أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - البيرة، وما أدراك ما البيرة!














المزيد.....

البيرة، وما أدراك ما البيرة!


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 5962 - 2018 / 8 / 13 - 13:35
المحور: كتابات ساخرة
    


من الأحداث الطريفة التي حدثت معي خلال زيارتي لسلطنة عُمان، أنني في أحد الأيام اشتهيتُ تناول كأسٍ من البيرة في معمعان الجحيم الصيفي الذي يجثم على العاصمة (مسقط). وحيث أن عُمان دولة إسلامية ومن غير المسموح فيها الإجهار بمخالفة الشريعة، فإن كل المولات والمحلات التجارية الأخرى تتقيّد بتعليمات الحكومة ولا توجد فيها مشروبات روحية على الإطلاق.
سألت أحد الأصدقاء عن الطريقة المُثلى للحصول على زجاجة بيرة لإطفاء بعض الظمأ في هذا الجوّ الحارّ، فكان الجواب:
«هناك طريقتان، الأولى أن تذهب إلى (البارات والملاهي) حيث تُقدَّم البيرة وغيرها للرّوّاد ولكن بأبهظ الأثمان. وهناك طريقة أخرى، تذهب إلى محلّ لبيع المشروبات الروحية وتلبس لباساً بعيداً عن الزّيّ العُماني ويُفضّل (شورت وبلوزة) وتدّعي أنك تنتمي إلى الدين المسيحي. فيبيعونك البيرة بسعرٍ زهيد».
من الطبيعي والحال هذه أن أختار الطريقة الثانية. أخذتُ عنوان المحلّ مفصّلاً وذهبت برفقة صديقي المضيف السوري إلى المحلّ المنشود.
دلفنا إليه؛ إنه متجرٌ عامرٌ بشتّى أصناف المشروبات ومن مختلف الأنواع والماركات العالمية. استعرضتُ بسعادة طريقة عرض الزجاجات وتوضّعها على الرفوف بألوانها وأشكالها الجذّابة، إلى أن وقع اختياري على عبوتين من البيرة الباردة اللذيذة بحجمها الكبير. سحبتهما من الثلاّجة واتجهتُ إلى البائع بابتسامة عريضة كصيّادٍ ماهرٍ وصل لتوّه من رحلته المظفّرة يحمل طريدته النادرة.
طبعاً كل العاملين في المتجر ينتمون إلى جنسيات أجنبية من هندية وباكستانية وبنغالية وفيلبينية.. ويتحدثون فقط باللغة الإنكليزية مع الزبائن. وحيث أن لغتي ضعيفة بسبب قلة استخدامها، فقد استعنتُ بصديقي المضيف ليكون الوسيط المترجم بيني وبين البائع.
رطَنَ البائع بعدة كلمات وهو يضع طرف راحة كفّه اليمنى بشكلٍ متقاطع مع راحة كفّه اليسرى، هازّاً رأسه بحركة الهنود الشهيرة بشكلٍ أفقي دون أن يحرّك رقبته، مشيراً إلى أنه يريد تصريحاً من جهةٍ رسمية تسمح لنا بشراء المشروب!
التفتُّ إلى صديقي مستوضحاً، فقال لي بعد أن ترجم ردَّ البائع: «يبدو أننا لن نشرب البيرة هذا اليوم!»
حاولتُ إقناع البائع من خلال إبرازي لجواز السفر من أنني لست من رعايا السلطنة، وتمنّيتُ عليه أن يتجاوز الأنظمة والقوانين فقط هذه المرة، إلاّ أنه أصرّ على موقفه. وأشار لي بيديه معتذراً وهو يبتسم بأنْ وضَعَ معصميه بشكلٍ متصالب، شارحاً بأن السلطات ستقوده إلى السجن إذا ما باعني دونما تصريح!
أذعنتُ لإصراره بقنوطٍ وانكسارٍ، وأجبته باغتياظ وأنا أودّع عُبوتَي البيرة بنظرات التحسّر:
«قل لتلك السلطات أنني على استعداد للتوقيع على أية وثيقة، أُصرّح فيها بانتمائي لجميع الأديان والعقائد التي تحلّل الفرح والموسيقى والانشراح وتحضُّ عليها، وتحرّم أذيّة الإنسان لأخيه الإنسان». وأضفتُ بزهوّ: «قل لهم نحن في سورية نبيع الرحيقَ إلى كل من يرغب، وبغضّ النظر عن انتمائه العرقي أو الديني أو الطائفي أو السياسي أو القبلي أو العشائري، أو لونه أو جنسه..»
ابتسم صديقي وأمسكني بذراعي وتوجّه بي إلى خارج المتجر. وأنا أُبرْبِرُ هاجياً بصوتٍ عالٍ وبعباراتٍ فاحشةٍ أنظمة النفاق والرّياء. مطمئنّاً إلى أنَّ أحداً ممَّن يسمعني لا يفهم ولا كلمة مما أقوله، وإلاّ.. فالويل والثبور وعظائم الأمور بانتظاري!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقراء في كل مكان..
- إلى متى سيبقى القلقُ دَبِقاً بنا؟
- المطار، مطارك أستاذ!
- لسعات خليجية..
- «الوشّيش!»
- بعثيّة، بعثيّة..
- ليس بالعلمانية وحدها يحيا الإنسان!
- في الصَّيدليَّة
- حلّاق القَبْوُ
- هلْوسة مُحْتَضَر
- المُسَلّي
- مقطع من روايتي «في قبضة الحليف»
- إنّنا نُخْصِي العجول!
- النقد اختصاص وليس إدارة!
- «اغتصاب» مُحَبَّب!
- بِلا أُذُنَين!
- دردشة مع شوفير!
- طلال حيدر و«الغجر»
- لماذا حصل ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت؟
- الدالوم


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - البيرة، وما أدراك ما البيرة!