أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - الظل














المزيد.....

الظل


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 5991 - 2018 / 9 / 11 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
الظل
(عزيزي القارئ،ستكون قد أضعت وقتا ثمينا وانت تقرأ هذا الهراء،فمعذرة...)
هكذا أنا، دمث ،صعب المراس ،ولا أحب أن يمدحني أحد.
لا أملك أي عاطفة، ولي حساسية خاصة اتجاه الصراصير،لذا قررت أن أبيدهم جميعا ،ولو اقتضى الحال ،أن أرتكب مجزرة،صنعت من يدي ساطورا ،وظللت أهوي على الحداء الذي فروا إليه من بطشي، حتى صار مهترئا.
يحدث أن أقوم بأشياء لا أفهما أنا أيضا، كأن أمشي إلى الخلف،دون أن أهتم لأحد ،أن أتسلل إلى المطبخ وأنا نائم ،مثل الذي ضربه حمار الليل، أن يخرج من حنجرتي صوت مثل مزمار يزعق في غابة،كلما انتابتني حالة اكتئاب عابرة،أن أقترف جريمة النسيان ،فلا أعرفني،بسبب فقدان الذاكرة،فأحاكمني على جرم لم أكن في كامل لياقتي العقلية ،حين ارتكبته ،أن أخطفني،ثم أنهمك في البحث عني بهمة مخبر يثقن فك الألغاز،حتى إذا لم أجدني، نكست رأسي ،ودخلت في نوبة ضحك لا يطاق، أن أحس بيد تدق داخل رأس صار يزداد ثقلا مع الأيام ، بجسدي يتقلص كل يوم،ينكمش ،أن أشعر بشيء في جوفي يحترق ،أو يتهشم،أو يسقط ،فأنظر للأمر بكثير من عدم اكتراث.
ربما لكل هذه الأسباب، شبت أكره المرآة، ولسبب آخر تذكرته الآن،هو أن لي وجه يشبه وجهي، ولي أصابع من نحاس، كبرت في غفلة مني، فصرت كلما فركت عيناي ثقبتهما، كلما صافحت أحدا هشمت أضلاعه ،كلما غفوت غدوت عرضة لجحافل القراصنة وقطاع الطرق،فوثقت يداي إلى شجرة ،حتى لا يسرقها اللصوص. لن أخدع أحدا إذا قلت لكم أني لا أحب أن أرى وجه هذا المخلوق الذي هو أنا،اعتدت المشي وأنا أعرج قليلا، بسبب العصا التي أشبعت بها ضربا ،مجرد تشابه في الأسماء،بل نقطة سقطت من حرف،أجبرت أن أقضي شطرا من عمري أحمل رقما،وأسكن جحرا،وحين خرجت ..اكتشفت أن طولي قد نقص بشكل لا يمكن أن تفلته عين، وصرت خفيفا كريشة، أما أصابع كفي اليسرى، فلم اعد أدري أين ولا كيف أضعت منها الأصبعين اللذين بهما كنت أكتب،لا يهم ..فانا أعرف أحدهم ترك رجلا هناك،وآخر خرج بدون عمود فقري يسند ظهره، صرت أقصر مما كنت ،عزوت ذلك إلى عيب لم اكتشفه إلا صدفة، وأنا أرى ظلي على الحائط ،يا للكارثة..ظهري صار مقوسا مثل ظهر أحدب..
لم أكثرت لكل ذلك مثلما اكثرت لما حل بعيناي،تقلصتا لدرجة أن صارتا مثل ثقبين ضيقين،لم اعد ارى مثلما كنت ،فاستعضت عن ذلك بالقلب،لم يعرف احد بذلك،خدعت الجميع حين تركتهم يهتفون كلما رأوني:"جاكي شان مول الفلجة"...غريب،..لم يكن يثيرني في هذا اللقب الذي أصبغوه علي سوى الشطر الاخير،فما أعرفه جيدا انه لم تكن لي "فلجة" في فمي،هي فقط سن أضعتها ليس في الجحر الذي سكنته بسبب تشابه بسيط في الأسماء،فانا لا أحب أن أدعي على أحد،بل وأنا أركض خلف صرصار أثناء الفسحة، أفلت مني اللعين،فاصطدمت بحاج من الحجاج الذين كانوا يتناوبون على حراستنا مثل الخرفان،كان جسده بصلابة حائط ،لم انتبه للأمر إلا وأنا أنطق الشين سينا،وقد تحول ضحكي إلا نشيج.
هكذا أنا، بالأبيض والأسود،ودون مساحيق تجميل،كل من رآني لن يستطيع نسيان هذا الوجه الذمث،فأنا لا أشبه إلا أنا،رغم أني اشك في الأمر شكا،كلما تقدمت في السن ،صرت مدفوعا إلا إفساد كل شيء.."منحوس"..نعم ..ذلك هو الوصف الذي كان على طرف لساني ،ولم أوفق في التعبير عنه لأول وهلة، اسمعوا..صرت كلما حضرت عرسا،نفقت الذبيحة قبل أن تمد عنقها للسكين، وظهر أن العروس رجلا وليست امراة،وهرب العريس تاركا الكثير من الثرثرة، كلما ركبت حافلة، تعطلت في وسط الطريق ،فعمت الجلبة ،وكثر الشجار ،وعلت منبهات السيارات ،كلما ذهبت إلى شاطئ، شيعوا عددا لا يحصى من الغرقى..هكذا حزين أنا، ولأتفه الأسباب صرت أبكي ،لن تتخيلوا كم أدرفت من الدموع ، وانا أتذكر جثامين الصراصير التي دعكتها بين يدي، ورميتها في الريح، كان علي أن أقيم لها جنازة تليق بمقام الحشرات، أن أجمع بقاياها المتناثرة في مقبرة جماعية ،وأبني عليها سورا لتذكرني بجرائمي بعد أن أمعنت في طلب الغفران،لن أركب بعد اليوم حافلة، ولو اضطررت أن أمشي وأنا أعرج، بسبب جرم لم أرتكبه،سأربي صراصيرا كثيرة في دولاب ملابسي،سأحرص على أن أشعر معها بأخوة افتقدتها مرارا ،ولن أحضر عرسا ،أما الشاطئ..فإذا اشتقت إليه استحضرته في الحلم ،و عيناي ..عيناي أغلقتهما بالإسمنت المسلح ،واكتفيت بالقلب..
حزين أنا..ولم أبكي مثلما بكيت على أكاكي ، هل تعرفون أكاكي أكاكيفيتش..؟
نعم..هو ذاك..صاحب المعطف الرث،حين مات تحت الصقيع،بكيت كثيرا ،طبعا لم تقتله العاصفة، فكرت أن أعزي غوغول،لكني –ويا للمأساة- وجدته هو الآخر ميتا ،فحزنت أكثر ، ليس على غوغول أو أكاكي ،بل على المعطف الرث ،أحسست بالفقدان، وقد غمره يتم فظيع..
آه ..يا أكاكي..لما تركت المعطف وحيدا...هكذا صرخت ،وأنا أرمي بجسدي من فوق السرير،قلبي يدق كأنه جرس قديم ،أنفاسي تلهث ،عيناي جاحظتان ،وبي حنق على كل شيء..
...................................................................................
أكاكي هو الشخصية الرئيس في رواية "المعطف" ل غوغول،



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط
- هدنة ما
- مجرد أسئلة حول حملة المقاطعة
- دلالات الأسود في أعمال فاطمة إسبر الفنية
- لا أحد
- رسالة قصيرة إلى عهد التميمي
- الأطرش
- على حين غرة
- شذرات-(أسرار خبيئة)
- كلما حبل المكان بي ،أنجبتني الهوامش
- خسرت نزالك مع حادث الموت ،وربحت نفسك
- في حضرة لعشير
- ليس دونك من بلاد
- عن -الحب في زمن الشيميو- لزهير التيجاني-محاولة في التأمل-
- شعرية الحب وتشظي الذات في رواية-لم تكن صحراء- للكاتبة المغرب ...
- قراءة في منتوج فايسبوكي/-شيء من السياسة//وحتى لا ننسى-
- لآسفي..أدمنت هذيان الليل
- حين يسكنني البياض..عبثا أصد الريح
- شعرية المكان في ديوان-حين استدرجتني المدن..كنت وحيدا- للشاعر ...
- آن للقلب أن يعشق الآن


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - الظل