أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حبيب - و لمذا المذيعة عارية ؟














المزيد.....

و لمذا المذيعة عارية ؟


عماد حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 1536 - 2006 / 4 / 30 - 09:53
المحور: كتابات ساخرة
    


كان المقال عن الخطابة و ما تفعله في العرب تحديدا، و لكن كعادتي قرأت النص بسرعة باحثا عن رؤوس أقلام و استوقفني آخر ما ورد فيه و كانت هذه العبارة : و لمذا المذيعة عارية ؟ و تبيّن أنّ الحديث كان عن مذيعة عربية تقدّم برنامجا تافها، طيب ليكن، و لكن هل كانت عارية فعلا ؟ طبعا لا ، و لكن يبدوا أنها فقط لم تكن منقبّة، أو على الأقل محجّبة و هذا أضعف الايمان. أو لعلّ و العياذ بالله قد كشفت على مشارف نهديها و حملت على وزرها ذنوب ملايين المشاهدين من المحيط إلى الخليج. على كلّ الأحوال اعتبرناها عارية، يعني كان العراء الجسدي هو المقصود و ليس العراء الفكري و كان هذا أهمّ ما سألنا عنه.

في إحدى القنوات الغربيّة الغير إباحيّة، و بعد منتصف الليل هناك برنامج اخباري اسمه الحقيقة العارية، و لجلب المشاهدين تقوم المذيعة مع تقديم الأخبار، العاديّة، بنزع ملابسها قطعة قطعة، حتى تصير فعلا عارية، و يتوقّف الأمر هنا فلا العرض يتحول لعمل اباحي او جنسي، و لا تسمع كلمة أو اشارة لغير العمل الإخباري، فقط أخبار عارية، تقدّمها مذيعة عارية. في هذه الحالة، و هذه الحالة فقط يمكن أن أفهم معنى السؤال. و إن كان من صاحب الفكرة لن تعوزه اجابات قد تقنعنا و قد لا تقنعنا. أمّا أن نقول أنّ مذيعة ما مهما كانت نوعيّة ملابسها عارية، هكذا خبط لزق لو صح التعبير ، فهذا لا يجوز.

لمذا لا يجوز ؟ لأننا بكل بساطة نلغي الوسطيّة، نضع في سلّة واحدة كل نساء الأرض، و نضع في طبق ذهبي آخر فقط نسائنا المحجّبات، و لا أقول المحتشمات لأنّ مفهوم الحشمة يختلف من مجتمع إلى آخر، فالمايوه يعتبر لباسا عاديا على شواطئ المغرب العربي بينما لا ترى سوى خيم سوداء تمشي في شوارع أغلب مدن الخليج، و من لبست عباية ضيّقة نوعا ما تكون قد تجاوزت حدود الحشمة. و لكن بمرور الوقت و مع ما نشهده من ردّة حضارية بسبب الجماعة اياها و بتوفّر فلوس المذهب ايّاه، صار من الطبيعي جدّا أن نعمّم ما لا يعمّم و نعتبر مثلا كلّ مذيعة غير محجّبة عارية بنفس السهولة التي نكفّر بها و نهدر دم كلّ من يخالفنا العقيدة بل و حتى المذهب في نفس العقيدة و الرأي في نفس المذهب.

علاقتنا مع أجسادنا عموما و مع الجنس خصوصا علاقة معقّدة، و لن يستقيم الأمر ما لم ينصلح حال هذه العلاقة. لا يمكن بحال من الأحوال قتل غرائز طبيعية هي سرّ الحياة و روح و دافع الابداع دون توقّع نتائج كارثيّة على الشخصيّة كالتي نراها من ارهاب و تخلّف و سلبية. الجنس عندنا عيب، و الجسد عقدة، نحتقر ما في الجسم من أجزاء لها علاقة بالجنس كما نحتقر الجنس نفسه، رغم أننا و تلك طبيعة الأمور لم نقتل رغبتنا فيه و لكن نمارسه بطريقة مشوّهة. في لغتنا الصدارة من الصدر و الوجاهة من الوجه و الرئاسة من الرأس، بينما لا أحتاج أن أذكر لكم كمية الكلمات التي تعني التحقير و السلبية و الدونية و التي مصدرها أسماء الأعضاء السفلية من الجسم.

في تفكيرنا العفن فقط أمهاتنا و أخواتنا و من نراهنّ محجّبات في الشوارع هنّ العفيفات. أمّا من ترذّ علينا السلام و تلبس ما يناسبها و تضحك على نكتة خارجة، فهي بالضرورة ماشية على حلّ شعرها. و ننسى أنّنا نحن من روينا النكتة. نرى الحقارة في الناس لأنها نابعة منّا و لا نراها في أنفسنا. و لاحظوا هنا التعبير الذي يعني أن من حلّت شعرها، بمعنى لم تغطّيه، صارت في عداد الساقطات. لذلك نسأل لمذا المذيعة عارية ؟

في مرّات عديدة كنت و عدد من الزملاء و الزميلات ندرج صورا مع نصوص أدبية أو قصائد في مواقع بعينها، و لأنّ العري فن و فلسفة و رمز انساني بامتياز، لمن يعيي، كانت الصور أحيانا تكون رسوما أو صورا فنية عارية، و مع أن الجنس في حد ذاته ليس عيبا، إلاّ أنّنا كنّا نحرص أن لا تحوي الصور أي معنى أو تلميح أو إمكانية تفسير و لو من بعيد لاتجاه جنسي، حتى لا أقول إباحي. مذا يكون تعليق الكثير من القرّاء ؟ هل ترضى أن ترى أمّك أو أختك هذه الصور ؟

هذا السؤال لوحده مصيبة بعينها. السيد لم يحرّم أن تكون الأم أو الأخت هي التي في الصورة ، أو لم يجرؤ أن يفكّر فيها أو يقولها. لا، مجرّد أن ترى الأم أو الأخت هذه الصور فلا و هذا محرّم عليهن. ترى لمذا ؟ أخوفا من أن ينحرفن ؟ لا أرى سببا آخر. ثم لمذا لم يذكر الزوجة ؟ هل لأنه يشاهد مثل تلك الصور مع زوجته قبل ممارسة حياتهما الطبيعية ؟ أساسا الصور لم تكن جنسية و لا علاقة ها من قريب أو بعيد بذلك لكنه كان عاجزا أن لا يرى الجنس في العري، كما هو عاجز أن لا يرى العري في أية امرأة غير محجّبة، بل صدّقوني هو عاجز أن لا يرى الجنس في أية امرأة مهما كانت. و لأنه يحس بالذنب لرغبته تلك، و لأن الكبت يولّد الإنفجار، يكون التطرّف هو الحل، و تدفع نسائنا و مجتمعاتنا الثمن.

سألت هنا لمذا نتسائل عن عراء المذيعة لأنها لم تكن في الواقع عارية ؟ سأجيب كما أرى الأمور : لأنّنا عراة يرى العالم عوراتنا و لا نراها نحن و لا نصدّق إلاّ من يقول لنا ما اجمل ما تلبسون حتى و لم كان الفراغ. فهل يجيب أحدكم صاحبنا على السؤال الأصلي، لمذا كانت المذيعة عارية ؟



#عماد_حبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمى الله النرد و انسحب
- القصيدة التافهة
- العلمانية يا غجر
- لا بغايا و لا خاضعات
- جراحة لإصلاح ختان الإناث
- أزرق نوتردام
- إنّ محمّدا قد مات
- الإسلام الإصدار 2.01
- أحلام باريسية
- الكنيسة الأزهرية
- توم و جيري ، إيران و اليهود
- حرق الكتب من جديد
- رسم تقريبي لإرهابي
- أغنية للأزرق
- صاد تشال
- الجهاد الالكتروني
- جنازة ليشبع الجميع فيها لطما
- ظهور الرسول في فلم
- خير مليونير أخرج للناس
- نهاية طريق و عاصفة


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حبيب - و لمذا المذيعة عارية ؟