أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - جاري والدكتورة














المزيد.....

جاري والدكتورة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6228 - 2019 / 5 / 13 - 17:14
المحور: كتابات ساخرة
    


نادرةٌ هي المرّات التي أتطرّق فيها بحواراتي مع المختلفين معي إيديولوجياً إلى موضوع الدين. ونادرةٌ المرّات التي أُستَدرَجُ فيها لساحات الاستفزاز بهذا الصدد. كما أنني أسعى دائماً لعدم استفزاز الآخر. انطلاقاً من قناعتي بأنه ينبغي عليّ احترام عقائد الآخرين ليحترموا بدورهم رأيي وعقيدتي. إلاّ أن لكلّ قاعدةٍ شواذّ كما يقال. وقد يضطرّ المرء أحياناً إلى خرق منظومته القيَميّة ويلجأ إلى الهزل الذي يضمر استفزازاً ظريفاً للآخر، بغية الوصول إلى حالة يمكن تسميتها بـ "تلطيف المزاج".
فالبارحة مثلاً وكنت شديد الضجر. اقترحتْ زوجتي عليّ القيام بواجب زيارة جاري المريض لتغيير أجوائي النفسية وتبديد حالة الضجر التي أتخبّط فيها. فقد تفيدني هذه الزيارة وتعيدني إلى سابق عهدي من ابتسامٍ ومرح حسب رأيها. وختمتْ ديباجتها بالقول: «إن الرسول أوصى بسابع جار، فما بالك وأن جارنا (الباب عَ الباب!)».
وافقتُها على مضض ودخلت بيت جاري متثاقلاً وأنا مسربلٌ بالملل. وبعد تبادل عبارات المجاملة المعتادة سألته مستفسراً عن نتائج التحليل الذي أجراه مؤخراً، فأجاب باطمئنانٍ واعتزاز:
- عال العال بفضل الله سبحانه وتعالى، كل النتائج ولله الحمد والشكر ممتازة.
سألته مجدداً وأنا أداري تبرّمي:
- بالمناسبة، أين أجريتَ التحليل؟
ردّ باحتراس وقد اكتسى وجهه أثر ضئيل من ابتسامة:
- عند مخبر الدكتورة (سمر).
وسرعان ما وَمَضَ في ذهني إلهامٌ سارّ. وشعرتُ بأن الظرف يسمح بالمراوغة والاقتراب تدريجياً من خطّ المرمى لتسجيل الهدف. وحيث أن جاري من المسلمين المعتدلين، قلت له باندفاع وبلهجةٍ تشي بالاحتجاج والمداعبة معاً:
- ولكنها امرأة!
زمَّ شفتيه في استعلاءٍ واستنكار:
- امرأة؟ وماذا يعني ذلك؟
أجبته بمكرٍ وتربّصٍ وتقريع، وفي صوتي رنّة انتصارٍ جليّ:
- يا رجل، كيف تثق بها لوحدها وهي أنثى؟! لماذا لم تطلب شاهداً آخر إلى جانبها للإقرار بصحة التحليل؟!
مسح جبينه بأصابعه كمن يحاول أن يستذكر شيئاً ما، وتطلّع إلى السقف لحظات، وبدا كأنه يرتّب أفكاره، ثم سرعان ما ابتسم بعد أن استشعر سخريتي وهو الذي يعرفني عن كثب، فأضاف مفنّداً:
- إذا كنت تلمّح بنقدك لشهادة المرأة في ديننا الحنيف، فالموضوع يتعلّق بالقضاء وحسب، ولا علاقة له بالطبّ والعلم وخلافه.. وأردف مدمدماً بلهجة مرحة حابساً بسمة مغمّسة بغضبٍ طفيف: «يا إلهي! مو معقول أنت يا زلمة أبداً! أوف منّك.. ولك الله يهديك».
أطلقتُ ضحكة احتفالية ومنحْته ضربة ودّية على كتفه تنمُّ عن مصالحة. وطلبتُ منه أن يوصي لنا على إبريق شاي وأنا أجهش بهمْهماتٍ من النشوى..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في «بالخلاص يا شباب!»
- قراءة موجزة في «زمن مستعمل»
- «العمى»
- «الانفجار السوري الكبير»
- قراءة في «بجعات برّيّة»
- كنّا أشقّاء، وسنبقى..
- معجزة العصافير
- وتساقطتْ أوراقُ الليمون
- المعلّم «الكافر!»
- «المعلوم!»
- المرأة ربيعٌ أيضاً
- لا للقتل..
- دعوة لتغيير النشيد الوطني السوري
- ذكريات
- حنا مينه يودّع مصدر إلهامه..
- البيرة، وما أدراك ما البيرة!
- الفقراء في كل مكان..
- إلى متى سيبقى القلقُ دَبِقاً بنا؟
- المطار، مطارك أستاذ!
- لسعات خليجية..


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - جاري والدكتورة