أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - مثل شيء يشبه الغرق














المزيد.....

مثل شيء يشبه الغرق


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 6200 - 2019 / 4 / 13 - 00:01
المحور: الادب والفن
    


إلى فرجينيا وولف
عبرت المرج مثل غزالة تمضي نحو فخ منصوب لطريدة،
كانت عين السماء دامعة،
كانت جبهة النهر تتفصد ماء،
كان رفات "بينكا" هو الآخر يراك بعينين لم يغمرهما التراب بعد،
كانت شجرة الدرداء قرب البيت تصلي صلاة خرساء،
وكان الأصدقاء الذين عرفتهم فيما مضى
يذوبون مثلما تذوب قطعان سكر في قعر كأس،
ألم يكن يكفي القليل من الغرق يا فرجينيا ..
لتحرري الجيوب من الحجارة ،
والمعطف من الماء
والنهر من الرعد
والحرب من الحمقى،
لم تكن "صدمة القذيفة" يا فرجينيا سوى صرخة في الدماغ ،
لم يكن العقل سوى دراجة مهترئة بعجلة مملوءة بالريح،
لم تكن الحرب سوى مزحة رجل معتوه
ويداك المرتعشتان
لم تكونا سوى شجرا راقصا،
أليست اليد التي كنت تكتبين بها مجرد غصن في شجرة الدرداء؟
أليست الكتابة مجرد جرح في جدار؟
أليس الحزن كوخ صغير سكنته وحشة محبطة؟
فلما حملت حجارة ثقيلة على كتفيك النحيفين ونزلت النهر يا فرجينيا؟
مخفورة بالصمت رميت جسدك الخفيف
مثل ريشة تدفعها ريح عطوف
ولم ترأفي بالماء، لم ترأفي بالتماسيح التي سكنت نهر" أوز" منذ آلاف السنين،
ولا بالضفادع التي هالها ما رأت ،
كان يكفي أن تقفي أمام النهر وتصرخين من شدة الهول،
ليحس الماء بفظاعة الحياة ،
كان يكفي القليل من الغرق لتفكي الأسماك من الشراك ،
كان يكفي أن تومئي لشجر اللبلاب
لتفر الطريدة بجلدها الأملس وتقف على كتفيك ،
مثل حمامة خذلها الشريك،
كان يكفي أن تحطمي الفؤوس التي خبأها الحطابون تحت معاطف الليل
كي تعيدي ورق الكتابة إلى حضن الغابة ،
كان يكفي أن تري الضباع الجائعة في الطرقات
لتكرهي الحياة أكثر يا فرجينيا،
تلك الحياة التي جفت على شفتيك الرقيقتين مثل قبلة يابسة ،
كأن نهر "أوز" كان مثل مسرح للدمى،
وكنت اللاعب الوحيد على الركح الذي تجاسرت عليه الخسارة،
كأن الماء لم يحتمل كل هذا الحزن الطاعن في اليأس يا فرجينيا،
فالكتب التي تركتها مفتوحة في باحة البيت
هجرتها الحكايات ،
والقصص التي كتبتها على حائط مخفور بالغياب
تهشمت حبكاتها،
والحبر الذي كتبت به الرسائل والأسرار صار دموعا عزلاء،
والكرسي الهزاز الذي كنت ترمين عليه جسدك المتهالك صار صخرة،
والموسيقى التي تحبين صارت نشيجا على كتف الحياة ،
والكلاب التي نبحت في الليل صارت ذئابا ،
وفراشات النهر صارت ترابا،
وجرعة المورفين
والمرآة ،
وساعة الحائط ،
و"غرفة يعقوب" ،
والحرب ..
كل ذلك صار بلا معنى
ربما نزلت نهر الغياب بولع العاشقة أو بلهفة الأوهام،
أو ربما لأن الموت وحده واضح بما فيه الكفاية كاليقين،
وحدك عبرت خفيفة كحفيف الريح
في يدك الوردة التي ارتعشت ،والكثير من الألم.



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا لا أكتب لأحد
- التي كتبت رسائلها بنول الغياب
- حين تعمى المشاعر وينهض الوحش القابع في الاعماق قراءة في رواي ...
- كخيط الريح
- خارج السياق
- الظل
- سقوط
- هدنة ما
- مجرد أسئلة حول حملة المقاطعة
- دلالات الأسود في أعمال فاطمة إسبر الفنية
- لا أحد
- رسالة قصيرة إلى عهد التميمي
- الأطرش
- على حين غرة
- شذرات-(أسرار خبيئة)
- كلما حبل المكان بي ،أنجبتني الهوامش
- خسرت نزالك مع حادث الموت ،وربحت نفسك
- في حضرة لعشير
- ليس دونك من بلاد
- عن -الحب في زمن الشيميو- لزهير التيجاني-محاولة في التأمل-


المزيد.....




- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - مثل شيء يشبه الغرق