أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - راتب شعبو - عميد مغلق وباب مفتوح














المزيد.....

عميد مغلق وباب مفتوح


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6196 - 2019 / 4 / 9 - 23:06
المحور: كتابات ساخرة
    


بارع كان في الجراحة النسائية، إلى حد أنه يجري عملية استئصال الرحم، مثلاً، دون أن يعقم يديه ودون أن يرتدي مريول العمليات، وحتى دون أن يقترب من المريضة. إنه ملك الجراحة عن بعد بلا منازع. إنه خرّيج رومانيا شاوشيسكو على سن ورمح. يكفي أن تُسجَّل المريضة على اسم "الاستاذ الدكتور عصام" حتى تتم كل الترتيبات، بدءاً من حجز السرير في المشفى الجامعي وصولاً إلى العملية وما بينهما من إجراءات وعناية.
ولكن مهارته في الإدارة تكاد تتفوق على مهارته الطبية. ومن سوء الحظ أنه لا يمتلك القدرة الكافية لأن ينشطر إلى رجلين يحمل الأول موهبة طبية، ويحمل الآخر الموهبة الإدارية. وعليه فقد دعاه الوطن من مجال الجراحة لزجه في مجال الإدارة، وهكذا اصبح عميداً لكلية الطب.
المهم هو الوطن. كل شيء يهون في سبيله. تخلى الرجل عن الجراحة عن بعد، واكتفى بالراتب الذي يخصصه له الوطن. الراتب يكفي، حتى أنه كان يفكر أحياناً بأن يتخلى عن جزء من راتبه لمصلحة المخبرين الذين نشأ بينهم وترعرع، هؤلاء الأوفياء الذين لا ينام لهم جفن وهم يرصدون أنفاس المتآمرين على الوطن وسيد الوطن.
حين يجلس وراء مكتبه، يصبح شهيقه وفاء للوطن، وزفيرة تضحية في سبيله. تجده منهمكاً في تلقي الاتصالات، يمسك أحياناً سماعتي هاتف في الوقت نفسه. كثيرة هي الأمور التي تبدأ وتنتهي على شفتيه. براعته في استخدام مفردات مثل: "معلمنا"، "مولانا"، "باشا"، "كبيرنا" ..الخ، تضاهي براعته الإدارية. وحين يعض العميد على شفته السفلى وينظر في وجه السكرتيرة بجدية وعلى وجهه علامات الإجلال، تدرك هذه أن على الطرف الآخر من الخط يربض ضابط مخابرات.
الإدارة علم، الوطن غال، المنصب مسؤولية ... وخلال شهور قليلة، صارت كلية الطب شكلاً آخر. أنجز الدكتور عصام ما يمكن تسميته ثورة ثقافية على الطريقة الصينية. أخصائي الأمراض الهضمية راح يدرس الجراحة التجميلية، والدكتور البيطري أصبح رئيس قسم التشريح الوصفي، والسكرتيرة المخضرمة لعمادة الكلية صارت عاملة مخبر، وقس على هذا. غير أن أهم ما في ثورته الإدارية هو الباب المفتوح، فقد فتح باباً مباشراً على مكتبه لا يمر عبر مكتب السكرتيرة.
وكان أن ولج أحد المدرسين الجدد في الجامعة من "الباب المفتوح"، فدخل بكل ثقة على الدكتور عصام مباشرة ليشكو ضياعه في الاختصاص وعدم ثبات برنامجه التدريسي. نهض العميد واستقبل المدرس الجديد ببشاشة وأسرف في الاستقبال وتغنى بالوطن وسيد الوطن. وما أن باشر المدرس في عرض مظلمته حتى أحس بأن سيادة العميد يتحول إلى كائن آخر.
- انت مدرس عنا؟ قالها سيادة العميد بقرف.
- أيوا استاذ. أجاب المدرس وهو يشعر أنه وقع في ورطة لا يعرف ما هي.
- هيك بكل ثقة بتفوت من الباب؟ ما شاء الله، مدرس؟! شايفني قاعد هون منشانك ومنشان غيرك؟
- عفواً استاذ، نحنا زملاء ... تأتأ المدرس وهو محرج ومصدوم.
- زملاء؟! كيف زملاء؟ ليش اشتغلنا عمليات جراحية سوا؟ انت بتعرف شو يعني زميل؟ لازم تعرف معنى الزميل قبل ما تستخدمها معي. قال العميد وأدار ظهره للمدرس، بما يعني الطلب بالانصراف.
خرج المدرس تشيّعه نظرات احتقار من السكرتيرة التي سرعان ما أعدت للعميد فنجان قهوة من علبة القهوة الخاصة به، وجلست تهدئ من روعه. رشف العميد قهوته ببطء وعلى وجهه علامات الشخص الذي تثقل على قلبه هموم الوطن وقال وهو ينفث دخان سيجارته:
- العمى بقلبو على هالثقة اللي فات فيها! قسماً بالله يا تماضر فكرتو من جماعة الفرع، قلت انو جاي يجربني ويرفع تقرير عن فكرة الباب المفتوح ومدى خدمته للوطن.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيب المسكين وفخامة الجريح
- يا حيوان ليش ما قلت انك -منهم-؟
- تموت وتاكل غيرها
- موت الرواية
- أرض الألغام
- عزلة المنكوبين
- الاغتصاب
- العلويون والثورة السورية
- سلعة العداء للامبريالية في سوق العالم الثالث
- صادق جلال العظم، تراجيديا مفكر
- حسين العودات، النهضة العربية المفترضة والهمّ المزدوج
- الصراع القطبي
- النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم
- في علمانية اللاعلمانية
- عقدة نقص الدولة الفلسطينية
- العلمانية والديمقراطية وفك الاحتكارات
- عن العلمانية والديموقراطية
- لماذا الصحوة الإسلامية؟
- تعليق على مشروع البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي ف ...
- في شأن إعدام صدام حسين


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - راتب شعبو - عميد مغلق وباب مفتوح