أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - في الصَّيدليَّة














المزيد.....

في الصَّيدليَّة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 5888 - 2018 / 5 / 30 - 16:25
المحور: كتابات ساخرة
    


من عادتي عندما أنوي شراء دواء لعلاج حالةٍ خاصّة، فإنني أقصد الصيدليات البعيدة عن بيتي والتي لا تربطني بأصحابها أية صلة معرفة. فالحرج الذي يسبّبه لي طلبي من الصيدلاني وخاصةً بوجود زبائن، تجعلني خجولاً ألتمس مُرادي بصوتٍ أقرب إلى الهمس وبكلماتٍ مقتضبة لئلاّ يفتضح سرّي. وإذا كانت الصيدلية مزدحمة، أستغني عن الكلام نهائياً وألجأ إلى كتابة حاجتي على ورقة أُخبئها براحة يدي وأُبرزها للصيدلاني، فيقرأها ويسلّمني المطلوب مدمدماً بسعرها، فأدفع قيمتها وأنصرف مسرعاً «هون حفرنا وهون طمرنا» وكأنني أتعاطى الممنوعات.
منذ أيام توجّهتُ إلى صيدلية في الحيّ المجاور لحيّنا، وقفتُ أمامها راصداً من بداخلها. وسرعان ما تسلّلت الطمأنينة إليّ، فالصيدلانية الشابة الحسناء التي تديرها كانت بمفردها.
دخلتُ متفائلاً وصبّحتُ عليها وأمارات السعادة واضحة على وجهي:
- لو سمحتِ دكتورة، أريد حبوباً مقوّية للباه، أعني للانتصاب..
ابتسمت الصيدلانية بحياء وأدارت ظهرها وتقدّمت صوب أحد الرفوف وأحضرتْ علبةً وقالت لي:
- هذا النوع يناسب عمرك، تأخذ حبّة قبل الـ.. بساعة..
أجبتها مستنكراً:
- عمري؟! ما به عمري؟ فأنا لم أتجاوز الخمسين، ولكن زيادة الخير خير كما يقال. بالمناسبة، كم تستغرق عملية الانتصاب بموجب هذا النوع؟
ازداد حياؤها وتشاغلت بالنظر إلى علبة الدواء وقالت:
- يعني حوالي عشرين دقيقة..
قلت لها ممتعضاً:
- ولكن هذه الفترة غير كافية أبداً يا دكتورة، فأنا حريص على مداعبة شريكتي المدة التي ذكرتِ.. ولا يعقل أن أقذف قبل مباشرة الجماع.. هل لديك نوع آخر ذو فعالية مضاعفة؟
أغمضت عينيها وسحبتْ نفساً عميقاً من منخريها وزفرتْ بانفعال. ثم استدارت مجدّداً وانتقلتْ إلى رفٍّ آخر، وأحضرتْ علبة وقالت لي وهي تنظر إليها بوجهٍ عبوس:
- هذا النوع جيد، أجنبي، غالي قليلاً، ولكن مفعوله حوالي النصف ساعة..
أجبتها وأنا بحالة من الرضا:
- عظيم، هذا يناسبني تماماً.
وبدأتُ أعدّ على أصابعي وأنا أتمتم ناظراً إلى الأعلى وكأنني أُجري عملية حسابية ذهنية بصوتٍ مسموع:
«ممم، إذا قلنا ربع ساعة ضمّ وقبلات وهمسات وما شابه.. بعدها نشلح ثيابنا بتؤدة لمدة دقيقتين.. ثم نستلقي على السرير وأُسمِعُها ألطف عبارات الغزل والاشتهاء لمدة دقيقتين. ثم..»
وهنا نهرتني الصيدلانية ونقرت بإصبعها على الـ«الكونتوار – الفاترينة» التي تفصلنا، وقد علت وجهها حمرة لافتة وصاحت منرفزةً:
- هيه، يا سيد! احترم نفسك، أنت لست وحدك لتتحدّث بهذه الأريحيّة.. من فضلك، خذ العلبة وادفع ثمنها وتفضّلْ من غير مطرود!
أجبتها وأنا متعجّبٌ من ردّة فعلها الغاضبة:
- على مهْلك دكتورة! لمَ كل هذه العصبية؟ لا حياء في العلم. ثم أنا لست شحّاذاً، سأدفع ثمن العلبة المبلغ الذي تحدّدينه..
- ما اختلفنا، ولكن لا تنسى أنك تتحدّث مع صبية عزباء، ويجب أن تقدّر ذلك عندما تتطرّق إلى مواضيع حسّاسة كهذا الموضوع!
- يا ستّي، أنا أعتذر. والحقيقة أنه لم يخطر على بالي أن تكوني بهذا الجمال وبهذه المرتبة العلمية، وبهذه المهنة الراقية.. ومع ذلك ما زلتِ عازبة!
هدأت قليلاً وأجابت بصوتٍ مكسور وقد كسى وجهها تعبيرٌ من الحزن:
- طيب، لم يأتني نصيب حتى الآن..
أجبتها مخفّفاً:
- ولا يهمّك يا آنسة، أنت صبية مليحة جميلة مرغوبة.. وما زلتِ في ريعان شبابك. لنعد إلى موضوعنا، قلتِ لي أن النوع الثاني أفضل من حيث المدة الزمنية اللازمة للجماع على أصوله؟
وكأنني بِقَولَتي تلك قد صببتُ وقوداً على نارٍ كادت أن تنطفئ فأجابت بحدّة مباغتة:
- أرجوك يا سيد، اختصرْ واخترْ ما تريد.. اففف!
- أريد النوع الثاني ولو كان غالياً طالما أن فعاليته تدوم عشرة دقائق زيادة عن النوع الأول. لأنه – إنشاء الله قريباً تظفرين بعريسٍ مناسبٍ لك – لا أصعب على المرأة من أن تقترب من الوصول إلى ذروة المتعة الجنسية، وتجد شريكها وقد خارت قواه «لا من تمّو ولا من كمّو»!
همّت بالرّدّ القاسي وقد اشتعلت عيناها بلهيب العدوانية من شدّة الغيظ، إلاّ أنه وبذات اللحظة دخل رجلٌ عجوز متثاقل الخطى يكحُّ بحشرجة. وكغريقٍ يصارع أمواج البحر وفجأة لاحت سفينة إنقاذ على مرأى منه، همدت الصيدلانية وانفرجت أساريرها وكأنها أمسكت بطوق النجاة، فهلّلت مرحّبةً:
- أهلاً وسهلاً يا عمّ..
أجابها العجوز بصوتٍ متهدّج:
- أهلاً بك يا ابنتي.. لو سمحتِ أريد دواءً يعالج حالتي، فأنا مصاب بسرعة القذف بالرغم من تجاوزي السبعين من العمر.. (وتنهّد متحسّراً) أيه يا دنيا! دوام الحال من المحال!
تطلّعت الصيدلانية صوبي باستياءٍ شديد، ثم باتجاه العجوز بذات النظرة، ورفعت يديها باتجاه السماء وغمغمت بقهر:
- يا ربّي ما هذا الصباح! ما هو الذنب الذي اقترفته حتى تعاقبني هذه العقوبة؟
حملقتْ إلينا مجدّداً بتمعّن، وسرعان ما تبدّلت ملامحها، وطفقت تنظر خلفنا بعينين باحثتين وكأنها اكتشفت فجأةً علاجاً لمرضٍ عضال، وصفّقت مفرقعةً بإبهامها وإصبعها الوسطى بابتهاج، وانبرت مزقزِقةً:
- هاها، الآن فهمت عليكم، لا شكّ أنكم من فريق الكاميرا الخفية! أين هي الكاميرا، أين هي؟! والله منذ البداية قلبي دليلي يقول لي إنكم تنفّذون مقلباً.. هئ هئ هئ.. أنتم ظرفاء فعلاً! بالله عليكم أين هي الكاميرا؟!
وخبّأتْ وجهها براحتَيها وبدأت تضرب بقدمها الأرض وهي تقهقه بصوتٍ ممزوج بالخفر والحياء.
حدّقتُ مستغرباً بالصيدلانية وبالعجوز، والتفتُّ إلى الخلف مستطلعاً متحرّياً بفضول صحّة أوهامها من وجود كاميرا خفية. وقلّدني العجوز بالنظر إلى الخلف أيضاً، وسمعته يتمتم وهو يتأهّب للخروج:
- لا حول ولا قوة إلا بالله، الله يثبّت علينا العقل والدين.. يا ربّي دخيل اسمك.. بنت صبية مثل قطفة الحبق!
(وختم قائلاً برثاء): ضيعانا..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلّاق القَبْوُ
- هلْوسة مُحْتَضَر
- المُسَلّي
- مقطع من روايتي «في قبضة الحليف»
- إنّنا نُخْصِي العجول!
- النقد اختصاص وليس إدارة!
- «اغتصاب» مُحَبَّب!
- بِلا أُذُنَين!
- دردشة مع شوفير!
- طلال حيدر و«الغجر»
- لماذا حصل ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت؟
- الدالوم
- الخَرُوف
- مناجاة الروح والجسد
- مذكّرات نقابية
- الحبُّ في زمن القهر
- وجهة نظر في بناء سورية الجديدة؟
- فلاشات من هنا وهناك (6)
- فلاشات من هنا وهناك (5)
- التأمينات الاجتماعية وعمّال القطاع الخاص في سورية


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - في الصَّيدليَّة