، و يعمل بشراهة ، على نزع فائض القيمة على الصعيد العالمي ، من خلال عمليات الإغراق و "الاستعمار" السلعي للأسواق الخارجية.
بعد نزع هذا الفائض(داخلياً وخارجياً) ، وتحويله إلى فائض صيني خالص (فائض التجارة وفائض رأس المال) ، تقوم الدولة الصينية بإعادة استثمار جزء منه ، لتمويل إقامة مشاريع إمبريالية - تجارية جديدة (مثل مشروع "طريق الحرير" الجديد ، الشبيه بـمشروع حماية طرق التجارة لشركة الهند الشرقية – البريطانية القديم) ، وتدوير الجزء المتبقي من هذا الفائض ، ليصبح "تراكما رأسمالياً" صِرفاً ، ولكن على الطريقة الصينية هذه المرّة.
وقد أفضتْ آلية نزع الفائض "الصينيّة" هذه ، إلى ارتفاع وتيرة التراكم الرأسمالي للإمبريالية التجارية الصينية إلى معدلات غير مسبوقة . واستناداً إلى بيانات إدارة الجمارك الصينيّة ، فقد بلغ حجم الفائض التجاري الصيني "السلعي" مع العالم 422 مليار دولار(في عام2017) ، و تراجع قليلاً (في عام (2018 ، ليصل الى 351.8مليار دولار (بفعل واردات صينية ضخمة) . أمّا الحجم الإجمالي للمبادلات التجارية الصينية مع العالم فقد بلغ 4620 مليار دولار (في عام 2018 ) ، منها 2480 مليار دولار للصادرات ، و 2140 دولار للواردات .
وأرتفع حجم الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة الأمريكية ، من 276 مليار دولار (في عام 2017 ) ، إلى 323.32 مليار دولار (في عام 2018 ) ، مع تزايد الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 11.3% ، وتراجع الواردات بنسبة 0.7 % .
واستناداَ الى بيانات البنك المركزي الصيني(7 نيسان/أبريل 2019 ) ، فقد بلغت إحتياطيات النقد الأجنبي في الصين (وهي الأكبر في العالم) 3.099 ترليون دولار . أمّا احتياطيات الصين من الذهب فقد بلغت 78.525 مليار دولار.
مقابل ذلك ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد ، يعمل نموذج آخر بنفس الآلية(ولكن بإتجاهٍ مُعاكسٍ، ومُضاد)،من أجل تحقيق الهيمنة الاقتصادية والسياسية ذاتها(وبالذات على الصعيد العالمي) ، وهو الهدف الرئيس (المُعلَن، وغير المُعلَن) لأيّ دولةٍ ، أو قوّةٍ "عُظمى"، في هذا العالم.
وفي هذا الإطار تعمل الولايات المتحدة الأمريكية حاليّاً على تفعيل منظومات "دفاعية" عن نظام راسمالي إمبريالي - "ماركنتيلي" جديد ، لا يسمح لأحد أن يتقاسم معه مكاسب التجارة الخارجية ، إلاّ من خلال الإذعان لشروطه ، أو القبول بالتفاوض بشأنها (بشروطه) ، أو السماح للآخرين بقدرٍ معلومٍ من "التواطؤ" معه ، وتوزيع حصص الأسواق ، الوطنية والعالمية على حدٍّ سواء ، (وبشروطه أيضاً).

والسماح بـ "التواطؤ" هنا ليس تعبيراً عن ضعف في الموقف ، أو عدم وضوح في السياسة ، أو هشاشة في الاستراتيجية ، بل هو جزء من "التكتيك" الذي لا يُكلّف الولايات المتحدّة الأمريكيّة شيئاً ، ولكنّهُ يحفِظُ ماء وجه الزعامات "الشعبوية" في بلدانها من جهة ، ويُعزّزُ المكانة الدولية للقوة الرئيسة المهيمنة ، من جهة اخرى.
وحذار .. حذار .. من الإنزلاقِ في الوهم .. لأنّ هذا المنطق يسري على السياسة ، كما يسري في الاقتصاد ، وهو القاعدة الرئيسة لتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم (مع اختلافٍ في الدرجة) ، منذ أنْ ظهر الى الوجود كيانٌ سياسيّ إسمهُ الولايات المتحدة الأمريكية ، وليس في عهد ترامب وحده.
الجديد في الأمر ، هو تلك "المُقاربة" الجديدة ، أو المُفارقة التاريخية التي أحدثها ، وأثارها ، وعمل بموجبها الرئيس دونالد ترامب ، والتي عمّم بموجبها قواعده الخاصة في بناء العلاقات الاقتصادية الدولية . فهذه "القواعد" و "التقاليد" والممارسات و "المراسيم" لم تَعُدْ تُفرَض على الخصوم و "الأعداء" الأيديولوجيّين فقط (كالصين مثلاً) ، وإنّما على الخصوم التجاريين عموماً ، حتّى وإن كانت الولايات المتحدة تتشارك معهم في الأيديولوجيا ذاتها(كالخصوم الكبار في الاتحاد الأوروبي مثلاً). وفي القريب العاجل ستدخل اليابان وبعض دول جنوب شرق آسيا ، والهند والبرازيل ، الى حلبة النزاع التجاري التي نصبها ترامب ، ويواصل نصب المزيد منها كلّ يوم ، في قلب ميدان الرأسمالية المعاصرة.
وهنا يجب التأكيد على أنّهُ لا يوجد رئيس أمريكي "أحمق" أو "متهوّر" أو "ساذج".
ليس دونالد ترامب مجرد عنصري بغيض بعُنق حمراء ، (وبعضنا يكرهه بعمق لأنّهُ بنى امبراطوريته المالية من المقامرة والدعارة) . ولم يكن ريتشارد نيكسون مجردّ سكير ، ولا رونالد ريغان مجردّ ممثلٍ فاشل ، ولا بيل كلنتون كان ضعيفاً ومُتردّداً ، ولم يكن جورج دبليو بوش مجرد كيس مليء بالهراء التلمودي.
لو كان هؤلاء كذلك(فقط) لأصبحت الولايات المتحدّة دولة فاشلة منذ خمسين عاماً على الأقل.
هذه الصفات يمكن أن تكون لصيقة برؤساء آخرين في دول متخلّفة كثيرة ، وليس بدولة عظمى وقائدة ومتفوقة في جميع المجالات ، وعلى نحوٍ كاسح ، مثل الولايات الأمتحدة الأمريكية.
إنّ الولايات المتحدة الأمريكية تُدرِكُ جيّداً تلك الحقيقة البسيطة التي مفادها : إنّ امتلاك دولةٍ ما لقوة اقتصادية هائلة ، سيترتب عليه بالضرورة امتلاك هذه الدولة لهيمنة سياسية كاسحة، ونفوذ جيوسياسي هائل.
إنّ الولايات المتحدة الأمريكية تُدرِكُ جيّداً تلك الحقيقة البسيطة التي مفادها : إنّ طريق الحرير الجديد هو "طريق" للتجارة التي ستهيمن بها الصين على العالم مُستقبلاً ، وهو بديلٌ مقلق لطرق تجارتها ، و ليس "ممرّاً" لتهريب الكوكايين من أفغانستان إلى كندا.
إنّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، هو في الوقت ذاته "حامي" دستور النظام الرأسمالي العالمي ، بكل بنودهِ وأحكامه و "ألعابهِ" المثيرة للجدل. ومن يعتقد غير ذلك .. فهو واهم.
ومن يعتقد أنّ "المؤسسة" الرأسمالية ، ستسمح لرئيسها بأن يكون ضعيفاً في الدفاع عن مصالحها (على امتداد هذا العالم) .. فهو واهمٌ جدّاً .
ومن يعتقد أنّ سياسات الرئيس دونالد ترامب ستُضعِف "المنظومة" الاقتصادية الرأسمالية ، وأنّها لن "تُحَصِّنها" في الأجلين القصير والطويل ضدّ جميع "الأمراض" والأزمات ، الطارئة منها والمُستدامة .. فهوساذج.
ومن يعتقِد أنّ صعود الامبريالية التجارية الصينية ،على حساب تراجع الإمبريالية الأمريكية
سيصبُّ في صالحه في نهاية المطاف ، فهو ساذجٌ جدّاً .. لأنّهُ سيستبدِلُ إمبرياليةً أمريكية توسعيّة في جوهرها ، بإمبريالية صينيّة توسعيّة في توجهّاتها ، و قوّةً إمبراطورية غاشمة ، بقوّةٍ امبراطوريةٍ قد تكونُ أكثرُ استبداداً وهيمنةً منها .. ولا شيء آخر.
وكما أن أوروبا غيرُ قادرةً على حماية نفسها "عسكرياً" خارج نطاق القوة الأمريكية الضاربة ، فإنّ أوروبا هذه (موحدّةً كانت أم لم تكن) غيرُ قادرةٍ أبداً على أن تكونَ ندّاً للقوة الاقتصادية الصينية ، التي لولا الولايات المتحدة الأمريكية ، لتمّ سحقها "صينيّاً" في سنواتٍ قليلة.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيّدةِ الحضور الكثيف ، التي تمشي أصابعَ قلبها ، فوق روحي
- وأنتَ .. ماذا فَعَلْتَ بنفْسِك ؟
- أينَ أنت .. حينَ نحتاجُ إليك
- هذا الماعِزُ الجَبَليّ .. لا يمكنُ أنْ يبكي
- إلى سينما النصر.. يا ولدي الحبيب
- مقاطع من حكاية التنمية ، والتخلُّف، وتنمية التخلُّف، في العر ...
- صيام رقم واحد
- رمضانُ الذي يطرحُ الأسئلة
- كَاردينيا وطُلاّب و تَوَحُّد عائلي
- سأعود .. سأعود
- علاءُ -الدين- والمصباحُ الأمريكيِّ العظيم
- عُمّالٌ .. وعيدٌ .. و فائضُ قيمة
- عن البرّ والبحرِ والسُفُنِ العتيقةِ والسَخامِ الكثيف
- الحياةُ طويلةٌ جدّاً
- يومُ العُطلةِ صباحاً ، والتمرِ الخِسْتاويِّ العظيم
- مارسيليز فرنسي .. مارسيليز عراقي
- نملةُ الحُزنِ .. في مخزنِ العائلة
- وجوهُ النساءِ القديمات ، في الغُرَفِ الفارغة
- من الربيعِ العربيّ ، الى عبادِ الرَبِّ الصالحين
- قُلْ وداعاً أيُّها العالَم ، وأنتَظِرْ الفراغَ العظيم


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يدعو إسرائيل وحماس إلى قبول -الاقتراح ا ...
- -حزب الله- استهدفنا مبان يتموضع بها ‏جنود الجيش الإسرائيلي ف ...
- تحليل: -جيل محروم- .. الشباب العربي بعيون باحثين ألمان
- -حزب الله- يشن -هجوما ناريا مركزا- ‏على قاعدة إسرائيلية ومرا ...
- أمير الكويت يزور مصر لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- أنقرة تدعم الهولندي مارك روته ليصبح الأمين العام المقبل للنا ...
- -بيلد-: الصعوبات البيروقراطية تحول دون تحديث ترسانة الجيش ال ...
- حكومة غزة: قنابل وقذائف ألقتها إسرائيل على القطاع تقدر بأكثر ...
- الشرطة الفرنسية تفض مخيما طلابيا بالقوة في باحة جامعة السورب ...
- بوريل يكشف الموعد المحتمل لاعتراف عدة دول في الاتحاد بالدولة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد عبد اللطيف سالم - الامبريالية التجارية الصينية ، والامبريالية الأمريكية -الماركنتيلية - الجديدة