أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ضيا اسكندر - مذكّرات نقابية














المزيد.....

مذكّرات نقابية


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 5636 - 2017 / 9 / 10 - 14:33
المحور: سيرة ذاتية
    


في عام 1984 خضعتُ لدورة في المعهد الإعدادي النقابي في اللاذقية لمدة شهرين. وهذه الدورة تشمل عادةً النقابيين في القطاع العام والتعاوني والمشترك. وتستمر الدورات طيلة العام. وتتضمّن الدورة برنامجاً تثقيفياً مهمّاً في الاقتصاد والسياسة والتشريعات العمالية.
في نهاية الدورة يخضع المتدربون إلى اختبارات شفهية وكتابية، وقد كان حظّي آنذاك أنني نلتُ المرتبة الأولى على زملائي. ويقتضي العرف في المعهد أن ألقي كلمة بهذه المناسبة أمام مجموعة من القادة النقابيين والحزبيين والأمنيين في المحافظة.
وقبل أن أباشر بكتابة الكلمة استدعاني مدير المعهد إلى مكتبه لأخذ التوجيهات.
رحّب بي في مستهلّ اللقاء وأخبرني أنني أستحق الفوز بجدارة وأنه لا يميّز بين عامل وآخر. ولا يفرّق بين بعثي وشيوعي وناصريّ.. إطلاقاً. وكنت آنذاك في صفوف الحزب الشيوعي السوري. وأضاف قائلاً: «نحن نعلم أنك شيوعي من رفاقنا في الجبهة (الوطنية التقدمية) وكما تعلم فإن الفائزين الثلاثة الأوائل يتم ترشيحهم للدراسة في المعهد المركزي للنقابات بدمشق. وتحصل بعدها على ترفيعة استثنائية مقدارها 5% من الراتب المثقطوع. وإذا تفوّقت هناك سوف نرسلك منحة دراسية إلى إحدى الدول الاشتراكية وتعود إلينا مجازاً بشهادة جامعية عالية.. فما رأيك؟»
أجبته وأنا بحالة من السعادة: أشكرك أستاذ، وأرجو أن أكون عند حسن ظنكم.
قال لي: طيب، اذهب الآن إلى الغرفة المجاورة وباشرْ بكتابة الكلمة، وبعد فراغك من كتابتها أتمنى عليك اطلاعي عليها من أجل تنقيحها.
الحقيقة أن آخر كلمة لفظها لم ترحْني. جلست في الغرفة المجاورة وكتبت.
وفور انتهائي من كتابتها دخلت إلى مكتبه وسلّمته الورقة. وبدأ بتلاوتها بصوتٍ مسموع وكلما استغرق في قراءتها تزداد تقطيبات جبينه. وبدأ يقرأ بصوتٍ خفيض تلاشى تدريجياً إلى أن أغلق شفتيه تماماً ثم قذف بالورقة على طاولته ونهض واقفاً:
- هل يعقل يا رفيق ألاّ تذكر ولا كلمة عن السيد الرئيس؟!
قلت له مستغرباً: وما دخل السيد الرئيس بهذه الكلمة وبهذه الدورة؟
أجاب: هذه من ثوابت الخطابات الوطنية يا بنيّ! يرضى عليك عُدْ إلى الغرفة واكتبْ عدة عبارات تمجّد بها السيد الرئيس.. هيّا، وأرجوك أن تستعجل لأن الوفود على وشك الوصول.
عدتُ إلى الغرفة وكتبتُ مضيفاً: «وفي هذه المناسبة لا يسعنا إلا تقديم الشكر للسيد الرئيس على اهتمامه بالطبقة العاملة وتنظيمها النقابي».
ورجعتُ إليه، قرأ الإضافة بسرعة ونظر صوبي بحقد:
- «هاد اللي طلع معك؟ ولك يا بني آدم، صعبة عليك تقول الرئيس المناضل، القائد الرمز، قائدنا الأمين، رئيسنا المفدّى..؟»
أجبته وأنا في حالة من الارتباك: أستاذ، هاد اللي طلع معي..
قال لي بنفاد صبر: قلت لك الوفود على وشك الوصول، هيّا اكتب ما نبّهتك عنه.. هيّا!
قلت له وقد أدركني الخوف والحرج: أستاذ إذا كانت الكلمة لم تعجبك، أرجوك كلّف غيري بكتابتها وليكن الحائز على المرتبة الثانية مثلاً. وإذا أردت، ومنعاً للإحراج، فأنا مستعدّ أن أغادر فوراً ولا أحضر توزيع شهادات التقدير. قل لهم أية حجّة..
تمعّن بي وهو ينقر بالقلم على الطاولة وأجاب بعد لحظات من الصمت المريب:
- كنت أودّ مساعدتك والوقوف إلى جانبك، كنت أنوي ترشيحك للدراسة في المعهد المركزي بدمشق.. لكن يبدو أنك عنيد جداً ولا تفهم مصلحتك. خذ كلمتك واقرأها كما يحلو لك. ومدّ يده باستخفاف وناولني الورقة.
(ركبتُ راسي) وقرّرت قراءة الكلمة دون أيّ تعديل.
عندما صدرت قوائم المرشحين للدراسة في المعهد المركزي تمّت الموافقة على الفائزين بالمراتب التالية: (الثاني، الثالث، السابع عشر) وتم استبعادي دون تقديم أيّ مبرر!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحبُّ في زمن القهر
- وجهة نظر في بناء سورية الجديدة؟
- فلاشات من هنا وهناك (6)
- فلاشات من هنا وهناك (5)
- التأمينات الاجتماعية وعمّال القطاع الخاص في سورية
- أوّل لقاء..
- قراءة في مشروع تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة
- وثيقة عهد
- فلاشات من هنا وهناك (4)
- السبب والنتيجة
- فلاشات من هنا وهناك (3)
- «القرضاوي» يشرح، ثم لا يجيب!
- ياي، كل شيء فيها طبيعي!
- عمّو الله، أرجوك لا تسهو!
- اللغة «العصفورية»
- فلاشات من هنا وهناك (2)
- فلاشات من هنا وهناك (1)
- الزنود السّمر
- حُبّ تحت المطر
- شهامة


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ضيا اسكندر - مذكّرات نقابية